|
قال أردوغان "محور تركيا"، فتخلى عنه الجميع. فمن يا ترى اختار لكم ذلك المكان؟ لقد تخلوا عن تركيا مجددا بعد قرن وهرعوا إلى جبهات أخرى. لن يستطيع أي تحالف طرد هذا البلد خارج المنطقة. لم تفهموا القرن الـ21! الإسلام لغة المقاومة لا الوصاية. لن يستركم ذلك الغطاء..

تخوض تركيا كفاحا شرسا على جبهتين كبيرتين كجبهة سوريا وليبيا، وتعيد القيام بحملتها الدفاعية التي خاضتها قبل مائة عام لمواجهة من يحاصرون كامل حدودها الجنوبية في سوريا ويقيمون جبهة الاحتلال والإرهاب على طول مئات الكيلومترات.

لقد وجهت تركيا ضربات موجعة إلى الجبهة والحصار الممتد من حدود إيران شرقا إلى البحر المتوسط غربا. فأفسدت المخططات في الكثير من المناطق. كما وجهت أقوى ضربة إلى الجبهة التي في الداخل ومحاولة الاحتلال الداخلية التي شهدتها ليلة 15 تموز.

إنهم لا يزالون يهاجمون، كما لا تزال تركيا تدافع للتصدي للقوى ذاتها والدول عينها وأذنابها في المنطقة وعلى أراضيها.

إغراق تركيا في مياه المتوسط!

تركيا تخوض كفاحا شجاعا بمفردها!

تشكل تركيا خط دفاع في ليبيا للتصدي لمن يحاولون إخراجها من البحر المتوسط وإغراقها في مياهه والحكم عليها بالتراجع إلى النقطة صفر من سواحله. وفي الوقت الذي يحاولون الضغط عليها في شرق المتوسط وسواحل سوريا وقبرص، فإن تركيا تتخذ موقعا حصينا وسط البحر المتوسط بالضبط. وفي الوقت الذي يحاولون فيه مد حصارهم في البحر المتوسط من بحر إيجة إلى البحر الأسود، فإن تركيا تخوض كفاحا شجاعا بمفردها للتصدي لهذا "الحصار" الدولي.

لن يستطيع أي تحالف طرد تركيا خارج المنطقة أو تقزيمها

لقد برهنت لنا العقود الثلاثة الماضية كيف مزقت المنطقة بعد مائة عام وأعيد تقاسم أراضيها من خلال سيناريوهات مختلفة. كما أثبتت الفترة ذاتها، لا سيما السنوات العشر الأخيرة، كيف عادوا ليروجوا لنا مجددا عملية التقسيم وتصفية الحسابات ومحاولات طردنا خارج المنطقة مرة أخرى بعد مائة عام وكيف أخذت هذه السيناريوهات تتجول بين الطاولات. وأظهرت أنهم ينفذون سيناريوهات "التقزيم" التي تتخطى مخططات العزل عن المنطقة.

كل التنظيمات والهجمات الإرهابية، تنظيم غولن الإرهابي وأشباهه من الكيانات الأخرى وأحداث 15 تموز، أحداث غيزي بارك، كل الأنشطة التي تشهدها منطقة شرق المتوسط، محاولات إعادة تسليح جزء بحر إيجة..

كل ذلك هو جزء من سيناريوهات "التقزيم" التي عادت من جديد.

محكوم علينا خوض هذا الكفاح

ليس دفاعا بل هجوم

ليس ركوعا بل قفزة تاريخية

كان الرئيس أردوغان قد صرح بقوله "لسنا مجبرين على أن نكون في إدلب، بل محكوم علينا ذلك"، وهي العبارة التي تكفي لشرح الكثير والكثير. ذلك أن أردوغان ألقى الكثير من الخطب وقال الكثير من الكلمات حول هذه المسألة انطلاقا من عمق التاريخ نحو المستقبل.

وفي الواقع ليس هناك أي شيء يصعب فهمه، فكل إنسان يختار طريقه، وهذا كل ما في الأمر!

إن تركيا تخوض مقاومة بلا تردد في الداخل وفي المنطقة بالكامل للتصدي لهذا الحصار وكل تلك الهجمات ومحاولات خنقها. بل إنها تنتقل من الدفاع نحو الهجوم، ذلك أنها أدركت منذ وقت طويل أن طرق الدفاع التقليدية لن تقود إلا إلى التراجع نحو الوراء.

