|
فلندعم تركيا في مواجهة الحرب الشرسة

هناك إعدادات قائمة على قدم وساق لتنفيذ سيناريو حرب ضروس في الشرق الأوسط؛ إذ يسعد أعداء الإسلام لنقل المعركة إلى قلب العالم الإسلامي من أجل إجبار المسلمين على ألا يقفوا على أقدامهم لمائة عام أخرى مقبلة.


نحن أمام عملية تدمير شاملة، أكبر مخطط احتلال منذ الحرب العالمية الأولى. فمصطلح "الشرق الأوسط الجديد" الذي يروجون له هو في الحقيقة عبارة عن مخطط لشرق أوسط مدمَّر، ومصطلح "الخرائط الجديدة" الذي ينشرونه بيننا إنما هو تمزيق لجميع دول المنطقة، بما فيها تركيا، وتقسيمها إلى دويلات واحتلالها ثمّ تدميرها بالكامل.


إنهم ينفذون مخططًا تدميريًّا لجميع دول المنطقة الواقعة من الخليج العربي شرقًا إلى البحر الأحمر غربًا، من إيران إلى السعودية، ومن الإمارات إلى مصر. حيث نحن نشهد المراحل الأولى من سيناريو القيامة من خلال الحروب الطائفية والمعارك بين العرب والفرس والفرقة بين المسلمين العرب وإخوانهم من غير العرب والصراعات المستمرة في اليمن وسوريا والعراق من خلال التنظيمات والجماعات المختلفة.


اغتيال "صالح" ووجهة الصواريخ البالستية

كان أحد أجزاء سيناريو القيامة هذه هو عملية قصف منزل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح ثم اغتياله بعدما لاذ بالفرار، وكذلك كانت الصواريخ التي أطلقها الحوثيون بتحريض نحو مطاري الرياض وجدة في السعودية، وتلك الصواريخ التي اعترضت في سماء مكة المكرمة، والصواريخ التي أطلقها الحوثيون كذلك قبل أيام صوب العاصمة الإماراتية أبو ظبي.


ونذكر من بعض علامات تلك القيامة التي اقتربت تشكيل الولايات المتحدة وإسرائيل محورًا مشتركًا سعوديًّا – إماراتيًّا وتروجيهما له تحت عباءة "الإسلام المعتدل" وضمهما لمصر ودول خليجية لهذا المحور، وإطلاق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لحملة تصفية كبرى في الرياض شملت اعتقال كل من يمكن أن يعارض الحرب الإقليمية بحجة "الفساد"، وكذلك إعادة هيكلة المملكة لتكون مستعدة للمعركة الكبرى، وتحرك الأمير محمد بن سلمان وولي العهد الإماراتي محمد بن زايد بالتعاون مع واشنطن وتل أبيب.


إنهم يتنازعون حول القدس.. فلتملأ الملايين الميادين

ومن بين أجزاء هذا المشروع الكبير نورد التصريحات المشتركة الإسرائيلية والسعودية حول "التهديدات المشتركة" و"مشاطرة المعلومات الاستخباراتية"، والترويج من خلال بعض الصحف والقنوات التلفزيونية لتصريحات من قبيل "في الواقع إسرائيل حليفتنا، وأرض فلسطين من حقها"، والإشارات على إجراء مفاوضات بين السعودية والإمارات من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة ثانية بشأن "استغلال القدس ومنحها بالكامل إلى إسرائيل"، ومخططات انتزاع القدس بالكامل من أيدي المسلمين، والتصريح المزمع صدوره غدًا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس.


بهذه الطريقة ستكون قضية القدس قد حلت بـ"موافقة الزعماء العرب"، لتطرح على الطاولة أو على الجبهة قضية قلب الإسلام في مكة والمدينة؛ إذ سيبدأ النقاش حول هاتين المدينتين المقدستين كجزء من الصراع الكبير المخطط إطلاقه في صورة حرب شرق أوسطية بين السعودية وإيران لتبدأ الحروب العربية – الفارسية من جديد.


إن العالم الإسلامي قادر على إفشال هذا المخطط، بل يجب أن يفشله ليس من خلال الأنظمة الحاكمة أو الزعماء، بل من خلال الشوارع والجماهير؛ إذ يجب الحيلولة دون تسليم القدس إلى اليهود. يجب على جميع شعوب المنطقة التحرك والنزول إلى الميادين لمواجهة هذا الخطر.


سيحين الدور على مكة والمدينة بعد القدس

إذا سلمنا القدس سيشكل أعداؤنا جبهة جديدة حول مكة والمدينة لتستهدفهما موجهة من الهجمات وتوجه نحوهما الدبابات والصواريخ. فهذا هو مخطط "نقل الحرب إلى قلب الإسلام".


لقد كانوا يخططون لتنفيذ هذا المشروع منذ أيام حرب الخليج الثانية عام 1991، كما كانوا يديرون جميع مراحل هذه الحرب في كل المخططات التي وضعوها تحت مسمى "مكافحة الإرهاب". لقد تحرّكوا وفق هذا المخطط عندما احتلوا العراق عام 2003 وأشعلوا شرارة الحرب في سوريا قبل نحو 7 أعوام. هذا فضلًا عن أنهم وضعوا مخطط ممرّ الإرهاب في الشمال السوري بتحقيق هذا الغرض. والآن في الوقت الذي يغلق فيه ملف الحرب السورية من خلال تركيا وإيران وروسيا، نراهم يضعون حجر الأساس لحرب إقليمية جديدة أكثر تدميرًا.


اغتيال "صالح" تحذير للعبادي والصدر

ربما يشهد اليمن هجمات أكثر دموية عقب اغتيال الرئيس السابق علي عبد الله صالح بعد فترة وجيزة من انضمامه إلى صف التحالف السعودي، وربما تحوّل الحرب السعودية – الإيرانية الجزء المتبقي من اليمن إلى أطلال. لكن هذه الحرب لن تقتصر على اليمن فحسب، بل إن الصواريخ البالستية الإيرانية التي أطلقت على الرياض وجدة من جانب الحوثيين هي في الحقيقة علامات على شرارة حرب مباشرة. كما أنّ استهداف تلك الصواريخ للأراضي الإماراتية قبل أيام لأكبر إشارة على هذه التطورات المحتملة.


1-    يعتبر اغتيال صالح بمثابة تحذير للعناصر السياسية المتحالفة مع السعودية، لا سيما رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ومقتدى الصدر سيكونان الهدف المستقبلي لمثل هذه الهجمات. ذلك أن الرياض حاولت إخراج الرجلين من المحور الإيراني بعدما أقنعتهم بقولها "تعاونا معنا، فأنتم عرب وإن كنتم شيعة".


هكذا ستنتشر شرارات الحرب

2-    لو هاجمت السعودية وإسرائيل لبنان وحاولتا تصفية حزب الله، فإن إيران ستستهدف حلفاء السعودية في الخليج، وستكون الإمارات هي الهدف الأول، وهو ما أشار إليه آخر هجومي صاروخي حوثي.


3-    لو شنت السعودية هجمات مكثفة على اليمن وحاولت احتلالها، فإن إيران ستستهدف حلفاء السعودية في الخليج أيضا، وهذه المرة ستضرب الإمارات على وجه الخصوص، وحينها ستستهدف الصواريخ الإيرانية الإمارات من خلال الحوثيين أو غيرهم.


4-    ستهدد إيران الإمارات كذلك في الوقت الذي يهدد فيه التحالف السعودي – الإماراتي قطر. فكل تطور يحدث في لبنان أو اليمن إنما هو جزء من الحرب السعودية – الإيرانية، وهي خطوات نحو حرب كبرى. والإمارات هي المخطط الأكبر لهذا المخطط القذر، فهؤلاء ينفذون ما تقوله الولايات المتحدة وإسرائيل.


لإيران دور في سقوط القادة العرب في المصيدة الإسرائيلية

5-    إن خريطة الانتشار التي تسعى طهران لتنفيذها وأهدافها الجيوسياسية التي تديرها من خلال الصراعات المذهبية تيسّر مهمة واشنطن وتل أبيب. فالتصرفات الإيرانية تشكل الأساسي النفسي للعرض الذي تتلقاه الدول العربية السنية لحمايتها ضد التهديد الإيراني. فهذا العرض يحبس الأنظمة العربية داخل سيناريو سيدمر بلدانها.


ها هي الحرب التي نقاومها في تركيا

هذه هي الحرب التي نحاول كتركيا مقاومتها، نسعى للوقوف موقفا متعقلا في مواجهة الحروب المذهبية ومخططات تقسيم الدول، وهذا الموقف هو الذي تسبب في حدوث أحداث غيزي بارك الإرهابية والتدخل في شؤون الدولة يومي 17 – 25 ديسمبر 2013 ومحاولة الانقلاب والاحتلال الفاشلة في 15 يوليو 2016.


نحن أمام مخطط لانقلاب اقتصادي جديد من خلال قضية رضا ضراب التي لا تزال مستمرة في الولايات المتحدة، وسبب هذه المحاولة كذلك هو موقف تركيا. فمخططات إعادة تصميم خريطة المنطقة هي سبب محاولات تقزيم تركيا وإضعاف مقاومتها ونبذها إقليميا وحبسها داخل حدودها.


"محور تركيا" ومخطط الانقلاب الاقتصادي وعناصر التدخل الخارجي

ولهذا السبب فقد حرضوا تنظيمات بي كا كا وبي يي دي وغولن وداعش الإرهابية ضد تركيا من أجل محاولة احتلال أراضيها. وإن كل من يدافع داخل تركيا عن محاولة الانقلاب الاقتصادي الجديدة التي يحاولون الترويج لها من خلال قضية ضراب يعتبر جزءا من التدخل الأجنبي. كما أن الحملة الجديدة التي يروَّج لها من خلال زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو هي جزء من محاولة انقلاب ويجب تذكرها على هذا النحو.


لا ولن يوجد أي صف نقف فيه باستثناء "محور تركيا". فنحن نعلم جيدا ماذا يحدث على جبهة تركيا من تدخل أجنبي يهدف لتدمير المنطقة بأكملها ومَن يدعم أي المشاريع الهدامة. ولهذا السبب فنحن مدركون في مواجهة ماذا ومَن نقاوم بقدر إدراكنا للصف الذي نقف به.


سيناريو القيامة وجبهة تركيا

يجب ألا يحاول أي أحد الاستثمار في جبهة تركيا للإعداد لحرب كبرى تدمر المنطقة، فشعب تركيا أدرك تفاصيل تصفية الحسابات الكبرى التي ظهرت من جديد بعد مائة عام، ووفق ذلك حدد موقفه. وهذا هو الدور التاريخي، فهذه المقاومة ستقوى وتستمر.


فمن يروجون للحرب السعودية – الإيرانية ومن يقدمون القدس على طبق من ذهب لليهود ومن يستهدفون تركيا ورئيسها ينتمون إلى المركز نفسه.


عنوان النهوض سيكون هذه "القلعة الأخيرة"

علينا تحريك شوارع دول المنطقة ودعم المقاومة في كل مكان بقدر زيادتها لمقاومة تركيا. ذلك أننا أمام أكبر مخطط احتلال دولي منذ الحرب العالمية الأولى.


لقد نجحت تركيا في تخطي أصعب مراحل هذا الصراع الكبير، وستتغلب كذلك مستقبلا على محاولات الترويج لهذا الصراع في الداخل وكذلك مخاطر الحرب الإقليمية، بل وستواصل تقديم النصح لجميع دول المنطقة.


وكما كانت هذه الأراضي هي القلعة الأخيرة بينما سقطت المنطقة في براثن الحرب العالمية الأولى، فستكون كذلك هي الوجهة الأولى للنهوض في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة.

#إبراهيم قراغول
6 yıl önce
فلندعم تركيا في مواجهة الحرب الشرسة
الخنازير لا تتغذى على الكتب المقدسة
لا مفر من حرب عالمية
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية