|
الباب المؤدّي إلى ملاذكرد: اليوم أيضًا نواجه روما والبيزنطيين لقد فتح هذا الباب مجدّدًا وهذا هو الصراع!

سنعود إلى كل ما هو وطني وحقيقي ومملوك لنا، إلى جيناتنا السياسية وإدراكنا للمنطقة وثرائنا التاريخي. سننقل إلى اليوم جميع خبرات ماضينا والكفاحات التي خضناها في هذه المنطقة والنجاحات التي حققناها والدروس التي استفدناها لنطلق العنان من هنا كيانًا وإحياء وصعودًا جديدًا.

سنعود إلى السلاجقة العظام والدولة السلجوقية في الأناضول والدولة العثمانية. ونحن نحمل وعيًا بأن الجمهورية التركية هي حلقة جديدة في سلسلة تلك الدول وأنها الخطوة التي تلت الدولة العثمانية، سنعرف أنّ تحولًا تاريخيًّا قد بدأ من جديد بعد قرن من الزمان، وأن ذلك التحول سيفتح أمامنا مجالات جديدة، وأنه يطرح أمامنا فرصة إطلاق العنان لتلك الجينات السياسية، وأن بابا جديدا للغاية قد فتح كالذي فتح يوم معركة ملاذكرد.

سنبدأ من المكان ذاته بعد 947 عامًا

سنعلم أننا اليوم أمام باب جديد من الأبواب التي فتحها علينا نصر ملاذكرد عام 1071 ميلادية، وأنّ تحوّلًا مشابهًا يشهده العالم حاليًّا، وأنّنا أصبحنا أمام تغير مثير في موازين القوى العالمية، وأننا نشهد تحولا تاريخيا كبيرا.

سنعلم كيف أن التفكير من منظور ضيق وحساب الأمور بأفق ضيق والتسلي بتوقعات ضئيلة يعني الخسارة في هذا الحساب الكبير. سنعلم أن فخا قد نصب لنا، وأن ما يحدث هو حساب من أجل تقليص قدراتنا أكثر، وأننا نرى ذلك عيانًا بيانًا في المنطقة المحيطة بنا.

سنعلم أننا لن تعود علينا أي فائدة من وراء التحالفات والمحاور الدولية ووصاية الغرب وخرائط الطرق السياسية التي ترسم باللجوء إلى تلك القوى العالمية، سنعلم أننا لن نستفيد من تعريفات القيم الاستراتيجية لكل هذه الأمور ومشاريعهم السياسية والاقتصادية، سنعلم أنه حان وقت التخلص من كل هذا، وأن ما يحدث على الساحة العالمية في الوقت الراهن فتح بابا استثنائيا لتركيا من أجل أن تتحرك في هذا الطريق، سنعلم أننا بخطوات ذكية للغاية يمكن أن نحول هذا الفراغ إلى أساس لقوة عظمى وطفرة مثلى.

قدرنا أن نواجه أعتى الأعداء وأدمى الهجمات

سنعرف من الآن فصاعدا كيف نتخلص من تأثير حكام الوصاية وتوجيهاتهم للصواب والخطأ والزعماء والكوادر السياسية المدفوعة من الخارج والعقول والأوساط الثقافية الغريبة على بلدنا والكوادر الأمنية المعادية لبلدنا وشعبنا و"الجماعات" أو الكيانات المشابهة التي دعموها لعشرات السنين للتدخل في شؤون وطننا، سنتعلم كيف نقضي على تلك الجينات والكيانات التي أصبحت منذ قرنين من الزمان أداة بيد الغرب للتدخل في شؤوننا.

سنعرف كيف نتبنى عقلية وخط مقاومة وخطاب عدل ولغة سياسية محلية ووطنية مملوكة لنا.

لقد ورثنا التقليد السياسي الذي كافح على مر التاريخ ضد أعتى الأعداء وأكبر الأزمات وأشد الخيانات وقاوم أدمى الهجمات، لكنه نجح دائما في التصدي لكل هجوم، بل وبدأ عهد صعود عظيم بعد ذلك. ولهذا فإننا نعلم أن قدرنا هو أن نواجه مجددا أكبر الأعداء ونصفي حساباتنا مع قوى العالم المركزية، وهو ما سيدفعهم إلى الاصطفاف في مواجهتنا تواليا ومحاولة إضعافنا بشتى الطرق والهجمات.

انتصرنا على القوة المركزية العالمية في ملاذكرد

لقد تعرضنا لثلاث صدمات كبرى على مدار تاريخنا الذي يمتد لألف عام في الأناضول؛ إلا وهي الاحتلال الصليبي والاحتلال المغولي واحتلال الحرب العالمية الأولى، فنجحنا في التغلب على أول احتلالين لنصنع مستقبلا باهرا، لكننا لا نزال نواجه تأثيرات الصدمة الثالثة. بيد أننا سننتصر كذلك في هذه المعركة وسنتغلب على هذه التأثيرات لنغلق بوابة القرن العشرين بأيدينا.

لقد كان في ملاذكرد عقلية وحماسة سحقت البيزنطيين وقوة وقيادة دمرت روما العظيمة. لقد غيرت تلك المعركة ملامح المنطقة وقلبت خريطة القوى العالمية آنذاك رأسا على عقب، بل وغيرت خريطة الإسلام. لقد استمرت هذه المسيرة دون توقف على مدار قرون حتى وصلت إلى قلب أوروبا، وحاولت الوصول إلى سواحل الأطلسي.

إنهم قادمون لينتقموا لما حدث للبيزنطيين في ملاذكرد

لم يغلق الباب الذي فتح في ملاذكرد إلا في فيينا لنتراجع إلى الأناضول بهجوم مضاد شنته جميع قوى العالم آنذاك. لقد استمرت مسيرتنا نحو الغرب وتراجعنا تجاه الشرق لقرون. لقد احتمينا نحن وكل سكان المنطقة ومسافري هذه الرحلة بأراضي الأناضول.

لكنهم أرادوا كذلك إخراجنا من الأناضول، أرادوا الانتقام للبيزنطيين وما حدث لهم في ملاذكرد، أرادوا نفينا إلى ما وراء القوقاز ومحو تاريخ الألف عام من الذاكرة. لقد نهبوا تقريبا جميع أراضي الإسلام، وأسسوا في كل مكان دويلات تابعة لهم عندما انهارت السلطة السياسية المركزية وصارت المنطقة بلا صاحب.

القلعة الأخيرة والوطن الأخير: لقد فشلوا في نفينا إلى ما وراء ملاذكرد

لقد قاومنا وأنقذنا الأناضول الذي اتخذناه من جديد وطنا لنا وحددنا المركز مجددا وأعلناه قلعة المقاومة الأخيرة للإنسانية جمعاء. حاولنا حمايته على مدار القرن العشرين، ونجحنا في ذلك.. لقد فشلوا في نفينا إلى ما وراء ملاذكرد، فشلوا كذلك في إغلاق ذلك الباب في ملاذكرد حتى بعد مرور مئات السنين.

لقد شكلت مقاومتنا هذه وإعلاننا للأناضول القلعة الأخيرة أساس تاريخ الصعود اليوم. لقد انعكس مجرى التاريخ وغيرت الرياح اتجاهها وعدنا نحن كذلك إلى التاريخ مجددا. ولهذا السبب نهتم اليوم بنصر ملاذكرد وندرك أن بابا جديدا قد فتح وأننا نطلق بداية جديدة.

نهتم لأن من هزم في ملاذكرد كانت الدولة البيزنطية أعظم قوة في زمانها، نهتم لأننا نواجه اليوم الظروف ذاتها وصورة القوة عينها، لأنها تحكي لنا الكثير والكثير من أجل ما يحدث اليوم، لأننا في نقطة تحول مشابهة اليوم وأن القرارات التي سنتخذها ستفرز نتائج مشابهة.

اعتدنا تحدى أكبر قوى العصر

إن من تقاليدنا السياسية أن نتحدى أكبر قوى العصر، إنها خاصية تصنع التاريخ لهذا الشعب، إنها ريادته وروحه المكافحة. إنها طريقة كفاح شريفة يسير على هديها الناس من كل دين وقومية في عدل ورحمة جنبا إلى جنب من أجل خوض كفاح عظيم. إنها طريق لا يتغير سرنا فيه منذ نصر ملاذكرد، واليوم نثبت أنفسنا من جديد على هذا الطريق ونتحرك من أجل مسيرة عظيمة للغاية.

إن اليوم لا يمثل تغيرا لكل شيء بالنسبة لتركيا وحسب، بل للمنطقة والعالم بأسره. فمن يسير اليوم في أي طريق عليه أن يعلم أن خطواته سترسم ملامح مستقبله لقرون مقبلة. ينبغي لتركيا أن تنجح في تخطى مقاومة ما بعد الحرب العالمية الأولى والإرادة التي جعلت من الأناضول القلعة الأخيرة، وأنا واثق من أنها ستنجح في ذلك. فهذه هي الرحلة التي انطلقنا من أجلها.

علينا إحسان فهم الهجمات المتوالية ضدنا!
لقد جاؤوا ليغلقوا ذلك الباب

إن هذا هو سبب الهجمات المتتالية التي تستهدفنا بلدنا اليوم والمساعي الرامية لفض الناس من حولنا وعزلنا عن العالم. لقد كان هذا كذلك هو سبب 15 يوليو/تموز وأحداث الإرهاب ومخططات الحصار من شمال سوريا، لقد كان سبب في استهدافنا سرا من داخل الناتو وتعاون واشنطن مع الإرهاب ومحاولاتها لقصم ظهر أنقرة، وهو أيضا سبب العداء الأوروبي الجماعي لتركيا.

سننجح في بناء مستقبلنا بقدر إدراكنا لهذه الحقيقة، سننجح بهذه الطريقة في رسم ملامح حقبة الصعود تلك. إنهم لا يزالون يستهدفوننا من أجل نفينا إلى ما وراء ملاذكرد وإغلاق هذا الباب إلى الأبد والانتقام من أجل إسطنبول وفيينا. يحاولون تصفية حسابات الألف عام. بيد أنهم عاجزون عن رؤية حساباتنا وأهدافنا وخططنا المستقبلية وإلى أين سيمتد هذا التحول التاريخي. ولن يستطيعوا كذلك رؤية ذلك مستقبلا، لن يقدروا على فهم هذا الصعود الكبير لأنهم سينشغلون بالصراع وتصفية الحسابات فيما بينهم.

اليوم أيضا نواجه روما والبيزنطيين

لا تنسوا أننا واجهنا البيزنطيين في ملاذكرد، واليوم كذلك نواجههم، نواجه الإمبراطورية الرومانية. لكن أمثال ألب أرسلان لا ينتهون على هذه الأرض. لقد فشلوا في تعلم هذا الدرس على مدار مئات السنين، بل إنهم اليوم لا يزالون يواصلون السير والعمى نفسه يغطي أعينهم. إنهم لا يستطيعوا إغلاق تلك الأبواب أبدا حتى لو جاؤوا بأقوى الجيوش وأطلقوا أعتى الحملات الاستيلائية.

لأنهم سيتعلمون ذلك مرة ثانية في القرن الحادي والعشرين...

ملحوظة: أعتذر منكم أنني أكتب اليوم المقال ذاته الذي كتبته في ذكرى العام الماضي لانتصار ملاذكرد.

#إبراهيم قراغول
#ملاذكرد
#تركيا
#الروم
#البيزنطيين
#معركة ملاذكرد
#ألب أرسلان
٪d سنوات قبل
الباب المؤدّي إلى ملاذكرد: اليوم أيضًا نواجه روما والبيزنطيين لقد فتح هذا الباب مجدّدًا وهذا هو الصراع!
انهيار مشروع الإرهاب التوسعي
الخنازير لا تتغذى على الكتب المقدسة
لا مفر من حرب عالمية
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة