|
ترامب يهين إيران ويلعب بكرامتها. ماذا ستفعل أمريكا وإيران بعد الاغتيال؟ هل سنرى سيناريو القيامة؟ ماذا تعني "الأهداف الثقافية" وأن "إيران لن تستطيع أن تمتلك سلاحا نوويا"؟حدوث أسوأ نماذج الحرب بالوكالة. انفجار هذه الأزمة في الخليج

يعتبر اغتيال قاسم سليماني أكبر أزمة وقعت بين الولايات المتحدة وإيران منذ ثورة إيران عام 1979 واحتلال السفارة الأمريكية في طهران.

نحن أمام وضعية تتخطى بكثير حالة التحدي التي تعيشها أمريكا وإيران والتي شهدناها حتى اليوم، ومن الصعب للغاية تخمين ما يمكن أن يحدث خلال المرحلة المقبلة.

فهل سيواصل البلدان "الأزمة المنضبطة" التي سيطرت على علاقتهما حتى اليوم أم سيلجآن إلى لعبة جديدة لنشهد تطورات تقود إلى حالة دمار شامل؟ هذا ما سنرى إشاراته في القريب العاجل.

حجم التهديدات أخفت فقط الحقيقة

ذلك أن حالة التصعيد بين أمريكا وإيران وإسرائيل وإيران لم تكن متناسبة أبدا مع حجم التصريحات والخطابات والتهديدات، فلم تتحقق مطلقا عبارة "حذف إسرائيل من على الخريطة" كما رددها المسؤولون الإيرانيون.

كما لم تتحقق أبدا تهديدات إيران بضرب الولايات المتحدة، ولم تتحقق أبدا تهديدات الولايات المتحدة بتغيير النظام وإعلان الحرب الصريحة ضد طهران، كما لم تستهدف إسرائيل إيران بعدما أخذت تردد أن "إيران هي أكبر أعدائها".

أمريكا استهدفت إيران واحتلت دولا أخرى

وإيران استهدفت أمريكا واستغلت حملات الاحتلال هذه

تظاهرت أمريكا باستهداف إيران، لكنها احتلت دولا أخرى ودمرت الدول الإسلامية والأراضي العربية، فمات مئات الآلاف من البشر وتحولت المدن إلى أطلال. فكان العدو الأساسي في الواقع هي الدول المظلومة والمدنيون. تظاهرت إسرائيل باستهداف إيران لكنها ضربت فلسطين ولبنان وسوريا.

وأما إيران فقالت "نحارب الولايات المتحدة"، لكنها كانت أكثر من حصل على نصيبه من حملات الاحتلال، فسيطرت على العراق بفضل الاحتلال الأمريكي وزادت من مستوى نفوذها في المنطقة بشكل استثنائي. كما تظاهرت طهران باستهداف الولايات المتحدة، لكنها نشرت الحروب الطائفية في كل مكان وتسببت في قتل آلاف الأشخاص فقط بسبب "هويتهم الطائفية".

لقد كانت "الحرب ضد الشيطان الأكبر أمريكا" هي أكبر وسيلة دعائية استغلتها إيران منذ ثورتها، لكنها – في الواقع – لم تفعل شيئا سوى الإيقاع بين الدول الإسلامية وإشعال فتيل الحروب الطائفية ونشر الإمبرالية الفارسية.

قتال المسلمين بالتظاهر بقتال أمريكا

لا شك أننا لن نقف بجانب أمريكا وإسرائيل في مواجهة إيران، فهذا أمر لا يمكن أن يقبله أي دولة أو إنسان في المنطقة.

إن مبدأنا الأساسي هو التصدي لكل هجوم أو محاولة هجوم تقدم عليها الولايات المتحدة أو أي قوة من خارج المنطقة تستهدف بها منطقتنا. فهذا موقفنا ومبدأنا.

"لكن" لا يمكن بأي حال أن نتسامح مع خوض معركة أخرى عن طريق التحجج بموجات الاحتلال التي تقدم عليها أمريكا والتظاهر بـ"قتال أمريكا" بينما تخاض هذه المعركة واستغلال الظروف وخوض معركة طائفية أو نشر مبادئ القومية الفارسية وعدم الالتزام بأي معايير في ذلك بل واستهداف المسلمين باعتبارهم "أعداء".

