|
لحظةُ توقفِ الزمن وإعادةِ ضبط التاريخ. العالم يعيش انكسارًا عنيفًا. شكل المستقبل بات واضحًا. انهار النظام السياسي والاقتصادي للغرب ونظرياته الأمنية. سيتم إنشاء أنظمة سياسية جديدة. ستظهر قوى عظمى جديدة. ستتغير مواقع الشعوب. الشرق يمكن أن يكون غربًا والعكس. بلاد جديدة يمكن أن تتصدر المشهد. نبدأ كل شيء من جديد..

نحن كأفراد ومجتمعات ودول وشعوب نعيش حربًا كبيرة للغاية.

نحن ككل التشكيلات المشتركة حول المحور البشري نعيش حربًا كبيرة للغاية.

إلا أن حربنا هذه المرة هي مع عدو لم نعرفه، ولا نمتلك خبرة سابقة حوله، ولا نعرف عنه الكثير؛ هو فيروس كوفيد-١٩ كورونا.

لقد انهارت الدروع الدفاعية.

الآن هي أمام عدو جديد.

وقد بدأ دفاع جديد من نوع مختلف.

كل ما قمنا به من استعدادات وتدابير وتكتيكات دفاعية لا يبدو نافعًا مع هذا العدو.

كذلك لن تنفع أمامه أسلحتنا النووية وصواريخنا ودباباتنا وطائراتنا وتحصيناتنا الدفاعية.

حتى ثراؤنا ورفاهيتنا والنمط الذي نعيش عليه إلى جانب إمكانياتنا واحتياطاتنا؛ جميعها لن تنفعنا بشيء.

إن الاستعدادات التي قمنا بها من أجل حماية أنفسنا وبلادنا ودولنا وشعوبنا وحدودنا حتى أن بعض الدول جوّعت شعوبها تحت ذريعة هذه الاستعدادات، معتمدين على الموارد والمخزونات والعلوم والتكنولوجيا؛ لن تنفعنا بأي شيء أمام هذا العدو.

نحن أمام تهديد جديد ومخاطر جديدة. الآن نحاول استجماع معلوماتنا، وتوحيد إمكانياتنا وتجاربنا. إننا نبدأ مجدّدًا بدفاع من نوع آخر.

شكل المستقبل بات واضحًا.

بدأت لحظة انكسار عنيف للغاية.

سيتغلب الجنس البشري بالتأكيد على ذلك بما يتوصل إليه من علوم وتجارب. سيجد طريقة لهزم هذا العدو. كما سيقضي على تهديد هذا الفيروس للإنسانية ومحاولته تدميرها.

ربما بعد ذلك تنتظرنا تهديدات جديدة مختلفة. سنشهد هجمات جديدة، كلها ستكون من النوع ذاته. وذلك لأن شكل المستقبل بات واضحًا. كما بات من الواضح ما الذي سنواجهه. إن مستقبل الإنسانية يأخذ منحنى جديدًا ومختلفًا. وكأننا ندخل أعتاب عصر جديد، حقبة جديدة، أو انكسار عنيف للغاية.

سيتم تأسيس عالم جديد من الصفر

ستعيد الأرض تشكيل ملامحها من جديد

كما ستعيد الإنسانية رسم ملامحها من الصفر

لا شك ان هناك مصيرًا للإنسانية، هناك مصير لهذا العالم، للمخلوق، للبيئة، للجنس البشري. ما هو ذلك المصير الإلهي؟ لا نعلم. ولا نعلم المستقبل كذلك. إلا أننا نعرف المعلومات المقدّمة لنا أو للحد الذي استطعنا أن نصل إليه. وفي ضوء ذلك نعثر على الخبرة وأساليب النضال.

إننا بهذه التجهيزات لن نحارب كورونا فحسب، بل التهديدات التي يمكن أن تظهر فيما بعد. سوف نعثر على معلومات وتجارب جديدة. كما سنقوم بتحصين أنفسنا من أجل حمايتها.

ربما نؤسس عالمًا مختلفًا للغاية بعد تجاوز ذلك الانكسار. عالمًا أكثر عدالة، أكثر إنسانية، أكثر سلامًا بطبيعته. نحترم فيه أنفسنا بشكل أكبر. يكون أكثر وقاية لكن أكثر تواضعًا في الوقت ذاته.

ستعيد الأرض تشكيل ملامحها من جديد. كما سيقوم الإنسان بإعادة ضبط لنفسه. نتوقف وننظر لأنفسنا ونتساءل؛ أين نحن الآن؟ ما هو حالنا، وإلى أين نريد أن نتوجه، وكيف نريد أن نكون، ما هو شكل الحياة التي نريد والعالم الذي نبغى؟.

