|
ما هي صورة المسلمين حول العالم؟

لا ريب أنه عندما يذكر اسم كل أمة يتبادر إلى الذهن صورة رسمتها تلك الأمة لدى الناس. فعندما نقول "اليهود" يرد إلى ذهننا صورة إنسان ذي شعر مخصل يرتدي الزي الأسود المخصص لليهود الأرثوذكس، أو جندي إسرائيلي يقتل الفلسطينيين في كلّ مكان.

وأعتقد أننا عندما نقول "النصارى" يتبادر إلى أذهاننا صورة صليب ضخم والبابا وسط الدخان.

إذن، عندما نقول "المسلمين" ماذا يتبادر إلى أذهان الناس؟

بحث سياسي في معرض فن الخط

طرحت هذا السؤال على الفنانين القادمين من كل حدب وصوب للمشاركة في معرض فن الخط الذي تستضيفه دولة الإمارات كلّ عام.

كان سؤالي الذي بحثت عن إجابة له، مختلفًا عن جميع من كانوا في هذا المعرض الكبير الذي حضرناه باسم الخطاط حسين كوتلو مؤسس جمعية Biksad. فما هو أول ما يتبادر إلى الذهن عندما نقول الإسلام والمسلمين؟

للأسف ما يتبادر إلى الذهن أشياء جيدة، لا سيما بعد انتشار إرهاب القاعدة وداعش فقد انتشر تيار الإسلاموفوبيا في العالم بسرعة رهيبة لدرجة أنّني سمعت عبارات تنتقد المسلمين حتى من أحد السكان المحليين في محمية ماساي مارا في كينيا.

بيد أن لا الإرهاب أو البؤس أو حتى التخلف يمكن أن يكونوا خاصية تعرّف الناس بصورة العالم الإسلامي وهويّته.

ألا يمكن للفن تمثيل المسلمين؟

راودت هذه الجملة فكري دائمًا بينما كنت أطلع على أعمال الفنانين المسلمين المثيرة والناجحة خلال معرض الفن الذي استضافته الشارقة: يحب أن يمثل هذا الفن المسلمين حول العالم. ولقد رأيت مرة ثانية في هذا المعرض إلى أي درجة تفرز فنوننا الفريدة مثل الخط والتذهيب والرسم على الماء (إبرو) أعمالا مؤثرة. لكن للأسف فإن هذه الأعمال ليست معروفة حول العالم كما ينبغي لها أن تكون، كما لا تفرد لها المجموعات الفنية.

لاحظت في هذا التجمع كذلك أن المتحف البريطاني يضم عددًا محدودًا من أعمال الخط العربي. بيد أنّ الأعمال التي شاهدتها خلال العرض لا ترقى لمستوى أعمال خطاطينا المهرة.

مَن وماذا يجب أن يُفعل لتحسين صورة المسلمين؟

حسنًا، ماذا يجب أن نفعل لتحسين صورة المسلمين واستعادة الإسلام لصورة الطمأنينة والجمال والحضارة القوية التي يستحقها؟

ولأطرح سؤالا آخر: مَن يجب أن يتحرك ويتحمل المسؤولية من أجل تغيير هذه الصورة؟

كانت مشاريع في هذا المجال قد أعدت لأكمل الدين إحسان أوغلو عندما تولى منصب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي. وكنت شخصيا أحد المشاركين في عدد من تلك المشاريع. بيد أن إحسان أوغلو استنفد طاقاتنا بالكامل دون تنفيذ أي من تلك المشاريع.

وهذا يعني أن منظمة التعاون الإسلامي هي أفضل عنوان لتحسين صورة الإسلام والمسلمين المشوهة، لكن للأسف ليس هناك أي نية أو طاقة أو حتى جهد من أجل تحقيق هذا الهدف.

إذن، إذا تحملت إحدى الدول هذه المسؤولية هل يمكنها تحقيق أي إنجاز؟ ويا ترى أي دولة إسلامية تحمل هم هذه المسؤولية برأيكم؟

راجعوا قائمة تلك الدول، فإذا ما استثنينا ماليزيا وإندونيسيا لن نجد تقريبا أي دولة لا تصارع الأزمات والإرهاب والصراعات الداخلية والفوضى والحروب والفقر، أليس كذلك؟

أي أن تلك الدول هي نفسها التي تشوه صورة الإسلام والمسلمين. ولهذا فليس من المنطقي أن ننتظر أي محاول من تلك الدول من أجل الإسلام.

المجتمعات تتفق حتى لو اختلفت الدول

وإلى جانب عشرات الدول، حضر معرض الشارقة عدد كبير من الفنانين من تركيا وسوريا والسعودية والإمارات وإيران واليمن ومصر. وإذا نظرتم ستلاحظون أن كل تلك الدول تتصارع فيما بينها. وبالرغم من سوء علاقاتنا بالإمارات، كان الأستاذ الدكتور أوغور درمان من تركيا هو ضيف الشرف في المعرض.

أي أنّ كان هناك جوًّا من التوافق والتضامن والتآلف بين الفنانين حتى لو اختلفت حكوماتهم. وهذا إن دلّ على شيء فيدل على أنّ الفن يمكنه التغلب على السياسة والعلاقات الدولية ليجمعنا في مناخ واحد.

ولهذا السبب فالمسلمون اليوم بحاجة إلى منظمات المجتمع المدني التي تضع الفنانين المسلمين في المقدمة من أجل تحسين صورة الإسلام والمسلمين حول العالم. وأعتقد أن تنحية العلاقات السيئة بين الدول والأنظمة والحكومات جانبًا واستغلال قوة الأفراد والفنانين المسلمين من أجل تحسين صورتنا المشوهة هو أفضل سبيل.

لكن بطبيعة الحال هناك حاجة إلى تنظيم من أجل بلوغ هذه الغاية. ثمة منظمات وأماكن وأوساط وفنانون قادرون على فعل هذا. لكن من الصعب إيجاد ميزانية لهذا الغرض، وهي في الأساس مشكلة هينة! وفي الواقع، يمكننا حل هذه المشكلة إذا قدم بعض أغنيائنا ممن يهرعون لتقديم التبرعات عند بناء المساجد، القليلَ من الدعم لهذه الفعاليات الفنية.

#كمال أوزتورك
6 yıl önce
ما هي صورة المسلمين حول العالم؟
انهيار مشروع الإرهاب التوسعي
الخنازير لا تتغذى على الكتب المقدسة
لا مفر من حرب عالمية
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة