|

إصلاحات الفرانك الإفريقي..هل تحد من سيطرة فرنسا؟

قال خبراء إن الإصلاحات من شأنها منح إفريقيا الفرانكوفونية سيطرة أكبر على اقتصاداتها وعملتها، إضافة إلى هدم أحد رموز الاستعمار الفرنسي..

11:05 - 13/01/2020 Pazartesi
تحديث: 11:11 - 13/01/2020 Pazartesi
الأناضول
إصلاحات الفرانك الإفريقي..هل تحد من سيطرة فرنسا؟
إصلاحات الفرانك الإفريقي..هل تحد من سيطرة فرنسا؟

يسود تفاؤل حذر وآمال جديدة في الأفق، حيال إصلاحات الفرنك الإفريقي، وصفها خبراء بأنها "يمكن أن تمنح إفريقيا الفرانكوفونية، المزيد من السيطرة على اقتصاداتها وعملتها".

والفرنك الإفريقي (CFA)، عملة مدعومة من فرنسا وتستخدمها 14 دولة إفريقية، 12 منها كانت سابقا مستعمرات فرنسية، إضافة إلى غينيا بيساو (مستعمرة برتغالية سابقة) وغينيا الاستوائية (مستعمرة إسبانية سابقة).

في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، اتفق "الاتحاد النقدي لغرب إفريقيا" مع فرنسا على تغيير اسم الفرنك الإفريقي للإيكو، وقطع بعض الروابط المالية مع باريس التي كانت تدعم العملة الموحدة في المنطقة، منذ إنشائها في 1945.

وأعلن رئيس ساحل العاج الحسن واتارا، هذا الاتفاق، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مدينة أبيدجان، بساحل العاج.

وقال واتارا، إن 8 دول في غرب إفريقيا قررت مع فرنسا، إجراء إصلاحات واسعة للفرنك الإفريقي، مشيدا بهذه الخطوة باعتبارها خطوة تاريخية بالنسبة لغرب إفريقيا.

وجاء هذا الإعلان عقب محادثات في العاصمة النيجيرية أبوجا بين زعماء غرب إفريقيا.

وإضافة إلى تغيير الاسم، لن يتعين على البلدان الإفريقية في الاتحاد، الاحتفاظ بنسبة 50 بالمئة من احتياطياتها في الخزانة الفرنسية، لكن البيئة الاقتصادية ستظل مرتبطة باليورو.

وتبعا لهذه الإصلاحات أيضا، لن يكون هناك ممثل فرنسي في مجلس إدارة العملة.

** سيطرة الاقتصادية

رأى خبراء أن هذا التغيير سيحرم فرنسا من المدخرات والاحتياطيات الحيوية التي يتم الاحتفاظ بها في باريس، وكذلك من قدرتها على التأثير في قيم العملات لصالح منافعها التجارية.

وقال فريد موهوموزا، المحاضر في الاقتصاد بجامعة ماكيريري في أوغندا، إن هذا "يسمح للدول الفرانكوفونية بالسيطرة بشكل أكبر على اقتصاداتها وعملتها، لكنه يحرم فرنسا من الاحتياطيات الحيوية التي كانت متاحة بشكل مجاني تقريبا".

وأضاف للأناضول، أن هذا "سيمنح إفريقيا الفرانكوفونية الحرية في تحديد قيمة عملتها، وتعديلها وفق التطورات التجارية العالمية الجديدة، وشركاء مثل الصين وآسيا الذين لم يكونوا مهمين في عام 1945".

وأوضح أنه بهذه الإصلاحات، قد تفقد فرنسا أيضا القدرة على إدارة العملة لتعزيز تجارتها مع الكتلة في ظل تزايد نفوذ الصين في المنطقة.

وتابع: "فرنسا استبدلت عملتها السابقة (الفرنك)، منذ فترة طويلة باليورو، والذي تحركه ديناميات مختلفة لا يمكن أن تحددها باريس بعد الآن".

ويستخدم الفرنك، 14 دولة إفريقية يبلغ عدد سكانها مجتمعة حوالي 150 مليون نسمة، ويصل الناتج المحلي الإجمالي لها 235 مليار دولار.

لكن التغييرات ستؤثر فقط على شكل العملة المستخدمة في غرب إفريقيا، في ساحل العاج ومالي والنيجر وبنين وبوركينا فاسو وغينيا بيساو والسنغال وتوغو، بالاتحاد النقدي لغرب إفريقيا.

والدول أعلاه، كانت مستعمرات فرنسية سابقة باستثناء غينيا بيساو، المستعمرة البرتغالية السابقة.

** استعادة القرارات السيادية

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن هذه الإصلاحات نهاية لبعض آثار الماضي، مؤكدا رفضه للتأثير من خلال "الوصاية والتدخل".

وأضاف ماكرون: "الإيكو سيولد في يناير/كانون الثاني 2020 وأنا أرحب بذلك".

من جانبه، أفاد الباحث في الشؤون العامة في رواندا، لونزين روجيرا، أن الإصلاح سيتيح لتلك الدول إمكانية أكبر للوصول إلى مواردها، لأنها "كانت تقترض أموالها الخاصة بها بالفوائد".

وقال روجيرا، للأناضول، إن دول غرب إفريقيا ستكون قادرة على اتخاذ قرارات سيادية حول كيفية تعبئة الموارد، دون ربط تلك القرارات بفرنسا بالضرورة.

ومضى قائلا، إن "كل الأموال التي كانوا يستخدمونها لاقتراض أموالهم الخاصة يمكن تخصيصها لأولوياتهم".

وظلت قيمة الفرنك الإفريقي بالنسبة للفرنك الفرنسي على حالها منذ 1948 حتى 1994، عندما تم تخفيض قيمتها بنسبة 50 بالمئة، في محاولة لتعزيز الصادرات الزراعية من المنطقة.

وبعد تخفيض قيمة العملة، كان الفرانك الفرنسي يساوي 100 فرانك إفريقي، وعندما انضمت العملة الفرنسية إلى منطقة اليورو، أصبح سعر الصرف الثابت يورو واحد إلى 656 فرانك إفريقي.

** هدم رمز الاستعمار

يعتبر محللون أن الفرانك الإفريقي يمثل رمزا للاستعمار والتدخل الفرنسي في الماضي، وإهانة للسيادة الاقتصادية، بينما يرى آخرون أنه أعطى الاستقرار المالي للمنطقة خلال أوقات الاضطرابات.

وفي 2017، أشار ماكرون إلى فوائد استقرار الفرنك الإفريقي، لكنه أكد أن تحديد مستقبل العملة متروك للحكومات الإفريقية.

ويشير خبراء أن فرنسا بقيادة ماكرون، تحاول "إعادة صياغة الطريقة التي تتعامل بها مع إفريقيا، وتتحدث عن المساواة في المعاملة والعلاقات الجديدة والاحترام المتبادل".

وأفاد روجيرا، بأن "فرنسا ربما أدركت أخيرا أن بقاءها لا يعتمد على استغلال مستعمراتها السابقة".

وأشار أنه "لا يمكن التحدث عن علاقات المنفعة المتبادلة، عندما يكون هناك أدوات للقمع، بل يجب عليك إزالة تلك الأدوات التي تم تحديدها لتكون استغلالية."

وتابع: "لا يمكن الاحتفاظ بالفرنك الإفريقي في ظل الشروط الجديدة التي تريد فرنسا التعامل بها مع إفريقيا"، مضيفا أن البيئة السياسية تتطلب إعادة تشكيل صورتها الذهنية.

من جهته، أوضح موهوموزا، أنه يمكن بالتأكيد اعتبار الخطوة الفرنسية وسيلة لتخلي فرنسا عن نفوذها في إفريقيا، ولكن " فقط إلى حد قليل".

وقال إن فرنسا تتمتع بنفوذ عسكري كبير وسيكون لها دور كبير في الهيكل الاقتصادي لهذه البلدان، التي ستظل معتمدة على فرنسا في الكثير من الدعم الفني والمساعدة.

وأضاف: "فرنسا تعمل على ممارسة الضغط الدولي من أجل هذه البلدان في مجالات السياسة والاقتصاد وتدفقات المساعدات ".

من جانبها، وعدت فرنسا بتقديم خط ائتمان، إذا واجهت دول الاتحاد النقدي لغرب إفريقيا أزمة عملة.

** تفاؤل حذر بشأن الإصلاحات

أكد روجيرا على ضرورة امتلاك الدول الإفريقية أموالها في مصارفها الخاصة، مشيرا أن السيطرة على خزنتها "جانب مهم جدًا لسيادة البلد"

وبشأن إمكانية نجاح الإيكو، شدد موهوموزا على أن "إدارة حرية العملة، تتطلب التزامًا سياسيًا قويًا واستقلالًا للتكنوقراطيين لاتخاذ القرارات المطلوبة التي يجب على السياسيين دعمها"

وأشار موهوموزا أن هذه القرارات يمكن أن تكون" تخفيض قيمة العملة في حالة الحاجة لذلك أو الطلب من أي دولة في الاتحاد إدارة العجز لتجنب التأثير على القيمة الكلية للعملة".

وحول الشكوك حيال تلك الخطوة، أوضح روجيرا، أنه إذا لم تكن هذه الخطوة استغلالية، فستحصل على الدعم الذي تحتاجه لتحقيق النجاح، ولكن إذا كانت استغلالية فسيكون موقف الأفارقة تجاهها نفس موقفهم تجاه الفرانك الأفريقي.

واختتم قوله بأن "تاريخ فرنسا في إفريقيا يجعل دافعها مشكوكا فيه، فقد استفاد اقتصاد فرنسا كثيرًا من السيطرة على موارد غرب إفريقيا، وقد تكون هناك لعبة يتم القيام بها ".

#إفريقيا
#الاستعمار
#الفرانكفونية
#عملة
#عملة الإيكو
#فرانك إفريقي
#فرنسا
#مستعمرة
4 yıl önce