|
ما بين الديمقراطية والجمهورية.. دخول "قرن تركيا" بالسيارة المحلية "توغ"

الفيلسوف الفرنسي اليساري ريجيس دوبريه، أحد أهم مستشاري الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا ميتران، طرح مقارنة مهمة بين الجمهورية والديمقراطية، حيث قال: "الجمهورية تبحث عن الإنسان في الطفل وتلبي احتياجات وتسعى للنمو من دون الطفل لتتركه جانبًا. من جهة أخرى، الديمقراطية تفسد الطفل داخل الإنسان. لأنها تخشى إذا عاملته بصفته شخصًا ناضجًا أن تعرضه لضغوط. فلا يوجد أي جمهوري يريد تثقيف وتنشئة الطالب فهو لا يرى أن هناك طفلاً يستحق الإعجاب به كطفل. وفي النتيجة، يعتقد الديمقراطي أن كل الناس لطفاء لأنهم أطفال كبار. لذلك يمكن أيضًا التعبير عن هذه المقارنة بشكل مختصر على النحو التالي: "الجمهورية لا تحب الأطفال، والديمقراطية لا تحترم الكبار"

وما قيل يوم أمس عن الجمهورية تزامنًا مع الذكرى السنوية 99 لتأسيسها وما وصلنا إليه وحققناه، ذكرني بما قيل خلال الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس الجمهورية.

أحيت تركيا حينها الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس الجمهورية، التي ارتبطت بأعمال بناء فندق وهيئات رياضية ودخول الجرارات الآلية الخدمة بدلاً من المحاريت اليدوية، كما كانت مصحوبة بعرض شروح رائعة للمنجزات. وقد تم إحياء تلك الذكرى وكأنها دعوة إلى إحياء روح سنوات الحزب الواحد، حيث كان انقلاب 28 فبراير/شباط بمثابة استجابة لتلك الدعوة. وتذكرت ما كتبته قبل 24 عامًا في مجلة "تذكِرة" عن معنى الجمهورية وفضيلتها وأبعادها وتطبيقاتها في تركيا.

ونقلا عن كلام دوبريه قلت حينها: "انطلاقًا من هذه المقارنة، يبدو أن هناك معلومات معينة حول حالة الشخص البالغ والطفل في كل من الجمهورية والديمقراطية. وإذا كان الأمر كذلك، فلا ينبغي أن تكون هناك مشكلة لا في الطريقة التي تُنشئ بها الجمهورية الإنسان البالغ ولا في موقف الديمقراطية التي تسعى لإفساد الطفل". ومع ذلك، فإن المشاكل تنشأ خلال هذه المرحلة.

ويمكننا القول إن جميع مشاكل شرعية الجمهورية تنشأ من عجز السلطات الحاكمة التي تمثل الجمهورية على إقناع مواطنيها بشكل كافٍ بمستوى الرشد الذي ينسبونه إلى المجتمع الذي يحكمونه، بدءًا من سن الرشد. إن الشعور باليقين الذي يظهر بشكل واضح ويبين الحالة التي وصلت إليها الطفولة والبلوغ، يقابله أزمة في المشروعية.

وبكل تأكيد، عندما يضاف إلى هذا المشهد التنوع في جميع البلدان المئة حول العالم، والتي يقال إنها تُحكم بالنظام الجمهوري، فإن سؤالاً يطرح نفسه: ما الذي تضيفه الجمهورية إلى البنية الاجتماعية أو إلى فهم إدارة تلك البنية من حيث تمثيل إرادة الشعب؟

وهناك طيف واسع يشمل من هذا التنوع: 1-دكتاتورية غير محدودة لشخص واحد و2-هيمنة حزب أو مجموعة و3-بنية اجتماعية تعددية و4-نظام برلماني متعدد الأحزاب.

وهناك حقائق تشير إلى أن الأنظمة البعثية اليوم تعد أيضًا نوعًا من الجمهوريات وتستند عمومًا إلى أقلية صغيرة جدًا من شعبها، وإلى أن جميع دول الكتلة الشرقية التي تركناها وراءنا مع دخولنا التسعينيات هي جمهوريات، وأن التمثيل الكامل للشعب قد تم تقليصه إلى إرادة المكتب السياسي، الذي اضطلع بعمل الثورة.

وفي هذه الحالات ،من غير المعقول أن لا يكون هناك غموض وضبابية كبيرة بشأن ما تضيفه الجمهورية إلى السلطة.

وإذا أسقطنا ذلك على حاضرنا، نجد أن المثال الأبرز هو حكم حزب العدالة والتنمية لمدة 20 عامًا، عبر الممارسات السياسية المتنوعة والمختلفة التي ينفذها، لذلك يمكننا قول هذا بسهولة بعد الثقة في أن المشهد أصبح واضحًا.

ليس للجمهورية معنى ولا قيمة ما لم تتوج بالديمقراطية، والأمر لا يقتصر على الكلام فقط ولكن يجب الممارسة واتخاذ التدابير وتطبيق القانون وحقوق الإنسان.

على الرغم من شعبيتها، هناك بعض الجمهوريات ليس لها معنى آخر سوى إضفاء الشرعية على بعض الديكتاتوريات تحت مسمى حماية المظهر الخارجي.

لذلك نجد اليوم أن نظام الأسد البعثي، الذي يقتل شعبه بالأسلحة الكيماوية، هو أيضًا نظام جمهوري. وديكتاتورية صدام كانت أيضًا جمهورية، وهناك ديكتاتوريون في الشرق الأوسط يجعلون شعوبهم تعيش تجربة الجحيم على الأرض.

من ناحية أخرى، تسود الأنظمة الملكية في دول كبريطانيا وإسبانيا والسويد والنرويج والدنمارك وهولندا وبلجيكا، التي تعتبر ممثلة الحضارة المعاصرة والمتزامنة مع قيام جمهورية تركيا.

لذلك، إذا تمكنت الجمهورية من الالتقاء بديمقراطية حقيقية، ، يمكن أن تكون ذات قيمة، وأن يكون ادعاؤها بأنها ممثلة للشعب صحيحا.

وقد لوحظ أن عقلية اليعاقبة (أصدقاء الحرية والمساواة)، التي صنعت العظمة ضد شعبها باسم الجمهورية وجعلت مكانهم أطفالا، لم ينظر إليها قط على أنها تفعل أي شيء سوى اللفظ باسم الاحتفال بالجمهورية.

ومنذ عام 1950 حتى يومنا هذا، عندما بدأ الشعب التركي يلتقي بالديمقراطية، بدأت الجمهورية تتحرك نحو معناها الحقيقي.

وبكل تأكيد، كان للجمهورية معنى خاص مع مجيء حزب العدالة والتنمية، تحت قيادة أردوغان عندما كان رئيس الوزراء وعندما أصبح رئيسًا، والذي برز أمام الشعب التركي بتقديمه مشاريع تنموية ضخمة وتعزيزه مفهوم الديمقراطية في كل ذكرى لتأسيس الجمهورية.

لا تتحقق الجمهورية بالتصفيق والكلام. ولا يمكن إظهار المعنى الذي تستحقه الجمهورية إلا من خلال احترام الحكام للجمهورية والشعب وتقديم مشاريعهم الخدمية والتنموية ورؤيتهم الحكيمة والواقعية بنفس الوقت.

على الرغم من أن أردوغان في السلطة بمفرده لمدة 20 عامًا، إلا أن الرؤية التي قدمها بكل حماس وابتكار منذ اليوم الأول دون إظهار أي علامات للتعب هي من وجهة نظري حدث عظيم أكبر من مضمونه بكثير.

وبكل تأكيد، إنها ميزة كبيرة أن يكون أردوغان قادرًا على مخاطبة الناس بأمل وحماس، بعيدًا عن التعب والإرهاق الذي من المتوقع أن يتخلله تجربة نزف طاقة مدتها 20 عامًا، وخاصة في ظل الظروف الحالية التي تحيط بعالمنا اليوم، حيث أن الدول الكبرى وأوروبا تتخبط من الركود الاقتصادي الخطير والأزمات السياسية.

وهذه فرصة وميزة أن تكون لدولتنا مثل هذه القيادة في ظل الظروف الحالية والأزمة العالمية. ومن الحقائق الاجتماعية أن القيادة القوية هي أكبر مصدر لرأس المال الاجتماعي. ويعد الرأس المال الاجتماعي الذي يتضمن الدافع والأمل والحماس أهم بكثير من الأصول الرأسمالية المادية القوية للبلدان الأخرى.

وعلى الرغم من بعض الصعوبات الاقتصادية التي نواجهها اليوم، والتي يتم الحديث عنها كثيرًا، إلا أن تركيا لديها رهان وتأكيدات قوية يمكنها من خلالها التغلب على هذه الصعوبات كما أنها تمتلك قيادة لديها الثقة في أنها ستحول هذا الرهان إلى فعل وأنه ليس مجرد كلام.

الإنجاز الذي قدمه أردوغان ودخوله "قرن تركيا" عبر تصنيع السيارة المحلية التركية "توغ"، التي ستكون أكثر التقنيات تقدمًا في عالم المستقبل، يمثل بالضبط رمز هذه القصة في الثقة العالية والأمل الذي يغرسه.

#السيارة المحلية توغ
#ياسين أكناي
#تركيا
#أردوغان
#سيارة تركية
#قرن تركيا
1 yıl önce
ما بين الديمقراطية والجمهورية.. دخول "قرن تركيا" بالسيارة المحلية "توغ"
إيران.. خطر لم ندرك حجمه بعد
إبادة غزة.. المهمة الحضارية الجديدة لبريطانيا والولايات المتحدة
هل رؤية حزب الشعب الجمهوري للجامعات تتفق مع رؤية تانجو أوزجان؟
أولياء بخارى
المجلس السياسي لحزب العدالة والتنمية لربع قرن