يقدم البروفسور المغربي عدنان الرمال، الباحث المتخصص في فرمكولوجيا المضادات الحيوية، المرشح لجائزة المبتكر الأوروبي لعام 2017، رحلته العلمية التي قادته إلى اكتشاف طريقة لتعزيز فعالية المضادات الحيوية لكي تصير فعالة ضد الجراثيم المقاومة.
الرمال يؤكد أنه طور عقارا معززا للمضادات الحيوية يستفيد من الخصائص الطبيعية للنباتات، إلى جانب قدرات المضادات الحيوية التقليدية على قتل الجراثيم، ويوضح في مقابلة مع الأناضول أن اختراعه أثبت فعاليته في التجارب السريرية لمرضى مصابين بتعفنات سببها جراثيم متعددة المقاومة.
كما يسلط الضوء عن نجاحه في تطوير مضافات طبيعية لعلف الحيوان تقوم مقام المضادات الحيوية المستعملة كمحفزات للنمو التي تحذر منها منظمة الصحة العالمية.
وتجعل منظمة الصحة العالمية من إشكالية المقاومة البكتيرية للأدوية أولوية قصوى، وتسبب عدوى التهابات البكتيريا المقاومة للأدوية على الصعيد العالمي حوالي 700 ألف حالة وفاة سنوياً، ويمكن أن يصل هذا الرقم إلى 10 ملايين حالة سنوياً، وذلك بحلول عام 2050، إذا لم يتم تطوير جيل جديد من المضادات الحيوية.
والبروفيسور الرمال أستاذ بجامعة سيدي محمد بن الله (حكومية) بفاس (شمال)، حصد جائزة الابتكار الإفريقية لعام 2015 عن اختراعه لمكملة طبيعية للثروة الحيوانية، التي يتم إنتاجها من الزيوت الأساسية.
أولا كنا من بين الأوائل الذين اكتشفوا الجزيئات الفعالة في المستخلص النباتي، وبينا أن الطريقة التي تقضي بها هذه الجزيئات على الجراثيم تختلف عن المضادات الحيوية التي تدخل إلى داخل البكتيريا فتقضي عليها، لكن إذا حصلت لديها طفرة وراثية تصبح مقاومة، وهذا الذي جعل مكتشف عقار "بنسلين" (أقدم وأهم المضاد الحيوية)، يكتب "بما أن مشكلة المقاومة كثيرة وواردة يجب عدم استعمال المضادات الحيوية بدون مرض كي لا نسقط في مشكل المقاومة".
ثانيا توصلنا إلى أن طريقة فعالية الجزئيات المستخلصة من الزيوت النباتية مختلفة، حيث تقوم بضرب الخلية من الخارج وتفكيك علاقاتها الكيميائية على مستوى الجدار والغشاء، مما يؤدي إلى تكسير جدار الخلية.
ثالثا انتهينا إلى تطوير طريقة جديدة للتعامل مع الزيوت العطرية بدون إضافة مواد أخرى، حيث كان يلجأ سابقا لإذابة الزيوت العطرية في وسط القيت إلى استعمال الكحول، وقد نشرنا بحثا حول هذه المسألة عام 1993، وما يزال إلى الآن مرجعا علميا".
وتابع الرمال موضحا "بعد 15 سنة من الأبحاث فكرت في القيام بتطبيق لهذه النتائج، فقمت بخلط بين الجزئيات الفعالة في المستخلص النباتي والمضادات الحيوية، فاكتشفت بفضل هذا المزيج أن البكتيريا ذات المقاومة المتعددة للأدوية، يمكنها أن تكون حساسة مجددًا".
ولأن الجامعة لم تستطع تغطية تكاليف تسجيل براءة هذا الاختراع، بحسب الرمال، بقي هذا الاكتشاف سرا حتى عام 2004، حين وجد من يستطيع تمويل البراءات بما يقرب 4 ملايين درهم (نحو 400 ألف دولار).
وبعد أربع سنوات، توصل بمعية السيدين أحمد رضا الشامي وادريس الصقلي (ممولا المشروع) بجواب من المنظمة العالمية لبراءة الاختراع يؤكد أن الاختراع غير مسبوق، لتنطلق رحلته في البحث عن مختبر للصناعة الدوائية يقتنع بالعقار.
وأوصى الرمال بأن يعمل على نشر بحثه في مجلة علمية مرموقة، للتأكد من نتائجه، ورصد تأثير العقار الجديد على المرضى بدقة والكيفية التي تقوم من خلالها التركيبة الدوائية بجعل البكتيريا حساسة مجددًا.
وأشار أبو شنب إلى أن هذه التركيبة الدوائية التي توصل إليها الباحث، يمكن أن تصبح ذات جدوى فى العلاج الموضعي للعدوى السطحية للبكتيريا، كعدوى بكتيريا المكورات العنقوديّة "مارسا" (MRSA) التي تأتي في غرف العمليات والطوارئ بسبب عدم اتباع أساليب مكافحة العدوى، والحصف الجلدي، سيما أنه ثبت فعليًا قوة وتأثير الزيوت العطرية على العدوى الجلدية للبكتيريا، وتم من قبل في مصر استخدام خلاصة الثوم وخلاصة عسل ملكات النحل، فى مكافحة العدوى البكتيريا الجلدية و"مارسا".