تسعى تركيا لتحقيق طفرة تاريخية والسير مجددا نحو الصعود ولا تفكر أبدا في التراجع والركوع والتصرف وكأنها ضعيفة؛ إذ إن الثغرات والتغيرات التي يشهدها ميزان القوى العالمية يقدم لها هذه الفرصة التي تسعى لاستغلال على أكمل وجه.

تخلوا عن تركيا وهرعوا إلى جبهات أخرى

لا يقتصر الامر على سوريا وليبيا وحسب أو التصدي للإرهاب ومحاولات الانقلاب فقط. فتركيا تضع نفسها في مصاف الدول في العديد من المجالات من الاقتصاد إلى التكنولوجيا ومن إعادة إنشاء النظام الدولي إلى وضع خطة لإنقاذ المنطقة وتبني لغة سياسية جديدة.

إنها تكافح روسيا وامريكا ودول المنطقة وأوروبا وكأنها تخوض حربا في كل العواصم لا على الجبهة وحسب.

لقد علمتنا السنوات العشر الماضية على وجه الخصوص حقيقة جديدة ومخيفة؛ إذ أظهرت لنا إلى أي مدى نحن ضعفاء في مجال لم يخطر على بالنا ولم نقلق ولطالما وثقنا بأنفسنا بشأنه.

لقد كان هناك أشخاص وأوساط كنا نعتقد أنهم مستعدون للكفاح من أجل هذا الوطن، لكننا رأيناهم يتخلون عن تركيا في اللحظة التي بدأ فيها الكفاح الكبير، رأيناهم وهم يغيرون صفّهم ويتركون مواقعهم فورا.

قال أردوغان "محور تركيا"، فتخلى عنه الجميع

فمن يا ترى اختار لكم ذلك المكان؟

عندما انتشر كفاح "محور تركيا" الذي أطلقه أردوغان في المنطقة كلها وأقامت تركيا خط مقاومة رائعا، تخلى عنه الجميع وهرعوا إلى الجبهات التي ينتسبون لها. ولقد رأينا كيف تحرك من قالوا في السابق "أردوغان حتى الموت" وفق رياح أجنبية ليغيروا مواقعهم وفقا لذلك.

لقد أدركنا أنهم لم يقفوا هناك من أجل "محور تركيا" و"كفاح تركيا" بل لأنهم تلقوا تعليمات ليقفوا على هذه الجبهة، كما رأينا أن مواقعهم قد تغيرت عندما تغيرت مواقع الجبهات التي ينتمون إليها بكل إخلاص. فمنهم من وقف في صف الأمريكان ومنهم من وقف في صف الإنجليز أو الروس أو الفرنسيين أو الألمان، ومنهم كذلك من وقف على جبهة إيران أو السعودية.

انتبهوا لمن غيروا مواقعهم خلال السنوات الخمس الماضية

لم ينفضوا من حول أردوغان وحسب، بل إن هؤلاء "العناصر الخارجية" انفضوا عن أحزاب سياسية وجماعات دينية أخرى، فحالة الفراق هذه عاشتها كل الكيانات صاحبة القرار داخل المحور الوطني.

ولو لاحظتم فسترون أنهم جميعا غيروا مواقعهم خلال السنوات الخمس الأخيرة. فمن ينظر بإمعان سيدرك من سيكونون. ولقد رأيناهم يتفرقون في الداخل ويهرعون للوقوف على جبهات أخرى كلما زادت الضغوط الخارجية.

إن الذين أصدروا لهم تعليمات اختيار تلك المواقع هم الذين أمروهم بأن يغادروها إلى مواقع أخرى. وأسوأ ما في الأمر هو الهوية الإسلامية المحافظة التي يظهر بها هؤلاء؛ إذ إنهم تستروا على مهامهم وهوياتهم السياسية ومواقعهم تحت عبارة الإسلام والحديث عن الحق.

الإسلام هو لغة مقاومة الأناضول

إن الإسلام هو لغة مقاومة الأناضول لا لغة الوصاية و"الاحتلال الداخلي". كما أن الإسلام هو ما يبنى عليه حرية المنطقة والقدرة على مواجهة العالم. وإن هذه المقاومة مستمرة دون انقطاع منذ أيام الحملات الصليبية.

غير أن الفترة الأخيرة من تاريخ الدولة العثمانية، وكذلك هذه الأيام التي نعيشها، شهدت تحزبا لحملة وصاية تستغل أصحاب الهوية الإسلامية المحافظة في مواجهة كل ما هو وطني وللتصدي لمقاومة الدولة والشعب. ولقد حان وقت مناقشة هذا الأمر بشجاعة منقطعة النظير.

متكبرون وخبثاء ويملون أوامرهم على الجميع

يجمعون الانتقادات ويرتكبون الإساءات بحبكة خبيثة

إنهم منشغلون الآن بإصدار الأحكام بعبارات متغطرسة واستغلال جوانب الضعف والاحتياج وتحويل كل ذلك إلى لغة سياسية. يملون الأوامر على تركيا وأردوغان وكل من يشارك في كفاح محور تركيا.

لا يخاطرون أبدا، ولا يقولون أي شيء جديد من أجل مصلحة الوطن، ولا يقفون مطلقا إلى جانب تركيا في أي صراع تخوضه.

لا يجمعون إلا النقد ولا يتحدثون سوى بالقيل والقال. يبيعون ما يجدونه بالعبارات المنمقة وكأن ذلك مهارة فائقة. لا يستطيع أحد الاقتراب منهم بسبب كبرهم وغطرستهم. يزينون كل فرصة بالسوء بحبكة كبيرة ثم يهاجمون. لا يفعلون ذلك صراحة، فهم عاجزون عن ذلك. ليسوا أصحاب مروءة، بل يفعلون كل ما يفعلون بخبث شديد.

كنتم ستعلقون السلطان عبد الحميد الثاني على حبل المشنقة

وتسمحون بتأسيس حامية عسكرية بريطانية في الأناضول!

يهاجمون كل من يكافح من أجل هذا الوطن، كما أنهم يحاولون احتقارهم والنيل من مكانتهم. فالوصاية هي قبلتهم؛ إذ يعتمدون على من هم وراء الأطلسي في توجه هجماتهم.

ولو كانوا قد عاشوا مطلع القرن العشرين لكانوا قد قادوا السلطان عبد الحميد الثاني إلى حبل المشنقة، وسمحوا بتأسيس حامية عسكرية بريطانية في الأناضول، ولكانوا انهالوا بالمديح والثناء على الفرنسيين. لكننا أدركنا ما أرادوا فعله منذ وقت طويل.

كنا نرى ما يفعلونه منذ زمن طويل في واقع الأمر. ولقد كانوا – للأسف – يستخدمون عبارات منمقة مستترين بالإسلام والأفكار المحافظة واليمينية ويلجؤون إلى طرق ناجعة في الإخفاء لدرجة أن البعض حسبهم ينتسبون إلى "محور تركيا"، بالضبط كما كان الأمر مع عناصر تنظيم غولن الإرهابي.

إن كفاح تركيا سيستمر على مدار القرن الحادي والعشرين، فلا تعلقوا آمالكم على أنهم سينتهي أو سينهار؛ إذ إنه بدأ حديثا، وأما هم فقدوا خسروا وهم لا يزالون في أول الطريق!

#إبراهيم قراغول
4 yıl önce
قال أردوغان "محور تركيا"، فتخلى عنه الجميع. فمن يا ترى اختار لكم ذلك المكان؟ لقد تخلوا عن تركيا مجددا بعد قرن وهرعوا إلى جبهات أخرى. لن يستطيع أي تحالف طرد هذا البلد خارج المنطقة. لم تفهموا القرن الـ21! الإسلام لغة المقاومة لا الوصاية. لن يستركم ذلك الغطاء..
انهيار متسارع للعملات الأجنبية.. 15 مليار دولار في أسبوع واحد
الرأسمالية تبنى على العقل لكنها تقوم على الإدراك
لم تعد أوروبا مصدر الأفكار الثورية التي تؤثر على العالم اليوم
عصام العطار
إسرائيل.. تنظيم إرهابيّ يهدد أمن المنطقة