|
لقد رأينا هذه اللعبة: هذه حملة دفاع عن تركيا!

كذب من يروج لنا فكرة أن التطورات في شمال العراق هي مسألة تخص بارزاني وحده، وكذب من يروح لفكرة أنه قضية بين الأتراك والأكراد، وكذب من يخفي خطورة الوضع ويقول "لماذا تبالغون هكذا؟" ويدعي أن "بارزاني شيء وبي كا كا وبي يي دي شيء آخر"، وكذلك من يقول "علينا ألا نسمح بإضعاف المقاومة السنية" في شمال العراق لمواجهة المدّ الإيراني.


إن من يقولون إن الاستفتاء "لا يمثل تهديدا لتركيا" يحاولون تضليل الرأي العام من جديد بأكاذيب كتلك التي روجوا لها لخداع الشعب التركي في عين العرب (كوباني). إنهم يراوغون الرأي العام مجددا بالأكاذيب كما راوغوا من قبل بينا ممرا إرهابيا كان يتشكل في شمال سوريا ليحاصر تركيا. إنهم يضللون الرأي العام ويحاولون كسر رد الفعل القومي وإضعاف الأرضية التي تقف عليها الدولة. إن من يريد كل هذه الأمور هم المتورطون في الهجوم الدولي الذي شهدته تركيا يوم 15 يوليو 2016 بشكل واضح وصريح، إنهم يفعلون هذا الأمر لتمهيد الطريق أمام موجة جديدة من التدخل.


من يحاولون إسكاتنا يلعبون لعبة كبيرة

إن من يحاولون إسكاتنا يلعبون لعبة كبيرة في وقت ظهر فيه للعيان أن التدخل الدولي الجديد سيأتينا من الجنوب، من شمال العراق وسوريا، وطرحت فيه مخططات معاهدة سيفر جديدة على الطاولة، وصارت تحالفات "تقزيم الدول" معلنة وصريحة، ورسمت فيه خريطة مشتركة من خلال بارزاني وبي كا كا، ويجري فيه تشكيل "حامة أجنبية" جديدة في قلب المنطقة للمرة الأولى منذ تأسيس إسرائيل، وتمركزت فيه الجيوش الأجنبية حتى النقطة صفر من حدودنا، ويعلم فيه الجميع أن الخطوة التالية ستكون تشكيل "جبهة تركيا"، ويجري فيه عمليات نهب وتقسيم كبيرة في المنطقة.


لن ينخدع ورثة هذا التقليم بتلك المخططات

إننا ورثة تقليد سياسي يدرك البعد الجغرافي الذي يتخطى القضايا العرقية والمذهبية. إننا ننحدر من تقليد سياسي يعرق جيدا الحرب العالمية الأولى وحروب غزة وحرب القناة وكوت العمارة وكيف سقطت القدس وكيف جرى تنفيذ مشاريع "الشرق الأوسط الإنجليزي" وماهية الخرائط التي يرسمونها بمهارة على الطاولة ومن خان وكيف فعل فعلته.


لسنا عديمي الخبرة أو المعرفة أو الأفق، ولسنا جهلة بقراءة العالم وخرائطه. لا زنال نتذكر الصدمات التي عشناها في القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين. لدينا إدراك يمكننا من فهم كيف خططوا لتلك اللعبة وكيف وضعوا حسابات "الشرق الأوسط الأمريكي" واستغلوا من لتنفيذها وكيف أطلقوا عناصرهم من داعش وبي كا كا لتنفيذ تلك المخططات الاستعمارية وماذا حدث بعد كل هذه الحروب المهلكة.


إما سنكبر أو سنصغر..

لو نفعل شيئا اليوم، الآن، فورا، بالرغم من كل جهود التضليل والعراقيل والخيانات، عيلنا أن ندرك أننا سنفوت فرصة تاريخية لن تعود، وإنهما لن يتوانوا عن أن يجعلوننا نتناقش حول مستقبل تركيا، بالضبط كما أجبرونا على مناقشة مستقبل العراق.


لقد كتب التاريخ السياسي منذ عهد الدولة السلجوقية بهذا الوعي وتلك الهوية وهذا النوع من الأفكار. ولقد واصلت الدولة العثمانية حياتها على مدار قرون من خلال تلك الفكرة والبصيرة. ولهذا فإن رد الفعل هذا يقبع في داخل مقاومة الأناضول وأساس جمهورية تركيا. وفي أعقاب مقاومة الأناضول التاريخ اليوم أمام إما نهضة جديدة أو فناء إلى الأبد. فتركيا أما ستكبر أو ستصغر.


قراءتهم للجغرافيا ترشدنا

نحن اليوم أمام خيار وقرار مماثلين. ولقد حافظنا على بقائنا في تاريخ المنطقة الممتد لألف عام لأننا اتخذنا هذه القرارات الحاسمة دائما في الوقت المناسب. فلو أردنا مواصلة ذلك علينا أن نتخذ قرارات، حتى لو كانت حرجة، نحو تدفق سير التاريخ، دون أن ننظر يمنة ويسرة. ولهذا فيجب علينا ألا نربط قضية كبيرة كتلك فقط ببارزاني وحساباته والحسابات العاطفية لبعض الأوساط داخل تركيا.


بل على العكس تماما، علينا أن نحذر جيدا مؤامرات الدولة المركزية التي تتدخل في المنطقة وحساباتها للقرن الحادي والعشرين التي تستهدف المنطقة برمتها ومخططات الراغبين في إيقاف تركيا وإعادة حبسها في الأناضول ومخططاتهم لتقزيمها. فخطوات وقرارات كهذا تعتبر مسؤولية تاريخية بالنسبة لنا.


ربما يكون الموقف السياسي للقادة العظماء مثل ألب أرسلان وقيليتش أرسلان والفاتح وعبد الحميد ووجهات نظرهم وقراءاتهم المستقبلية في اللحظات الحاسمة في التاريخ مرشدا لنا في هذا الطريق.


ماذا يقول أردوغان لتركيا والعالم؟

نعم، يتحدث الرئيس أردوغان عن هذا المناخ وذلك العمق: يحكي كيف تهدد ويمكن أن تهدد تلك اللعبة تركيا من خلال شمال العراق. يقول إن القضية ليست قضية بارزاني فقط، بل إن هناك مساع لحصار تركيا من خلال سوريا والعراق وإن هناك موجة احتلال جديدة تهدد جميع الدول بما فيها تركيا. ويشير إلى أنه يفطن إلى الخطوة التالية لتلك اللعبة ويضيف "سنفسد تلك اللعبة، علينا أن نفسدها".


إنه يحاول أن يقول شيئا إلى تركيا والعالم مستندا إلى هذا العقل السياسي العميق وذلك التقليد السياسي للدولتين السلجوقية والعثمانية والجمهورية التركية. إنه يقدم إشارات تعتمد على القرارات القوية والعقل السياسي في لحظات التحولات التاريخية الكبرى.


يظهر لنا أن القضية الكردية والسيناريو الذي يروجون له بيننا على أنه "أحلام بارزاني" هو أكبر من ذلك بكثير، وأن هناك تصميم خريطة يشمل كذلك أراضي تركيا، أن خرائط جديدة طرحت على المنضدة عقب الحرب العالمية الأولى، وأنه فطن وأحس بأن الأمر وصل إلى مرحلة "إيقاف تركيا".


أردوغان يتحدث فيطلقون فورا هجمات مضادة

عقب خطاب أردوغان مباشرة تحرك إحدى الأيادي أصحاب النفوذ داخل تركيا. إنها عملية متقنة لتحوير هذا الخطاب وإخفاء التهديد وتضليل الشعب.


يطلق كل واحد فكرة ما، وكأنا الجميع يتسابقون من أجل تفريغ محتوى كلمات أردوغان. إنهم يعلمون الناس الغباء تحت مسمى التأني، يمارسون أنشطة تجسسية لصالح النفوذ تحت مسمى الخبرة، يظهرون أمامنا بمقترحات براقة وكلمات حكيمة تحت مسمى إنار الطريق أمام تركيا.


عملاؤهم في عالم السياسة والإعلام والأعمال

يفكر بعضهم بمصالحه الشخصية، بينما يفكر آخرون بمصالح رؤسائهم في أوروبا وما وراء البحار. يشارك بعضهم في اللعبة من خلال ردود أفعال عرقية، والبعض الآخر بردود أفعال عنصرية مخفية تحت هويات "إسلامية" و"محافظة".


لقد بدأ عملاؤهم في عالم السياسة والإعلام والأعمال ومنظمات المجتمع المدني والدولة والمجال المدني، بتناغم وتنسيق عجيبين، يفشلون ما تفعله تركيا وتحولها التاريخي ورد فعلها القومي.


إن المحتلين في الداخل يتحدون تحت راية التهديد القادم من الجنوب، يحاولون دعم السيناريو الدولي الذي يجري التخطيط له من خلال بارزاني وبي كا كا / بي يي دي، ويسعون لمواصلة سلسلة التدخلات في المنطقة.


لقد رأينا هذه اللعبة وما بعدها...

لقد رأينا هذه اللعبة وذلك الخطر وما بعدهما، لاحظنا الطرق التي لجأ إليها من يسعون لتغميم أعيننا، ولهذا فإن هذا الأمر يعتبر دفاعا عن تركيا، سعي من أجل تشكيل وعي وطني، محاولة للفت الانتباه إلى "الاحتلال الداخلي" و"التهديدات التي تأتي من الداخل".


إن هذا الأمر هو تحذير في مواجهة تحول القومية العرقية، التي تروج بيننا تحت مسميات إسلامية، إلى سلاح من أجل الحسابات الإمبريالية، في مواجهة حسابات الاحتلال الدولي. ولهذا فإننا لا نناقش شمال العراق أو وحدة العراق، بل مستقبل تركيا. إننا ننظر إلى الأمام ونحدد موقفنا بناء على هذا.


ولن يستطيع أحد أن يمنعنا من إثارة هذا النقاش أو إثنائنا عن السير في هذا الطريق.

#اللعبة
٪d سنوات قبل
لقد رأينا هذه اللعبة: هذه حملة دفاع عن تركيا!
انهيار مشروع الإرهاب التوسعي
الخنازير لا تتغذى على الكتب المقدسة
لا مفر من حرب عالمية
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة