|
هيا لنسقط طائرة روسية جديدة ونحتمي بأمريكا! هذا ما جربه "غولن"، فمن يريده الآن؟ "سنضرب النظام في كل مكان": دفاع تركيا عن نفسها ليس على الطاولة بل "على الجبهة".. انتبهوا جيدا للشراكات التالية: أمريكا-روسيا وإيران-السعودية يتعاونون فيما بينهم. فمن أي زاوية تنظرون للأحداث؟ وجهة تركيا هي نفسها فقط. "محور تركيا" عليكم قبول هذا الأمر!

توترت العلاقات بين تركيا وروسيا بسبب الأحداث في إدلب. فسارعت أوساط النفوذ الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية للتحرك الفوري ووصلت إلى نقطة جعلتهم على وشك أن يقولوا "هيا لنسقط طائرة روسية جديدة لندخل في حرب ضد روسيا". ولعلكم تذكرون أن أمريكا وإسرائيل جربتا هذا الأمر من خلال تنظيم غولن الإرهابي قبل محاولة انقلاب 15 تموز الفاشلة.

لقد جعلوا البلدين على شفا حرب وشيكة، ثم اتضح أن الهدف الوحيد لم يكن سوريا بل إشعال فتيل الحرب بين تركيا وروسيا وأن ما إن تندلع هذه الحرب فإن الاحتلال الغربي سيبادر للانقضاض على تركيا ليقيموا دولة لتنظيم غولن الإرهابي، كما اتضح أن ثمة اتفاقات لتحقيق هذا الهدف.

من تحرضه أمريكا وبريطانيا؟!

لا تبخل أمريكا وبريطانيا هذه الأيام بتقدم الدعم لهذا الفريق، بالطريقة ذاتها، من خلال التصريحات المتتالية من أجل إشعال فتيل الأزمة بين تركيا وروسيا. ولا بد أن يكون هذا المخطط لا يزال مطروحا على الطاولة كي يستبدلوا بتنظيم غولن الإرهابي أوساط أخرى ويروجوا لمخططهم مجددا من خلال التيارات ذات الصبغة المحافظة على وجه الخصوص.

من المهم إعطاء كل شيء قدره وتحديد أبعاده واتخاذ مواقف وفقا له. ولقد اضطررنا لندفع الثمن غاليا دائما بسبب الاستسلام لأجندة البعض. لقد أشعل البعض فتيل الحرب في سوريا ثم ألقاها في حجر تركيا. وأما الذين حشدوا الرأي العام من أجل الحرب آنذاك دسوا رؤوسهم في رمال الصمت بعد ذلك عندما أصبحت تركيا في موقف صعب.

وأما الوضعة الآن فهي كالتالي:

إن مسألة إدلب هي مسألة آخر ملجأ لملايين العرب السُنّة الذين نبذهم النظام السوري. ولقد كانت "منطقة خفض التصعيد" توصلت إلى اتفاق بشأنها تركيا وروسيا ثم صادقت عليها إيران ونظام دمشق، وهو ما كان وسيلة لحماية الملايين من المدنيين.

لماذا لم يصدر من روسيا وإيران حتى ولو كلمة واحدة اعتراضا على ما تفعله أمريكا وبي كا كا؟

لماذا تصمت إيران أمام إسرائيل؟

يبدو أن روسيا وإيران اعتقدتا أن قوة نظام دمشق قد زادت، ذلك أنهما تطالبان الآن بانسحاب تركيا من تلك المنطقة. وهما تروجان لهذا الطلب من خلال المناداة بـ"وحدة سوريا". لكنهما بينما تفعلان ذلك لا تنبسان ببنت شفة اعتراضا على ما تفعله أمريكا وبي كا كا بسيطرتهما على ثلث مساحة سوريا.

لا تعترض روسيا ولا إيران ولا حتى النظام السوري على احتلال أمريكا-بي كا كا. كما لا يتحدثون أبدا، لا سيما إيران، عن الهجمات التي تشنها إسرائيل على دمشق.

عن أي سوريا يتحدثون؟ عن دولة الأقلية المذهبية؟ أين دولة ملايين العرب السُنّة؟

عن وحدة أي سوريا يتحدثون؟ من هو السوري؟ أيتحدثون عن الأقلية المذهبية التي يؤيدها نظام دمشق؟ ماذا سيكون مصير ملايين النازحين واللاجئين في إدلب والملايين الآخرين اللاجئين في تركيا؟

أين سوريا هؤلاء؟ إن نظام دمشق هو حكومة أقلية، وهو ما لا يعترف به الغالبية العظمى من السكان. فعن أي وحدة سوريا تتحدث روسيا وإيران؟

تتحمل إيران الذنب بقدر تحمل روسيا في الهجمات الأخيرة التي استهدفت إدلب والقوات التركية هناك. بل إن هناك حقيقة مفادها أن معظم الذين نفذوا تلك الهجمات تلقوا تعليمات من إيران وأذنابها في سوريا. ولا يخفى على أحد بعد اليوم أن هاتين الدولتين تعتبران اتفاقي الأستانة وسوتشي وسيلة فقط لإكساب النظام بعض الوقت ومراوغة تركيا.

كما قدمت الولايات المتحدة الكثير من الوعود لتركيا وعقدت الكثير من الاتفاقات لإكساب منظمة بي كا كا الإرهابية الوقت في شمال سوريا، لكنها لم تف باي من هذه الوعود. والآن روسيا تلجأ لاستخدام التكتيك ذاته، ألا وهو الاستهزاء بتركيا.

سنضرب النظام في كل مكان:

حق تركيا في الدفاع عن نفسها ليس عرضة لـ"المساومة"

لقد صرح الرئيس أردوغان قائلا "سنضرب النظام في كل مكان إذا ما شن هجوما جديدا"، وهي العبارة التي تبرهن على أن الحرب السورية "أعيد تعريفها". لا ريب أن التفاوض السياسي مع روسيا هو الأساس والمباحثات مع الولايات المتحدة مهمة، لكن الحرب السورية صارت حربا تخص تركيا كذلك.

أقولها صراحة؛ لقد أشعلوا فتيل الحرب في سوريا لاستهداف تركيا؛ إذ كانت جزءا من مخططات "تقزيم" تركيا. لقد خططوا ونفذوا مخطط "ممر الإرهاب" الممتد من حدود إيران إلى البحر المتوسط ودعمته أمريكا بآلاف من الشاحنات المحملة بالذخيرة من أجل إقامة "الجبهة المعادية لتركيا".

وأما تركيا فقد نفذت عمليات درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام فقط من أجل الدفاع عن نفسها وحماية أرض الأناضول. فالمواقف التي تتخذها تركيا في إدلب وما بعدها إنما هي للدفاع عن نفسها، وهو الحق الذي لا يمكن أبدا المساومة بشأنه مهما حدث.

حصار من ناحية سوريا وشرق المتوسط وبحر إيجة والبحر الأسود

لن ننكمش أبدا!

ينبغي لكل من أمريكا وروسيا ألا تعتبرا محاولات تركيا لإيجاد حل سياسي ضعفا. لقد انتهى العهد الذي كانت فيه تركيا تضع سياساتها وتنفذها وتبني كيانها بالتذبذب بين أمريكا وروسيا أو أي قوة أو قوى أخرى.

لقد تغيرت كل خرائط القوى حول العالم، كما تغيرت رموز تركيا للبحث عن القوة ونظرتها للمنطقة والعالم، فنحن أمام وضعية جديدة، فإما سنحافظ على بقائنا بالنمو وزيادة القوة أو سننكمش ولا نستطيع الصمود.

لم تختر تركيا في أي حقبة من حقب تاريخها أن تحافظ على وجودها بالانكماش. لقد بنوا كل مخططات الحصار من ناحية سوريا وشرق المتوسط وبحر إيجة والبحر الأسود اليوم على فرضية تقزيم تركيا. فهذا هو الغرض الذي تسعى لتحقيقه كل المخططات التي نفذوها وينفذونها من خلال بي كا كا وتنظيم غولن الإرهابي والجبهة السياسية التي أقاموها داخل تركيا.

من ينظرون للأحداث بعين أمريكا وروسيا وإيران والسعودية

ولهذا فإن تركيا تقيم خطوط دفاعية على الجانب الآخر من حدودها للتصدي لمخططات "التقزيم" هذه. فهذا هو الكفاح وهذه هي تصفية الحسابات.

إن الأمور تبدو أكثر سهولة بالنسبة لمن ينظرون للأحداث من المساحات الضيقة التي يقفون فيها والجبهات الضيقة ومنظور المذهب والجماعة وعين أمريكا وروسيا وإيران والسعودية. فهم يتعاطون مع الأحداث من مواقعهم تلك، وهو الأفق الضيق الذي يتسبب لتركيا بالكثير من المتاعب. ولهذا فإن مهمتنا ليست سهلة على الإطلاق.

شراكات تضلل العقول

جميعهم يشكلون جبهة واحدة مضادة لتركيا

أمريكا-روسيا وإيران-السعودية يتعاونون فيما بينهم

اسمحوا لي أن أعرض عليكم خريطة لنرى أين يقف كل طرف ونقيم الأمور وفقا لذلك.

تخوض تركيا الآن كفاحا كبيرا

مع إيران في حلب، ومع إيران في كل مكان في سوريا...

مع روسيا في إدلب، ومع روسيا في جميع مناطق شمال سوريا، ومع روسيا في ليبيا..

مع السعودية والإمارات في كل مكان في سوريا، مع السعودية ومصر والإمارات في ليبيا.

مع الولايات المتحدة من خلال بي كا كا وغولن، ومع إسرائيل في ليبيا، ومع إسرائيل من خلال بي كا كا وغولن تقريبا في كل شبر من أراضي المنطقة...

والآن مع الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا والإمارات والسعودية ومصر وإيران وإسرائيل في ليبيا..

والآن مع إيران والإمارات ومصر والسعودية ونظام الأسد وروسيا في إدلب...

ومع كل أوساط نفوذ هذه الدول داخل تركيا..

لم نبدأ أي من هذه الصراعات

إنها مخططات لإيقاف الدولة التي غيرت مجرى التاريخ

لم تبدأ تركيا أي من تصفيات الحسابات هذه ولم ترغب في نشوب أي من هذه الصراعات. بل إن كل هذه الأمور إنما هي جزء من مخطط كبير من أجل "إيقاف تركيا". لأنهم رأوا أن تركيا ستغير مجرى التاريخ وملامح الجغرافيا.

لقد عقدت هذه الدول العديد من الاتفاقات فيما بينها في البحر المتوسط، وأقاموا الشراكات فيما بينهم في العديد من المشاريع. وإن القاعدة المشتركة التي لم تتغير لاتفاقات شراكاتهم جميعا هي إقصاء تركيا.

إذن، إلى أي خريطة وصراع قوى وعالم جديد تنظرون؟

كيف تجلس كل هذه الدول المتصارعة فيما بينها على طاولة واحدة عندما يتعلق الأمر بتركيا؟

كيف تتوافق سياسات أمريكا وروسيا تجاه تركيا في الوقت الذي تتحركان فيه بشكل مخالف لبعضهما تماما في سوريا؟

كيف للسعودية والإمارات وإيران أن تصبح جبهة واحدة وتتضامن فيما بينهم ضد تركيا في الوقت الذي تتصارع فيه فيما بينها في كل دول المنطقة؟

عنوان هذا البلد هو نفسه

"محور تركيا"

عليكم قبول هذا الأمر!

ثمة حساب آخر يفكر به المتحذلقون من الذين يقولون "لقد فسدت علاقتنا بروسيا علينا أن نهرع فورا إلى محور أمريكا-إسرائيل". هذا ما كان يفعله في السابق تنظيم غولن الإرهابي الذي خلّف فراغا يملأه الآن عناصره الخفية واللوبي الأمريكي العميق.

إن تركيا ليست لعبة أو أداة أو جبهة أو مخفر حدودي أو وسيلة لتصفية الحسابات تتحكم بها أي دولة. منهم من ينظر بعين أمريكا أو بعين روسيا، ومنهم من يتكلم باسم إيران أو السعودية والإمارات. وإن أكبر الإساءات التي تعرضت لها تركيا جاءت من أمثال هؤلاء.

بيد أن عنوان تركيا هي نفسها، "محور تركيا". ولن تفهوا هذا إلا إذا نظرتم من هذه الزاوية، وإلا فلن تكون أمامكم فرصة سوى أن تكون أداة بين يدي مخططات البعض.

#إبراهيم قراغول
4 yıl önce
هيا لنسقط طائرة روسية جديدة ونحتمي بأمريكا! هذا ما جربه "غولن"، فمن يريده الآن؟ "سنضرب النظام في كل مكان": دفاع تركيا عن نفسها ليس على الطاولة بل "على الجبهة".. انتبهوا جيدا للشراكات التالية: أمريكا-روسيا وإيران-السعودية يتعاونون فيما بينهم. فمن أي زاوية تنظرون للأحداث؟ وجهة تركيا هي نفسها فقط. "محور تركيا" عليكم قبول هذا الأمر!
انهيار مشروع الإرهاب التوسعي
الخنازير لا تتغذى على الكتب المقدسة
لا مفر من حرب عالمية
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة