رغم إدراكه التغيرات العالمية.. حزب الشعب الجمهوري يصر على الأساليب القديمة

09:3226/03/2025, Çarşamba
تحديث: 26/03/2025, Çarşamba
نيدرت إيرسانال

يبدو أن تصريحات ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للبيت الأبيض للشرق الأوسط والذي يتولى أيضًا دور الوسيط في المفاوضات الروسيةالأوكرانية، وربما الملف الإيراني قريبًا، حول اللقاء بين الرئيسين أردوغان وترامب، تحمل في طياتها بشارات بمستقبل واعد. إذ يقول: "إن الرئيس دونالد ترامب ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، أجريا محادثة رائعة" وإن "أشياء إيجابية قادمة". ويرى ويتكوف أن اللقاء لم يحظَ بالتقدير الكافي: "وذلك بسبب تصدر قضايا اليمن، وإسرائيل وفلسطين، وروسيا وأوكرانيا للمشهد". والحق أن الصحافة التركية، وبشكل مفاجئ،

يبدو أن تصريحات ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للبيت الأبيض للشرق الأوسط والذي يتولى أيضًا دور الوسيط في المفاوضات الروسيةالأوكرانية، وربما الملف الإيراني قريبًا، حول اللقاء بين الرئيسين أردوغان وترامب، تحمل في طياتها بشارات بمستقبل واعد.

إذ يقول: "إن الرئيس دونالد ترامب ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، أجريا محادثة رائعة" وإن "أشياء إيجابية قادمة".

ويرى ويتكوف أن اللقاء لم يحظَ بالتقدير الكافي: "وذلك بسبب تصدر قضايا اليمن، وإسرائيل وفلسطين، وروسيا وأوكرانيا للمشهد".

والحق أن الصحافة التركية، وبشكل مفاجئ، تناولت هذا الخبر. بل إن البعض ذهب إلى أبعد من ذلك. كما ذكرت في مقالي "لماذا لا تدعم أوروبا إمام أوغلو؟"، 22/03، في صحيفة يني شفق). لكن قضية إمام أوغلو طغت على المشهد ومنعت تسليط الضوء على اللقاء بالقدر الكافي.

والسؤال الآن: ما طبيعة التحولات المرتقبة، وكيف ستحدث؟

ستشهد العلاقات التركية الأمريكية تطورات ملحوظة في الأيام المقبلة. ويندرج لقاء وزير الخارجية فيدان مع نظيره الأمريكي روبيو في هذا السياق. وسنتابع كل هذه التطورات، ولكن القضية التي نحن بصددها حالياً ليست هذه.

لقد حققت أنقرة توازنا دقيقا مع ثلاثة أطراف فاعلة رئيسية، حيث نجحت في إقامة علاقات مستقلة وديناميكية مع كل من الولايات المتحدة، وروسيا، والاتحاد الأوروبي وبريطانيا. وحتى بعض القوى العظمى لا تحظى بهذا الامتياز.

دعونا نفصّل الأمر.

أولاً: وفقاً لتقرير مؤسسة راند المعروفة بقربها من أوساط الاستخبارات والدفاع الأميركية:

أ) "تتمتع تركيا، التي تمتلك ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي، بأهمية استراتيجية للغرب، خاصةً بسبب قدرتها الإنتاجية السريعة ومنخفضة التكلفة في الصناعات الدفاعية، ودورها الحاسم الذي لعبته في الأزمة الأوكرانية.

ب) ينبغي على الناتو ألا ينظر إلى ميل تركيا إلى اتخاذ قرارات مستقلة على أنه مشكلة، بل على أنه "ميزة يمكن استغلالها في مواجهة التهديدات المشتركة مثل روسيا.

ج) لم يعد انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي خياراً واقعياً، وهذا الغموض يضر بالعلاقات.

د) سيكون من المفيد لحلف شمال الأطلسي أن يؤسس علاقته مع تركيا على نموذج شراكة مستقلة مماثل لسويسرا أو النرويج، اللتين ليستا عضوتين في الاتحاد الأوروبي ولكنهما تتمتعان بعلاقات وثيقة مع أوروبا.

هـ) يسعى الاتحاد الأوروبي، في إطار جهوده لتعزيز دفاعاته، إلى تطوير صناعاته الدفاعية، ويركز على الاستثمار بكثافة في الإنتاج المحلي، وتذليل العقبات التي تعترض التعاون. وعلى الرغم من أهمية هذه الاستثمارات داخلياً، يجب على الاتحاد الأوروبي أيضاً أن يتوجه إلى حلفائه خارج حدوده، فهناك شريك مهم يتم تجاهله بين هؤلاء الحلفاء وهو تركيا.

و) يجب على القادة الأوروبيين أن يتقبلوا حقيقة أن تركيا لن تكون حليفاً غربيا بالكامل كما يتمنون، وأن يقيموا علاقات مع تركيا كما هي. إن نهج العلاقات البراغماتية، حيث تحظى المصالح المشتركة بالأولوية على التوافق الأيديولوجي، هو الحل الأكثر واقعية.

ز) تتشكل السياسة الخارجية التركية بفعل رغبة قوية في الاستقلال الاستراتيجي. ورغم أن هذا الأمر يمثل تحدياً لقادة الناتو، إلا أنه يعني أن أنقرة لن تكون أبداً دمية في يد روسيا. وبدلاً من إجبار تركيا على الامتثال لخط الناتو، يجب على قادة الحلف تحديد المجالات التي تتلاقى فيها المصالح التركية مع الأهداف الغربية، مثل البحر الأسود وسوريا.


ثانيًا، وفقًا لمجلة "بوليتيكو" التي تقدم تحليلات دقيقة للسياسة الداخلية الأمريكية والاتجاهات العالمية:

أ) إن عودة إدارة ترامب إلى السلطة وزيادة الأهمية الاستراتيجية لتركيا هما من العوامل الدولية التي أكسبت حكومة العدالة والتنمية شجاعة وثقة أكبر.

ب) "على المستوى العالمي، خلقت عودة ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة بيئةً يشعر فيها القادة الاستبداديون في جميع أنحاء العالم بقوة أكبر. ومن الواضح أن الولايات المتحدة التي تعطي الأولوية للمصالح الجيوسياسية على حقوق الإنسان، لن تتخذ موقفًا حازمًا تجاه تركيا.

وتجدر الإشارة إلى أن الانتقادات الغربية الضعيفة التي طالت قضية أكرم إمام أوغلو، سواء من قبل وسائل الإعلام أو الساسة، تنبع جميعها من مصدر فكري واحد. فجميعهم من أنصار بايدن وهم يمثلون "العالم القديم".

ولكل من وسائل الإعلام خلفيات وانتماءات لا يمكن تجاهلها، فمقال "بوليتيكو" كتبه برلماني من حزب الشعب الجمهوري، مما يعكس بوضوح انحيازه إلى طرف معين في المشهد السياسي الداخلي التركي.

ورغم ذلك، فإن كلا الطرفين يرون التغيرات الجيوسياسية العالمية. وهذا ما نود التأكيد عليه. نقول إنهم "يرون" التغيرات، ولكنهم "لا يدركونها ويستوعبونها"، بدليل أنهم لا يزالون متمسكين بالأساليب القديمة عند طرح الحلول. فهم يرون أن العالم يتغير ولكنهم لا يدركون أن "الدعوة إلى الشارع" هي بمثابة الرقص على جثة إكرم إمام أوغلو السياسية، ليس باليد حيلة.

إن التحولات التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على المشهد الدولي أدت إلى إعادة ترتيب الأولويات، ودفع الدول المختلفة إلى التكيف مع نهجه. هذا التحول منح تركيا ميزة استراتيجية كبيرة، حيث استطاعت أن تستغل فترة الركود في العلاقات الثنائية خلال عهد جو بايدن كفترة تحضيرية، مما وضعها الآن في موقع متقدم لتحقيق مكاسب استراتيجية، لا سيما في ظل احتمال التقارب الروسي الأمريكي، الذي كنا نعتقد أنه سيعقد الأمور.

ومع تغير المعادلات في سوريا، بات الغرب بحاجة إلى التعاون التركي لتحقيق التوازن في مواجهة النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط. ومن هذا المنطلق، فإن تحييد التنظيمات الإرهابية لا يمثل فقط هدفًا أمنيًا لتركيا، بل يُمكن فهمه أيضًا في إطار سياسة إدارة ترامب الرامية إلى تعزيز موقع أنقرة، والمشهد يتكرر مع روسيا أيضاً. واشنطن التي تتردد في لعب دورها الأمني بأوروبا، لا تعترض على المساهمة التركية. وبريطانيا على نفس الخط. هذه رؤيتهم طبعاً، لكنها تمنح أنقرة هامشاً أوسع للمناورة.

سبق أن كشفنا هنا مؤخرا عن عمق العلاقة بين أنقرة وترامب. هناك تناغم وإيقاع بدآ حتى قبل انتخاب ترامب. وهذا إنجاز بحد ذاته، ولكننا لا نعلم بعد مدى عمق هذا التنسيق.

وأخيراً الملف الإسرائيلي؛ أليس صمت إدارة ترامب بشأن التوتر في العلاقات التركية الإسرائيلية مثيراً للاهتمام؟ خاصةً في الوقت الذي تتناول فيه الصحافة الإسرائيلية هذا الموضوع بشكل مكثف، وفي الوقت الذي يعقد فيه نتنياهو اجتماعاً للأمن القومي بشأن النفوذ التركي في سوريا.

وربما يكون من المفيد الإصغاء إلى تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الذي قال بوضوح: "لا نريد مواجهة تركيا في سوريا أو في أي مكان آخر.

#حزب الشعب الجمهوري
#تركيا
#أكرم إمام أوغلو
#ترامب
#أنقرة
#أمريكا
#الناتو