يجب ألا يكفر أحد عن ذنوبه بالدماء الملطخ بها أيدي الآخرين

يجب ألا يحاول أحد التستر على جرائمه بجرائم الآخرين أو أن يكفر عنها بالدماء الملطخ بها أيدي الآخرين أو أن يسعى لتحقيق مصالح بشكل غير مباشر بالتعاون مع النظام الإمبريالي وهو يتظاهر أمام المنطقة كلها بقوله "أقاتل الإمبريالية".

لقد تظاهرت إيران بمواجهة الغرب كما تظاهرت السعودية والإمارات بالتعاون مع الغرب، لكنهم جميعا دمروا المنطقة. فالصراع القائم بين هاتين الجبهتين أدى إلى حالة من الدمار تساوي ما فعلته الولايات المتحدة خلال حملاتها الاستعمارية.

وبغض النظر عن التسمية، فيمكنكم تسميتها بالمعركة العربية-الفارسية أو الحرب الطائفية، فهذا الصراع كان حجة لكل الحملات الاستعمارية التي استهدفت منطقتنا. ذلك أن الحملات الاستعمارية الأمريكية وتجاوزات إسرائيل كانت بحاجة لصراع كهذا تدور رحاه داخل المنطقة.

الخليج العربي والبحر الأحمر وشرق المتوسط:

أسوأ نماذج الصراع في المنطقة قادم

لن يستطيع أحد الحصول على فرصة إدراك ماهية هذه المعركة ومداها وهدفها حق الإدراك طالما لم نتخل عن فكرة إما تأييد إيران أو السعودية.

والأدهى من ذلك كله هو أن أسوأ سيناريوهات الصراع الداخلي في المنطقة لم تظهر بعد. فالصراع كان قاصرا على الدول حتى هذه اللحظة، لكننا مستقبلا يمكن أن نرى أن تأثير هذا الصراع قد انتشر على مستوى المنطقة بأكملها.

وإن لم نوقف هذا التحزب فإن الصراع سيعم المنطقة كلها من ليبيا إلى باكستان، وربما تدمر بالكامل المنطقة الواقعة ما بين الخليج العربي والبحر الأحمر وشرق المتوسط.

إن هذا هو سيناريو المعركة الكبرى التي تخططون لها ويتحدثون عنها. إنها عملية تدمير شامل ومخطط وضعته العقلية الغربية وتتحرك وفقا له إيران والسعودية وسائر دول الخليج.

"سيأتي اليوم الذي لا يمسح فيه أحد في المنطقة دموع إيران"

لقد كان قاسم سليماني أحد قادة هذه المعركة، فكان يدير عمليات بتعاون مباشر مع الولايات المتحدة وكان يخوض حروبا سرية وطائفية في حلب والعراق واليمن وليبيا ومناطق أخرى تحت ستار معاداة أمريكا التي قتلت بعد ذلك. وعندما ننظر للأمر من هذه الزاوية نجد أنه ينبغي لنا تناول التهديدات المتبادلة بين واشنطن وطهران من خلال بُعد آخر.

لقد شعرنا بالكثير من الألم والأسى إزاء المجازر التي ارتكبتها القوات التابعة لسليماني في حلب لدرجة أنني كتبت حينها وقلت "سيأتي اليوم الذي لا يمسح فيه أحد في المنطقة دموع إيران"، وهي العبارة التي تذكرتها عندما رأيت أمس الباكين على سليماني أمس في طهران، بمن فيهم خامنئي، فهل كان يجب أن نعيش هذا؟!

ماذا ستفعل إيران؟

وماذا ستفعل أمريكا؟

هل نشهد تنفيذ مخططا تدميريا؟

والآن لننتقل إلى الموضوع الحيوي بعد تحديد هذه النقطة الأساسية:

تشير التصريحات الصادرة عن إيران والتنظيمات التابعة لها والجماعات التي تخوض باسمها حربا بالوكالة إلى أن الرد بالمثل لن يكون قاصرا على مناطق أو دول بعينها. وهو ما يعني أن الصراع سينتشر في كل دول المنطقة. نعم، إيران لديها القدرة على ذلك. لكن الفاتورة التي ستدفعها إيران كي يصل الأمر إلى هذا الحد ربما تكون أكبر بكثير مما هي عليه اليوم.

وأما تصريحات ترامب وإدارته فتسرد لائحة واسعة من الأهداف بمن فيها "صانعو القرار" و"الأهداف الثقافية" (أعتقد أنهم يقصدون بذلك الأماكن المقدسة بالنسبة للشيعة).

وهو ما يشير إلى أن مخططات التدمير الشاملة التي وضعوها لمنطقتنا أصبحت غير قابلة للإخفاء. ولا شك أن استهداف الرموز الدينية والمذهبية سيحول الأمر إلى تصفية حسابات حضارية متعلقة بالهوية، وهو ما لن يكون له نهاية.

هل تستهدف أمريكا المنشآت النووية الإيرانية؟

وأما التغريدة التي نشرها ترامب أمس عبر تويتر وقال فيها "لن تستطيع إيران أبدا امتلاك سلاح نووي" فتعتبر أخطر بكثير مما سبق. فإذا لم يكن ترامب يراوغ بالتصريحات، فهذا يعني أن إيران ستكون هدفا صريحا للمرة الأولى.

لقد وصلنا إلى نهاية سياسات التوتر المعتدل بين واشنطن وطهران؛ إذ أنهى "جنون" ترامب سياسات نظام الدولة القائم في أمريكا. وهو ما سيخرج إيران من إطار سياسة التوتر المعتدل، بل سيجبرها على ذلك، وهو ما يعتبر سيناريو للقيامة!

أمريكا تهين إيران وتلعب بكرامتها

لقد أهان ترامب إيران ولعب بكرامتها بقتل سليماني الذي كان أحد قادة الحرس الثوري ورمز من رموز الحسابات الإمبريالية لطهران في سوريا والعراق واليمن ولبنان وربما كان رئيس إيران المستقبلي.

ولا شك أن حتى إيران لم يخطر ببالها ارتكاب اغتيال كهذا. ذلك أنه كان يتحرك وكأنه "صاحب" سوريا والعراق واليمن ولبنان وكان يعلم "حدود" أمريكا ويعيش حالة من التسمم السلطوي.

حدوث أسوأ نماذج الحرب بالوكالة

انفجار هذه الأزمة في الخليج

ماذا سيحدث بعد ذلك؟

هل تندلع حرب صريحة بين أمريكا وإسرائيل وإيران؟ هذا ما سنراه. لكن ما نعلمه أن الحروب غير المباشرة وبالوكالة ستتفاقم لأقصى درجة. ولن تندلع حرب صريحة ما لم تتعرض إيران لهجوم مباشر.

ستكون تصفية الحسابات في العراق وسوريا واليمن ولبنان والخليج، وربما نشهد تصفية حسابات سعودية – إيرانية أكبر بكثير من حملة احتلال العراق والحرب في سوريا.

وربما يجري تحويل محاولات السعودية والإمارات بالتعاون مع مصر وسائر دول الخليج لموازنة الأمر مع إيران إلى صراع ساخن. ومهما كانت الظروف، ستندلع الحرب مجددا في العراق والخليج. وفي هذه الحالة ستكون دول الخليج هي أول من سيسحق في هذه المعركة.

يجب منع سيناريو القيامة

ينبغي لكل دول المنطقة التصدي لمواجهة كهذا يجري الترويج لها من خلال الحروب الطائفية. وإلا فإن دول المنطقة كلها ستتعرض لتدمير شامل.

لا ريب أننا سنعارض أي هجوم تنفذه الولايات المتحدة أو إسرائيل أو أي دولة غربية أو قوة أو تحالف من خارج المنطقة لاستهداف أي دولة من دول منطقتنا، أيا كانت هذه الدولة. لكن هذا لا يعني أننا سنكون "طرفا أعمى" في الصراعات التي تشهدها المنطقة ونتغاضى عن هذه المعركة التي يخطط لها الغرب.

والآن ما يجب فعله بشكل عاجل هو خفض مستوى التوتر إلى مستوى مقبول وقابل للسيطرة، وإلا فإن هذا سيكون سيناريو قيامة حقيقي للمنطقة كلها.

#إبراهيم قراغول
4 yıl önce
ترامب يهين إيران ويلعب بكرامتها. ماذا ستفعل أمريكا وإيران بعد الاغتيال؟ هل سنرى سيناريو القيامة؟ ماذا تعني "الأهداف الثقافية" وأن "إيران لن تستطيع أن تمتلك سلاحا نوويا"؟حدوث أسوأ نماذج الحرب بالوكالة. انفجار هذه الأزمة في الخليج
انهيار مشروع الإرهاب التوسعي
الخنازير لا تتغذى على الكتب المقدسة
لا مفر من حرب عالمية
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة