|
الذكرى السادسة عشر لتأسيس حزب العدالة والتنمية والذكرى الرابعة لمجزرة رابعة

لا شك أن نشاطات إحياء ذكرى تأسيس الحزب والنشاطات المتعلقة يجب أن تكون وسيلة "لإعادة النظر بالحسابات الشخصية" لا لإجراء الاحتفالات فقط من قبل جماعة حزب العدالة والتنمية، ولا شك أن الدور الذي تبناه حزب العدالة والتنمية قبل 16 عامًا لتمثيل دولة تركيا ورؤيته ومسؤولياته وهدفه لا يزال مستمر إلى اليوم، حزب العدالة والتنمية هو نموذج لالتقاء الشعب مع الدولة، حيث أثبت هذا الاتحاد والتضامن إلى العالم  عن إمكانية صد الصدمات بمقاومته العظيمة تجاه المحاولة الاحتلالية الخائنة التي تعرضت لها دولة تركيا في العام الخامس عشر من تأسيس حزب العدالة والتنمية أي في العام الرابع عشر من حكم حزب العدالة، ولا شك أن هذا الحزب الذي أعطى المسؤولية السياسية حقها ورآها كالجمرة المقبوضة بين اليدين، ولم ينسب هذا الحزب نجاحه في سياسته لحظّه أبدًا وهذا ما دفع الشعب لانتخاب هذا الحزب اثني عشر مرة من خلال صناديق الاقتراع.


بينما كانت السياسة الفاصلة بين الشعب والدولة في دولة تركيا تعمل من أجل الدولة وليس من أجل الشعب، وكانت تلك الدولة غريبة عن الشعب حيث كانت تفضل الدول والقوات والجهات الأخرى على شعبها، لذلك تعرضت السياسة القريبة من الشعب إلى الانقلابات والتدخلات العسكرية التي تم تبسيطها  بإطلاق عليها بـ "الدولة الخفية" ، لكننا نكتشف كل يوم بأنها ليست بحركة بسيطة وخفيفة في كل منعطف تتعرض له دولتنا.


وبينما كان حزب العدالة والتنمية يقاوم هذه الشبكة المعقدة وقع أحيانًا تحت تأثيرها ولكن تمكن في نفس الوقت من اجتياز تأثيرات تلك القوة عن طريق حلّها، لكن علينا أن نكون واثقين بأن تلك القوة ليست بقوة مجردة مدارة من طرف واحد، بل هذه القوة عبارة عن متسلسلة من تراكم العطالة والجمود الذي أدى إلى تشكل هذه القوة، وقائد الهيئة رجب طيب أردوغان في ذكرى تأسيسها السادسة عشر يشير إلى هذا الأمر الحرج بكثافة.


في الحقيقة ما حققه حزب العدالة والتنمية مع دولة تركيا هو عبارة عن نموذج هام لتصليح واقع الانفصال بين الشعب والدولة  الذي ابتليت به دول العالم الإسلامي، لقد فرض على العالم الإسلامي الذي تجزأ بعد الحرب العالمية الأولى واقعًا يعتمد على تجريد شعوبه من حقوقهم.


والمواضيع الذي أطلقها الغرب مرارًا وتكرارًا في مسائل العالم الإسلامي حول "الانسجام بين الإسلام والديمقراطية" هي مواضيع نقاش احتيالية، وإن السبب الوحيد لعدم تقدم الديمقراطية وتطورها في البلاد الإسلامية هو دعم الغرب للسلطات الدكتاتورية البعيدة عن الشعوب والغريبة عنها، وإلى الآن لم يقم الغرب بدعم أي مبادرة بديلة لتلك الأنظمة الدكتاتورية والتي تهدف إلى توحيد وانسجام الدولة مع الشعب.


وهناك الكثير من الإثباتات في العالم الإسلامي يؤكد هذا الكلام، ولكن آخر دليل لهذا الواقع هو ما حدث في دولة مصر، الرئيس محمد مرسي هو الرئيس الوحيد الذي تم انتخابه ضمن الشروط الديمقراطية خلال تاريخ مصر، ولقد أثبت إلى العالم الإسلامي والغرب عن استعداده الكامل للتوحيد بين الإسلام والديمقراطية، لكن لم يتقبلوا هذا الاتحاد في مصر حتى عام واحد، حيث كان فشل الغرب في هذه المسألة هو مأساة بكل معنى الكلمة.


وفي 03/07/2013 تم إسقاط الرئيس الديمقراطي المصري المسلم محمد مرسي عن طريق انقلاب عسكري وحشي بحجة عدم إمكانيته لحل أزمات ومشاكل مصر التي فاقت الألف عام وعدم مشاركة سلطته مع المعارضة، وفي تلك اللحظة قامت الفئات المعارضة للانقلاب بالاحتجاجات والتظاهر في كافة ميادين مصر دفاعًا عن إرادة الشعب والشرعية والديمقراطية وما يسمى بالنظرة الغربية و"قيم الغرب"، وتحولت هذه الميادين في يوم 14/08/2013 أي في الذكرى الثانية عشر لتأسيس حزب العدالة والتنمية الذي يعتبر نموذجًا لاتحاد الدولة مع الشعب ومؤيدًا لإرادة الشعب إلى مقابر جماعية لثلاثة آلاف مدني، حيث قام الانقلابيون الذين لم يجدوا أي طريقة أخرى لصد الاحتجاجات الصادرة من أغلبية الشعب  المعارض للانقلاب العسكري سوى بث الخوف والرعب في قلوب الشعب عن طريق الاعتداء عليهم حيث قاموا بالقصف العشوائي على المدنيين المجتمعين في ميادين مصر مما أدى إلى استشهاد ثلاثة آلاف مدني، لقد قُتلوا دون مراعاة أي قيمة بشرية.


ورغم تعرض مرسي لانتقادات عنيفة من قبل الجهات الغربية بحجة عدم مشاركته لسلطته لكنه في الحقيقة كان الرئيس الديمقراطي الوحيد في تاريخ مصر مما أدى إلى تعرضه لانقلاب عسكري بهذا الشكل ناهيك عن المجازر الجماعية المريعة، ومنذ بداية حكم السيسي إلى اليوم لم يتعرض نظامه إلى أي انتقاد بسيط من قبل الغرب ولم تقدم أي جهة غربية لأي موقف دفاعي عن الحقوق البشرية تجاه ستين ألف سياسي مرمي داخل السجون رغم أنهم يتعرضون إلى شتى أنواع التعذيب في الداخل.


ومهما قالوا فإن الغرب لم يسمح لسيادة النظام الديمقراطي في مصر ولا في أي دولة إسلامية بل قامت بترجيح الأنظمة الدكتاتورية والفاشية وشتى طرق التعذيب وفضلته على الأنظمة الديمقراطية والحقوق البشرية، و لقد شهدنا لانتحار القيم الغربية يوم مجزرة رابعة كما شهدنا لتبلد الغرب تجاه مايحدث في مصر كموقفها تمامًا تجاه الانقلاب الذي واجهته دولة تركيا ليلة 15 يوليو/تموز والذي استهدف ديمقراطيتها وإرادة شعبها.


واليوم نجد عدة دولًا أوربية على رأسهم ألمانيا تعانق كل الجهات الإرهابية المتسلطة على تركيا والهادفة إلى القضاء على النظام الديمقراطي التركي  وذلك عن طريق التحجج بابتعاد تركيا عن النظام الديمقراطي، وكافة التنظيمات المنفذة للعمليات الإرهابية والانقلابية علنًا من منظمة غولن الإرهابية وتنظيم الـ بي كا كا والـ دي هي كا بي جي والـ بي يي دي نجدها اليوم تُدعم وتساند من قبل ألمانيا، وقد يكون خيار أوربا الوحيد  تجاه الديمقراطية التركية هو الإرهاب المباشر.


إن اصطداف تاريخ ذكرى مجزرة رابعة مع ذكرى تأسيس حزب العدالة والتنمية هو توافق قيم جدًا إن لم يكن مقصودًا، كل عام وحزب العدالة والتنمية بخير، ورحم الله شهداء مجزرة رابعة الذين أملوا العيش بنفس نعمة تركيا وسلامنا الحار لهم.

#حزب العدالة والتنمية
٪d سنوات قبل
الذكرى السادسة عشر لتأسيس حزب العدالة والتنمية والذكرى الرابعة لمجزرة رابعة
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية
التحرر من عبودية الأدوات والسعي لنيل رضا الله
هجوم أصفهان