|
"محور تركيا" حقيقة واقعة.. فلا تخافوا، نحن من سينتصر!
إن تركيا تناضل نضالًا مميتًا من أجل كسر حدة الإرادة والتدخلات الخارجية الرامية لإيقاف مسيرتها وسجنها في نطاق ضيق وشل حركتها. فنحن أمام حالة من المقاومة، حالة من التصدي للمشروع الكبير والهجمات سالفة الذكر، حالة من التحدي والهجوم عوضًا عن الدفاع والتوسل.


لقد أقدمت تركيا على إطلاق حملة نضال شديد في الداخل ضد الهجمات الدولية المستمرة خصوصًا منذ أيام أحداث غازي بارك الإرهابية، فجرى التصدي للهجمات وأصبحت بلا تأثير، لنشهد نوعًا من الكفاح الوطني. وعندما ضاقت مساحة العمليات بالداخل، اتجهت الهجمات إلى مجالات تأثير تركيا بالخارج.


اضرب من الداخل، وإن فشلت فحاصر على الحدود

فبعدما فشلوا في إشعال فتيل الحرب بين تركيا وإيران (لو كانوا نجحوا لكانت إحدى نتائج محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016)، حاولوا تشكيل الجبهة الكبرى ضد تركيا في شمالي العراق وسوريا، أي من البحر المتوسط غربا إلى حدود إيران شرقا. فالتحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة حاصر الحدود الجنوبية لتركيا محاولين الضغط عليها بعنف، كما سعوا لإسكاتنا عن طريق حصارنا في الداخل كذلك. كما حاولوا تحريض الجماعات الكردية في المنطقة لتشكيل جبهة معادية لتركيا، وسعوا لقطع جميع صلاتنا بالعالمين العربي والإسلامي.


ولقد كان من بين جهود خرق هذا الحصار عمليتا درع الفرات وإدلب وحسابات تطهير عفرين والموقف المناهض لاستفتاء مسعود بارزاني في شمال العراق. ولقد ناضلت تركيا، ولا تزال تناضل، بينما تفعل كل هذا، كما تصدت، وتتصدى، لموجات الهجوم الدولي التي تقترب من جنوبها. ذلك أن هجوم 15 يوليو والجبهة التي يستعدون لتشكيلها في الجنوب تعتبران عملتين لعملة واحدة، محاولة لإسقاط تركيا وحبسها داخل حدودها وإعادة أسرها.


هدفهم الجديد تحريض العرب ضد تركيا

لقد شكلت الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفاؤهم جبهة جديدة مضادة لتركيا تنطلق من جنوبها ما إن فشلت مخططاتهم في سوريا والعراق. كما وضعوا حجر الأساس لموجة جديدة مضادة لتركيا من خلال دولة الإمارات، وخصوصا ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد. وبالرغم من أن الظاهر والمعلن أن "محور" السعودية – الإمارات – إسرائيل يهدف لمنع انتشار التأثير الإيراني بالمنطقة، إلا أن هدفه الأساسي السري هو ضرب تركيا.


إنهم يؤسسون حساباتهم الأساسية هذه المرة على الإيقاع بين تركيا والدول العربية. فواشنطن وتل أبيب استغلتا نزاعات القرن العشرين ضد تركيا ورئيسها أردوغان الذي له تأثير واسع النطاق في العالم العربي، كما أحيت الآراء أحكام الماضي المسبقة من خلال القومية العربية. كما بدأوا وتيرة تحريض الشارع العربي ضد تركيا من خلال ضجيج أنظمة البعث.


القدس هي أولى ضحايا الشراكة القذرة

إن الحملة القذرة التي تديرها الإمارات بالتعاون المباشر مع الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية مبنية على أساس الكراهية التركية لدى العرب. ولقد كانت القدس هي أولى ضحايا هذا التعاون المشئوم. وأما الهدف الأساسي لهذه الحملة فهو قطع أواصر الصلة بين تركيا والعالم العربي لعزلها وغلقها على نفسها.


لكن تركيا لم تتراجع ولو لخطوة إلى الوراء في مواجهة كل هذه التدخلات الدولية، بل بدأت بالهجوم بدلا من الدفاع، وبقدر ما حاولوا حبسها في الداخل بقدر ما اتجهت نحو محيطها الخارجي لتذهل الجميع بمدى حيويتها الدبلوماسية. إن هذا النضال ليس نضالا متعلقا بالسياسة الداخلية، بل دفاع وحساب مستقبلي لهذه الدولة. وعليه، فإن كل محاولة تضعف هذا النضال وكل موقف يقلل من قيمته سيضر بهذا النضال الكبير الذي تقوده تركيا.


هذا الحب والحماس ليسا استعراضا

لقد كانت الجولة التي أجراها الرئيس التركي أردوغان في ثلاث دول أفريقية أولى مؤشرات الحماس الذي بدأ في الدول الإسلامية، لا سيما بعد إفشال مؤامرة القدس التي خططت لها الولايات المتحدة وإسرائيل بالتعاون مع بعض الأنظمة العربية. إن الحب المؤثر لتركيا ورئيسها أردوغان الذي رأيناه في البرلمان السوداني وجامعة الخرطوم ليس أمرا استعراضيا؛ إذ علينا القول إن المشاعر والحساسية ذاتها منتشرة في شتى بقاع العالم الإسلامي من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ.


إن هذا الحب هو نتيجة الغضب الذي يشعر به المسلمون إزاء من نصبوا الفخاخ لرموزهم ودمروا مدنهم ونهبوا مقدراتهم. إنه مؤشر على أن الدول الإسلامية التي هددت وتعرضت للابتزاز وكتمت أصواتها يمكن أن تنهض من خلال موجة حماس عندما تجد صوتا حيا وجهة يعتمد عليها، عندما تبدأ مسيرة شريفة، عندما ينطلق نضال يدافع عن الحق.


أردوغان.. رائد المسيرة التاريخية الكبرى

لقد أصبحت تركيا هي الدولة التي شجعت جميع دول المنطقة على التحرك، وأظهرت موقفا محترما، ونقلت الثقة بالنفس إلى كل من حولها، وبرهنت على أن بلادنا ومجتمعاتنا ليس بدون من يحميها، وأثبتت للعالم بأسره أننا قادرون على أن نكون قوة كبرى إذا ما وحدنا كلمتنا.


لا ريب أن العالم الإسلامي يعتبر أردوغان قائدا ثوريا عظيما ورائدا لتصفية الحسابات التاريخية الكبرى. فهو قد نقل التاريخ والطموحات العثمانية والسلجوقية إلى حاضرنا وصار ممثلا لطموحات القرن الحادي والعشرين في وقت نشهد فيه إعادة تشكيل موازين القوى العالمية.


"محور تركيا" حقيقة واقعة

إن تركيا دولة رائدة بفضل خطابها وموقفها السياسي ونضالها الرامي لإنقاذ نفسها ومنطقتها. كما أنها تعتبر محورا رئيسا في تصفية الحسابات التاريخية. فالأراضي التي سقطت فيها الراية مطلع القرن العشرين تحمل تلك الراية من جديد مطلع القرن الحادي والعشرين. وهذا هو ملخص الأمر، هذا هو السبب الرئيس للهجمات الدولية التي يتعرض لها بلدنا. ذلك أن تركيا رفعت راية الكفاح في الداخل ومحيطها الخارجي ضد من يحاولون حبسها داخل حدودها، كما أطلقت تصفية حسابات القرن. ففي الوقت الذي سعوا فيه لضرب بلدنا من الداخل، استطاعت تركيا الرد بالتعاون مع جميع دول المنطقة.


جزيرة سواكن: انشغلوا بمحتلي القدس

إن هذا الأمر سيستمر على هذه الوتيرة، سيستمر مهما حصلوا على دعم إقليمي أو وجودا لأنفسهم شركاء بالداخل أو حتى طلبوا يد العون من التنظيمات الإرهابية. فبعد وقت ليس بطويل سيرى العالم العربي الفخ الجديد الذي نصب له، وسيدرك أن هذا الفخ يعتبر الخطوة الأخيرة في طريق تمزيق الأراضي العربية، وسيدرك حجم الدمار الذي سيسببه "التحالف العربي – الإسرائيلي"، وحينها سيخطو نحو مسيرة النضال التي تقودها تركيا.


وإن الجدال الذي يريدون إطلاقه في العالم العربي حول جزيرة سواكن السودانية هو جدال محرض عليه تماما من جانب الغرب وإسرائيل. فمن يقول لهم "تركيا دولة توسعية" لم يتركوا دولة في المنطقة إلا واستباحوا عرضها؛ إذ مزقوا العديد من الدول وجروها لحروب لا نهاية لها.


إن من عجزوا عن الاعتراض على احتلال القدس والتصدي لمن يستعدون لأسر مكة والمدينة ومن يحولون كل ركن من أركان العالم العربي إلى حامية عسكرية، يشعرون بالقلق، بتعليمات يتلقونها من البعض، بسبب توسيع تركيا لنطاق نفوذها.


يريدون لأمريكا وإسرائيل بناء قواعد عسكرية، أما تركيا فلا.. في شرع من هذا؟

نعلم أن هذا القلق ليس قلقهم، بل قلق سادتهم، ونعلم كذلك من ينزعج ولا ينام الليل بسبب توسيع تركيا نطاق نفوذها، ونعلم ماذا يعني أن نوقظ الشرق الأوسط من سباته بينما يحاولون القضاء علينا داخل بلدنا.


فما الذي ضايقهم؟ يقولون إن تركيا ستبني قاعدة عسكرية! أجل، ستبني تركيا قاعدة عسكرية، ألا يحق لها ويحق لأمريكا وإسرائيل؟! فلماذا لا تعترضون على ذلك أيضا؟ لماذا صمتم عندما قصفت أمريكا وإسرائيل أرض السودان؟


هذا دفاع عن القدس ومكة والمدينة

ستصل تركيا، بل ينبغي لها أن تصل، إلى كل مكان تستطيع الوصول إليه، ذلك أن هذا يعتبر دفاعا عن بلد، دفاعا عن منطقة بأسرها، ردا على من نقلوا الحرب حتى حدودنا الجنوبية، إظهار لقوة المنطقة. وليس هناك أي طريق آخر، ليس ثمة طريق يمكن السير فيه بالانقياد والتصالح وطأطأ الرأس والاستسلام والتضرع، فتلك الحقبة وذلك القرن قد انتهى إلى الأبد.


وإذا كنا موجودين في الصومال وسوريا وقطر والسودان فنحن موجودون من أجل حماية تلك الأراضي والدفاع عنها واتخاذ موضع مناسب في مواجهة الهجمات الجديدة التي ستمزق الدول الإسلامية الواقعة بين الخليج العربي شرقا والبحر الأحمر غربا. ولا ينبغي لمن سلموا أنفسهم لأعدائنا أن يقدموا لنا النصح، بل عليهم النظر فيما إذا كان بمقدورهم مساندة تركيا في نضالها الكبير.


فكما أننا ندافع عن القدس اليوم ونحميها، فسنكون هناك كذلك غدا للدفاع عن مكة والمدينة، وتذكروا هذا جيدا!


إن صوت القرن الحادي والعشرين سينتشر في المنطقة بأسرها

ولهذا فإن حساسية تركيا ومواقفها ونضالها يعتبروا مسيرة تاريخية. إنه رد قوي على كل من يحاولون تجنيب منطقتنا مواكبة هذه التطورات ودفعها خارج عجلة التاريخ في وقت يعاد فيه تشكيل العالم وموازين القوى الدولية. إنه ليس حلما إمبرياليا، بل سعي لتأسيس درع دفاع عن النفس.


لقد نادانا التاريخ مجددا وألقى على عاتقنا هذا الحمل مرة ثانية في مرحلة يتضح لنا فيها الأصدقاء والأعداء، كما كان ذلك يتضح دائما في كل تحول تاريخي.


إن هذا الصوت هو نضال حضارة كبرى، نضال شرف وحرية، صوت قوي لدرجة أنه يدوي من أدغال أفريقيا إلى شوارع الشرق الأوسط، ومن باكستان حتى عالم المالاي. ونحن من جانبنا نؤمن بأنه هو صوت القرن الحادي والعشرين، وأنه سيقلب الحسابات العالمية رأسا على عقب، وسيفشل تلك المخططات الدولية، وسيعلن بدء مرحلة جديدة من الصعود الأسطوري من هذه المنطقة.


نحمل آمالا عريضة، ولن نفقدها أبدا. ذلك أن التاريخ حكم على البعض بالانهيار، وأما علينا فحكم بالصعود. ولهذا فإن أمتنا ستنتصر في هذا الصراع الكبير.  

#إبراهيم قراغول
٪d سنوات قبل
"محور تركيا" حقيقة واقعة.. فلا تخافوا، نحن من سينتصر!
انهيار متسارع للعملات الأجنبية.. 15 مليار دولار في أسبوع واحد
الرأسمالية تبنى على العقل لكنها تقوم على الإدراك
لم تعد أوروبا مصدر الأفكار الثورية التي تؤثر على العالم اليوم
عصام العطار
إسرائيل.. تنظيم إرهابيّ يهدد أمن المنطقة