|
شاهد على الأحداث

بعد أن بدأت المظاهرات المناهضة للأنظمة الحاكمة في أجزاء مختلفة من العالم العربي، كتب العديد من أطفال درعا الشعار التالي على الحائط:" إجاك الدور يا دكتور! " يعني: "يا دكتور، لقد حان دورك أيضًا". كانوا يقصدون بذلك الرئيس بشار الأسد. وفي تلك الأيام، عندما ترك الرئيسان التونسي والمصري منصبيهما، كان الشعب السوري يأمل في أن يرحل الأسد أيضًا ويترك منصبه.

واعتقلت المخابرات التابعة لنظام الأسد الأطفال الذين كتبوا عبارات مناهضة للنظام على جدار مدرستهم.

لقد كان الأهالي قلقين على حياة الأطفال.

وذهب وفد من الشخصيات المهمة في المنطقة إلى رئيس الأمن السياسي عاطف نجيب ابن خالة الرئيس بشار الأسد. وقال لهم نجيب: الأطفال ليسوا عندي. اذهبوا إلى محافظ السويداء ليتوجه الوفد إلى هناك على الفور.

وكان المحافظ فظًا جدًا مع أهالي درعا وقال لهم: انسوا أطفالكم.

وتابع: "لم يعد لديكم أطفال بعد الآن. اذهبوا واصنعوا أطفالًا جددًا. وإذا لم تستطعيوا فعل ذلك، أحضروا نسائكم ونحن سنفعل!".

أثارت هذه الأحكام القاسية، التي تمس شرف الناس، الغضب والسخط في قلوبهم.

وبعد أن غادروا مكتب المحافظ، تم تشكيل تحالف لفعل شيء ما.

وسأنقل لكم شهادة الشيخ أحمد الصياصنة إمام وخطيب جامع العمري عن تلك الأيام، والذي قال: "لقد جاء إلي الأهالي بعد العودة من مكتب المحافظ، وسألوني "هل أنت معنا؟"، أجبتهم: "نعم بالطبع أنا معكم".

وتابع: انطلقت يوم الجمعة 18 آذار 2011، أولى المظاهرات في مدينة درعا في مسجد حمزة عباس.وخرج الناس ضد النظام بعد صلاة الجمعة مطالبين بالحرية والعدالة والكرامة وبمحاسبة الفاسدين.وكان "علي مسالمة" أول من كبر وقتل على يد قوات نظام الأسد.وكلما حاول النظام قمع المتظاهرين، كلما زاد إصرار الناس.

وأضاف: كانوا يعرفون مدى تأثيري على الناس، لذلك أرسل إلي عاطف نجيب ومحافظ السويداء رجلاً، ليطلب مني "إيقاف التظاهرات".قلت إنه يجب عليهم أولاً التعهد بعدم إطلاق النار على الناس.لكن لم نتمكن من إحراز أي تقدم.

وأكمل الشيخ حديثه قائلًا:

في ليلة الأربعاء 23 آذار (مارس) 2011، وبعد صلاة العشاء، كان معي بعض الشباب المتظاهرين في جامع العمري حيث كنت الإمام هناك.

وقام جنود الأسد بمداهمة المسجد، وأثناء دخولهم، قاموا بشتم الإسلام والمقدسات التي يؤمن بها المسلمون.

وشرعوا في إطلاق النار على المصلين، وقالوا: إذا سجدتم فيجب عليكم أن تسجدوا لبشار الأسد.

وقاموا بقتل 10 أشخاص داخل المسجد.

وفي يوم الجمعة الموافق 25 آذار 2011، عندما وردت أنباء عن مقتل 15 مدنيًا على يد النظام في بلدة الصنمين شمال درعا، هاجم أهالي المدينة تمثالًا لحافظ الأسد ودمروه بالكامل.

لقد كان هذا الحدث، علامة على أننا دخلنا في طريق لا رجوع فيه.

وبينما كانت وتيرة الأحداث تزداد حدة، ذهبت إلى دمشق لمقابلة مساعد بشار الأسد، فاروق الشرع، كونه سني وأحد أبناء مدينة درعا، وشرحت له الوضع.

وقال لي: أعرف المشكلة ولكن لا يمكنك حلها إلا عند رئيس الدولة "بشار الأسد" اذهب إليه.

حددت موعدًا وتحدثت مع الأسد نفسه في 14 أبريل 2011.

واستمر الاجتماع في القصر الرئاسي ساعتين ونصف.

أخبرت الأسد بكل تفاصيل ما حدث في درعا.

ليرد علي: "لم أكن أعرف هذا، سأهتم بالأمر".

إلا أنه لم يتغير أي شيء واستمرت ممارسة النظام الهمجية، واستمرت عناصر الأسد بإطلاق النار على الناس واعتقالهم.

ألقيت خطبتي الأخيرة في جامع العمري يوم الجمعة 22 نيسان (أبريل) 2011. وبعد ثلاثة أيام، وتحديداً في 25 أبريل / نيسان، حاصر النظام درعا بالدبابات. كنت أحد الأشخاص الذين كانوا يبحثون عنهم.اضطررت للاختباء.وللانتقام مني، قتلوا ابني أسامة في 30 أبريل / نيسان. وبعد فترة وجيزة، وصلوا إلي؛ واقتادوني إلى دمشق للاستجواب.

وخلال الاستجواب، أجبروني على تصوير مقطع فيديو قصير، وهددوني بقتل ابنيَّ الآخرين. لقد أجبروني على قول: "كل شيء سيكون على ما يرام وما إلى ذلك". ثم أعادوني إلى درعا وأجبروني على البقاء في المنزل لمدة 7 أشهر.

بعد أن زارني وفد رسمي من جامعة الدول العربية، تحسن وضعي قليلًا.

وبعد ذلك، أخذني مقاتلو المعارضة من حيث كنت أقيم، وعبروا الحدود وأوصلوني إلى عمان، عاصمة الأردن.

نعم هذه هي شهادة الشيخ أحمد الصياصنة إمام وخطيب جامع العمري، منذ 1977 إلى 2011، عن بداية الأحداث في سوريا.

الشيخ الصياصنة، المحبوب من أهل المنطقة، فقد بصره نتيجة مرض عانى منه في طفولته.

وأثناء تأدية وظيفته كإمام، كان له دور فعال في تطوير وتحسين الوعي السياسي والديني لآلاف الشباب في درعا.

وبينما تشتد حدة المعارك في درعا هذه الأيام، أردت أن أنقل لكم في هذه المقالة، إجابة السؤال "كيف بدأ كل شيء؟" على لسان الشيخ أحمد الصياصنة.

اعتقد أن هذه المقالة ضرورية جدًا لتغذية ذكرياتنا الضعيفة، وآذاننا المنفتحة بشكل مفرط على الاقتراحات، وأجنداتنا التي يتم التلاعب بها باستمرار.

#دمشق
#سوريا
#بشار الأسد
#درعا
#أحمد الصياصنة
#جامع العمري
3 yıl önce
شاهد على الأحداث
هل رؤية حزب الشعب الجمهوري للجامعات تتفق مع رؤية تانجو أوزجان؟
أولياء بخارى
المجلس السياسي لحزب العدالة والتنمية لربع قرن
دروس وعبر من الانتخابات
هجمات إسرائيل على عمال الإغاثة في غزة تضع بايدن في اختبار صعب