|
استفتاء استقلال شمال العراق
ازدادت سرعة تجهيزات إدارة كردستان العراق لاستفتاء الاستقلال المخطط تنفيذه في 25 سبتمبر/أيلول رغمًا عن معارضات مناطقها وإدارة العراق ودول المنطقة، ومما لا شك فيه استحالة صدور نتيجة عادلة لهذا الاستفتاء وموضوعية في وقت تتعرض فيه هذه المنطقة إلى تغييرات ديمغرافية كثيفة خلال العقدين الأخيرين، ويتوقع اهتزاز الاستقرار الطائفي بعد إجراء الاستفتاء بسبب التغييرات الديمغرافية التي تعيشها أربيل وكركوك وسليمانية وذلك حتى لو صوّت جميع التركمان الخاضعون إلى نطاق استفتاء الاستقلال  بـ لا ، وفي هذه الحالة يحتمل ظهور دافعًا بعد الاستفتاء بإعادة تشكيل الحدود وحصر الشعوب داخل الحدود، وبالطبع هذا أمر غير مرغوب عند الشعب.


وإن عدنا إلى الحقيقة نجد أن الخريطة البشرية للعراق انقسمت منذ دخول أمريكا إلى العراق في عام 2003، هذه العملية التي خاضتها أمريكا بحجة إسقاط صدام وصلت إلى نقطة لم يعد بالإمكان عيش الطائفات فيها بمكان واحد، نعم سلطة بغداد لم تحقق مسؤولياتها تجاه سلطة كردستان العراق وهذا ما يدل على عدم وجود أي برنامج أو مخطط منطقي وموضوعي بين إدارة كردستان العراق وسلطة بغداد يدفعهم إلى إدارة مستقرة، بالطبع من الممكن التحجج بوضع العراق اليوم وإصدار مقترح الاستفتاء لكن علينا ألا ننسى أن المسبب المباشر لوضع العراق اليوم هو أمريكا بلا شك.


والحقيقة أن التدخل الأمريكي يقتل كافة العوامل التي تدفع الطائفات العراقية إلى المعيشة بوحدة واتفاق فيما بينها، طبعًا هذه الحقيقة ليست محصورة بالعراق فقط حيث أن كافة المناطق التي لمستها أمريكا تواجه الخلافات والصراعات الداخلية فيما بينها، وهذا ما يدل أن تواجد أمريكا في المنطقة ليس من أجل تحقيق السلام بل من أجل تحريض الإرهاب أكثر مما هو عليه الآن وذلك لهزّ استقرار المنطقة.


واليوم تقوم أمريكا بتطبيق السياسة ذاتها على سوريا رغم كافة المعارضات الموجهة من  المنطقة حيث أنها تقوم أمام أعين الجميع بتلقيح مجموعة إرهابية في المنطقة لتسلطها عليها، وهذه القوات التي تعززها تقوم بتأهيلها أيضًا لتشكل إدارتها المحلية، ولا أريد أن أتوقع من اليوم درجة التوترات الداخلية والإبادات الطائفية والمجازر في المنطقة والتي ستنتج من هذه الإجراءات، ومع ذلك أمريكا لم تقم بدفع الثمن الإنساني والاجتماعي الناتج من هذه العمليات بل تحمّل هذه المسؤولية إلى دول المنطقة وشعوبها، حيث أن أمريكا تدير ظهرها على كل من اعتمد عليها ورمى نفسه في الخطر نتيجة تعليماتها.


لذا على سلطة كردستان العراق بل على جميع دول المنطقة أن تعلم هذه الحقيقة: بينما يقوم العالم الغربي ببذل كل ما لديه من استثمارات سياسية وقوات ومخططات تؤدي إلى وحدته وتقوية روابطه الداخلية يقوم أيضًا ببذل كل ما لديه في سبيل تشتيت عالمنا وتجزئته ، وبعد ذلك يقومون بتقديم المقترحات التي يزعمون أنها تؤدي إلى استقرار منطقتنا، وبالطبع ليس لديهم مبرر مقنع لذا يقومون يتشكيل الظروف الفعلية لتدفع المنطقة إلى الموافقة على هذه المقترحات حتى تتمكن في النهاية إقناع الشعوب على عدم إمكانية معيشتهم مع بعض واستحالة اندماجهم وعدم وجود أي حل آخر سوى الانفصال.


هذه الشعوب التي عاشت مع بعض بسلام طيلة عصور لا يوجد أي سبب يدفعهم إلى محاربة بعض حيث أنهم يمكنهم العيش بسلام واستقرار مع بعض كما كانوا سابقًا.


نعم التدخلات الأجنبية تدفعنا إلى تنفيذ هذه المقترحات لكن ألم يوجد أي يد لإيران والعراق في هذه التدخلات؟ ألم تقم إيران التي دافعت عن جرائم الأسد بحجة أن نظام الأسد هو "درع مقاومة الصهاينة" بفتح كافة المجالات للتدخلات الأجنبية؟ رغم أن المسألة ببساطة كانت مرتبطة فقط بمطالبة الشعب السوري باتخاذ قراره بنفسه لكن نظام الأسد الذي حافظوا على بقائه لم يستمد قوته من إيران فحسب بل من تنظيمي الـ بي كا كا والـ بي يي دي وداعش وروسيا أيضًا.


إلى اليوم تمكنت أمريكا بالمحافظة على بقاء الأسد لكن ماذا بعد ذلك؟ أي جزء سوري سوف يقوم بمد خط دفاع لإيران؟ أي جزء سوري سيستمد قوته من أمريكا؟


إيران قامت بتنفيذ نفس الأسلوب في العراق، لم تقم باقتراح سياسية اتحاد واندماج بين الطوائف والمذاهب داخل العراق بل قامت بتنفيذ مواقف مذهبية وطائفية أدت إلى تجزئة العراق، لقد طمعت إيران بالمكاسب الشخصية التي وعدت بها مقابل تجزئة العراق، وبعد الآن لا يمكن للطوائف أن تعيش بوحدة فيما بينها، لكن هذا ليس مبرر لتنفيذ كردستان العراق مخططتها الانفصالي، وعلينا أن نرى هذه الحقيقة وهي أن سلطة بغداد وإيران لهما يد في التنسيق لهذه السياسات حتى دفعت كردستان العراق إلى الرغبة بالانفصال.


علينا أن نوقن بأن التراجع مهما كانت الدرجة التي تم الوصول إليها هو حل أرجح من الاستمرار، كما يجب وضع سياسة اندماجية تحقق الوحدة والمساواة بين كردستان العراق وأهل السنة في العراق وتؤهلهم العيش بسلام واستقرار وتؤدي إلى تراجع كردستان العراق من موقفها، على الجميع أن يوقن أن الانفصال سيعود بكارثة ضد  الجميع.


ويمكن البدء من إعطاء شعور لدى الشعب العراقي بعدم اعتماد سلطة العراق على أي فرق مذهبي خلال تخليص الموصل من تنظيم داعش.


أولًا يجب تحرير الشعب من فكرة أن الانفصال هو استقلال ، لا.. بل لا استقلال في الانفصال والانفصال يسوق إلى الجحيم.

#العراق
#الشعب
#استقلال
٪d سنوات قبل
استفتاء استقلال شمال العراق
الخنازير لا تتغذى على الكتب المقدسة
لا مفر من حرب عالمية
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية