|

ذكرى 28 شباط.. 19 عاما على آخر انقلاب عسكري في تركيا

Ersin Çelik
12:14 - 28/02/2016 الأحد
تحديث: 15:52 - 28/02/2016 الأحد
أخرى

يستذكر ملايين الأتراك اليوم 28 من شباط الذكرى 19 لآخر انقلاب عسكري قاده الجيش التركي ضد الحكومة المنتخبة برئاسة نجم الدين أربكان ذو التوجهات الإسلامية، انقلاب لم يدم عزه كما سبقه من انقلابات عسكرية ثلاثة وقعت في تركيا ضد الحياة السياسية والحريات المدنية في الجمهورية التركية منذ تأسيسها عام 1923.



بدأت القصة يوم أن فاز “حزب الرفاه" بأعلى نسبة في الأصوات في الانتخابات البرلمانية عندما حصل في كانون الأول/ ديسمبر عام 1995 على 21 بالمئة من الأصوات، واحتل 158 مقعدا في البرلمان التركي، الذي يضم 550 مقعدا، وشكّل “حزب الرفاه" مع حزب “الطريق القويم" تحالفا في الحكومة الجديدة في البلاد على أساس تولي إربكان رئاسة الوزراء لمدة عامين (تكون تشيلر خلالها وزيرة للخارجية)، ليخلي بعدها الموقع لتشيلر للعامين التاليين من عمر الحكومة. وهذا ما حدث بالفعل، لتبدأ الحكومة الإئتلافية عملها في حزيران (يونيو) 1996.





كان توجه إربكان لتشكيل مجموعة 'الدول الإسلامية الثمانية الكبيرة'، باعتبارها خطوة أولى لإقامة سوق إسلامية مشتركة، مثار قلق للعلمانيين في تركيا. حيث لم يخف إربكان قناعته بأن مستقبل تركيا يرتبط بجوارها العربي والإسلامي، وليس بأوروبا؛ وقام بسلسلة من الزيارات للعواصم العربية، من طرابلس الغرب والقاهرة إلى دمشق. وكان حزب الرفاه قد حقق نتائج كبيرة في الانتخابات المحلية، وفرت له حكم العديد من البلديات الرئيسية في البلاد؛ مما أثار احتكاكات يومية بين البلديات التي سيطر عليها الرفاه والدوائر العلمانية في المدن الرئيسية.




في 22 كانون الثاني (يناير) 1997، عقدت قيادة الجيش اجتماعاً خاصاً لبحث مستقبل حكومة إربكان – تشيلر، والخطر الذي تمثله على “مستقبل النظام العلماني". وبدأت قيادة الأركان سلسلة من النشاطات، التي استهدفت إضعاف الحكومة وخلق مناخ يسمح بإطاحتها، وذلك باستدعاء قضاة كبار ورؤساء جامعات وقادة اتحادات العمال والحرفيين والروابط التجارية، بل وحتى اتحاد العمال الثوريين، اليساري (الذي اتضح مؤخراً تورط رئيسه في شبكة أرغنيكون)، إلى مقر قيادة الأركان، لتحريضهم على الحكومة، وتشجيعهم على إطلاق حملة شعبية ضد سياساتها. خلال الأسابيع القليلة التالية، انطلق عدد من التظاهرات، تتهم حكومة إربكان بتهديد أسس النظام الجمهوري العلماني.




وفي 28 شباط (فبراير) اجتمع مجلس الأمن القومي، الذي كانت الأغلبية فيه من العسكريين، واعتبر منذ انقلاب 1960 الأداة الدستورية للتعبير عن إرادة الجيش ودوره السياسي. انتهى الاجتماع بتقديم عدد من المطالب لرئيس الوزراء إربكان.



لم تنشر هذه الوثيقة رسمياً أبداً، ولكن المعروف على نطاق واسع أنها تضمنت توسيع نطاق تحكم الدولة في المدارس الخاصة والمؤسسات الخيرية ذات النشاط التعليمي، إغلاق عدد من الأحزاب والصحف المتهمة بميول دينية، إقرار قوانين تمنع المتدينين (المحجبات على وجه الخصوص) من دخول المؤسسات الحكومية والعامة، بما في ذلك المدارس والجامعات والمعاهد العليا، تطهير الجيش والمؤسسة العسكرية من المتدينين، وإقرار قانون بمد التعليم الحكومي الإلزامي إلى ثماني سنوات، بهدف تقليص تأثير مدارس الأئمة والخطباء (إسلامية التوجه)، وحتى منع المواطنين من التبرع بالأضحيات للمؤسسات الخيرية المستقلة، وقصر التبرع على مؤسسة الجيش الخيرية.




إربكان وقع مذكرة المطالب، ولكنه كما يبدو تباطأ في تطبيقها. في 20 حزيران (يونيو) تقدم إربكان فجأة باستقالته إلى رئيس الجمهورية. واضطر إلى الاستقالة لأن أطرافاً أرادت منه تطبيق سياسات تمس بتعهداته للشعب، وبشرفه وقناعاته حسب تصريحات له.



تقدم إربكان إلى رئيس الجمهورية بتواقيع 270 عضواً برلمانياً تؤكد أنها ستعطي صوتها لحكومة جديدة تقودها تانسو تشيلر. وكان من المتوقع، والدستوري، أن تكلف تشيلر بتشكيل الحكومة الجديدة. ولكن ديميريل، في تواطؤ مع قيادة الجيش، منح التكليف بتشكيل الحكومة لمسعود يلماظ، رئيس حزب الوطن الأم، الذي تمتع بدعم أقلية صغيرة في البرلمان؛ وهو ما لم يستطع أن يقوم به. ومن ثم، بدأت الضغوط على النواب من كافة الأحزاب العلمانية لدعم حكومة يقودها رئيس وزراء بديل، موال لقيادة الجيش.








في 28 شباط (فبراير) 1997، أعادت النخبة العسكرية والبيروقراطية التركية الحاكمة التوكيد على سيطرتها وتحكمها بمقاليد الدولة والحكم، وتلاعبها بالساسة ورؤساء الجمهورية والحكومات كالتلاعب بأحجار الشطرنج.



لكن البلاد لم تشهد استقرارا سياسيا على مدار 5 سنوات حتى عام 2002، العام الذي حقق فيه حزب العدالة والتنمية الوليد من رحم حزب الرفاه المحظور فوزا يؤهله لتشكيل حكومة بقيادة رجب طيب أردوغان وعبد الله غول.



وعلى مدار 14 عاما خاض حزب العدالة والتنمية سلسلة معارك لاختراق سقف 28 شباط (فبراير)؛ أخفق في بعضها، ونجح في كثير منها. حيث تخلصت تركيا من سيطرة العسكر ورجع دور المؤسسة العسكرية إلى حماية الحدود ودفع الأخطار الخارجية. واستطاعت حكومة العدالة والتنمية ترسيخ الحريات السياسية والدينية، وحيث سمح للمحجبات بالعودة إلى الجامعات والمؤسسات، وتوسيع الحريات الدينية والتعليمية.



ويعتبر الاستقرار السياسي والاقتصادي من أهم المكتسبات التي حققتها تركيا خلال الفترة الماضية، واستطاع الاقتصاد التركي الخروج من الأزمة الحادة التي عصفت به بعد انقلاب 28 شباط. لكن المكتسب الأكبر الذي حققته تركيا هو تعزيز الحالة الديمقراطية وتحطيم الطوق الانقلابي الذي كان يهدد أي سياسي يحاول الخروج عن خط العسكر العلماني.



#28 شباط
#ذكرى
#تركيا
٪d سنوات قبل