|
ضرورة التدخل العاجل في عفرين ومنبج: هذا "كفاح وطني"
إن التشكيل الإرهابيّ في عفرين ومنبج والنوايا التي تحملها القوى الداعمة له تعتبر أكبر وأقرب تهديد يحدّق بتركيا حاليًّا. فهذا الحزام الممتدّ عبر كامل الحدود الجنوبية لتركيا من البحر المتوسط إلى إيران؛ هو مخطط حصار يستهدف بلدنا.


لقد هاجر سكان تلك المنطقة من العرب والتركمان لتوضَع تحت سيطرة بي يي دي – بي كا كا، ومن ثمّ تستغل لاحقًا من أجل فتح "جبهة تركيا". فآلاف الشاحنات التي حملت الأسلحة إلى بي كا كا وسائر الشحنات التسليحية السرية التي لا نعلمها إلى الآن تعتبر هجوما يشنّ ضد دولة عضو بحلف الناتو بواسطة تنظيمات إرهابية.


سينفذون هذا المخطط في 2018

إن تلك الأسلحة لا تقتصر على دعم تنظيم إرهابي، بل تنقل إلى المنطقة من أجل توجيه هجوم مباشر ضدّ تركيا. فنحن لسنا أمام مشكلة إرهاب فقط، بل إعداد لهجوم صريح على بلدنا. فهم يخططون لحصار تركيا من الجنوب وقطع جميع علاقاتنا بدول المنطقة.


إننا أمام عملية إعداد لهجوم دولي جديد؛ إذ إنهم يهيئون المجال لهذا الهجوم الذي خططوا لإطلاقه مع هجمات 15 يوليو/تموز. وينصّ مخططهم على إثارة فوضى "في الداخل" بالتزامن مع الهجوم المذكور، وأعتقد أنهم سينفذون هذا المخطط خلال العام الجاري.


"العملية الداخلية".. الولايات المتحدة وشركاء بي كا كا السرّيون

لا يمكن لأي دولة أو شعب أن يقف موقف المتفرج أمام تشكيل "خط هجوم" لمئات الكيلومترات عند النقطة صفر من حدودها، ولا يمكن لأي حجة أن تجعل تطورًا كهذا أمرًا عاديًّا. فكل من يفعل ذلك ممن يستصغرون التهديد ويحاولون إبعاده عن الأعين ويجعلونه شيئا عاديا ويقولون "ما لنا وما يحدث خارج حدودنا" ويراوغون تركيا منذ أشهر، إنهم ينفذون "عملية من الداخل".


إن هذه الأوساط تبطئ حركة تركيا وتكسب الوقت لصالح أمريكا وبي كا كا عن طريق التعاون مع واشنطن وبي يي دي بشكل مباشر أو غير مباشر. وهذه خيانة ومحاولة لتدمير مستقبل تركيا. فهذا التهديد سيرهن مستقبل بلدنا، بل إنه سيمزقه ويقسمه.


لقد أصبحت أؤمن إيمانا جازما أن هذه الأوساط على صلة بتلك الحسابات الخبيثة، وأنها تعمل بالتعاون مع أولئك، وأنهم ينفذون العملية الكبرى ضد تركيا، وأعتقد أن من نفذوا هجوم 15 يوليو/تموز من خلال منظمة غولن الإرهابيّة حصلوا اليوم أيضا على شركاء جدد داخل تركيا، وأنهم يتعاونون معهم لإبطاء تقدم تركيا ومراوغتها، وأنهم يعملون معهم في "ممر الإرهاب" بصفتهم أكبر الداعمين لهذا المخطط.


دعوة أردوغان و"محور تركيا"

إن التصريحات الصادرة عن الرئيس أردوغان أمس وقبل ذلك هي انعكاسات لدعوة وكفاح كبيرين. فبينما يتحدث عن أعماق التاريخ وتهديدات التدخلات الأجنبية التي تستهدف المنطقة ويتكلم من خلال العقل والجينات السياسية المتواصلة على هذه الأرض منذ أيام السلاجقة، فإن مراوغة البعض إلى هذه اللحظة لا يعتبر إلا مساندة في مقام الخيانة والوقوف في صف الاحتلال والإرهاب والتدخل الغربي.


إن دعوة الرئيس أردوغان وموقفه وخطابه يعبر عن محور تركيا ومحاولة لإنقاذ حاضرها ومستقبلها ومواصلة عهد الرقي الكبير. فهذا هو المكان الذي نقف وسنقف ولا بد أن نقف به.


لقد تأخرت تركيا كثيرًا؛ إذ كان يجب التدخل فورًا ما إن وضّحت معالم ممرّ الإرهاب. لكن حتى لو تأخرنا علينا تنفيذ العملية المضادة دون تسويف ولو ليوم واحد. فالانتظار والتردد في المرحلة المقبلة سيكونان بمثابة الانتحار بالنسبة لهذا البلد.


التدخل في عفرين ومنبج "كفاح قومي" بالنسبة لنا

لقد وجهت تركيا ضربة إلى ذلك الممر وأفشلت "المخطط الكبير"، ولو قليلا، من خلال عملية درع الفرات. والآن عليها القضاء على الجناح الغربي لهذه الجبهة في عفرين ومنبج غربي الفرات، وذلك عن طريق تطهيرهما من عناصر بي كا كا وداعش الذي أصبح تحت سيطرة بي كا كا.


لن تستطيع أمريكا أو أي قوة أخرى الاعتراض قولا أو فعلا على هذه التدخل التركي. ذلك أن واشنطن بادرت بالهجوم على تركيا بالتعاون مع التنظيمات الإرهابية، وأصدرت تعليمات تنفيذ الهجمات الإرهابية داخل الأراضي التركية، ما يجعل هذا الأمر بمثابة عملية مشروعة للدفاع عن النفس، وهو ما سيدركه الرأي العام العالمي.


لكن هذا الأمر بالنسبة لشعبنا هو "كفاح وطني" ودفاع عن الدولة وضمان مستقبل تركيا. ومن الضروري أن نقضي على التهديد في مكانه دون أن ننتظر أن ينقلوا المعركة إلى أراضينا.


يجب القضاء على تلك الجبهة مهما كلف الأمر!

نطلق دعوات حول هذا الشأن منذ أشهر، بل منذ عامين، نتحدث عن التهديد في صدر الصفحات الإخبارية والبرامج الحوارية، ونحثّ تركيا على التحرك. فما وصلنا إليه واضح للجميع، وما قلناه قبل 6 أشهر كذلك واضح. فقد حاولنا الإبقاء على تركيا متيقظة حتى لو نجح البعض في تنويمها. وفي نهاية المطاف، نرى اليوم المرحلة التي وصلت إليها تركيا هي ذاتها التحذيرات التي نحذر منها منذ أشهر.


ليس هناك خيار آخر أمام تركيا. يجب القضاء على هذا التهديد "مهما كلف الأمر". يجب تأمين المنطقة الواقعة غربي الفرات، وإفشال مخطط التدخل الأجنبي هذا، والقضاء على ذلك الكيان التي يحاصر بلدنا من الجنوب. يمكن أن نقول اليوم: إذا لم نتدخل اليوم، فسيتحول ذلك الممر إلى جبهة هجوم ضد تركيا على طول حدودها. ولهذا لا بد من القضاء على هذه الجبهة قبل فوات الأوان، فتركيا تتمتع بالقدرة على فعل ذلك.


تهديد نحو 4 بلدان من شرق الفرات

وأما خطر المنطقة الواقعة شرقي نهر الفرات فآخذ في النمو كتهديد كبير. وربما نواجه التهديد الكبير الأساسي بعد إتمام عمليتي عفرين ومنبج. ذلك أن ما يحدث شرقي الفرات يعتبر تهديدا متناميا بالنسبة لتركيا وسوريا والعراق وإيران، وليس تركيا وحدها.


إنهم يخططون لتقسيم أربع دول مرة واحدة من خلال مشروع واحد. وكان الاستفتاء الذي كلفوا مسعود بارزاني بإجراء أحد مراحل هذا المشروع. فكل من دافع عمدا عن هذا الاستفتاء كان جزءا من ذلك المخطط، لكنه فشل بفضل الموقف المشترك بين أنقرة وطهران وبغداد. والآن يجب تبني موقف مماثل لمواجهة تهديد شرقي الفرات، بل إن سوريا يجب أن تنضم هي الأخرى إلى هذا التقارب؛ إذ إن ذلك التهديد يستهدف الدول الأربع معا. وما دام التهديد واحد، يجب أن يكون الدفاع مشتركا.


ينبغي للدول الخمس إظهار أقوى رد فعل

ولهذا فعلى تركيا وروسيا وإيران وسوريا والعراق إظهار أقوى رد فعل معروف في مواجهة محاولة رسم خريطة جديدة في المنطقة. فما تلك الخريطة سوى وجود عسكري أوجد خصيصًا لخدمة المصالح الأمريكية – الإسرائيلية وإن كان يروّج له من خلال الهوية الكردية.


إن أي وجود عسكري يفرض على المنطقة سيكون قاعدة تدخل تستهدف دول المنطقة أجمع، بل وربما تنطلق من تلك القاعدة تدخلات عسكرية ضد دول الإقليم لعشرات السنين المقبلة. ولهذا يجب ألا يسمح لأي تنظيم إرهابي أو دول أجنبية التمركز في هذا الحزام.


وعليه، فإنّ ممرّ الإرهاب ليس قضية تخص تركيا وحدها، بل هو تهديد يستهدف كذلك إيران والعراق وسوريا، ويجب على هذه البلدان الثلاث التحرك بالتوازي مع تركيا للتصدي له. فمن الضروري إطلاق كفاح مشترك لمواجهة التهديد المشترك.


سيضيقون الخناق في 2018 على تركيا وإيران من الداخل

سيحاولون تضييق الخناق من الداخل على تركيا وإيران خلال العام الجاري من أجل تكوين الخريطة سالفة الذكر. ولهذا يجب علينا التركيز على مكافحة عملاء بي يي دي السريين الذين يتعاونون معهم من داخل تركيا وكل الكيانات التي تعمل بشكل متكامل مع الولايات المتحدة. كما يلزم أن تفشل العملية التي من المفترض أن تشن على عفرين ومنبج مخططات "التدخل الداخلي" التي وضعوا سيناريوهات تنفيذها في داخل هذا العام.


لقد تأخرت تركيا بسبب أنهم راوغوها بالعروض وحجج "ماذا تقول أمريكا؟" ومحاولات "لدينا مقترحات أفضل" وتصرفات "استصغار التهديد". لقد أسسوا أهم إستراتيجياتهم في هذا النطاق خلال العام المنصرم على فكرة "مراوغة تركيا"، وحقا لقد نجحوا في ذلك.


اليد السرّية.. هي يد أمريكا وبي كا كا

ثمة يد، يد خفية متعاونة مع الولايات المتحدة وبي كا كا/بي يي دي، ولوبي مؤثر في عالم السياسة والبيروقراطية العسكرية والإعلام قد لعبا لعبة ضد بلدنا، وحاولا جذب انتباه الرئيس أردوغان إلى اتجاهات أخرى. واليوم شعر هذا اللوبي بضيق شديد بعد أن كشف أردوغان عن الخطر بصوت عال مستخدما عبارات صارمة وصادمة ومشجعا تركيا على التحرك. لا أستطيع أن أخمن ماذا يمكن أن يفعلوا، لكن من المؤكد أنهم سيجربون أمورا مدهشة. وأكيد أنهم سيبذلون ما بوسعهم حتى تكون العملية محدودة على أقل تقدير.


ستطلق تركيا مسيرة الكفاح هذه رغما عن أنصار بي كا كا وأمريكا في الداخل، لأنها يجب عليها إطلاقها لا محالة. ذلك أن خط كفاح يحمل اسم "محور تركيا" قد شكل بالفعل. وسنرى خلال العام الحالي مقاومة خط الكفاح هذا، وسنشهد تأثير هذا الخط في عفرين ومنبج وداخل تركيا، وشرقي الفرات كذلك بمرور الوقت.


حان وقت الكفاح!

لأن تركيا بدأت مسيرة عظيمة، ولن يستطيع أحد إيقاف هذه المسيرة. فجميع المواطنين عليهم الكفاح كتفا إلى كتف في إطار محور الوطن. وسنرى خلال 2018 قدر انتماء البعض إلى هذا الوطن وقدر انتماء آخرين إلى "الخارج".


لا بد تحقيق هذا الكفاح مهما قال القائلون وهدد المهددون. يجب تطهير عفرين ومنبج، وضمان مستقبل تركيا، والتصدي للخطر الذي يهدد دول الجوار الأربع من شرقي الفرات.


لكن إذا لم تنفذ هذه العمليات، فلن يكون بالإمكان السيطرة على ما سيحدث داخل تركيا، وسنشهد خلال هذا العام خفوت نجم عهد الصعود الذي بدأ بعد 100 عام من الغفلة. فإذا كان الحساب كبيرًا واللعبة كبيرة، فيجب أن تكون طموحاتنا كذلك كبيرة.


لقد حان وقت الكفاح!


  

#إبراهيم قراغول
٪d سنوات قبل
ضرورة التدخل العاجل في عفرين ومنبج: هذا "كفاح وطني"
واجب الجامعات تجاه غزة
أمواج "طوفان الأقصى" تثور في الجامعات الأمريكية
ميزان الضمير
صمود غزة ورحلة إحياء مدرسة الوعي الحضاري
الطلاب المؤيدون لفلسطين يُعيدون الأمور إلى نصابها