تستعد إسرائيل للهجوم على جنوب لبنان في أي لحظة، كما هناك احتمال أن تقتحم السعودية اليمن في اللحظة نفسها، فيما يمكن لإيران، بشكل سيقلب الحسابات رأسًا على عقب، أن تحرض حزب الله على مهاجمة إسرائيل قبل أن تستطيع هذه الأخيرة الهجوم على لبنان. وربما نشهد هجومًا إماراتيًّا على قطر بشكل متواز مع السعودية وإسرائيل.
ربما نشهد انتشار المعارك على العديد من الجبهات من محيط البحر الأحمر غربًا إلى الخليج العربي شرقا. لبنان في الغرب، اليمن في الجنوب، قطر والإمارات في الشرق؛ إذ يمكن للإدارة السعودية الجديدة التي تنفذ حملة تصفية في الوقت الحالي أن تحاط بالنار من جبهات ثلاث، وربما تتحول المنطقة المحيطة بالجزيرة العربية إلى حريق كبير.
لقد خططوا للعبة كبيرة وبدأوا تنفيذها، فنحن أمامها واقع محزن ومقلق. لقد وضعوا اللعبة ووزعوا الأدووار على العناصر والقوى المحلية والإقليمية. لقد ضبطت الساعة في الرياض، وأنتم لا تزالون تعتقدون أن ما يحدث هناك عبارة عن قضية فساد أو صراع على العرض أو المال.
لا تزالون تظنون أن ما يحدث في السعودية محاولة من الأمير محمد بن سلمان لتصفية الكوادر القديمة وتشكيل نخبة سعودية شابة، وتعتقدون أنه شيء مقتصر على مصادرة نحو تريليون دولار كثروة من ألقي القبض عليهم.
لا شك أن كل هذه الأمور موجودة داخل الجلبة التي نشهدها منذ أسبوع؛ إذ تجري عملية تصفية للإدارة السعودية التقليدية ورجال الأعمال وكل من يعارض الولايات المتحدة وإسرائيل والحروب الإقليمية.
نشهد عملية تصفية لكل من لا يريد حدوث صراع بين السعودية وإيران، كل من لديه إمكانية مقاومة إعادة رسم ملامح المنطقة لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل.
أنا متأكد أن قائمة التصفية التي قامت بها الإدارة السعودية الجديدة هي صناعة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية، بالضبط كما حدث أيام انقلاب 28 فبراير 1997 في تركيا، وبالطبع كما حدث أيام مزاعم الفساد التي وقعت في تركيا بتاريخ 17 – 25 ديسمبر 2013 ومحاولة تنظيم غولن الإرهابي تنفيذ انقلاب صيف العام الماضي.
لكن هناك شيء آخر وراء كل هذه الأحداث يجب أن نقلق ونخاف منه، ألا وهو أن الغرب يخطط لتدمير المنطقة بأسرها، ولهذا فإنه شكل ملامح اللعبة الجديدة وفق مخطط التدمير هذا. فالحروب والأزمات لن تقتصر بعد اليوم على الدول والأقاليم، بل سيروجون للأزمة الجديدة في صورة عاصفة ستعصف بالمنطقة بأسرها.
إنهم يعيدون تشكيل سياسات الإدارة السعودية من أجل جر المملكة إلى حرب مع إيران. ولهذا فهم يقصون كل من يعارض أو يمكن أن يعارض هذا السيناريو. فالولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل قد أخذوا الرياض كرهينة، وسيجربونها على مهاجمة لبنان بالتعاون مع تل أبيب، ثم سينسجون جدران تلك الجبهة.
إن الجبهة التي شكلتها الولايات المتحدة وإسرائيل بين مثلث الإمارات والسعودية ومصر ستدمر المنطقة بأسرها، كما أنه ستدفع السعودية للانتحار والدمار.
لقد شكلوا هذه الجبهة بالكامل من أجل تصفية الحسابات مع إيران، لكنهم سيسعون لتصفية القوى المتعاونة مع إيران في لبنان واليمن قبل الوصول إلى طهران. سينتقمون من قطر التي يؤمنون بأنها تتعاون مع إيران وتخون العرب. وأما الخطوة التالية فستشهد نشوب حرب سيمنع خلالها لأن تكون لتلك القوى أي أذيال أو أتباع.
أريد منكم أن تسجلوا ملاحظة مفادها أن احتلال العراق والحرب في سوريا والصراعات في اليمن لا تعتبر شيئا إذا ما قارناها بالأزمة الكبرى وسيناريو الحرب الإقليمية الجديدة؛ إذ إننا أما مساع لنقل الحرب إلى قلب الإسلام من خلال التحرك على مستوى عدة جبهات من البحر الأحمر غربا إلى الخليج العربي شرقا.
هذه ليست معركتنا، ليست حربا بين السنة والشيعة، ليست حربا بين الأتراك والعرب والعجم، بل إنها واحدة من أعتى المعارك بعد الحروب الصليبية والحرب العالمية الأولى.
علينا أن نقاوم هذه العاصفة دون أن نأخذ بعين الاعتبار هوياتنا العرقية والمذهبية والخلافات التي بيننا. لأن هذا المشروع ليس مشروعنا، بل مشروع كبير وضعته واشنطن وتل أبيب لتمزيق المنطقة ونهب ثرواتها. ولدق بدأوا بالفعل تنفيذ هذا المشروع.
لقد طلبت السعودية من رعاياها مغادرة لبنان فورا، وأما إسرائيل فتنفذ مناورات عسكرية هجومية منذ أيام، فيما يسحب حزب الله وحداته من سوريا إلى لبنان، وكذلك فإن الحوثيين بدأوا إخراج صواريخهم من المخازن.
لو لم يرفع أحد صوته من أجل إفشال هذا المخطط ولم يقف في مواجهة الإمارات ومخططات أمريكا وإسرائيل، فستشهد المنطقة أزمة إقليمية خانفة.
سيتذكر الجميع أن السعودية ستكون هي الخاسر بسبب هذا المخطط الذي وضع خصيصا للنيل منها. لكن – في الوقت نفسه – ستخسر المنطقة بأسرها، وربما لن تبقى أي دولة دون أن تتأثر بالأزمة الجديدة.