|
بقايا الكفاح ضد الشيوعية

تقول المعارضة:

ماذا نفعل في ليبيا؟ ليس من الصواب أن ننحاز لطرف من أطراف الصراع هناك. لو كان علينا ذلك فلنكن بجانب حفتر العلماني إذن.

لماذا لسنا في شرق المتوسط؟ فهناك كل من اليونان وإسرائيل وفرنسا ومصر يتحركون سوية، أما نحن فبقينا وحيدين. علينا التحرك مع دول المنطقة.

لماذا نعارض الانقلاب في مصر؟ أقحمنا أنفسنا في شؤون مصر الداخلية. ما علاقتنا بمن وصل إلى السلطة سواء عبر انقلاب أو غير ذلك، فمن الخطأ أن نعارض نحن هذا الأمر.

إياكم الدخول في المستنقع السوري، ماذا نفعل في سوريا؟ هل سيهاجمنا الإرهابيون الموجودون في سوريا؟ إذا قمنا بعملية عسكرية هناك فسنتعثر بالمستنقع. ما شأننا والسوريون؟ لا يمكننا الانحياز لطرف ما في الحرب الداخلية.

علينا البقاء على الحياد في أزمة الخليج. فهي صراع بين أولئك العرب.

ما علاقتنا نحن باليمن. أم علينا أن ننقذ نحن الصومال وإفريقيا؟ لا نريد لاجئين من أفغانستان، وليس علينا التعامل مع باكستان، وأولئك الموجودون في بنغلاديش هم إسلاميون متطرفون أصلًا، وميانمار بعيدة جدًا عنا وما علاقتنا نحن بالمسلمين هناك، والفلبينيون هم في الأصل سود أو ذوو عيون ضيقة. أما إسرائيل فليست سيئة للغاية إذا ما امتنع الفلسطينيون عن إطلاق الصواريخ.

نعم هذه العبارات وأمثالها طالما صدحت بها أصوات المعارضة في تركيا طيلة السنوات العشر الماضية.

ناهيك عن الهراء الذي وصل ذروته؛ من قبيل أن تركيا نقلت الجهاديين من سوريا إلى أذربيجان خلال حرب قره باغ التي انطلقت لإنهاء احتلال الأراضي الأذربيجانية بعد 28 عامًا.

أخيرًا، بدأ الهجوم الروسي على أوكرانيا بعد الحديث عن ذلك منذ شهور. هناك من يقول أن الحرب العالمية الثالثة قد بدأت، وهناك من يقول أن ما يجري يفتح الباب أمام حرب عالمية ثالثة.

لا شك أن الحرب التي بدأت بين روسيا وأوكرانيا كما تهم العالم بأسره فإنها كذلك تهم تركيا. بل يمكننا القول أنها تعني تركيا بشكل أكبر.

تتمتع تركيا بعلاقات مهمة مع كلا البلدين، كما أنهم تشترك مع كلا البلدين في منطقة واحدة وبحر واحد. وأي أزمة في هذه المنطقة ستؤثر بالسلب على تركيا من كافة الجوانب.

لقد أوضح الرئيس التركي أردوغان موقف تركيا من هذه الأزمة حتى قبل أن تتحول إلى صراع، حين قال أنه "لا يمكننا الاستغناء سواء عن روسيا أو أوكرانيا". ولقد واصلت تركيا موقفها ذاته بعد بدء الصراع. بينما يواصل الرئيس أردوغان جهوده المكثفة لتمهيد الطريق أمام السلام، ولا يزال على تواصل مع كل من بوتين وزيلنسكي على حد سواء.

وحين المقارنة بين هذه الأزمة الأخيرة وبين ما استعرضناه في الأعلى من أزمات سابقة، نجد أن المعارضة ذاتها التي كانت تدعو لضرورة وقوف تركيا في خط الحياد من تلك الأزمات، تدعو اليوم بشكل متناقض إلى ضرورة أن تتبنى تركيا موقف الغرب ذاته، ولولا الحياء فإنهم سيطالبون بإرسال قوات تركية إلى هناك.

لقد انهار النظام العالمي الذي تأسس على أنقاض الحرب العالمية الثانية. وتحولت المنظمات الدولية التي أنشئت عقب الحرب تلك إلى هياكل دون جدوى أو فائدة؟ ولم يعد القانون الدولي يعمل، بينما برزت مجموعات مصالح وسلطة مختلفة. وبدأ الأقوياء يرون أنهم على حق مطلق بسبب قوتهم. كما طغت العرقية والدينية والعقائدية على مبدأ الحق ذاته.

إن المعارضة التي لا تستطيع رؤية أو إدراك أن النظام الدولي قد انتهى، تبدو مشغولة بأمر واحد طالما ركزت عليه لفترة طويلة. فهم لا يزالون يلهثون وراء حلم "الإطاحة بأردوغان" الذي لم تتمكن من التخلص منه عبر أحداث غيزي بارك، ومحاولة انقلاب 17-25 ديسمبر/كانون الأول 2013، ومحاولة انقلاب 15 يوليو/تموز، والهجمات المالية المنظمة في 2018، واستغلال جائحة كورونا.

تتساءل المعارضة اليوم "هل يمكننا إذن التخلص من أردوغان من خلال الحرب الروسية الأوكرانية؟".

الأسوأ من ذلك أنهم لا يستطيعون رؤية انهيار "مارشال بال" عقب الحرب العالمية الثانية، تلك الخطة التي أوجدتهم أصلًا. يتصرفون وفقًا لمكتسبات جمعيات الكفاح ضد الشيوعية التي تأسست في أربعينيات القرن الماضي وما بعد انقلا 27 مايو/أيار 1960.

لا يدركون أن غلاديو قد انتهى، وأن التدريب الذي تلقوه لمحاربة ما يسمى "الشيوعية" لم يعد يعمل بعد الآن. بعبارة أخرى، يبدو أنهم يتصرفون وفق الرموز ذاتها التي أنشئت قبل 70 عامًا.

أدرك العالم أن الخطاب الذي صدح بأن العالم أكبر من خمسة؛ كان محقًا، ولذا فإن الجميع يحشد من أجل نظام عالمي جديد.

لا بد من شخص يتحمل مسؤولية إيقاظ المعارضة من حلمها في محاربة الشيوعية.

كليجدار أوغلو هو أكبر ضحابا انقلاب 28 فبراير/شباط 1997.

يقول زعيم حزب الشعب الجمهوري "أنا أيضًا ضحية 28 شباط"، لكن لا أحد يصدقه. لكن اسمحوا لي أن أعلن تأييدي لكليجدار أوغلو، فأنا أعتقد أنه كان ضحية انقلاب 28 شباط، مثلًا أقيل كليجدار أوغلو من منصبه كمدير لمنظمة التأمين الاجتماعي في تركيا في 20 سبتمبر/أيلول 1996، بعد وقت قصير من تشكيل حكومة حزبي الرفاه والطريق القويم آنذاك.

لكن يا للصدفة، فإن الحكومة التي أتت عقب انقلاب 28 شباط وعزل حكومة الرفاه والطريق القويم، أعادت كليجدار أوغلو إلى منصبه مرة أخرى!

فهل تعتقدون أن شخصًا مثل كليجدار أوغلو كان يجب إعادته لمنصبه بموجب انقلاب 28 شباط؟ لماذا يا ترى؟

لا سيما وأننا لو نظرنا لسنوات خدمته بين عامي 1992 و1996، نجد أنه كان ينبغي تعيين السيد كليجدار أوغلو في مناصب أفضل بكثير! ولذلك أعتقد أن حكومة انقلاب 28 شياط قد ارتكبت خطأ كبيرًا في تعيين كليجدار أوغلو في المنصب ذاته. سأترك تقييم هذا الأمر للشعب.

#روسيا
#أوكرانيا
#تركيا
#أردوغان
#المعارضة التركية
#جسين ليك أوغلو
2 yıl önce
بقايا الكفاح ضد الشيوعية
انهيار متسارع للعملات الأجنبية.. 15 مليار دولار في أسبوع واحد
الرأسمالية تبنى على العقل لكنها تقوم على الإدراك
لم تعد أوروبا مصدر الأفكار الثورية التي تؤثر على العالم اليوم
عصام العطار
إسرائيل.. تنظيم إرهابيّ يهدد أمن المنطقة