|
كراهية قطر وعشق الأسد

لو كنت مقدمًا لإحدى البرامج التلفزيونية، لخرجت أقول "لقد تركنا وراءنا أسبوعًا آخر مليئًا بالأكاذيب، أيها الجمهور العزيز".

أكبر كذبة كانت حول قطر.

بروتوكول موقّع بين تركيا وقطر في آذار/مارس ونُشر في الجريدة الرسمية في 25 حزيران/يونيو، نشره الموقع الإخباري T24 بعنوان تحوّل لاحقًا إلى كذبة صريحة: "شباب قطر يتلقون التعليم الطبي في تركيا دون امتحان"

على الرغم من توقيع البروتوكول بهدف الاستفادة من الخبرة في مجال الطب العسكري، ورغم أنه لم يتضمن أي عبارة تتعلق بامتحان قبل الجامعة وما شابه، إلا أن الخبر تم تقديمه بصورة مغايرة تمامًا للحقيقة.

لكن من الواضح أن هذا الخبر الذي نشر قبيل ساعات من الامتحان الخاص بالالتحاق بالمرحلة الجامعية في تركيا، تم افتعاله عن قصد بهدف إحداث بلبلة عند الطلاب وذويهم على وجه التحديد.

وعلى الرغم من نفي الخبر في الساعات الأولى، إلا أنه ظل على الموقع لفترة طويلة، وبالطبع تلقفته المعارضة بكل سرور، ولا سيما رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، وانطلقت حملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وحاولت الحملة استثمار الشباب عبر الأخبار الكاذبة.

على الرغم من مرور وقت طويل، اعتذر موقع T24 الذي يعتبر مصدر الخبر، في بيان رسمي مؤكدا أن المعلومات داخل الخبر غير دقيقة.

لقد أوضح الموقع في بيانه قائلًا "الخبر الذي حمل عنوان (التوقيع على بروتوكول يمكّن الشباب القطري من دراسة الطب في الجامعات التركية دون امتحان) ونشر للمرة الأولى في موقعنا؛ تبين أنه غير دقيق، وتم تعديله".

على الرغم من بيان الاعتذار من مصدر الخبر، لم يحذف كليجدار أوغلو المنشورات التي نشرها بشأن الأخبار المزيفة، بل زاد عليها بتغريدات جديدة.

كما هو معلوم فإن حزب الشعب الجمهوري لديه حساسية ضد قطر.

نستطيع أن نقول بأن أي صورة تجسد وجود قرب بين تركيا وقطر أو حتى مجرد ذكر اسم العاصمة القطرية؛ فإنها تثير حفيظة حزب الشعب الجمهوري.

إنهم يعبرن عن معاداتهم للعرب من خلال قطر.

سرعان ما يفيضون بمشاعر العداء تلك إثر سماعهم أي شائعة أو أكذوبة، يتلقفونها دون الوقوف عندها والتأكد من صحتها، لا يهمهم ذلك أصلًا.

لدرجة أن هناك تصريحًا لنائب من "حزب الشعب الجمهوري"، يقول فيه "لقد تم بيع جيش الدولة لقطر".

شارك كليجدار أوغلو مؤخرًا قائمة بعنوان "ما سنفعله في الأسبوع الأول عندما نصل إلى السلطة" وكان على رأس تلك القائمة وعده التالي: "سنعيد على الفور مصنع الدبابات "تانك باليت" في صكاريا، الذي تم التبرع به للجيش القطري، سنعيده إلى جيشنا العظيم على الفور".

في واقع الأمر، ليس هناك من شك في بيع مصنع الدبابات "تانك باليت" في صكاريا للقطريين. وجميع الاستثمارات التي يقوم بها القطريون في بلادنا هي لصالح هذا تركيا بالدرجة الأولى.

إذا نظرت إليها من وجهة نظر خبير اقتصادي، فإن الاختلاف الوحيد هو أن المال القطري ليس خجولًا مثل رأس المال الأجنبي الآخر عندما يتعلق الأمر بتركيا.

في حين أن الأموال التي تأتي من الدول الأخرى سرعان ما تبحث عن مهرَب حينما تشعر بأي خطر ولو صغيرًا، فإن قطر على العكس من ذلك، تفضل البقاء في تركيا حتى في الأوقات الصعبة.

في الواقع، هناك سبب حقيقي يدفع حكومة قطر لتجسيد موقف كريم ونبيل عندما يتعلق الأمر بتركيا، وهو أنها تجد رجب طيب أردوغان فقط يقف إلى جانبها في أصعب أوقاتها.

ولقد ذكرت سابقًا في هذا العامود، أن الرئيس الفرنسي ماكرون حينما قال لأمير قطر "لو لم تدعم تركيا لانهارت اقتصاديا"، رد عليه أمير قطر بوضوح "في الأوقات العصيبة لم يكن معي إلا أردوغان. ولن أتوقف عن الوقوف بجانبه. سيكون الأمر هكذا حتى أموت".

لو نظرت إلى الأمر من هذه الزاوية فحسب، يمكنك أن تفهم على الفور نوع الهوس الأيديولوجي الذي يتصرف به حزب الشعب الجمهوري وكليجدار أوغلو.

بالطبع، لا ينبغي القول أنهم معادون لكل العرب، حيث أنهم على الرغم من عداوتهم لقسم من العرب، إلا أنهم يتمتعون بجو لطيف مع قسم آخر من العرب أيضًا، على سبيل المثال بشار الأسد.

بينما كان ولا يزال الأسد يرتكب مجازره في سوريا، ألم يظهر كليجدار أوغلو تضامنًا من قلب تركيا مع هذا النظام باستمرار؟

دعونا نتذكر ذلك.

مثلًا في شباط/فبراير2020، قبل دقائق فقط من استشهاد 33 من جنودنا، قال رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كيليجدار أوغلو، في بث مباشر: "جنود الأسد يقومون بحماية الجنود الأتراك في إدلب في الوقت الحالي".

وفي المقابل نجد أن رجال الأسد في سوريا عبروا عن رغبتهم في "استضافة حليفنا زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدار أوغلو في دمشق!" لدرجة أنهم قدموا له دعوة رسمية لذلك.

كم يبدو هذا مثيرًا؟

#تركيا
#قطر
#نظام الأسد
٪d سنوات قبل
كراهية قطر وعشق الأسد
الخنازير لا تتغذى على الكتب المقدسة
لا مفر من حرب عالمية
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية