
- تنوعت بين التوغلات العسكرية والقصف والتحليق الجوي المكثف وعرقلة دخول المساعدات ومستلزمات إعادة الإعمار - توثيق 105 خروقات للطيران المسير والمذخر في أجواء القطاع غزة وتسجيل 36 حادثة إطلاق نار على مدنيين بمناطق متعددة - نفذ الجيش الإسرائيلي 29 عملية توغل بمحاور مختلفة، خاصة بمدينة رفح واحتجاز 5 صيادين وسائقين بشكل تعسفي - دخل القطاع فقط 53,147 خيمة من أصل 200,000 متفق عليها ولم يتم السماح بدخول أي كرفانات لإيواء النازحين
كشف مصدر فلسطيني مطلع، الثلاثاء، عن ارتكاب إسرائيل 269 خرقًا للبروتوكول الإنساني في اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، والذي دخل حيز التنفيذ قبل 23 يومًا.
وفي 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يومًا، ويتم خلال الأولى تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية، والتفاوض لبدء الثانية والثالثة، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.
المصدر الذي فضل عدم الإفصاح عن هويته، أوضح لمراسل الأناضول، أن الجهات المختصة بمتابعة تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل، سجلت 269 خرقا إسرائيليا للبروتوكول الإنساني في اتفاق وقف إطلاق النار.
وأفاد بأن الخروقات الإسرائيلية "تنوعت بين التوغلات العسكرية، وإطلاق النار، والقصف، والتحليق الجوي المكثف، إضافة إلى انتهاكات تتعلق بالأسرى الفلسطينيين، وعرقلة دخول المساعدات الإنسانية، والقيود المفروضة على مستلزمات إعادة الإعمار".
والاثنين، أعلنت حركة حماس، أنها نفذت "بدقة وفي المواعيد المحددة" كل ما عليها من التزامات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مؤكدة أن إسرائيل خرقت بنود الاتفاق في 4 نقاط.
وأوضحت الحركة في بيان، أن إسرائيل لم تلتزم ببنود الاتفاق وسجلت العديد من الخروقات "شملت تأخير عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة واستهداف أبناء شعبنا بالقصف وإطلاق النار عليهم، وقتل العديد منهم في مختلف مناطق القطاع".
كما شملت الخروقات "إعاقة دخول متطلبات الإيواء من خيام وبيوت جاهزة، والوقود، وآليات رفع الأنقاض لانتشال الجثث، وتأخير دخول ما تحتاجه المستشفيات من أدوية ومتطلبات لترميم المستشفيات والقطاع الصحي" وفق البيان.
** انتهاكات ميدانية
وقال المصدر: "رغم وقف إطلاق النار، واصل الجيش الإسرائيلي العمليات العسكرية في عدة مناطق من قطاع غزة، حيث تجاوزت الآليات العسكرية الإسرائيلية خطوط الانسحاب المسموح بها، لا سيما في محور فيلادلفيا جنوبي مدينة رفح (جنوب)، ما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات الفلسطينيين".
وفي وقت سابق الثلاثاء، أعلن مدير عام وزارة الصحة بغزة منير البرش، عن مقتل 92 فلسطينيًا وإصابة 822 آخرين جراء استهداف الجيش الإسرائيلي المباشر، منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في 19 يناير الماضي.
وشملت الانتهاكات أيضًا، وفق المصدر، "تحليق الطائرات الحربية والاستطلاعية الإسرائيلية فوق قطاع غزة لفترات طويلة يوميًا، رغم وجود فترات منع محددة، بناء على اتفاق وقف إطلاق النار".
وأشار المصدر ذاته إلى "توثيق 105 خروقات للطيران المسير والمذخر بأنواع مختلفة في أجواء قطاع غزة، مثل طائرات "هيرمز 450" و"هيرمز 900" و"سوبر هيرون"، إضافة إلى إطلاق نار متكرر على المدنيين، حيث تم تسجيل 36 حادثة إطلاق نار في مناطق متعددة".
وذكر أن الجيش الإسرائيلي نفّذ 29 عملية توغل عسكري في محاور مختلفة، خاصة في المناطق الحدودية بمدينة رفح مثل "دوار العودة"، و"تل السلطان"، و"مفترق الطيران"، و"الحي السعودي 1"، و"البراهمة"، بجانب تنفيذ 9 عمليات قصف واستهداف مباشر، شملت أحياء سكنية ومرافق عامة، واحتجاز 5 صيادين وسائقين بشكل تعسفي.
** الأسرى الفلسطينيين
وأفاد المصدر ذاته، بأن إسرائيل تنصلت من وعودها فيما يتعلق بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، حيث شهدت الأيام الماضية عدة خروقات أبرزها "تأخير الإفراج عن المعتقلين في الدفعة الثالثة لمدة 6 ساعات دون أي مبرر، والاعتداء الجسدي والإهانة للأسرى خلال الإفراج عنهم، في انتهاك واضح لحقوقهم الإنسانية".
وأوضح أن إبعاد بعض الأسرى إلى غزة، دون التأكد من رغبتهم أو التنسيق معهم، وهو ما تكرر أكثر من مرة، يعد أحد الخروقات الإسرائيلية لبنود الاتفاق.
وأشار إلى تأخير تسليم قائمة الأسرى الـ400 الذين كان من المفترض الإفراج عنهم وفقًا للاتفاق، ومنع عائلات الأسرى المبعدين من مغادرة الضفة الغربية للالتحاق بذويهم في غزة، مما فاقم معاناتهم.
** عرقلة المساعدات
وبشأن المساعدات الإنسانية والإغاثية؛ أكد المصدر للأناضول، أن إسرائيل عمدت إلى عرقلة دخول المساعدات الإنسانية والطبية، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع.
وسرد المصدر أبرز الانتهاكات الإسرائيلية وتمثلت في "منع إدخال شاحنات الوقود وفقًا للاتفاق، حيث دخل يوميًا أقل من 25 شاحنة، في حين كان من المفترض أن يدخل 50 شاحنة يوميًا، ناهيك عن منع إدخال الوقود التجاري، ووقف إمداد سيارات الدفاع المدني والبلديات والجهات المسؤولة عن إزالة الأنقاض بالوقود".
وتحدث عن منع إسرائيل القطاع التجاري من استيراد الوقود، ما أدى إلى أزمة في توفير مصادر الطاقة الأساسية.
كما أشار إلى عرقلة دخول الخيام والمساكن المؤقتة، حيث دخل فقط 53,147 خيمة من أصل 200,000 خيمة متفق عليها، ولم يتم السماح بدخول أي كرفانات، رغم الحاجة الملحة إليها لإيواء النازحين.
ومنعت إسرائيل إدخال المعدات الثقيلة اللازمة لإزالة الركام وفتح الشوارع واستخراج الجثث، حيث لم يُسمح إلا بإدخال 4 آليات فقط، رغم الحاجة إلى أكثر من 500 آلية ثقيلة، في وقت شهد استمرار منع دخول مواد البناء لإعادة ترميم المستشفيات ومرافق الدفاع المدني.
** قيود إضافية
ووفق المصدر، تواصل إسرائيل انتهاك اتفاق وقف النار وتفرض قيودًا إضافية على إدخال مستلزمات حيوية رغم مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على الاتفاق.
وعدّد من ذلك "الإبقاء على شارع الرشيد (البحر) مغلقًا أمام حركة المركبات، رغم انتهاء المهلة المحددة، ومنع تشغيل محطة توليد الكهرباء، وعدم السماح بإدخال معدات الصيانة اللازمة، وحظر دخول سيارات الإسعاف ومعدات الدفاع المدني التي يحتاجها القطاع بشكل عاجل".
وأشار إلى منع إسرائيل إدخال المواشي والأعلاف، ما تسبب في أزمة غذائية متفاقمة.
وذكر أن أحد الانتهاكات الإسرائيلية تمثل في عرقلة إدخال السيولة النقدية للبنوك، ورفض استبدال العملات الورقية القديمة التي أصبحت تالفة نتيجة الاستخدام المستمر منذ أكثر من 16 شهرًا.
** تصريحات إسرائيلية
وإلى جانب الخروقات الميدانية والإنسانية، استمرت شخصيات سياسية إسرائيلية في إطلاق تصريحات تحريضية تدعو إلى تهجير سكان قطاع غزة، ما يعكس عدم التزام إسرائيل بتنفيذ الاتفاق بجدية، وفق المصدر.
ولفت النظر إلى تعمد الحكومة الإسرائيلية المماطلة في بدء المرحلة الثانية من الاتفاق، عبر وضع شروط تعجيزية تهدف فعليًا إلى تعطيله.
وأكد المصدر أن الخروقات الإسرائيلية المتكررة "ترسم صورة قاتمة لمستقبل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، في ظل غياب أي إجراءات رادعة تلزم إسرائيل باحترام بنوده".
وقال: "رغم الجهود الدولية للضغط على إسرائيل لتنفيذ التزاماتها، إلا أن المعطيات الحالية تشير إلى استمرارها في التلاعب ببنود الاتفاق وفرض الأمر الواقع على الأرض، بمساندة أمريكية".
ووفق المصدر، فإن استمرار هذه الخروقات "يهدد بانهيار الاتفاق، ويضع الوسطاء أمام تحدٍ حقيقي لوقف التصعيد وضمان التزام إسرائيل بتعهداتها، في وقت يواجه فيه سكان قطاع غزة أوضاعًا إنسانية كارثية نتيجة الحرب والحصار المشدد".
وارتكبت إسرائيل بدعم أمريكي بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 159 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود