|
"منفذو العمليات الداخلية" في تركيا والسعودية، ومثال إسقاط الطائرة الروسية. هل اختفاء خاشقجي مخطط لفتح جبهات جديدة في المنطقة؟ استيقظوا فجميعنا في سفينة واحدة

ليس هناك أي مسألة في تركيا تعتبر مسألة داخلية. فجميع القضايا بدءا من الاقتصاد وحتى الأمن، ومن هيكل السلطة الداخلية وصولًا إلى التطورات الإقليمية والدولية ليست قضايا تبدأ وتنتهي بتركيا. ولا شك أنّ الذين يركزون على بعض التطورات ويحاولون الانتقام في الداخل، وكذلك الذين يسعون للاستفادة من تلك الأمثلة؛ لديهم أجندات مختلفة.

إن جميع المسائل بدءا من قضية برونسون إلى واقعة اختفاء خاشقجي، ومن هجوم الدولار إلى عمليتي منبج وشرق الفرات، ومن الخلافات متعددة الجوانب بين تركيا والولايات المتحدة إلى هجوم 15 يوليو/تموز (محاولة الانقلاب الفاشلة)، ومن التوتر بين تركيا والسعودية إلى من يحاولون الوصول إلى مساحات للمعارضة والتدخل من خلال هذه التطورات؛ فإنّ كل شيء يعتبر قضايا متعددة الجوانب والجبهات والمعادلات وليس قاصرًا أبدًا على "جوانب ضعف" تركيا.

لا ينبغي لأحد البحث في هذه الأحداث عن فرصة من أجل "التدخل من الداخل"

نشهد إعادة رسم ملامح لعالم لا تدوم فيه عداوة أو صداقة، ولا تعتبر فيه أي قضية مسألة محلية. ولهذا السبب لا ينبغي لأحد أن يتحدث من الذاكرة، فكل تعميم سيتعارض مع نفسه بعد فترة قصيرة. لم يبق أي دولة أو قوة كبرى في العالم. وعندما تتحرك كل قوة بشكل فعال فإنها ستكون قادرة على شل حركة قوى أكبر وإفساد إعداداتها.

وفي الوقت الذي نشهد فيه وجود هذه الحقائق، لا ينبغي لأحد أن يقدم على تنفيذ "العمليات الداخلية" والترويج للحسابات السياسية من خلال الخطابات الرخيصة أو تضليل الرأي العام التركي في محاولة منه لجعله جاهزًا لاستقبال تدخلات دولية جديدة.

واقعة خاشقجي ليست جريمة قتل وخطف فقط

ولهذا السبب تعتبر واقعة الصحفي جمال خاشقجي واحدة من هذه الحزم الدولية. فهي ليست عملية قاصرة فقط على جريمة قتل أو خطف أو حتى التخلص من شخصية معارضة، كما أنها ليست قاصرة على تركيا أو السعودية فقط أو حتى جنون بن سلمان أو الحسابات الشخصية لابن زايد.

بل إنها واقعة ظلامية متعددة الجوانب بدءا من أمريكا إلى أوروبا، ومن بنية السلطة الداخلية للسعودية إلى التباعد التركيّ–السعودي، ومن إعادة رسم ملامح المنطقة إلى سيناريوهات الحرب السعودية–الإيرانية، ومن التقارب التركي–القطري، والجبهة المخططِّ تشكيلُها في الخليج عقب الحرب السورية إلى المحور الذي يضم الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر والسعودية والإمارات.

ماذا سيحدث لو لم يكشف النقاب عن تفاصيل "السيناريوهات الظلامية" لواقعة خاشقجي؟

وعليه، يجب كشف النقاب عن تفاصيل جريمة خاشقجي بشكل عاجل. لكن يجب أولا الكشف عن الحسابات الظلامية الكامنة وراء هذه الواقعة. فماذا سيحدث لو لم يكشف النقاب عن هذه التفاصيل؟ لن يكشف النقاب بالتالي عن تجهيزات التدخل الجديد في تركيا، وكذلك المخططات الرامية لعزل تركيا عن العالم العربي، وهو ما ينطبق كذلك على الحسابات القائمة في شمال سوريا وماهية انقلاب السيسي في مصر. كما لن نكون قد توقعنا سلفًا كيف يتمّ إعداد مخطط دولي لما بعد سوريا وكيف سيهز هذا المخطط المنطقة بأسرها.

أدعو أنقرة والرياض لإغلاق باب التدخل الأمريكي

يجب على تركيا والسعودية إغلاق كل أبواب واقعة خاشقجي التي تدعو لتدخل دولي وتهدف لاستفزاز البلدين. فمن المقلق للغاية أن تتدخل واشنطن في الواقعة وترسل وزير خارجيتها إلى المنطقة وتقول "وإلا سنعاقبكم"، كما أن الدور الذي لعبته الاستخبارات المصرية والإمارات في الواقعة يبعث على القلق ويقدم طرف خيط هذا التدخل الدولي.

نشهد ظهور مشاكل إقليمية عويصة مع كل تدخل غربي في الخلافات والتوترات والصراعات بين دول المنطقة، بل إنّ هذا التدخل "يتسرب" حتى بين ثنايا وجهات النظر المختلفة. وهو ما حدث في كل وقت إلى ومنا هذا، فلم تحل أي مسألة تدخلوا بها، بل بقيت في الظلام، وهو ما ساعدهم على تنفيذ سيناريوهات أخرى من خلال هذه المسائل. ذلك أنهم هم الذين نسجوا خيوط هذه اللعبة بنسبة كبيرة.

"منفذو العمليات الداخلية" في تركيا والسعودية"، ومثال إسقاط الطائرة الروسية

ينبغي لدول المنطقة الانتباه إلى الكيانات الداخلية الموجودة داخلها ومن يتحركون على جبهة التدخلات الدولية سالفة الذكر، لا سيما أصحاب "العمليات الداخلية. فهذا الأمر صار مطلبا عاجلًا هذه الأيام. يجب عدم السماح لعملية نفسية تشبه تلك التي حاولوا تنفيذها من خلال الرأي العام داخل تركيا عندما بدأت الحرب في سوريا. ذلك أننا نشهد بشكل مباشر هذه السيناريوهات الدولية منذ أحداث "منتزه غيزي" (2013) إلى اليوم، ونعلم كيف فعلوا كل هذا، ولهذا علينا أن نكون حذرين.

وعندما ننظر إلى الأمر من وجه النظر السعودية، سنرى أنّ هناك بعض الأوساط داخل هرم السلطة تتحرك بالتعاون مع الولايات المتحدة وإسرائيل مما يتسبب في حدوث النزاعات على المستويين الداخلي والإقليمي وتفتح الباب أمام مساحات لتدخلات جديدة. ونعلم جيدًا على وجه الخصوص كيف تروج هذه الأوساط لفكرة "الحرب مع إيران ومعاداة تركيا"، وندرك أنّ هذا السيناريو يهدف بشكل مباشر لتدمير السعودية.

وفي الوقت الذي خططوا فيه لتظهر واقعة إسقاط الطائرة الروسية في تركيا وكأنها حركة دفاعية "وطنية"، فرأينا لاحقًا أنه كان سيناريو يهدف لجعل تركيا وروسيا في مواجهة مباشرة لينهوا الأمر داخل الأراضي السورية، كما كانت واقعة موجهة للتمهيد لما حدث ليلة 15 يوليو/تموز، وكذلك عزل تركيا وسلبها قدرتها على الدفاع.

مخطط المواجهة بين تركيا والعالم العربي

إنهم يضعون مخططًا يستهدف وضع تركيا في مواجهة الدول العربية. فأعداؤنا يروجون لـ"الخوف من العثمانيين" و"عداوة تركيا" في الشارع العربي، وهو مخطط تدميري يستهدف منطقتنا.

إنهم يسعون لتدعيم أسس هذا المخطط عن طريق وضع صورة جديدة للزعيم العربي على شاكلة ابن سلمان وابن زايد. كما يؤسسون لموجة قومية عربية جديدة رغبة منهم في جر العالم العربي إلى حرب ضدّ تركيا وإيران.

لقد كلفوا هذين الزعيمين العربيين بالكثير من المهام على كل الساحات ضد تركيا وأردوغان. فهما يدعمان جميع السيناريوهات الصادمة، بما في ذلك الإرهاب والانقلابات. لكن تركيا أدركت أنّ هذا حساب غربي كبير وجزء من الاستيلاء الغربي الذي يستهدف تركيا وسائر دول المنطقة قاطبة. ولهذا فإن أنقرة تتصرف بحذر شديد وتنتظر من العالم العربي أن يرى حقيقة هذا المخطط.

استيقظوا فجميعنا في سفينة واحدة

إن احتلال العراق وحرب سوريا وداعش ومخطط بي كا كا وأحداث 15 يوليو/تموز وهذه "الموجة العربية" الجديدة كل ذلك هو جزء من السيناريو الكبير والخريطة الجديدة التي تستهدف منطقتنا بعد مائة عام. فنحن أمام جبهات القرن الماضي وهي تؤسس من جديد. لكننا جميعًا، على عكس ما يظنون، في سفينة واحدة.

لقد التهم هذا المخطط سوريا والعراق، واقترب حاليًا من تركيا والسعودية وإيران، ولو نجحت مخططات الصراع والتحزب بين هذه الدول الثلاث الكبرى، فإن المنطقة بأسرها ستنهار. كما أن الخريطة الجديدة التي يحاولون تنفيذها في شرق الفرات جزء من هذا المخطط. فهم يسعون لبناء جدار ومنطقة عازلة بين تركيا والعالم العربي، ويجب على تركيا والسعودية العمل سويا لإفشال هذا المخطط.

ينبغي منع اندلاع حرب عربية–إيرانية، وإفشال مخطط "الحرب الأهلية الإسلامية"

لكن هناك من يمتلكون أجندات سرية في هذا الإطار في العالم العربي وداخل تركيا. يعلم الجميع كل المخططات المعلنة والخفية. وإن كيان المعارضة والتدخل الجديد داخل تركيا مرتبط بالموجة العربية المعادية لتركيا.

ولقد وضعوا هذين المخططين بصفتهما عنصرين ثانويين للاستيلاء الغربي والمخططات الجديدة للمنطقة، والآن يعملون على تنفيذهما. لسنا أمام عداوات بين الشعوب. فالبعض يمهد الطريق نفسيًّا ويضع الألاعيب للإيقاع بيننا.

ينبغي عدم السماح لبناء جدران بين أنقرة والرياض وطهران. هذا ليس صراعنا، بل صراعهم. علينا ألا ندمر بلادنا من أجل حرب الآخرين، كما علينا ألا نقع مجدّدًا في الفخاخ التي نصَبوها لنا قبل مائة عام.

إنهم يعملون على تمهيد الطريق أمام "حرب أهلية إسلامية". ولهذا فإنهم قريبًا سيشعلون فتيل الحرب في الخليج، وسينثرون بذور الحرب في قلب العالم الإسلامي، وحينها يريدون شكل حركة تركيا.

أهمية إعدادات ما قبل إسقاط الطائرة الروسية والحرب السورية

لا أؤمن شخصيًّا بأيّ فكرة سوى فكرة تركيا والكفاح الإقليمي. وأتابع منذ بضع سنوات "العمليات الداخلية" في كل من تركيا والسعودية، وحاولت شرح هذا الأمر للجميع، لكنني فشلت. فهذه العمليات يروج لها عبر بن زايد لتسقط حكومة الرياض في الفخ.

تردني أسئلة حول ما إذا كنت أفكر باحتمالية حدوث واقعة إسقاط طائرة روسية جديدة. وإنّ هذا الأهمية مهم للغاية.. فنحن على أعتاب سيناريو طبقوه مع بدء الحرب في سوريا حتى أسقطوا كثيرين في الأسر. كان أحد هذه السيناريوهات يرمي لإشعال الحرب بين تركيا وروسيا، وأما الآخر فدمر سوريا. وأما من وضع هذه اللعبة وكيف يلعبها؟ فهو ما علينا الإجابة عليه.

#إبراهيم قراغول
#تركيا
#السعودية
#جمال خاشقجي
#أندرو برانسون
#الولايات المتحدة الأمريكية
#أبو ظبي
#مصر
٪d سنوات قبل
"منفذو العمليات الداخلية" في تركيا والسعودية، ومثال إسقاط الطائرة الروسية. هل اختفاء خاشقجي مخطط لفتح جبهات جديدة في المنطقة؟ استيقظوا فجميعنا في سفينة واحدة
انهيار مشروع الإرهاب التوسعي
الخنازير لا تتغذى على الكتب المقدسة
لا مفر من حرب عالمية
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة