لماذا لا تدعم أوروبا إمام أوغلو؟

09:4523/03/2025, الأحد
تحديث: 23/03/2025, الأحد
نيدرت إيرسانال

في الواقع، الغرب لا يقف إلى جانبه، بل الولايات المتحدة هي من آثرت الابتعاد. فقد صرحت أنها لن تتدخل، ووجّهت رسالة واضحة للصحفيين بعدم استفسارها مرارًا وتكرارًا عن تطورات القضية. أما سبب تسليطي الضوء على أوروبا في هذا السياق، فيعود إلى حقيقة أن علاقة حزب المعارضة الرئيسي بالاتحاد الأوروبي تحتل موقعًا محوريًا في صياغة فكره السياسي وتشكيل سياساته وتنفيذها. إن إدراك المعارضة التركية – سواء المعارضة الرئيسية أو المعارضة عمومًا – لمجريات الأحداث المحلية والدولية لا يزال، بألطف تعبير، متعلقًا بأنماط تفكير

في الواقع، الغرب لا يقف إلى جانبه، بل الولايات المتحدة هي من آثرت الابتعاد. فقد صرحت أنها لن تتدخل، ووجّهت رسالة واضحة للصحفيين بعدم استفسارها مرارًا وتكرارًا عن تطورات القضية. أما سبب تسليطي الضوء على أوروبا في هذا السياق، فيعود إلى حقيقة أن علاقة حزب المعارضة الرئيسي بالاتحاد الأوروبي تحتل موقعًا محوريًا في صياغة فكره السياسي وتشكيل سياساته وتنفيذها.

إن إدراك المعارضة التركية – سواء المعارضة الرئيسية أو المعارضة عمومًا – لمجريات الأحداث المحلية والدولية لا يزال، بألطف تعبير، متعلقًا بأنماط تفكير قديمة. فالأساليب التي تتبعها في صياغة السياسات وتنفيذها تعتمد على عادات الماضي، دون أن تتيح أي مجال، مهما كان ضئيلًا، لظهور بدائل جديدة أو احتمالات مختلفة. وهذا بحد ذاته تجسيدٌ لحالة من الجمود السياسي.

ولكن ما علاقة هذا التحليل باعتقال إمام أوغلو؟

أو لنسأل سؤالًا أكثر تعقيدًا: هل من الممكن ألا تتعرض المعارضة، التي لم تستطع الصمود إلا بفضل "سياسات إمام أوغلو" أو "مجرد الكراهية تجاه السلطة"، لعملية تصفية تاريخية، في وقت نشهد فيه تقليص الولايات المتحدة لدورها الإعلامي؟

إن إحدى الأبعاد الرئيسية لمشروع "تركيا خالية من الإرهاب" هو استئصال بقايا الإرهاب من الداخل، ثم توسيع نطاق هذا التطهير ليشمل المنطقة. أما البعد الآخر، فهو يتجسد ـ وإن لم يكن الهدف الأساسي لهذا المشروع بل كنتيجة طبيعية له ـ في تحرير البنية السياسية التي كانت ترزح تحت وطأة التنظيمات الإرهابية، بحيث تتحول إلى ما يعرف بـ"حزب تركي حقيقي".

وهذه "المساحة الجديدة من الحرية" ستُحرر الأحزاب السياسية من اضطرارها إلى تقديم الدعم الخفي لأحزاب أخرى، بغية الحفاظ على وجودها السياسي المحدود أو توسيع نطاق نفوذها، في محاولة للوصول إلى السلطة بطريقة غير مباشرة والانخراط في الحكم عبر دعم الأحزاب الأخرى "سرا". كما أن هذه العملية ستنهي أشكال التبعية القسرية التي تفرضها الأحزاب الكبرى، والتي لطالما أدت إلى نشوء أنماط من الهيمنة السياسية.

وعلى الجانب الآخر، فإن الأحزاب التي عجزت عن تحقيق أي تقدم بمواقفها وسياساتها، ولم تقدم أي نفع يُذكر للبلاد، بل ويبدو أن ذلك ليس من أولوياتها أصلًا، يجب أن تخضع لعملية تطهير سياسي وتاريخي، حتى لا تستمر في البحث عن السلطة عبر تحالفات غامضة ومشاريع خفية تثير استياء الأغلبية الشعبية.

كل هذه التطورات هي نتائج مباشرة لتصفية التنظيم الإرهابي من تركيا والمنطقة.

وفي ظل هذه الظروف، ما مصير الدعم الخارجي الذي كان يقدم حتى الآن؟

رغم أن هدف الدعم الخارجي المقدم للتنظيم الإرهابي في تركيا ودول الجوار، والذي يعرف الجميع أسماء مقدميه، هو إعاقة قدرة هذا البلد على النهوض، إلا أن نتائجه السياسية تتسرب إلى الداخل عبر خط التنظيم والحزب والحزب الكبير، بسموم مبهمة ولكن ملموسة. أليست قضية "الوصاية" من الأبعاد المهمة لهذا؟

إذا لم يعد دعم الولايات المتحدة الأمريكية لتنظمي "بي كي كي" الإرهابي كما كان في السابق، وإذا كان هذا الوضع يتماشى مع مصالح تلك الدول "الحالية"، فماذا سيحدث؟ كيف سيؤثر الوضع الجديد على النظام القديم والعادات السياسية المهجورة؟

هل من الممكن أن لا يصطدم مع السياسة التي تعمل على الوصول إلى السلطة بأي وسيلة، والتي تقبل جميع المكونات المحتملة مهما كانت طبيعتها، والتي تتحرك أيضًا من منطلق "السلطة تحتاج إلى أموال طائلة مهما كان مصدرها"؟

وحتى الآن، كان حزب الشعب الجمهوري يبحث عن دعم خارجي في "الاتحاد الأوروبي" ودوله، وقد وجده بالفعل. وأؤكد مجددا؛ ليس بسبب استبعاده للولايات المتحدة، ولكن لأن أوروبا وضعت نفسها في هذا الوضع وأخذت على عاتقها هذا الدور. حزب الشعب الجمهوري ثبت دفته على هذا المسار، وأصبح عالقًا في عادات وأساليب النظام القديم التي أنشأتها مكتسبات عقود من الزمن.

حسنًا، ولكن هل مازال الاتحاد الأوروبي موجودًا؟ هل هو ثابت في مكانه؟ عندما ينظر الاتحاد الأوروبي وبريطانيا إلى هنا، هل ما زال يرى حزب الشعب الجمهوري وسياساته، أم أنه يرى واقعًا آخر، سياسة واقعية؟

لقد تغيرت الديناميكيات في تركيا، وحتى منذ وقت طويل، وتم القضاء على فكرة "العمل مع المعارضة" التي كان يروج لها بايدن، ولم يعد الاتحاد الأوروبي كما هو، ولم يعد فقط يدعم المعارضة التركية أو يسعى إلى تغيير السلطة، بل تحول إلى كتلة غامضة تبحث عن قشة تتشبث بها في حالة من الذعر، مدركة أن "سلطاتها نفسها" تتلاشى في "النظام العالمي الجديد". في النهاية، انتهت فترة الهيمنة الاقتصادية التي كانت تشكل جاذبيته، وعاد إلى سياسة "أوروبا المسلحة" التي تقوم على "إسناد الاقتصاد إلى الصناعات الدفاعية"، وهي الشرط الرئيسي للحرب العالمية الثانية، ووقع ضحية غدر "مرشده" الأكبر، الولايات المتحدة الأمريكية، ودخل في حالة من الاكتئاب بعد أن شعر بالخذلان. فهل أوروبا، التي لا ترى إلا تركيا وبريطانيا كجناحين قادرين على حمل جسمها الواهن ـ وربما لا تراهم حتى كذلك ـ ستكون مستعدة للوقوف إلى جانب إمام أوغلو أو حزب الشعب الجمهوري؟

في ضوء هذه الحقائق العالمية، إذا لم تفهم هذه التغيرات، وخرجت معلنًا "سأصبح رئيسًا للجمهورية" دون فهم هذه الحقائق أو معرفة بالسياق القانوني الحالي، فما هي النتيجة التي يمكن أن تحدث؟

عدم الفهم مرتبط مباشرة بـ"تحديد المسار". إذا لم تغير إطارات سيارتك "وفقًا للفصول"، فستبدأ سيارتك بالانزلاق. وعاداتك القديمة التي لا تستطيع التخلص منها ستجعلك تغرق في الوحل أكثر. وهكذا تكون نهايتك.

يفسر إمام أوغلو وأنصاره ما يحدث لهم على أنه مجرد ألاعيب سياسية يومية بسيطة. قد تجد ردود فعل قصيرة الأجل من جزء صغير من الجمهور، ولكن لا يمكنك الرد على ادعاء المتعلق بـ "تولي إدارة تركيا و"السيطرة على مستقبلها". هل يمكن لما يسمى "التوافق الحضري" أن يتعامل مع "التوافق العالمي" ودور تركيا فيه؟

ألق نظرة على سير الأحداث خطوة بخطوة، منذ دعوة أنقرة إلى "تطبيع العلاقات مع الأسد" حتى الآن. لا بد من وجود درس في دموع التماسيح التي ستأتي من أوروبا أو الغرب والإعلام بشكل عام بشأن العملية القانونية الجارية، وفي التذمر الخافت الذي سيسمع في لجان أو تقارير الاتحاد الأوروبي: "تركيا ارتكبت خطأً أيضًا". ولكن من الواضح أيضًا أنه لم يتم الحصول على شهادات من هذه الدروس.


#إمام أوغلو
#أوروبا
#تركيا
#حزب الشعب الجهموري
#الولايات المتحدة
#المعارضة