أكثر السيناريوهات إثارة يمكن أن تصبح حقيقة..

يمكن أن تكون نوعًا من سيناريو مثير لما عايشناه، أو أطروحة خيال علمي، أو نظريات المؤامرة الأكثر تخبطًا.

لو أن أحدًا ما تحدث في السابق عما نعيشه اليوم، أو أخبرنا بأن العالم سينغلق على نفسه، وستنقطع أبسط العلاقات والمعاملات الإنسانية، وسيهرب الناس من بعضهم البعض كي يحموا أنفسهم، وستصرخ الدول والمنظمات بنا؛ "لا تخرجوا من بيوتكم"، وستغلق المساجد أبوابها، والكعبة ستسدل ستارها، وسيتم إغلاق المتاجر، وستواجه المدن خطر تفريغها، وستشن البشرية حملات تهدف للقضاء على فيروس؛ لتمّ النظر إلى ذلك على أنها أكبر نظرية مؤامرة، أو حكاية من حكايات الخيال.

إلا أننا نعيش كل ذلك بشكل حقيقي الآن. ولا نعلم فيما لو سيحدث ما هو أبعد من ذلك.

طواعين الماضي، دروس مؤلمة..

علوم اليوم، الإمكانيات الصحية..

لقد عاش البشرية على مر التاريخ العديد من الأوبئة والطواعين والكوارث والانهيارات. ليبدو التاريخ وكأنه يقوم بإعادة ضبط لنفسه. وتبدأ مؤسسات جديدة وصعودات جديدة.

على الرغم من أخذ دروس وعبر مؤلمة، إلا أن بعد فترة قصيرة تم ارتكاب الأخطاء ذاتها. جميع تلك الأوبئة كانت محدودة ببلدان ومناطق، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي يتفشى فيها وباء بهذا الشكل، لم يتبق مكان على وجه الأرض لم يصل إليها.

على عكس جميع الأوبئة السابقة، فإن هذه المرة تبدو إمكانياتنا ومعرفتنا وخبراتنا الطبية وطرق العلاج التي نمتلكها وتجهيزاتنا الطبية أكثر وأقوى من أي شكل مضى. أي نحن في مستوى للتعامل مع هذا التهديد.

نحن الآن في وضع أقوى بألف مرة من ذي قبل. لذلك السبب لدينا الكثير من الأمل. ولدينا إيمان أننا سننجح. ليس علينا سوى أن تكون تدابيرنا متقنة بشكل تام. وأن نعمل على تقييد مجالات حريتنا لبعض الوقت.

لقد تمت إعادة ضبط التاريخ من الآن.

سواء الجميل أو القبيح من الأشياء؛

لن يكون أي شيء كما السابق.

لقد تمت إعادة ضبط التاريخ من الآن. تمت إعادة ضبطه أكثر من أي وقت مضى. لقد أوصلتنا العلوم والتكنولوجيا التي توصلنا إليها، وكذا التغيير الذي عشناه؛ إلى حدود أشياء معينة، ولقد بقي خطوة واحدة أمام الوصول نحو عالم جديد للغاية. ولقد سرّع وباء الفيروس من ذلك فحسب.

إن ما نردده من "لن يكون أي شيء كما السابق" باتت حقيقية أكثر من أي وقت كان. علينا النظر من الآن فصاعدًا نحو المستقبل وليس الماضي. نحن على عتبة ما سيحدث في المستقبل. سواء الجميل أو القبيح من الأشياء؛ لن يكون أي شيء منها كما السابق.

ستتغير مواقع الشعوب

الشرق يمكن أن يكون غربًا والعكس

بلاد جديدة يمكن أن تتصدر المشهد.

إننا نعيش للمرة الأولى بعد الاكتشافات الجغرافية ومنذ بداية الاستعمار حتى الآن، تحوّلًا في السلطة من هذا النوع، وتفريغًا للقوة، واستنزافًا للطاقة في العالم. يمكن أن تتغير مواقع البلدان، ومواقع الشعوب كذلك. يمكن أن تكون هناك حركات ضخمة من النفوس. يمكن أن نشهد حلّ البلاد التي لا تملك مركز سلطة وإدارة قوية.

يمكن أن يتجه الغرب نحو الشرق، كما يمكن عكس ذلك. يمكن أن يتجه الشمال نحو الجنوب ويمكن العكس أيضًا. قد تنهار البلدان التي تحكم العالم لتظهر بلاد أخرى وتتصدر المشهد. يمكن ان يتغير مفهوم الدولة ومفهوم الوطن. كما يمكن أن تتغير اللغة السياسية وأشكال التنظيم السياسي.

يبدو أن كل ما أنتجه الغرب ليفرضه على العالم، يسير نحو نهايته المحتومة، بعد أن صار خطابًا عالميًّا. لقد انهارت قوة مركزية العالم الغربي من الآن. إن جميع القواعد تتغير من جذورها. يمكن أن تظهر الإيديولوجيات المجنونة. ومن الممكن أن تتم إعادة تعريف لمعنى السلطة.

لقد انهار النظام السياسي والاقتصادي ونظريات الأمن الغربية.

سيتم تأسيس أنظمة سياسية جديدة

ستظهر قوى عظمى جديدة

إن النظام المالي للغرب يشهد انهيارًا. كما ينهار نظامه وخطابه السياسيان. نظرياته الأمنية تنهار. نظرياته الاجتماعية تنهار. لم تعد للبشرية ما تتوقعه من ذلك.

لقد حانت نهاية مئات السنين من التاريخ. هناك تاريخ جديد يبدأ. يتم تأسيس عالم جديد. إنه تغيير لن يكون كتلك الحقبة التي تلت الحروب العالمية. إنه تغيير يبدو أكثر جذرية، تغيير من الأصول.

سيتم تأسيس أنظمة سياسية جديدة. سيتم تطوير نماذج اقتصادية جديدة. ستبدأ خطوط عمل جديدة، كما ستبدأ عادات استهلاك مغايرة. ستتطور حركات سياسية جديدة، وأنماط حياة أخرى. ستظهر قوى عالمية جديدة. ستتطور خطابات ونماذج جديدة تتعلق بإدارة الموارد والأسواق والجماهير.

تركيا واحدة من القوى العظمى الجديدة.

لقد تحول التغيير التدريجي إلى زلزال.

علينا أن نسجل هذه الملاحظة؛ إن تركيا اعتبارًا من الآن هي في كفاح أكثر فعالية وعبر جهاز تنسيق أكثر نجاحًا، من العديد من الدول المركزية في العالم.

الجميع في تركيا يقوم بهذا العمل وفق تناغم إلى أبعد الحدود؛ الدولة والسلطة المركزية والقيادة والمؤسسات والمنظمات المدنية والمواطنون. لو هناك دول ستشهد صعودًا بعد كورونا -وإن ذلك سيحصل-؛ فإن تركيا واحدة من تلك الدول.

سيتم التغلب على فيروس كورونا. حتى ولو ظهرت أوبئة أخرى بعد كورونا فسيتم التغلب عليها. لكن لن يتم تأخير تأسيس عالم جديد. لقد سرّع هذا الوباء حالة الاتجاه التدريجي، وحوّل الانكسار إلى زلزال.

سنتطلع نحو المستقبل

سنؤسس المستقبل

سنبدأ من جديد

بالطبع سوف نأخذ دروسًا من الماضي ومن تاريخ البشرية.

لكننا سنتطلع نحو المستقبل وسنمشي نحوه. سيكون إنسان المستقبل، ومجتمعاته، ومفهوم الدولة، ونماذج الإنتاج والاستهلاك، الاحتياجات، القيم والمعتقدات، أنماط العيش، الاهتمامات والتوجهات الفردية؛ سيكون كل ذلك على رأس توقعاتنا.

الذين يفعلون ذلك، ويخرجون سالمين من مرحلة الانكسار، سيبرزون على الساحة كقوى عظمى تدق أبواب المستقبل. أما الآخرون فسيذهبون لمنفى التاريخ.

نعم لقد توقفت عجلة الزمن وأعاد التاريخ ضبط نفسه من الصفر.

سنبدأ كل شيء من جديد..

#إبراهيم
4 yıl önce
لحظةُ توقفِ الزمن وإعادةِ ضبط التاريخ. العالم يعيش انكسارًا عنيفًا. شكل المستقبل بات واضحًا. انهار النظام السياسي والاقتصادي للغرب ونظرياته الأمنية. سيتم إنشاء أنظمة سياسية جديدة. ستظهر قوى عظمى جديدة. ستتغير مواقع الشعوب. الشرق يمكن أن يكون غربًا والعكس. بلاد جديدة يمكن أن تتصدر المشهد. نبدأ كل شيء من جديد..
الخنازير لا تتغذى على الكتب المقدسة
لا مفر من حرب عالمية
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية