|
مشكلة الجماهير التي خرجت عن السيطرة

ما هو دور ومسؤولية حزب الشعوب الديمقراطي الذي اتخذ من كوباني ذريعة وتسبب في مقتل ما يقارب الأربعين شخصاً وتدمير المئات من المباني العامة والخاصة؟ لقد شهد الجميع من خلال مجريات الأحداث مناشدات حزب الشعوب الديمقراطي للجماهير للخروج من أجل كوباني وتعبأتهم بخطاب حد وذلك مباشرة قبل أن تشتعل الأحداث.

وقد رآى الجميع كيف لعبت كوادر حزب الشعوب الديمقراطي الدور الرئيسي في جميع مراحل الأحداث والحرق والتدمير.

فقد عمل الحزب على تحويل جميع المناطق إلى ساحات حرب مفتوحة وقد ظهر ذلك من خلال تصريح أحد مسؤولي الحزب قائلاً: "إن لم تنعم كوباني بالأمن ، فلا مدينة أخرى ستنعم بالأمن هذه الليلة".

نهبت المكتبات والمتاحف والملاجئ وسكنات الطلاب والمدارس ومصادر أرزاق المواطنين وبيوتهم وحرقت قبل أن يستطيع ساكنوها إخلاءها. وحصلت العديد من عمليات السرقة في تلك الأثناء.

جميع هذه المظاهر التخريبية لم تكن لتدل على مدى قوة هذه العمليات، بل لتدل وتؤشر في الحقيقة على مدى قدرتها على التخريب والخروج عن السيطرة حين تطلق لها الأيادي. أي حركة خارج عن السيطرة ليست حركة قوية. فعلى الرغم من تسببها في التدمير، إلا أنها لن تستطيع أن تقوم بأي تغيير أو تحقق أي إنجاز إيجابي لنفسها أو لمن تمثلهم.

الحزب الذي نشطت عملياته بحجة تقديم الدعم لكوباني، حاول وبوقاحة أن يتنصل من المسؤوليات التي تقع عليه، بعد أن رأى عدم إمكانية الدفاع عن المشاهد التخريبية التي نشرت. فسقوط صلاح الدين ديميرطاش إلى نقطة التصريح بـ:"نعم لقد فعلنا ذلك، ولكن فلتسألوا لماذا فعلنا ذلك؟!" يعد سقوط مدوياً أكد على وقاحة التعاطي مع المسألة.

ولكن بطبيعة الحال كان لا بد من تدارك الأمر بعد تلك التصريحات، وذلك من خلال القول :"لم نستطع السيطرة على الجماهير" وهو تصريح يحتاج إلى المراجعة. وبالمناسبة، فإن مثل هذه التصريح لا يأتي في إطار الشكوى من عدم القدرة على ضبط الجماهير، فلا يغيب عن الأذهان ما يحمله البيان من التهديد والتحذير.

ألم يكونوا يعرفون عدم قدرتهم على بط الجماهير التي طلبوا منها النزول إلى الشوارع؟ أم أن المظاهر التي قام بها المتظاهرون كانت غير متوقعة؟! هذا كلام لا يمكن أن تقنع به أحد. فهذا الشعب ليس غريباً أو جديداً علينا. فأسلوب مظاهرات وخطاب وتواصل الشعب أصبحت معروفة، لا سيما بعد أن أثبتت صحة أفعال ألطان طان.

فهو شعب أخرج من عقليته أو أزيح من عقله مبدأ التواصل بالحديث والحوار. فلنتفادي استجلاب التعاطف القسري، من خلال الدعوة إلى "فهم منطق هذا الشعب والنظر في مجريات حياته".

وبعيداً عن الحوار والحديث بلغة سلامة، فهناك من يعلم هذا الشعب الرائع ويغرس ويهيج فيه لغة همجية.

هذا الاسلوب في التربية يرى في "الجماهير الخارجة عن السيطرة" فرصصة سانحة للابتزاز والكسب. هي التربية التي تعتمد على وضع الحجز والمولوتوف في أيدي الأطفال من سن مبكرة، وتسمم أفكارهم بتقديم المغريات.

صحيح. فالأطفال يخرجون عن طوعك لحظة أن تتنهي من تسليمهم المولوتوفات والأسلحة والحجارة.

هذه العقلية المجتمعية ليست على درجة من التعقيد يصعب فهمها أو شرحها. فطفل يعتاد على الحياة بهذه الطريقة، سوف يكون قادراً على قتل أي شخص بمن فيهم أمه أو أبوه.

في الواقع، قام القائد الشيوعي الكمبودي بول بات في السبعينيات –وقد كان معلماً في مدرسة ابتدائية- بتشكيل وحدات من طلابه الذين لا تتجاوز أعمارهم الخمسة عشر عاماً، وكخطوة أولى جعلهم يقتلون والديهم في سبيل إثبات ولائهم المطلق للثورة. وقد نجح حزب السلام والديمقراطية من خلال أسلوبه السام في خلق هذا النوع من "أطفال الحجارة". وما نتوصل إليه اليوم هو أن المصدر الحقيقي لهذه الجماهير الخارجة عن السيطرة هو الاستخدام الجائر للأطفال.

لا يمكنك الهروب من دخول السجن بسبب إعطائك السلاح لطفل في هذا العمر المبكر.

يهددون قائلين:"نحن آر جل يمكنكم التحاور معهم، فلن يمنكم التحاور مع الاجيال القادمة"، ويقومون بالتخطيط وتجهيز جيش الأطفال.

ولكنهم سوف يسقطون أسرى دوافعهم، فهم يعدون ببأنفسهم التطرف الذي سوف يقضي على سيطرتهم.

قد يكون الحزب اليوم بالفعل عاجزاً عن السيطرة على الجماهير، إلا أن ذلك لا يعفيه بأي شكل من الأشكال من مسولية الأرهاب والتخريب والنهب والعنف الذي تسبب به. فهذه الوحشية قد أزهقت أروح أربعين شخصاُ. كان من بينهم ياسين بورو ذو الستة عشر عاماً الذي وجد نفسه وسط الحشود بينما كان يوزع لحم الأضاحي، والذي قتل بوحشية شديدة طعناً بالسكاكين وتهشيماً للرأس.

هذه السياسة التي حولت الأطفال الأبرياء إلى وحوش يقومون بقتل ياسين بهذه الدرجة من الوحشية هي بلا شك سياسة لا يمكن أن تأتي بالخير.

فلا داعي للمساومة أة التهديد باسم العنف الذي افرزته هذه القوة الخارجة عن السيطرة. أضف إلى ذلك أن القوة الخارجة عن السيطرة ليست قوة فعلياً بل هي وبال على صاحبها.

٪d سنوات قبل
مشكلة الجماهير التي خرجت عن السيطرة
من سيحل محل هتلر في الرواية الصهيونية القادمة؟
نداء لأغنياء المسلمين
مجلة "ذا أمريكان كونسيرفاتيف": تنظيم "واي بي جي" الإرهابي يشكل تهديدًا لتركيا وحلف الناتو
غزة.. نقطة تحول تاريخية
ملف إيران يزداد تعقيدا