|
عقب خراب ودمار سوريا

العبارة الحقيقية هي: "عقب خراب البصرة".

تعتزم الولايات المتحدة التدخل في سوريا لاستخدام نظام الأسد الأسلحة الكيميائية. وقد شهدنا قبل يومين استهداف مؤسسات عسكرية سورية عن طريق الطيران الإسرائيلي.

والآن فالولايات المتحدة تستعد لشنّ عملية أكبر! فما الذي سيتغيّر لو تدخل الأمريكان في بلد مدمر ومهدم مات مئات الآلاف من أبنائه وشرّد الملايين منهم؟

عملية بعد تفشي السرطان

أشبّه هذا الوضع باكتشاف ورم خبيث في الجسم، فيقرر الأطباء إجراء عملية لاستئصال الخلايا السرطانية، فيطرحون المريض على طاولة العمليات ويفتحون بطنه، وفي تلك الأثناء يتراجع الطبيب عن إجراء العمليةـ فتظل الخلايا السرطانية كما هي ويخيطون بطن المريض من جديد ويبقى على هذا الحال. تحدث عدوى وتنتشر الخلايا السرطانية في كل جميع أعضاء الجسم.

كانت الولايات المتحدة قد اتخذت قرار تنفيذ عمليات عسكرية في سوريا في عهد أوباما عندمنا استخدمت الأسلحة الكيميائية في الغوطة (والتي كانت الخط الأحمر بالنسبة لواشنطن)، فبادرت إلى فعل هذا لكنها تراجعت في الساعات الأخيرة عن استئصال الخلايا السرطانية، لتتخلى عن تركيا وحلفائها في وضع حرج، وهو ما أفضى إلى تفشي العدوى في عموم سوريا بانتشار الخلايا السرطانية في كل مكان بالجسد.

وقد أعرب ترمب قبل يومين عبر حسابه على تويتر عن رد فعل مماثل لرد فعل أوباما والذي كان قد وصفه بـ"الجبان والضعيف"، ناعتا الأسد بصفة "الحيوان".

دخلنا "طريق سد" طويل

إنها حرب يقتل فيها الأطفال، المسلمون، بالأسلحة الكيميائية، يقتلون بأيدي مسلمة، وهو ما سجله التاريخ كوصمة عار.

والآن الولايات المتحدة تعرب عن ردّ فعل إزاء قتل المدنيين بالأسلحة الكيميائية، كذب وخداع.. فواشنطن وحلفاؤها لا يتألمون أدنى ألم لمقتل الأطفال والنساء المدنيين، بل إنهم حتى لا يهتمون لذلك الأمر.

أتمت الحرب عامها السابع وقد انتشرت العدوى في كل شبر من الجسد السوري وواشنطن لم تفعل له شيئا سوى إرهاقه أكثر وأكثر. الأمر ذاته ينطبق على موسكو التي تقول اليوم "لو تدخلت الولايات المتحدة فسنرد". أليس لديها ما تقوله للأسد الذي يستخدم الأسلحة الكيميائية؟

والآن فلننظر إلى الطريق السد الذي دخلناه. نناقش فكرة "هل تضرب أمريكا الأسد قاتل الأطفال أم لا تضربه؟". فدخول الولايات المتحدة سوريا بشكل فعلي يعني تعزيز قدرات بي كا كا وتمزيق الأراضي السورية. إذن، هل نسمح بأن يواصل الأسد قتل الأطفال بالأسلحة الكيميائية كما فعل في الغوطة؟

روسيا تساعدنا في عفرين، لكنها تساعد الأسد كذلك في الغوطة. إذن، هل سنقول لروسيا شيئا أم لن نقول؟

فأين ستتدخلون وأي عضو ستنقذون في حرب خبيثة كهذه تفشت فيها الخلايا السرطانية في كل مكان؟ فلم يشهد التاريخ حربا قذرة إلى هذا القدر.

كل يبكي على ليلاه لا على القتلى من الأطفال

أمريكا تسعى للضغط على روسيا، والسعودية تطمح للضغط على إيران، ومصر تحاول الضغط على تركيا، أمّا إسرائيل فهي تهدف لاحتلال غزة وقتل المزيد من الفلسطينيين والانتقال من الجولان إلى أعماق سوريا.. فيما تسعى إيران للانتشار أكثر، بينما تحمّل روسيا همّ السباحة في المياه الدافئة...

أي أن لكل دولة همها وحساباتها، لكن لا أريد من أحد أن يخبرنا بأنّ هذه الدول تشعر بالأسف لمقتل الأطفال الأبرياء بالسلاح الكيماوي! فلا أحد يهتم بهذا! فلم ولن يهتم أحد لشأن الأبرياء. وهذه الدول لن تتحرك قيد أنملة حتى لو قتل الملايين أمام أعينها ما لم يضر ذلك بمصالحها.

لا يؤاخذني أحد، لكن بغض النظر عن الأخطاء التي ارتكبناها في هذه الحرب، فإن تركيا هي صوت الضمير والملاذ الآمن الذي يلجأ إليه المظلوم. وليس هناك أي دولة أخرى في العالم فتحت أبوابها إلى هذا لحد لاستقبال المظلومين من اللاجئين والمهاجرين، ولم يمد أحد يد العون لهم بقدر ما فعلت تركيا.

عقبات في طريق تحولنا إلى دولة قوية

لا يخفى عليكم أنّ قدرتنا نظل عاجزة أمام بعض الأشياء.. وأن ليس لدينا القدرة العسكرية والاقتصادية والبشرية التي توقف هذه الدول عند حدها. وهو الوضع الذي أتمرد عليه.

أتمرد على كل فرد يرى كل هذا الظلم ولا يعمل وينتج حتى تكون تركيا دولة عالمية. فلا بد أن تكون تركيا قلعة محكمة وقوة ذات بأس وخطًّا دفاعيًّا فولاذيًّا حتى يسمع العالم كلامنا وينفذه. وهذا بطبيعة الحال مرتبط بالاتحاد لا الفرقة، مرتبط بالتضحية وتحقيق التضامن والسلام المجتمعي بين أبناء الوطن.

للأسف فإنّ تركيا عاجزة عن الوصول إلى القوة والقدرة التي تريدها بسبب المصالح الشخصية والهموم المستقبلية والأطماع التي يحملها البعض. وهو ما أتمرد عليه.

ترى الولايات المتحدة تأتينا من مسافة 10 آلاف كيلومتر وروسيا تأتينا من مسافة 4 آلاف كيلومتر لتتدخل في أراضينا فتقسمانها وتمزقانها وتحاولان إقامة دويلات صغيرة على حسب أهوائهما.

نحن من يبكي بحرقة على الأطفال الذين يقتلون بالأسلحة الكيميائية، لكنّ تركيا صارت بحاجة إلى أشياء أخرى حتى تستطيع تخطي هذه المرحلة إلى ما بعدها.

#كمال أوزترك
#تركيا
#سوريا
#نظام الأسد
#الولايات المتحدة الأمريكية
6 yıl önce
عقب خراب ودمار سوريا
واجب الجامعات تجاه غزة
أمواج "طوفان الأقصى" تثور في الجامعات الأمريكية
ميزان الضمير
صمود غزة ورحلة إحياء مدرسة الوعي الحضاري
الطلاب المؤيدون لفلسطين يُعيدون الأمور إلى نصابها