نُشرت العديد من الكتب التي تتحدث عن فترة رئاسة دونالد ترامب. وبعض المؤلفين الذي كتبوا كتبًا في انتقاد ترامب كانوا من الذين عملوا في البيت الأبيض في عهد رئاسة ترامب. ومن هؤلاء مايك بنس الذي نشر مذكراته تحت عنوان " ساعدني يا الله"، وسبب نشره لهذا الكتاب هو مشاركة ترامب في انتخابات عام 2024.

واللافت أن موعد نشر الكتاب تزامن مع اليوم الذي أعلن فيه ترامب ترشحه للرئاسة. عندما ترشح ترامب لولاية رئاسية ثانية لعام 2020، كان بنس مرشحًا لمنصب نائب الرئيس ولكن فاز جو بايدن وكمالا هاريس في الانتخابات الرئاسية لعام 2020. في المقابل، لم يعترف ترامب بشرعية الانتخابات، زاعمًا أنها تعرضت لـ "التزوير". وطالب ترامب نائب الرئيس بنس بالمشاركة في محاولات تقويض نتائج الانتخابات. ولكن بنس لم يمتثل لطلب ترامب. وهتف أنصار ترامب الذين اجتاحوا الكونغرس الأمريكي في 6 يناير/كانون الثاني قائلين: "اشنقوا بنس"، بينما اتهم ترامب بنس بـ "الغباء" و "الجُبن". وأكد لـ"بنس" أن هذه الأحداث هي التي أنهت علاقته بترامب. ينتقد بنس في مذكراته ترامب فقط في سياق أحداث 6 يناير/كانون الثاني. ويشير في كتابه إلى أنه نصح ترامب بمواجهة نتائج الانتخابات لكن الجهود التي بذلها لإقناعه باءت بالفشل.

إن بنس "مسيحي إنجيلي" ويتصف بالطموح والحماس، وهو أحد مهندسي السياسة الإسرائيلية خلال فترة رئاسة ترامب. وكان بنس أعلى رتبة بصفته "مسيحيًا صهيونيًا" خدم في "البيت الأبيض". ويعود أصله إلى عائلة كاثوليكية أيرلندية، حيث اعتنق بنس المسيحية الإنجيلية في العشرينات من عمره. ولعب "الصهاينة المسيحيون الإنجيليون" دورًا مهمًا في ترشيح بنس لمنصب نائب الرئيس الأمريكي عام 2016 .

وضعت "مؤسسة حلفاء إسرائيل"، مايك بنس في المرتبة الأولى على قائمة " أفضل الحلفاء المسيحيين" عام 2021. وأشارت المؤسسة إلى أن دعم بنس أدى إلى اتخاذ قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وضم "مرتفعات الجولان" لإسرائيل وزيادة عمليات الاستيطان غير الشرعي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

انفصل بنس عن ترامب بعد انتخابات 2020.

ويعد بنس من بين الأسماء التي يُتوقع ترشيحها لرئاسة الولايات المتحدة في انتخابات 2024. ووفقًا لاستطلاعات الرأي للناخبين الجمهوريين، يحتل بنس المرتبة الثالثة بعد ترامب وحاكم فلوريدا رون ديسانتيس.

زار مايك بنس إسرائيل في مارس 2022، والتقى مع إيتمار بن غفير، زعيم "القوة اليهودية". كما التقى مع مريم أديلسون أرملة الملياردير الصهيوني الأمريكي شيلدون أديلسون. دعم شيلدون أديلسون ترامب في انتخابات عام 2016، وكان حلم أديلسون نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. وحضر أديلسون حفل افتتاح السفارة في القدس. من ناحية أخرى، بن غفير سياسي يميني يوصف بأنه "متطرف" حتى في إسرائيل. وتعد زيارة بنس لإسرائيل بمثابة جولة سياسية للترشح لرئاسة انتخابات 2024.

وفي كتاب مذكراته الصادر في 15 نوفمبر/تشرين الثاني، يدافع بنس بشدة عن رئاسة ترامب التي استمرت أربع سنوات. ويشير إلى إن علاقته مع ترامب انتهت بعد 6 يناير/كانون الثاني 2021. ويؤكد بنس، في مقابلاته، إلى أن هناك خيارات أفضل للحزب الجمهوري مع الامتناع من دعم ترشيح ترامب للرئاسة عام 2024. وتعتبر تصريحاته بعد نشر كتابه مؤشرًا ملموسًا على أن بنس قد يترشح للرئاسة عام 2024. وتشير المصادر أيضًا إلى أن بنس يخطط لزيارة العديد من الكنائس الكبرى في جميع أنحاء البلاد في عام 2023. من ناحية أخرى، يعمل بنس بسرية بشأن مسألة الترشح.

من ناحية أخرى، النائب الأمريكي آدم كينزينجر، أحد النواب الجمهوريين المعارضين لترامب في مجلس النواب، يشير إلى أن بنس يتصرف بشكل انتهازي في كتابه. ويؤكد كينزينجر أن بنس في كتابه يحاول إرضاء خصوم ترامب الجمهوريين والترامبيين في نفس الوقت.

ويشير المشهد النهائي إلى أن هناك معركة ترشيح شرسة ستحدث بين الجمهوريين عام 2023. أعلن ترامب ترشحه مبكرًا. والمرشحين المحتملين هم في الغالب من اليمين، وعلى رأسهم ديسانتيس وبنس ومايك بومبيو. لم يظهر الجمهوريون الوسطيون على المشهد بعد. ستؤثر نتائج التحقيقات التي فتحت ضد ترامب أيضًا على مصير سباقات الترشح.