تدورُ أحداث المسلسل الذي انتهى من موسمين متتالين ليس حول قبيلة "كايي" فحسب بل حول مرحلةٍ تاريخيّةٍ من تاريخ العالم الإسلامي، في القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلاديّ. حيث فترة سقوط الدولة العباسيّة وتفكّك الأقطار الإسلاميّة والهجوم الكاسح من قِبل الحملات الصليبيّة من جهة والمغول من جهة أخرى. وركّزت الأحداث على تفكّك الدولة الأيوبية وأفول نجم الامبراطورية السلجوقية.
يتعرّض المسلسل بشكل اساسيّ لمسألة "الهجرات التركمانيّة" جرّاء الغزو المغولي من ناحية وضعف البنية التي تقوم عليها حيث كانت بأغلبها قبائل متفرّقة. ولذلك يعتبر البعضُ أنّ المسلسل في تسليطه الضوء على هذا قد أغفل واقع البقاع الأخرى من العالم الإسلامي وتأثير الغزو المغولي عليها؛ وأنّ المسلسل لم يلتفت أبدًا إلى ذكر الخلافة العباسيّة والاضطراب الذي صاحبها تلك الأثناء قبيل سقوطها.
وكانت التاريخُ التركيّ الحاضرَ الرئيسيّ في المسلسل من خلال تسليط الضوء على العادات القبليّة التركية في تلك الحقبة، وعلى شجاعة الفرسان وذكائهم العسكري واستبسالهم في الدّفاع عن أرضهم، وأيضًا من خلال كثرة استعمال مفردات الأرض والرّاية والدم، ولكنّها في كلّ الأحوال كانت متشابكةً مع النّفَس الإسلاميّ الذي يعتزّ بها الأتراك، فالراية والشجاعة والأرض كلّها بهدف بعث روح العالم الإسلاميّ من جديد حسب ما يعرضُه المسلسل.
وممّا يتميّز به هذا المسلسل عدم الاعتماد على مسائل الحب والإثارة لكسب مشاهدين أكثر؛ على العكس فلا توجد أيّ لقطةٍ يمكن اعتبارها بالفاضحة أو غير المناسبة أخلاقيًّا، على العكس من مسلسلاتٍ تركية تاريخية أخرى لاقت صداها في العالم التركيّ والعربيّ أيضًا كمسلسل "حريم السلطان" بالتركيّة " MUHTEŞEM YÜZYIL" أي القرن العظيم، حيث اعتمد الأخيرُ بشكلٍ كبيرٍ على دراما الحب وقِصص العشق والنساء داخل قصر السلطان، فيما اعتبره البعضُ تشويهًا للدولة العثمانيّة.
وإلى جانب السيف الذي كان دورُه حاضرًا طيلة حلقات المسلسل بسبب المرحلة التي كانت تحفّ تلك الفترة؛ لم يُغفل الكاتب أو المخرجُ دور السّماحة والوسطيّة والجانب الروحي للإسلام، وذلك من خلال دور الشيخ "محي الدين بن عربي" وأحاديثه ورحلاته وأقواله الحكيمة خلال لقائه ببطل المسلسل أو شخصيّاتٍ أخرى.
مسلسل قيامة أرطغرل هو في الحقيقة يحكي كلَّ ما مضى ولكنّه في النهاية يسعى لأن يصلَ إلى حدثٍ تاريخيّ عظيم غيّر خريطة العالم برمّته، هذا الحدثُ هو نشوء الدولة العثمانيّة التي مهّد لها أرطغرل وأعلنها ابنُه عثمان المؤسّسُ الرسميّ للدّولة العثمانيّة، التي تأسّست على أنقاض الدّولة السلجوقيّة وأنقاض دويلات أخرى في العالم الإسلاميّ.
يحمل المسلسلُ من خلال ما سبق ذكره أبعادًا دينيّة وثقافيّة وتاريخيّة يعتبرُ البعضُ أنّه يتمّ التسليط عليها لأوّل مرّة بشكلّ عملٍ دراميّ باهظ التكلفة، وعملٍ فنّي بأعلى مستويات الإبداع والإنتاج.
ويجدر بالذكر أنّ شخصيّات مرموقةً قامت بزيارة موقع التصوير، من أهمّ تلك الشخصيات الرئيسُ التركيّ "رجب طيب أردوغان" ورئيس الوزراء الأسبق "أحمد داود أوغلو"، عدا المقابلات الكثيفة التي تمّ إجراؤها هناك من ضمنها عربيًّا مقدّمة برنامج "اكسترا تركي".
ويمشي المسلسلُ مع أحداث دراميّة شيقة استطاعت جذبَ اهتمام الجمهور التركيّ بل والعربيّ أيضًا، ممّا أهله للحصول على عدّة جوائز من ضمنها أفضل مسلسل لسنة 2015. كما حقّق أيضًا أعلى نِسب مشاهدة في عدّة حلقات، وحصل سنة 2015 على المرتبة التاسعة في قائمة الأعمال الفنية الأكثر تواجدًا وحضورًا بين الناس حسب موقع "Thewi" ، كما حاز أيضًا على جائزة أفضل مسلسل لجوائز جامعة يلدز التقنيّة. ويقول"محمد بوزداغ" منتجُ المسلسل أنّ المسلسل قد حطّم الأرقام،.
ويُعرض المسلسل على قناة "تي ري تي 1"/"TRT1" ُكلّ يوم أربعاء في الساعة الثامنة مساءً، وجمهورٌ عريضٌ من الأتراك ينتظرون في الأيام القريبةِ الحلقةَ الأولى من الموسم الثالث بعد انتظار قرابة 3 شهورٍ مضت على انتهاء الموسم الثاني.
