إلى أي اتجاه سيحرك ترامب المفتاح؟

08:0230/12/2025, الثلاثاء
تحديث: 31/12/2025, الأربعاء
عبدالله مراد أوغلو

يريد “المسيحيون الصهاينة البيض في الولايات المتحدة” أن تضمّ إسرائيل جميع الأراضي الفلسطينية، بما فيها الضفة الغربية. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد صرّح في مقابلة مع مجلة تايم بتاريخ 15 تشرين الأول/أكتوبر، أنه في حال أقدمت إسرائيل على ضمّ الضفة الغربية، فإنها ستفقد كل الدعم الذي تتلقّاه من الولايات المتحدة. وقد أزعج هذا التصريح المسيحيين الصهاينة. وبعد نحو أسبوع من “مقابلة ترامب” مع تايم، صوّت الكنيست الإسرائيلي — أثناء وجود نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس في إسرائيل — على مشروع قرار يشمل

يريد “المسيحيون الصهاينة البيض في الولايات المتحدة” أن تضمّ إسرائيل جميع الأراضي الفلسطينية، بما فيها الضفة الغربية. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد صرّح في مقابلة مع مجلة تايم بتاريخ 15 تشرين الأول/أكتوبر، أنه في حال أقدمت إسرائيل على ضمّ الضفة الغربية، فإنها ستفقد كل الدعم الذي تتلقّاه من الولايات المتحدة. وقد أزعج هذا التصريح المسيحيين الصهاينة.

وبعد نحو أسبوع من “مقابلة ترامب” مع تايم، صوّت الكنيست الإسرائيلي — أثناء وجود نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس في إسرائيل — على مشروع قرار يشمل ضمّ الضفة الغربية. وكانت هذه جلسة تمهيدية، ولم يشارك فيها حزب نتنياهو. وقد فضّل نتنياهو الابتعاد عن التصويت في هذه المرحلة، لأنه لم يكن من مصلحته أن يُعرقل ترامب في هذا الملف.


أما جي دي فانس فقد صُدم تقريبًا من التصويت في الكنيست. فهو لم يكن يتوقع أن يجري هذا التصويت بينما كان في إسرائيل. وقال في تصريحاته:

«إن كان الأمر مجرد استعراض سياسي، فهو خطوة غبية جدًا. وأنا أعتبره إهانة شخصية لي أيضًا. الضفة الغربية لن تُضمّ من قبل إسرائيل. سياسة إدارة ترامب هي أن الضفة الغربية لن تُضمّ من جانب إسرائيل، وسنواصل التمسك بهذه السياسة».


تمارس إسرائيل في الضفة الغربية كل شيء عمليًا عدا الضمّ الرسمي، وتواصل توسيع المستوطنات غير القانونية. فيما تستمر اعتداءات المستوطنين الصهاينة على الفلسطينيين دون توقف. وسبب تذكيري بهذه الوقائع هو أنه كان متوقعًا أن تُطرح هذه المسألة خلال اللقاء الذي جرى أمس في فلوريدا بين ترامب ونتنياهو. فالمصير السياسي لنتنياهو بات بيد وزرائه المتعجلين/الداعين للضم داخل حكومته، ولذلك قيل إن نتنياهو سيحاول خلال لقائه في فلوريدا إضعاف التزام ترامب المتعلق بالضفة الغربية.


أما سبب طلب ترامب من الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ العفو عن نتنياهو — الذي يُحاكم بتهم فساد — فكان تمكين نتنياهو من التخلص من هذا الضغط. لكن إصدار هرتسوغ قرار عفو عن نتنياهو يبدو غير ممكن حاليًا بسبب استمرار القضية القضائية؛ لأن إصدار العفو يتطلب إما اعتراف نتنياهو بذنبه أو صدور حكم بحقه. ويدرك نتنياهو أنه في حال حُكم عليه بالسجن فسيتعيّن عليه مغادرة الحياة السياسية. لذلك يحاول كسب الوقت عبر مواصلة الهجمات على لبنان وسوريا، وعبر تعطيل “خطة غزة” التي طرحها ترامب بذريعة حجج واهية.


غير أن ترامب — بحكم التعهدات التي قدّمها لتركيا ومصر وقطر — بحاجة إلى الانتقال إلى المرحلة الثانية من “خطة غزة”. ويرى ترامب أن نتنياهو هو العقبة الوحيدة أمام تنفيذ الخطة. كما أعلن ترامب في “وثيقة استراتيجية الأمن القومي” أن الولايات المتحدة ستركّز عسكريًا على القارة الأميركية. وقد أزعج تراجع الشرق الأوسط في سلّم أولويات واشنطن — وفق الوثيقة — إسرائيل والمحافظين الجدد والمسيحيين الصهاينة.


كان واضحًا أن نتنياهو سيحاول إفشال “خطة غزة”، وسي resort إلى الاستفزازات لمنع الولايات المتحدة من تحويل تركيزها إلى مناطق أخرى. لقد قدّم ترامب لإسرائيل ونتنياهو تسهيلات لم يقدمها أي رئيس أميركي قبله، لكن الصهاينة يردّون عليه برفض شديد لخطة غزة ولتعهداته المتعلقة بالضفة الغربية.


يعوّل نتنياهو على قادة المسيحيين الصهاينة الأميركيين الذين شاركوا في “قمة سفراء أصدقاء صهيون”، التي نظمتها وزارة الخارجية الإسرائيلية مطلع كانون الأول/ديسمبر. ومن بين “الواجبات المنزلية” التي كلفهم بها نتنياهو: الضغط على ترامب للتراجع عن التزامه بشأن الضفة الغربية. وقد هاجم الإنجيليون الصهاينة الذين شاركوا في القمة الجمهوريين المعارضين للضم، وطالبوا إدارة ترامب بأن تعطي إسرائيل الضوء الأخضر لبسط سيادتها على جميع الأراضي الفلسطينية.


أما الأطراف غير الإسرائيلية في “خطة غزة” فهي أيضًا تنتظر وفاء ترامب بتعهداته. فمن الواضح أن أي اتفاق لا يستند إلى قوة كافية لن يكون اتفاقًا حقيقيًا. ومفتاح الحل بيد ترامب، والجميع يتساءل إلى أي اتجاه سيُدير هذا المفتاح.


تشبه حالة ترامب وضع مايكل كورليوني، زعيم الزعماء في الفيلم المقتبس من رواية ماريو بوزو الشهيرة “العرّاب”. فقد كانت محاولات كورليوني للخروج من النظام القائم تُحبَط من بعض أعضاء التنظيم الإجرامي، وكان يقول: «كلما ظننت أنني خرجت، يسحبونني إلى الداخل مرة أخرى». وكذلك يفعل نتنياهو — فهو يجرب كل أنواع الاستفزازات ليبقي الولايات المتحدة داخل (الشرق الأوسط). فهل سيُظهر ترامب قوة قادرة على إفشال ألاعيب نتنياهو القذرة؟ الجميع — وبحق — ينتظر جواب هذا السؤال.

#ترامب
#الضفة الغربية
#نتنياهو
#فلسطين