|
في الطريق إلى تركيا جديدة...

علي صايدام | يني شفق

استمعت بإنصات إلى رئيس حزب العدالة والتنمية ورئيس الوزراء السيد أحمد داود أوغلو. دوّنت الملاحظات...

لأنهم سيسألونني عن نظرتي حول ذلك في محطة التلفزة "إن تي في" أولا وبعدها في محطة القناة 24...

لذلك كان علي الحرص على أن لا يفوتني شيء...

تكوّن حديث رئيس الوزراء من قسمين. القسم الأول وكعادته في كل مرة بهر الموجودين في الصالة من بلاغة حديثه كأستاذ (بروفيسور). لكن في القسم الثاني، عندما بدأ يلخص الإعلان الانتخابي لحزبه والمكوّن من 350 صفحة، ولم يكن سهلا اختيار الجمل والتعبير من خلالها بشكل عميق لمحتوى للإعلان ذي الزحم والمليء بالمعاني العميقة.

لذلك كم كان هناك من أشياء مثيرة وتقارير ثابتة ومهمة. مثلا كان هناك مطالب تاريخية وهي بحد ذاتها قضية كبيرة بالنسبة لعقد الاتفاق من أجل تركيا الجديدة... بعدها، هناك هدف كبير وهو" فتح عهد جديد من أجل الإنسانية"؛ ليس من أجل تركيا وحدها؛ بل فتح عهد جديد من أجل الإنسانية جمعاء... شيء رائع جدا... هو الشعور بحمل أمانة ميراث المقومات الثقافية للإمبراطورية والعمل في ظلالها...

لنتابع: "المشروعية للسياسة الحديثة"، "حق المواطنة العادل" (لنبيّن هنا أنه يشير بشكل غير مباشر لمسألة المصالحة الوطنية مع الأكراد)، "العمل على تحضير دستور مدني يكفل مبدأ الحريات والمساواة"، " مفهوم الشعب آمر، والدولة مأمورة" الخ...

إن أكثر قول أثر فينا نحن: إن مسألة تغير الأنظمة في السياسة هو حسب تغيّر "الإنسان، الزمان والمكان"...

ذاتا داود أوغلو، حاول أن يربط كل جهوده في حياته بمسألة العمل بموجب عقد الاتفاق من أجل تركيا حديثة وما يرافقها من جهود حول التغيير والاقتراحات حولها، بما فيها النظام الرئاسي والدستور. وهذا الأمر يلبي حاجة جميع أفراد المجتمع المحبين لوطنهم الذين يواكبون متطلبات التطور على ضوء مجتمع المعلومات.

إن النقطة التي أجمع عليها كل المعلقين هي النقطة التي أشار إليها مساعد رئيس الحزب والمسؤول عن البرنامج الانتخابي لحزب العدالة والتنمية مصطفى شان طوب، وهي أن انتخابات 7 حزيران / يونيو ستكون مختلفة جدا ومفصلية...

فحزب العدالة والتنمية يدخل الانتخابات في هذه المرة من دون السيد أردوغان، وكان الحزب قد تغلّب في حل الكثير من مشاكل البنى التحتية للاقتصاد، وفي هذه المرة سيطلب أصوات الشعب من أجل التغيير الكبير في المسائل الكبيرة للبلاد.

هكذا كان القسم الثاني من حديث رئيس الوزراء معظمه كان مركزا وتشعب الحديث فيه وأسهب بشكل راقٍ. لو كان هذا الحديث داخل الحزب لما كان له كبير وزن، ولكنه كان ينقل بشكل مباشر عبر كل القنوات التلفزيونية، ويتابعه جمهور الناخبين جميعهم ما ورد فيه من رسائل...

في هذه الأثناء تجدر الإشارة إلى أن انتقاد السيد رئيس الوزراء لحزب الشعب الجمهوري في القسم الأول كان موفقا فيه بشكل كبير. وتطرق السيد داود أوغلو إلى هدف المعارضة في الحصول على نسبة 35% وإصرارها على بقائها في المعارضة داخل مجلس الشعب حيث استثمره بشكل ممتاز. وطاف بخصوص ذلك على ما يدور حول استعانة حزب الشعب الجمهوري بخطة خارجية في الانتخابات، وذلك باعتماده على فريق أوباما الانتخابي المتمثل بمجموعة بنانسون للتخطيط... (ولينصت علي طاران إلى هذا)-على طاران هو واضع شعار حزب الشعب الجمهوري الانتخابي والذي يقول فيه "نحن جميع الشعب نصفق لحزب الشعب الجمهوري-.

إن أول ما يقفز إلى الذاكرة هنا هو كيف تكبّد حزب الوطن الأم هزيمة نكراء في الانتخابات التي استعمل فيها شعار "القوة الخفية" التي ابتكره الإعلاني الشهير "ساجويل" في الانتخابات التي فاز فيها "ميتيران" في رئاسة فرنسا كما يُدّعى... وطبعا يحصل هذا الأمر من خلال التواصل في ظل الشعور الروحي المشترك للشعب، ولا يتقن ذلك إلا أمثال هؤلاء...


نتحدث هنا بشكل نادر عن أعمال الإعلانات. قليل من الناس من تثيره هذه الأمور، ويطمح لمثل هذه الأعمال. مثلا أحاول تجميع الإعلانات العقارية خلال السنتين الأخيرتين. يوجد مئات منها... كلها تقريبا تشبه بعضها. لو استثنينا منها إعلانات "علي آغا أوغلو" (أكبر شركة عقارات في تركيا)، نرى أن جميعها تكاد تكون واحدة، وفي حالة ما ذكرنا أسماءها فإننا لا ندري أي شعار يخص واحدة منها وما يريد فيه صاحبه...

ولكن يوجد أمثلة مفيدة في ذلك... هناك إعلانان مثيران لنا أكثر من غيرهم ولا ندري حتى الآن إن كانا قد وصلا لأهدافهما أم لا...


الأول منهما وهو الأهم ما يمكن إطلاق عليه اسم مهارة التواصل وما يؤثر في توضيح جدول الأعمال. وهو إعلان قام المسؤولون في الحكومة بتحضيره بمهارة فائقة، والذي يعكس ما يتردد في وسائل الإعلام من وجود ضرر في كل ما تقوم به الحكومة من إجراءات مع تفنيد ذلك وتوضيحه بأسلوب مبتكر، فمثلا يمكن مناقشة هذا الأمر دائما.


توضيح جدول الأعمال يعد بمثابة قطع راكون-حادثة خطرة-. وهذا معناه أن الأمر ليس سهلا. فالمعلومات التي عند راكون، ينظر فيها إلى الثقة التي تولدها تجاربه، وإلا تُعد جميع المحاولات عبارة عن اقتناص الفرص. مما يعني أن القضية تقف على حدّ السكّين. الأهم في الأمر أن المتصدي لهذا قد خاطر في الأمر، وحسب ما شاهدناه فإن حزب العدالة والتنمية سيتغلب في الانتخابات بشكل سهل جدا...

ثانيهما، حملة الإذاعة الكبيرة... ويعرض في الإذاعة ما يعرض على التلفاز من إعلانات وتجهز بحجم أعرض، وبشكل حساس ومؤثر... وتحملنا ذاكرة الإذاعة في وسائط نقلنا إلى أول 6 محطات... والباقي يكون في عهدة منظمين الإذاعة. لننظر ما إذا كان سيؤثر على توازن الوعود والثقة بيننا...


يبقى مدى جدوى الوعود ومدى مصداقيتها. وهذا هو الأمر الأصعب. فلو فقدنا طرف الخيط، ولم يتحقق التوازن بين الوعود والثقة، فسيفقد الإعلان كردة فعل جميع المميزات المؤثرة... مثل الوعود السياسية تماما...


9 yıl önce
في الطريق إلى تركيا جديدة...
واجب الجامعات تجاه غزة
أمواج "طوفان الأقصى" تثور في الجامعات الأمريكية
ميزان الضمير
صمود غزة ورحلة إحياء مدرسة الوعي الحضاري
الطلاب المؤيدون لفلسطين يُعيدون الأمور إلى نصابها