|
في وداع سلالة نظام الملك

شهدت مدينة حيدر أباد، إحدى أكبر مدن الهند، مراسم جنازة كبيرة جدا الأسبوع الماضي. حيث شُيع مكرم بركات شاه، آخر ممثل لسلالة نظام الملك، السلالة التي حكمت دولة حيدر آباد لمدة 224 عاما. توفي بركات شاه في إسطنبول ونقل جثمانه إلى المدينة التي كان أسلافه يحكمونها.

مكرم بركات شاه، الذي كان أحد أغنى الرجال في العالم، هو حفيد السلطان العثماني الأخير عبد المجيد أفندي من والدته درَّ الشهوار. كانت حياة مكرم بركات شاه المتنوعة التي قدمت الكثير من المواد للصحافة، أشبه بفيلم مغامرات يوثق أحداث عائلتين مهمتين في العالم الإسلامي.

تأسست دولة حيدر أباد سنة 1724 من قبل نظام الملك آصف خان، الذي أعلن استقلاله بدولته عندما كان حاكمًا ضمن إمبراطورية المغول.

كان عثمان علي خان آخر حكام سلالة نظام الملك، السلالة الحاكمة لدولة حيدر آباد، التي استمرت حتى عام 1948، والتي انهارت بعد أن ضمت الهند حيدر أباد.

اعتلى عثمان علي خان العرش عام 1911 وحكم حيدر أباد لمدة 37 عامًا، وهو لم يكن مشهورًا بثروته الشخصية وقصوره فحسب، بل بكونه شخصية طورت الدولة والأراضي التي حكمها بمساعدة بريطانيا.

واصل عثمان علي خان اتباع سياسة التعاطف مع الدولة العثمانية التي انهارت، وأولى اهتمامًا كبيرا بالسلطان العثماني الأخير عبد المجيد الثاني، وكان يدفع له راتبًا شهريًا قدره 300 جنيه.

علاوة على ذلك، أنشأ صلة قرابة بين العائلتين من خلال تزويج ابنه الأكبر الأمير أعظم جاه بابنة عبد المجيد الثاني درَّ الشهوار.

ولد مكرم بركات شاه في مدينة نيس الفرنسية عام 1933، وكان ثمرة هذا الزواج. تلقى بركات شاه تعليمه في أكثر المدارس تميزًا في لندن واختير خلفًا سياسيًا لجده عثمان علي خان.

تولى مكرم بركات شاه، رئاسة سلالة نظام الملك بعد وفاة جده عثمان علي خان عام 1967، وورث ثروة طائلة أيضا عن جده.

وعلى الرغم من أنه فقد ألقابه تمامًا بعد التعديل الدستوري الذي أجرته الحكومة الهندية في عام 1971، إلا أن مكرم بركات شاه كان يحافظ دائمًا على سمعته.

تزوج بركات شاه خمس مرات طوال حياته وفقد جزءًا كبيرًا من ثروته بسبب دعاوى الطلاق والتعويض والنفقة، ثم استقر في إسطنبول بعد أن عاش في أستراليا بين عامي 1972-1996، وقضى السنوات الأخيرة من حياته يصارع الأمراض بعيدا عن الأنظار.

دُفن جثمان مكرم بركات شاه في مسجد مكة في مدينة حيدر آباد بناء على وصيته. يعد مسجد مكة أحد الأعمال التراثية للمدينة، الذي تم الانتهاء من بنائه عام 1693 من قبل السلطان أورنكزيب آخر سلاطين مغول الهند. وهناك العديد من شخصيات عائلة حيدر أباد مدفونة في المسجد. والسبب في تسمية مسجد مكة لأنه بُني من تربة جلبت من مكة المكرمة.

انفصل الأمير أعظم جاه عن زوجته درَّ الشهوار في عام 1954. وفي نفس هذا العام، حدث تطور هام بالنسبة للسلطانة درَّ الشهوار، حيث تم حل مشكلة مكان دفن والدها عبد المجيد الثاني، الذي توفي بمدينة باريس في 23 أغسطس 1944، وبعد عملية التحنيط تم نقل الجثمان الذي تم الاحتفاظ به في مسجد باريس لمدة 10 سنوات، إلى المدينة المنورة حيث دُفن في مقبرة البقيع.

كانت درَّ الشهوار، تقدم بشكل مستمر طلبات لدفن والدها في جمهورية تركيا لكنها لم تحظى بالقبول. وعلى الرغم من أن موهبة إينونو زوجة عصمت إينونو قبلت الطلبات شخصيا، إلا أن در الشهوار لم تتمكن من دفن والدها في إسطنبول.

كان الاستياء في قلب در الشهوار عميقا لدرجة أنه بعد وفاتها في 7 فبراير/شباط 2006 ، أوصت بدفنها في لندن لأنها لا تريد أن تدفن في تركيا.

السلطان العثماني الأخير ولد في إسطنبول كابن سلطان، ثم توفي في منفاه بباريس ودفن في المدينة المنورة.

الأميرة در الشهوار ولدت في إسطنبول كابنة سلطان، ثم تزوجت من أمير هندي عندما كانت تعيش في المنفى مع والدها ودفنت في لندن.

وابن هذه الأميرة مكرم بركات شاه الذي ترعرع في فرنسا، وتوفي في إسطنبول وطن والدته وأرسل جثمانه ليدفن في وطن والده بمدينة حيدر آباد.

لقد قمت بسرد سهل ومتسلسل لتعاقب هذه الأحداث، لكن إذا نظرنا بتمعن سنلاحظ بالتأكيد العديد من المشاهد المثالية العميقة العالقة بين هذه السطور.

#حيد آباد
#مكرم بركات شاه
#السلطان عبد المجيد الثاني
#نظام الملك
#الهند
1 yıl önce
في وداع سلالة نظام الملك
إبادة غزة.. المهمة الحضارية الجديدة لبريطانيا والولايات المتحدة
هل رؤية حزب الشعب الجمهوري للجامعات تتفق مع رؤية تانجو أوزجان؟
أولياء بخارى
المجلس السياسي لحزب العدالة والتنمية لربع قرن
دروس وعبر من الانتخابات