|
تشكيل خطوط "المقاومة الشرسة" في "محور تركيا"
ماذا تحكي لنا الفتاوى السعودية التي لا تجيز الحرب ضدّ إسرائيل والتصريحات السياسية الإماراتية التي تقول "إسرائيل والولايات المتحدة شقيقتانا" والمبادرات الخائبة لرجال الدين الذين يقولون "نعيد تنظيم شؤون المنطقة بالتعاون مع واشنطن"؟







وماذا تروي لنا الشراكة الاستراتيجية العربية – الإسرائيلية، التي يزعم أنها ضدّ إيران لكني أؤمن بأنها ضدّ المنطقة بأسرها، والتعاون الاستخباراتي بين تل أبيب والرياض ومخططات التحرك العسكري وتحديد الدول المستهدفة المشتركة؟


وماذا يقول لنا التكتل الذي يحاولون الترويج له من خلال الإمارات ويظهر كأنه جبهة جديدة على خط الإمارات – السعودية – مصر ويحاول ضمّ الأردن والعراق وفلسطين كذلك لكنه مبني بالكامل على المخططات الأمريكية والإسرائيلية الاستعمارية الهادفة للنيل من المنطقة؟


لن يفلح تهديد الناتو والهجمات الاقتصادية

عندما فشلت الولايات المتحدة، بالتعاون مع محور إسرائيل – الإمارات السعودية، في تزويد جميع التنظيمات الإرهابية المعادية لتركيا بالسلاح في شمال سوريا والعراق وحصار تركيا من شمال سوريا والهجوم عليها من خلال منظمة غولن الإرهابيّة يوم 15 يوليو 2016، بدأت إطلاق هجمات عنيفة ضدّ تركيا من خلال تنظيمي بي كا كا وداعش الإرهابيين. فكروا معي بالأمر.


فلنفكر سويا في استهدافهم لجميع النقاط الحساسة لدى تركيا مؤخّرًا من خلال الناتو بغية التقليل من شأنها ومحاولاتهم الرامية لتحريض الحلف ضدّ أنقرة ورغبتهم في جعل تركيا تواجه عداوة الناتو والولايات المتحدة واستهداف مقدراتها بشكل مباشر وليس من خلال التنظيمات واستصدار القرارات من خلال لوائح الادعاء المفبركة والاستعداد لشن هجمات اقتصادية ضدّ تركيا.


الدولتان السلجوقية والعثمانية والجمهورية التركية: هذا هو السبب الأساسي للصراع مع واشنطن

فكروا مرة ثانية بتطوير تركيا لأساليبها الخاصة من أجل الدفاع الذاتي في مواجهة كل هذه التطورات وبحثها عن تحالفات جديدة وشعورها بالتهديدات وإقدامها على الاستعداد للدفاع بشكل عاجل وعدم تراجعها وتحديها للتهديدات التي تواجهها وامتلاك هذا التحدي لدعم اجتماعي قوي.


فكروا مرة ثانية بخروج تركيا من تحت وصاية القرن العشرين وانتقالها مرة ثانية إلى السير في طريقها التاريخي وإعادة تأسيسها لنفسها وفق استمرارية الدولتين السلجوقية والعثمانية والجمهورية التركية وتفعيلها لجيناتها السياسية المشكلة للتاريخ ورفضها لأن تكون جزء من أي جبهة وإطلاقها مرحلة جديدة من النهوض لتحجز لنفسها مكانا بين الدولة المركزية. تأملوا معي تغير خرائط القوى بعدما نهض الشرق في وقت انحدر فيه الغرب، وانتقل فيه الثقل السياسي والاقتصادي نحو الشرق، وقرأت فيه تركيا هذا التغير وحددت موقفها وفق حساباتها المستقبلية. فكروا في أن هذا التغير هو القضية الأساسية مع الولايات المتحدة، وأنّ تركيا بدأت ترفض الالتزام من طرف واحد.


بي كا كا وداعش وغولن: القوى الاستطلاعية للصليبيين

فكروا بأن هذا الصراع مستمر منذ زمن الحروب الصليبية، وأن هذا البلد الذي مزق مع الحرب العالمية الأولى ووقع تحت السيطرة بدأ مؤخّرًا ينجو بنفسه من براثن هذا الأسر المرتبط بتصفية الحسابات التي يرجع تاريخها لألف عام. لا تنسوا أبدا أن سبب الصراعات والتهديدات التي نواجهها اليوم واستهدافهم لنا من خلال بي كا كا وداعش ورغبتهم في ضربنا من الداخل من خلال منظمة غولن الإرهابيّة هو تصفية الحسابات الكبرى هذه. تذكروا جيدا أن تنظيمات بي كا كا وداعش وغولن الإرهابية ما هي إلا محاولات احتلال خارجي.


اقبلوا جميعًا أن فترة الحرب الباردة شهدت تشكيل درع غربي على خط تركيا – إيران – أفغانستان – باكستان – إندونيسيا لحماية الغرب من شيوعية الاتحاد السوفيتي والصين، وأن جميع دول هذا الدرع وكل الدول الإسلامية اعتبرت تهديدًا عقب انتهاء الحرب الباردة، وأن كل هذه الدول اتخذت اليوم موقفا معاديا للولايات المتحدة، ولهذا فإن الغرب لم يفقد تركيا فحسب، بل فقد المنطقة بأسرها.


سيدمرون العالم العربي

وسنرى أن الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل قد بدأت تشكيل محور جديد في الجنوب والغرب بزعامة سعودية – إماراتية ليحل محل الحزام الذي فقدته، وأنها تستغل خوف دول المحور من إيران، وأن هذه الوضعية تعتبر انسحابًا كبيرًا للولايات المتحدة في المنطقة، وأنّ المحور الجديد الذي يحاولون الترويج له من خلال عبارات مثل القومية العربية والإسلام المعتدل ما هو إلا عملية استيلاء على العالم العربي وتدميره.


إن المحور الجديد الذي يؤسسون له من خلال الجيل الجديد من الأنظمة والإمارات العربية هو مخطط لتقسيم العالم الإسلامي إلى جبهتين أساسيتين، جبهة المسلمين العرب وجبهة المسلمين غير العرب. لكن لا تنسوا أنّ الأراضي العربية كانت دائمًا هي مركز الحروب في المنطقة منذ أيام حرب الخليج الثانية عام 1991.


معركة "أولاد العمومة" مع الفُرس: لا علاقة لها بالإسلام

سيسفر هذا المخطط الجديد عن تمزيق ما تبقى من الأراضي العربية، فعقل سياسي عربي مرهون بأيدي أمريكية – إسرائيلية – بريطانية سيخسر التاريخ. وإذا استمر الأمر على هذا النحو ولم يتعقل العرب، فستمزق أراضيهم في الوقت الذي ترقى فيه الدول الإسلامية من غير العرب. وقريبا سنتناقش حول الخرائط الجديدة لمنطقة الخليج العربي.


إن الفتاوى السعودية والتصريحات الإماراتية ليست عبارات قيلت بداعي البطولة، فالبعض يجمع "أبناء العمومة" من خلال تحالف عربي – إسرائيلي، ويحضّر أبناء العرق السامي للحرب ضدّ الفرس. فهذه الحرب هي حرب إبادة المنطقة.


ليس هناك أدنى علاقة بين هذه الاستعدادات والمعارك وبين الإسلام والمذاهب والهويات المختلفة، بل إن هذا هو ترويج حساب جيوسياسي عالمي للعرب. فهناك مخطط يهدف لتشكيل وصاية على الدول العربية لمائة عام أخرى من خلال استغلال حماسة جيل الشباب.


انتزاع مكة والمدينة وتشريع احتلال القدس

إذا استمرّ الأمر على هذا النحو فسنشهد في القرب العاجل صدمات ذهنية كبيرة، فستنقلب رأسًا على عقب مصطلحات مثل الصراع العربي – الإسرائيلي والقضية الفلسطينية والنقاش حول الإسلام السياسي، وستحدث تغيرات جذرية في مواقف العديد من الشخصيات والجهات، وربما تطرأ تغيرات كذلك على فهمنا للمنطقة ككل. كما سيواجه العالم العربي خطر فقدان قوته التأثيرية على الإسلام.


الأهم في الأمر هو أنّ الشراكة العربية – الإسرائيلية ستضفي صبغة شرعية على احتلال القدس، وسيرى العالم الإسلامي أن الدور سيحين لاحقًا على مكة والمدينة.


يشهد العالم حاليًّا انسحاب الجميع نحو ستاره الدفاعي السياسي. فمما يدل على أن جميع مناطق العالم تشهد إعادة ترتيب الأوراق نذكر على سبيل المثال صراعات السياسة الداخلية في الولايات المتحدة وانفراط عقد الاتحاد الأوروبي وبروز خط التوتر بين الشرق والغرب في منطقة البلطيق وتصفية الحسابات بين القوى الكبرى في المحيط الهادئ وغير ذلك من المؤشرات. فنحن نعيش حقبة النظام العالمي للعصابات حيث لا يستطيع أحد التخمين على رأس من ستسقط القنبلة الكبرى.


محور تركيا: يجب تشكيل خطوط المقاومة الشرسة

نقع عند نقطة تقاطع أجزاء متوترة للغاية بعدما بدأنا مرحلة نهوض تاريخية. ففي الوقت الذي يفقد فيه البعض مواقعه وتنسحب بعض الدول المركزية من الساحة، نسير نحن في طريقنا نحو المجد بحزم، وهو ما يهز خريطة القوى العالمية. يقولون لنا "امشوا بجانب الحائط خافضي الرؤوس ولا تتدخلوا في هذه الأمور أو ترفعوا رؤوسكم". لكننا لن نسمع لهم وسنواصل مسيرتنا الكبرى. ربما ستأتينا موجة ثانية من أحداث 15 يوليو، لكننا لها بالمرصاد.


سنقدم على خطوات أكثر جدية وصرامة في طريقنا نحو التضامن القومي والوقوف تحت مظلة واحدة في محور تركيا وتشكيل خطوط مقاومة ودفاع ذاتي صارمة في مختلف أرجاء البلاد في مواجهة الاستعدادات الأمريكية – الإسرائيلية لمهاجمة تركيا بالتعاون مع منظمتي غولن وبي كا كا.


لقد أصبح من الضروري والعاجل الإعداد لحملة دفاع استثنائي لعام 2018، بل التجهيز لتسلح نووي إذا تطلب الأمر. فما نعيشه هو تحول تاريخي لا يحدث إلا مرة كل عدة قرون، وهو يفتح أمامنا مجالًا واسعًا علينا أن نملأه.


وبغض النظر عن حجم التهديدات وعنف الهجمات، فتداول القوة بين الدول يخبرنا بأننا سننتصر في هذا الصراع. وحقًا سننتصر...

#تركيا
#المقاومة الشرسة
#السعودية
٪d سنوات قبل
تشكيل خطوط "المقاومة الشرسة" في "محور تركيا"
انهيار متسارع للعملات الأجنبية.. 15 مليار دولار في أسبوع واحد
الرأسمالية تبنى على العقل لكنها تقوم على الإدراك
لم تعد أوروبا مصدر الأفكار الثورية التي تؤثر على العالم اليوم
عصام العطار
إسرائيل.. تنظيم إرهابيّ يهدد أمن المنطقة