|
تفاصيل الصراع الروسي الأوكراني

الجزء الأول: الأزمة

عندما تقرؤون هذا المقال، سيكون الاتحاد الروسي قد ضم رسميًا 4 مناطق أوكرانية كان قد احتلها. وأصبحت تلك المناطق الآن رسميًا تتبع لروسيا.

يكمن الموقف التركي من القضية فيما صرح به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حيث قال: "إن تنظيم الاستفتاء في مناطق أوكرانية خاضعة لسيطرة روسيا يجلب المشاكل، كنت أتمنى حلا بالطرق الدبلوماسية بدل الاستفتاء”.

يمكننا القول إن الموقف من تلك القضية مشترك لدى الغرب. فمنذ اللحظة الأولى التي أعلنت فيها روسيا عن قرار الاستفتاء، كانت التصريحات الصاخبة التي أطلقتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والناتو والأمم المتحدة تجتمع على نفس الموقف.

ولا شك أن هناك فرقًا بين المشاكل التي تطرحها تركيا ومخاوف الغرب من تلك القضية. فنجد أن أنقرة مستاءة لأن إمكانية السلام في هذا الطريق ستكون أكثر صعوبة، كما أنها تواجه حساسية لاحتمالية استمرار هذا الصراع وامتداده إلى تركيا.

وهذا السبب وراء اجتماع أردوغان مع بوتين قبل يوم من حفل مراسم ضم المناطق الأوكرانية، على الرغم من أنه يعلم بأنه لن تكون هناك نتائج.

من ناحية أخرى، الأوضاع أكثر صعوبة بالنسبة للغرب، ولا سيما الولايات المتحدة. يسعى الغرب لإطالة أمد الحرب قدر المستطاع بهدف إلحاق الأذى بروسيا وتركيعها تمامًا، يقوم الغرب بذلك عبر دماء دولة أخرى "حرب بالوكالة".

الجزء الثاني: المواجهة

أصبحت الأراضي الروسية أوسع نطاقًا الآن وأي هجوم ضدها سيُعتبر بمثابة الهجوم ضد "الوطن الأم" وسيدافعون عنها بكل الوسائل المتاحة لديهم. لقد تبين أن هذا الوضع ليس خدعة.

يمكننا تحليل هذه المرحلة من خلال قراءة السطور التالية التي كتبتها في مقالي الذي نُشر بتاريخ 24 سبتمبر/أيلول الفائت: "عندما ينتهي الاستفتاء وتقره روسيا وتضم المناطق الأربعة المعنية إلى روسيا ستنتهي المسألة بالكامل. لا توجد هناك خطوات للعودة للوراء، وأولئك الذين لديهم مشكلة مع ضم تلك الأراضي سيكون بانتظارهم 300 ألف جندي وسلاح نووي. ويتضح لنا أن مسألة الضم والاستفتاء ستخلق واقعًا سياسيًا وجيوسياسيًا جديدًا"

فما الواقع الجديد؟ كان الغرض الحقيقي من الخداع الروسي والتهديدات النووية، والتعبئة العسكرية الجزئية، والاستفتاء وضم المناطق الأوكرانية، هو القضاء على "الحرب بالوكالة". لا يمكن أن يكون هناك وكيل للحرب النووية. (المقال المنشور في تاريخ 28 سبتمبر/أيلول الفائت)

لقد قرأتم هذه السطور في مقالاتي السابقة ولم تكن هنالك سوى دولة واحدة أدركت أبعاد هذا الصراع بمختلف أبعاده، وهي تركيا التي وصف رئيسُها أردوغان ضمَّ بعض المناطق الأوكرانية إلى روسيا بأنه "يجلب المشاكل" خلال تصريحاته عن استفتاء ضم مناطق أوكرانية. من جهة أخرى، سأنشر قريبًا مقالات تسلط الضوء على البعد الخاص لتلك الأزمة العالمية بالنسبة لتركيا (ستقرؤون وتسمعون الكثير من الآن فصاعداً )

الجزء الثالث: المخاطر

الكرة الآن في ملعب الغرب. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو كيف ستكون ردة فعل الولايات المتحدة وأوروبا لهذا الواقع الجديد؟

لم يعد يهم ما إذا كان العالم سيعترف بتلك الأراضي التي ضمتها روسيا، لأن في وضع "التجاوزي".ماذا سيحدث إذا كنت لا تعترف بتلك الأراضي، إذا أقدمت على أية خطوة سيتعين عليك تحمل المخاطر النووية.

إنها مسألة خطيرة، وبعد صمت طويل، قالت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل: "يجب أن تؤخذ تصريحات بوتين حول الأسلحة النووية على محمل الجد. ويجب عدم صرف النظر عنها على أنها مجرد خدعة، والتعامل معها بجدية ليس بأي حال من الأحوال علامة على الضعف أو الاسترضاء، ولكن التعامل معها يعد علامة على الحكمة السياسية".

إن المخاوف الكبيرة للعديد من العواصم الأوروبية بشأن استمرار الحرب قد لا تجد الرد من واشنطن ولندن.

والأسوأ من ذلك، أن رئيسة الوزراء الجديدة تولت منصبها في بريطانيا، ورأت التهديد النووي الروسي وأطلقت تصريحات : "سيتم استخدامه إذا لزم الأمر"

الجزء الرابع : ماذا سيحدث لـ نظام "مير" الروسي!

الآن بعد أن تعلمنا أن كلمة "مير" تعني "العالم" باللغة الروسية حيث كان نظام التسديد المصرفي الروسي "مير" الأداة الاقتصادية الوحيدة في العالم، وقد تجاوزت جدار العقوبات الواسعة المفروضة على روسيا. اُستخدم من قبل البنوك التركية والسياح القادمين إلى بلدنا.

وتخلت البنوك الخاصة، ثم البنوك العامة، عن هذا الاستخدام وهناك الكثير من التساؤلات حول دراسة "طرق" جديدة.

وأكدت موسكو أن البنوك تخلت عن استخدام نظام "مير" المصرفي نتيجة ضغوط أمريكية شديدة وغير مسبوقة، وأشارت إلى أنها تتفهم موقف تركيا.

كانت مسألة نظام "مير" المصرفي مرتبطة أيضًا بـ "خطاب التحذير" الذي أرسلته الولايات المتحدة إلى سلسلة من شركات ومنظمات تجارية في تركيا. إنها الحقيقة.

ولكن رغم كل تلك الإجراءات، فهناك دلائل تؤكد وجود أمور ستحدث في المستقبل.

وفي هذا السياق، يمكننا رؤية أبعاد تلك المشاكل من خلال ما قاله الكاتب التركي "سليمان سيفي أوغون" حول تلك المسألة خلال مقابلة على برنامج تلفزيوني على قناة "تي في نت" بتاريخ 20 سبتمبر/أيلول:

هناك بعدان، الأول هو الميدان، حيث يمكن لروسيا بعد ذلك أن تصبح أكثر صرامة وتبدأ قصفها المدمر، وتعود إلى وحشيتها التقليدية، التي امتنعت عنها حتى الآن لأسباب سياسية. ويمكن مواجهة ذلك من خلال هجمات الناتو على الأراضي الروسية. وسنرى ما سيحدث بعد ذلك.

البعد الثاني هو البعد السياسي، حيث يمكن أن تنشأ أزمات تخص تركيا، والتي من شأنها أن تولد ضغوطا كبيرة عليها، وتدخل هذه المسألة في جدول العملية المؤدية إلى الانتخابات.

وذلك سيعني في أبسط أشكاله أن سيشكل ضغطًا يظهر على شكل "اختر بصف من أنت". إن مشاركة أنقرة في خطة تضييق الحصار على روسيا وخنقها بالكامل، وامتثال تركيا الكامل لجميع العقوبات الغربية، بما في ذلك مسألة البحر الأسود، هي عملية من شأنها أن تدمر العلاقات المعقدة بين روسيا وتركيا، وإذا لم يتم قبولها، قد تتطور إلى صراعات ساخنة في بحر إيجة وسوريا.

فتفجير خط الغاز الشمالي قد يشكل تهديدًا لخط الغاز التركي، وهذا ما يُعد دمارًا اقتصاديًا يزعزع منطقة القوقاز وآوراسيا برمتها.

يبدو أن هذا الأمر ليس سارًا أليس كذلك؟

هذه هي النهائيات الطبيعية. لقد وصلنا إلى هذا الحد. لكن لا تتخلوا عن الأمل لأن فترة تهديد تركيا ستنتهي مع الاختيار الصحيح في الانتخابات القادمة لذلك لا تخطئوا في اختياركم.

#تركيا
#روسيا
#أمريكا
#أوكرانيا
#الصراع
#التهديدات
2 years ago
تفاصيل الصراع الروسي الأوكراني
انهيار مشروع الإرهاب التوسعي
الخنازير لا تتغذى على الكتب المقدسة
لا مفر من حرب عالمية
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة