|
السيسي مشكلة أمنية خطيرة تهدد مصر

أظهرت المسيرات الاحتجاجية التي انطلقت في مصر عقب مباراة السوبر بين الأهلي والزمالك ليلة الجمعة الماضية أن نواقيس الخطر بدأت تدق لتحذر الديكتاتور المصري المفضل لدى ترامب. ويبدو أن المسيرات المستمرة مع ارتفاع وتيرتها بمرور الأيام منذ أن بدأت نجحت مرة أخرى في حشد أطياف المجتمع التي قامت بثورة 25 يناير 2011؛ إذ أصبح رحيل السيسي مسألة يتفق عليها الجميع من الليبراليين إلى الإسلاميين، ومن الاشتراكيين إلى أكثر الشباب المصري بعدا عن السياسة، ومن العمال إلى الموظفين بل حتى أفراد الجيش.

لقد لعبت الفيديوهات التي نشرها مقال الجيش والممثل محمد علي والدعوات التي أطلقها من إسبانيا دور الشرارة التي أشعلت فتيل الاستياء الكبير المتراكم منذ وقت طويل؛ إذ إن معارضة السيسي تحولت بمرور الوقت إلى توافق وإجماع مجتمعي، غير أن جدران الخوف العالية والسميكة التي عمل النظام المصري على تشييدها منذ سنوات لم تدع مجالا للناس لكي يظهروا معارضتهم للنظام.

لقد تحولت مصر إلى دولة يسجن بها أو يضطر للهجرة والفرار منها كل من حتى فكر في معارضة النظام. كما شهدنا اعتقال وسجن اعتقال كما من ترشح في الانتخابات الرئاسية أو فكر في الترشح أو حتى تحدث الناس بطريقة ما عن احتمالية ترشحه. ولا يزال هناك كثيرون معتقلون من بين الذين وضعوا في ذلك التصنيف في الانتخابات الأخيرة، منهم على سبيل المثال رئيس أركان الجيش السابق سامي عنان الذي كان الجميع ينظر إلى نجاحه في الانتخابات في حالة ترشحه بشكل أكيد لما له من مكانة كبيرة بين صفوف الجيش. واليوم يتضح لنا أن أنصار عنان داخل المؤسسة العسكرية كذلك يدعمون الحراك الشعبي ضد السيسي.

نفذ السيسي الانقلاب ضد مرسي وكان الإخوان هم هدفه الأول، لكن سرعان ما زاد عدد أعدائه لاعتباره أن كل أطياف المجتمع تشكل تهديدا محتملا له ولنظامه لدرجة أنه تقريبا لم يعد يدعمه أحد من الذين قدموا الدعم له خلال الانقلاب. ولا شك في أن ثمة تأثيرا كبيرا في ذلك للمواقف غير المسؤولية واللاعقلانية التي تتسم بها طريقة السيسي في الإدارة والتي تضرب بكل أعراف الدولة ومصالحها عرض الحائط.

لقد بدأت طريقته في الإدارة، التي لا تليق بأي شكل بوقار رجل دولة، تحوّله هو شخصيا بمرور الوقت إلى مشكلة أمنية كبرى بالنسبة لدولته. وأما القرارات التي يتخذها بمفرده على مستوى العلاقات الدولية فقد جعلته يسير في طرق كفيلة بوضع مستقبل مصر قيد الرهن؛ إذ يهدف السيسي من خلال هذه العلاقات تأمين منصبه بدلا من رعاية مصالح بلده، ولهذا فإنه لم يتورع عن التنازل عن مصالح مصر لإسرائيل والإمارات عند اللزوم. ولهذا فقد بدأ رجال الدولة في مصر من الذين يراعون مصالح وطنهم يعتبرون هذا الأمر مشكلة خطيرة تواجهها مصر.

لقد ابتعدت مصر تحت إدارة السيسي اليوم كثيرا عن المكانة التي تستحقها على المستوى الدولي، كما خسرت صورتها كدولة عظيمة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان الشديدة وسلوكيات السيسي الرعناء.

إن السيسي ناجح في تقديم صورة "الديكتاتور المحبوب" للاعبين الدوليين الذين يدين لهم بوجوده في السلطة، لكنه مستبد وفظ لأقصى درجة تجاه شعبه. وحتى فإن طريقته النمطية في الخطاب في كل الاجتماعات التي يحضرها تعكس جيدا لغة جسد هذه الفظاظة. وبوجه عام فإن السيسي عادة ما يجلس في الصف الأمامي في صالات الاجتماعات المزدحمة وبدلا من أن يصعد إلى المنصة ويخاطب الحضور مع التواصل معهم بتعبيرات الوجه والعينين فإنه يمسك بالميكروفون في مكانه حيث يجلس ويخاطب الحضور وهو يدير إليهم ظهره ولا ينظر إليهم، ليكون بذلك وكأنه يحتقرهم.

أضف إلى ذلك أن مضمون جميع هذه الخطابات يكون في كل مرة مبتذل وغير مسؤول. فهكذا كانت آخر كلماته التي حركت المسيرات الاحتجاجية عندما رد على انتقادات محمد علي. فعندما قال واثقا بنفسه بشكل مفرط "لقد شيدت وسأشيد المزيد من القصور، وهل هذه القصور فقط من أجل محمد علي؟"، وهو الاعتراف الذي كان مليئا بعدم اللامبالاة للنقد الموجه له وكافيا مع طريقة الرجل في الجلوس ومخاطبته لمن حوله بأن تغضب الشعب المصري بشدة. ولقد أظهر السيسي بتصرفه هذا أن كبره واستغنائه وصلا إلى القمة لما يعتقده بأنه قد عطّل تماما مسألة الخضوع للمحاسبة أمام الشعب..

لا ريب أنه مستحيل أن تتحمل أي دولة غرورا كهذا حتى النهاية، لا سيما أن مصر تتكبد خسائر فادحة بسبب طريقة الإدارة هذه، ولهذا فلا يمكن أن يستمر الأمر على هذا النحو. إن التخلص من السيسي اليوم ليس مشكلة المصريين وحدهم بعدما تعرضوا للظلم من الدرجة الأولى بسبب السيسي الذي تحول إلى مشكلة يعني منها كل أطياف المجتمع الراغب في نظام إدارة أفضل لبلده من أجل الانتقال بها إلى المستوى الذي تستحقها. ذلك أن السيسي أصبح عبئا ومشكلة أمنية خطيرة تهدد مصر.

#السيسي
٪d سنوات قبل
السيسي مشكلة أمنية خطيرة تهدد مصر
إيران.. خطر لم ندرك حجمه بعد
إبادة غزة.. المهمة الحضارية الجديدة لبريطانيا والولايات المتحدة
هل رؤية حزب الشعب الجمهوري للجامعات تتفق مع رؤية تانجو أوزجان؟
أولياء بخارى
المجلس السياسي لحزب العدالة والتنمية لربع قرن