|
صراع حزبَي "الجيد" و"الشعوب الديمقراطي": ما وراء ذلك؟ وهل يتأثر تحالف المعارضة؟

شهد البرلمان التركي، أمس الأربعاء، اجتماعًا للكتلة البرلمانية لحزب الجيد المعارض، تلاه اجتماع للكتلة البرلمانية لحزب الشعوب الديمقراطي ثانيًا، وكان من اللافت في الحقيقة بروز صراع علني وأخذ ورد غير مسبوقين.

تحدثت ميرال أكشنار زعيمة حزب الجيد المعارض أولًا، وتطرقت خلال الحديث للعلاقة ما بين حزب الشعوب الديمقراطي ومنظمة بي كا كا الإرهابية، المسألة التي لم تعد تتحدث عنها أكشنار تقريبًا في الآونة الأخيرة.

استذكرت أكشنار حديثها مع أحد المواطنين في مدينة "سيرت" جنوب شرقي تركيا، حين قال لها "هنا كردستان"، وتابعت بالقول: "لماذا تتعجبون؟ هذا الرجل هو من حزب الشعوب الديمقراطي. ونحن بدورنا نضع الشعوب الديمقراطي جنبًا إلى جنب مع بي كا كا الإرهابية. من يتفوه بكلمة "كردستان" يا ترى؟ منظمة بي كا كا الإرهابية طبعًا".

عقب هذا الخطاب على الفور، بدأ اجتماع مماثل للكتلة البرلمانية لحزب الشعوب الديمقراطي، وكان من اللافت في الحقيقة ما قاله الرئيس المشارك للحزب، مدحت سنجار، حيث رد بوضوح على تصريحات أكشنار، ووصفها بـ"العاجزة".

قال سنجار: "إذا كان الحزب الحاكم عاجزًا، فإن من يهاجم حزبنا باسم السلطة هو عاجز مثلها أيضًا. وبالتالي فليس اتهام حزبنا بوصف ما أو تصنيفه في مكان ما، سوى التهرب من الانتقادات الموجهة لمن يهاجمنا، والمحاولة للعثور على كلمات بات يفتقدها".

لو سألتموني إلى أين يمكن أن ينتهي هذا الخلاف، سأجيب أنه لا يوجد مكان يمكن أن يقف عنده.

كان من الواضح ان السيدة اكشنار التي بدت عاجزة عن مواجهة ذلك الشخص الذي قال لها "هنا كردستان"، ويبدو انها كانت بحاجة للجلوس والتفكير للتعامل مع هذه "المفاجأة" التي كان من الواضح أنها لم تكن مستعدة لها، وجدت في كلمتها خلال الاجتماع مع حزبها في البرلمان، فرصة لتلافي ذلك الموقف.

وفي المقابل، وجد الشعوب الديمقراطي فرصة ثمينة كذلك من أجل مهاجمة حزب الجيد والرد عليه في محاولة لـ"وضع حد له".

هذا كل ما في الأمر بالنسبة لي.

لكن للأمانة، حين النظر لتصريحات سنجار التي رد فيها على أكشنار، تبدو معتدلة إلى حد ما، مقارنة بما صرح به الرئيس المشارك السابق للشعوب الديمقراطي، صلاح الدين دميرتاش، من داخل سجنه، والتي تضمن تعابير "فاشية".

على صعيد آخر، يجدر الإشارة إلى أن حزبَي الجيد والشعوب الديمقراطي، وإن كانا في الظاهر على طرفي نقيض في وجهات النظر السياسية، ويدخلان في عراكات لفظية من وقت لآخر، إلا أنهما في نهاية المطاف مضطران للتغاضي عن ذلك في سبيل تحقيق "الهدف المشترك" الذي يمثلهمان ولذلك فهما لا يقطعان الخيوط كلها دفعة واحدة، ولا يحولان العراكات اللفظية إلى عملية.

لكن لماذا يا ترى؟

لأن الطريق للوصول نحو تحقيق أهدافهما السياسية، يمر من خلال هذا التحالف الإجباري.

ودعوني أكرر مجددًا، لا أحمل على الإطلاق تصريحات أكشنار ضد الشعوب الديمقراطي، وتصنيفها الحزب بالدائرة ذاتها مع بي كا كا الإرهابية، على محمل الجد، ولا أعتبر أن من يروج لخلاف ذلك يقوم بتحليل صحيح. لا يمكن حمل تصريحات أكشنار على أنه امتعاض أو انزعاج إزاء وجود الشعوب الديمقراطي في ذات التحالف الذي هي فيه.

ولو كانت أكشنار بالفعل متضايقة من ذلك، لكانت صرحت دون تردد وربطت تصويت الشعب الجمهوري بـ"لا" ضد إرسال قوات تركية إلى سوريا والعراق، بموقف الشعوب الديمقراطي، وتحدثت بوضوح عن العلاقة التي تجمع بين الحزبين، لكنها لم تفعل.

كان من الممكن لها أن تحاسب الشعب الجمهوري على ذلك.

كان من الممكن ان تسأل الشعب الجمهور على الأقل؛ "ألا تعلم أن حزب الشعوب الديمقراطي في نفس مكان بي كا كا الإرهابية؟". أو "ألا تعتبر بالفعل أن تنظيمات PYD/YPG تشكل خطرًا وتهديدًا حقيقيًّا ضد تركيا؟".

لكن من الواضح أن موقف الشعب الجمهوري والذي يبدو إلى حد كبير بمثابة إعلان "شراكة استراتيجية" مع الشعوب الديمقراطي، لم يكن مصدر إزعاج داخلي لحزب الجيد.

لم يقل أحد مثلا للشعب الجمهوري؛ "لماذا تصوت الآن بـ لا ضد قرار إرسال قوات إلى سوريا والعراق، بينما قد صوتت ب نعم في السابق؟".

من الغريب في الواقع عدم صدور صوت عن حزب الجيد حيال موقف الشعب الجمهوري الأخير، لا سيما وأن القرار سلط الضوء على تهديدات بي كا كا الإرهابية، وقوانين مكافحة الإرهاب.

ما الأجندة الخفية التي يمكن أن تكون لدى الشعب الجمهوري؟

لقد صرح رئيس حزب الحركة القومية، دولت باهجلي، الثلاثاء الماضي، خلال كلمة له أمام حزبه، بأن "لدى الشعب الجمهوري أجندة خفية".

وتابع باهجلي بالقول: "لقد أرسلت أصدقاءنا إلى الأناضول من أجل الكشف لشعبنا عن أجندة الشعب الجمهوري الخفية. لقد قال الشعب الجمهوري "لا" مع الشعوب الديمقراطي ضد القرار، بينما قال "نعم" لمنظمة بي كا كا الإرهابية. لو كان حزب الشعب الجمهوري اليوم إبان حرب الاستقلال، فإنه بالتأكيد كان سيصطف إلى جانب العدو".

لا شك أن قرار الشعب الجمهوري الذي بدا بمثابة إعلان عن "شراكة استراتيجية مع الشعوب الديمقراطي، أثار بطبيعة الحال انزعاجًا كبيرًا في الأوساط القومية.

ويجب قراءة تصريحات باهجلي في هذا السياق.

ومن المهم في الحقيقة التركيز على "الأجندة الخفية" للشعب الجمهوري، على حد تعبير باهجلي. فماذا يمكن أن تكون تلك الأجندة الخفية؟

#حزب الجيد
#الشعب الجمهوري
#الشعوب الديمقراطي
#البرلمان التركي
3 yıl önce
صراع حزبَي "الجيد" و"الشعوب الديمقراطي": ما وراء ذلك؟ وهل يتأثر تحالف المعارضة؟
انهيار متسارع للعملات الأجنبية.. 15 مليار دولار في أسبوع واحد
الرأسمالية تبنى على العقل لكنها تقوم على الإدراك
لم تعد أوروبا مصدر الأفكار الثورية التي تؤثر على العالم اليوم
عصام العطار
إسرائيل.. تنظيم إرهابيّ يهدد أمن المنطقة