|
أي نوع من المغامرات يجرّ ماكرون إليها أوروبا؟

يبدو أن الرئيس الفرنسي ماكرون يحاول البحث في مغامرات خارجية، لتعويض ما فقده في الداخل الفرنسي، وفي خضم ذلك يساهم في جلب مشاكل وأزمات لفرنسا وأوروبا والعالم بأسره.

لا يستطيع ماكرون الإيفاء بوعوده أمام الفرنسيين الذين منحوه أصواتهم. منذ توليه منصبه الرئاسي إلى اليوم تعاني البلاد من عدم استقرار اقتصادي، مما فتح الباب أمام احتجاجات السترات الصفراء التي لا تتوقف أبدًا. ولذلك هو يبحث في الخارج عمّا فقده من اعتبار داخلي؛ لكنه دائمًا ما يجد تركيا في وجهه، سواء في سوريا أو ليبيا أو لبنان وكذلك البحر المتوسط.. والآن أذربيجان.

حينما ننظر إلى ليبيا نجد أن فرنسا قد تعاونت من كلّ من يدعم الانقلابي حفتر، حتى مع التيار المداخلي سعودي الأصل، والمسؤول عن إفراز تنظيم داعش الإرهابي، وهو الداعم الأكبر لحفتر في ليبيا على أساس أن تركيا وقطر هما العدو الأساسي للإسلام.

ونتيجة لهذا التعاون المقيت، رأينا عشرات المقابر الجماعية التي لا تزال تُكتشف يوميًّا في ترهونة، بيد أن ذلك ليس سوى النتيجة الأولى فقط لهذا التعاون. لقد تم العثور في تلك المقابر الجماعية على مدنيين عزّل من الشعب الليبي، قُتلوا تحت التعذيب وأيديهم مكبّلة وراء ظهورهم، قُتلوا دون سؤال أو ذنب أو تهمة. لا شك أن فرنسا بقيادة ماكرون تعتبر شريكة في هذه الممارسات التي تدخل تحت حيّز الجرائم ضد الإنسانية/ جرائم حرب.

بالطبع ربما لم يكن ماكرون على إدراك لحجم المستنقع الذي وقع فيه وأوقع فرنسا معه وسط كل تلك الجرائم. ولطالما كنت تركيا عقبة صلبة أمام حساباته.

من الطبيعي أن يغضب ماكرون من تركيا، ولذلك حتى يشعر بمتنفس للانتقام نجده يتجه نحو شرق المتوسط، يحث اليونان صباح مساء ويحرّضها ضد تركيا وكأنه على وشك فتح حرب ضدّها. بل إنه يريد إطلاق نفير عام أوروبي ضد تركيا بزعم أنها تمارس سياسات عدوانية، بيد أن تركيا لا تفعل سوى أنها تدافع عن حقوقها وحدودها، ضدّ من يريد أن ينتهك ويتعدّى ويستفرد بشرق المتوسط دون أي وجه حق.

كذلك الأمر في لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت، بينما كان الشعب اللبناني مهمومًا مشغولًا بجثث القتلى والجرحى، توجه ماكرون إليهم بكبريائه يهددهم كي يكونوا إلى جانبه جبهة ضد تركيا.

من الواضح أن هذه المشكلة النفسية التي يعاني منها ماكرون ضد تركيا، قد أفقدته جميع توازناته بشكل كامل. حيث نجده في الآونة الأخيرة يهاجم تركيا من خلال الإسلام، يظن أنه كلما هاجم الإسلام ونبي الإسلام؛ كلما نال من تركيا وانتقم منها. إلا أنه لم يضع بحسبانه أن ذلك يزعج ويستفز جميع العالم الإسلامي برمته، وليس تركيا فحسب.

لكنه في الحقيقة يتعامل مع القضية من حيث كونها موجّهة ضد دولة بعينها، وهذه الدولة هي تركيا، حيث أنه يعلم جيدًا أنّ العديد من الدول الإسلامية التي تأتي على "مقدّمة" العالم الإسلامي اليوم، لم يعد يهمّها أي شيء يتعلق بالإسلام والدفاع عنه.

وإلا فإنه يعلم تمامًا أن إساءاته تلك تزعج وتستفز شعور جميع المسلمين، الذين يعتبرون رسولهم أغلى عندهم من أرواحهم وأنفسهم وآبائهم وأمهاتهم واولادهم، لكنه لا يقصد الشعوب بذلك بل الدول. لم تصدر ردود فعل رسمية رفيعة المستوى سوى من تركيا وباكستان، وإن هذا بدوره يشير في الحقيقة إلى مدى ابتعاد حكومات العالم الإسلامي عن تمثيل شعوبها.

إن عدم صدور صوت قوي من العالم الإسلامي للرد على تلك الإساءات والتطاولات الوقحة على أهم مقدسات الإسلام والمسلمين، يشير بوضوح إلى أن عالمنا الإسلامي قابع تحت الاحتلال.

بينما نحن نظن أن الاحتلال هو في فلسطين فحسب، نجد أن الاحتلال الصليبي والصهيوني قد سيطر بشكل تام على جميع مفاصل العالم الإسلام، وجعله مطبقًا صامتًا خانعًا. لقد ذكرنا قبل 3 سنوات من الآن، أن الحرب التي فتحتها السعودية على قطر، ليست سوى تهديد مباشر لمكة والمدينة. وقلنا أن على السعودية أخذ جميع التدابير قبل أن تصل دبابات العدو إلى مكة والمدينة. بيد أن الدبابات كانت قد وصلت وانتهى الأمر وتم الاستيلاء على مكة والمدينة. حيث لا يوجد معنى آخر لذلك حينما لا يصدر أي صوت من مقرّ حرم المسلمين ضد الإساءة لمقدسات المسلمين. هذا يعني أن الإسلام والنبي محمد لا يعنيان شيئًا للسعودية أو الإمارات ومصر.

دعكم من صدور ردة فعل عن تلك الدول، بل لاحظوا أنهم يتبجون بوقوفهم بل دعمهم لماكرون ضد أردوغان، ليس في هذه القضية فحسب، بل في أي خلاف يدور بينهما، حيث يقفون إلى جانب ماكرون دومًا بكل وقاحة. إلا أن القضية الآن قبل أن تكون خلافًا بين أردوغان وماكرون هي خلاف بين ماكرون ورسولنا، ولم يفعل أردوغان شيئًا سوى أنه حدد موقعه واعلن موقفه من ذلك واصطف إلى جانب الرسول ضد ماكرون، فماذا أنتم فاعلون الآن، هل تقفون إلى جانب من يسيء إلى الرسول، لأجل النكاية بأردوغان فقط؟

قل لي من تصاحب أقل لك من أنت. والمرء على دين خليله، كما يقال.

يحاول ماكرون بكل ما يملك من تعصب مقيت أن يقود حربًا صليبية. ولذلك لا يفتأ عن تحريض الغرب عمومًا لبدء تلك الحرب أو تلك المغامرة، إلا أنه حتى الآن لم ير أي دعم سوى اللهم من قلة قليلة من اليمينيين المتطرفين أمثاله.

نحن نتمنى أن ترى الدول الغربية الحسابات القذرة التي تختبئ وراء التحريض على الحرب الصليبية التي يريدها ماكرون، حيث سيكلف ذلك العالم كله وأووربا وقيمها التي تتغنى بها؛ الكثير الكثير.

#الحرب الصليبية
#ماكرون
#أوروبا
#تركيا
#فرنسا
٪d سنوات قبل
أي نوع من المغامرات يجرّ ماكرون إليها أوروبا؟
الخنازير لا تتغذى على الكتب المقدسة
لا مفر من حرب عالمية
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية