|
عصام العطار

توفي عصام العطار، أحد أبرز قادة الحركة الإسلامية في سوريا، فجر يوم الجمعة في الثاني من مايو/أيار 2024، في مدينة آخن الألمانية، حيث عاش فيها في المنفى لعقود، وذلك عن عمر ناهز 97 عاما، قضاها في رحلة حافلة بالإنجازات والمساهمات. لم يكن الأستاذ عطار شخصية سياسية بارزة فحسب، بل كان أيضا مفكرا وأديبا مرموقا. ولد العطار في سوريا خلال فترة الانتداب الفرنسي بعد الدولة العثمانية، وشهد عن كثب مختلف التحولات التي عصفت بسوريا والشرق الأوسط في العصر الحديث، وشارك بفعالية في بعض منها كعضو بارز في جماعة "الإخوان المسلمين".


ولد عصام العطار عام 1927 في مدينة دمشق، لأب كان قاضيا شرعيا. ومنذ صغره لفت الأنظار باهتمامه بالعلم والأدب، كما أبدى اهتماما مبكرا بالسياسة. وقد حظيت خطبه الملهمة التي كان يلقيها في مسجد جامعة دمشق بشهرة واسعة بين الشباب، مما أدى إلى لقاء مصيري مع الشيخ مصطفى السباعي العالم والمناضل الشهير، الذي كان قد نقل أفكار جماعة "الإخوان المسلمين" من مصر إلى سوريا.

عاش العطار وأصدقاؤه في ظل معارضة مستمرة للأنظمة والانقلابات العسكرية المتتالية التي شهدتها سوريا بين عامي 1949 و 1963. مما اضطره إلى مغادرة سوريا والعيش في مصر لعدة سنوات بعد أن وُجِّهت له اتهامات وصدر أمر بالقبض عليه.

عاد العطار إلى سوريا بعد ذلك ليواصل نشاطه السياسي، وانتُخب عام 1961 عضوا في مجلس النواب السوري. كما تولى قيادة جماعة "الإخوان المسلمين" في سوريا بشكل فعلي بعد أن تدهورت صحة الشيخ مصطفى السباعي وأُجبر على التوقف عن العمل السياسي.


في أعقاب الانقلاب العسكري الذي نفذه ضباط حزب البعث في سوريا عام 1963، أصبح عصام العطار أحد أهداف النظام الجديد. وفي نفس العام، منع من العودة إلى سوريا بعد أداء فريضة الحج، مما اضطره إلى اللجوء إلى الخارج. عاش عطار في المنفى، متنقلا بين لبنان، والأردن، والكويت، وبلجيكا، حتى استقر أخيرا مع عائلته في مدينة آخن الألمانية. وقد تزوج العطار من السيدة "بنان" ابنة الشيخ علي الطنطاوي، أحد أشهر علماء سوريا. وكان الشيخ الطنطاوي قد غادر سوريا هو الآخر مع ابنته وصهره ولجأ إلى المملكة العربية السعودية، بعد أن دعاه الملك فيصل شخصيا، وظل يكرمه حتى وفاته عام 1999.


واجه عصام العطار صعوبات كبيرة في إدارة تنظيم "الإخوان المسلمين" عن بعد، مما دفعه إلى التخلي عن منصب القيادة عام 1973. وكرس حياته في ألمانيا للدعوة الإسلامية والنشاطات العلمية، واتخذ من مسجد "بلال" الذي ساهم في تأسيسه في مدينة آخن مركزا لنشاطاته.

ورغم أنه قطع علاقاته السياسية مع سوريا في الظاهر، إلا أن حقد نظام البعث وعداءه له ظل يطارده. ففي السابع عشر من مارس عام 1981، تعرض العطار لأشد مأساة في حياته.

فقد أرسل الرئيس حافظ الأسد فريقا اغتيال إلى مدينة آخن، وقام هذا الفريق بقتل زوجة العطار، بنان الطنطاوي، بشكل وحشي وهي في منزلها وحدها.

كانت بنان لا تفتح الباب للغرباء أبدا، لكنها فتحت الباب هذه المرة عند سماعها صوت جارتها الألمانية التي كانت على علاقة جيدة معها. و كان القتلة يراقبون المنزل منذ أسابيع وقد قاموا بتوجيه مسدس نحو رأس المرأة الألمانية وأرغموها على طرق باب بنان، وعندما خرجت بنان وفتحت الباب، أطلق القتلة خمس رصاصات على جسدها من مسافة قريبة. ولم يكتف القتلة بذلك، بل داسوا على جسدها النحيل بأحذيتهم للتأكد من موتها قبل أن يلوذوا بالفرار.

علم الشيخ علي الطنطاوي بوفاة ابنته من خلال اتصال هاتفي من وزارة الخارجية السعودية. وكان حزنه عظيما لدرجة أنه لم يتمكن من نطق اسم ابنته إلا بعد أربع سنوات. أما عصام العطار، فقد فقد زوجته الحبيبة ولم يتزوج بعدها. وكان يبكي كلما قرأ المرثية التي كتبها في ذكرى رحيلها مهما مر من الوقت.


حاول نظام البعث إخضاع الشيخ عطار من خلال اغتيال زوجته، لكن لم يفلح. و لكن الشيخ تعرض لضربة أخرى قاسية عندما انضمت أخته نجاح إلى صفوف النظام. و عاشت نجاح حياة مختلفة تماما عن أخيها، فكانت متصالحة مع نظام البعث وتولت منصب وزيرة الثقافة ثم نائب الرئيس في عهد بشار الأسد عام 2006. و كان هذا الخيار السياسي لأخته يسبب للشيخ ألما عميقا.


قبل عامين، زرت قبر بنان الطنطاوي في مقبرة المسلمين في آخن. وعندما علمت بوفاة إسماعيل عطار صباح يوم الجمعة، خرجت من فمي عبارة عفوية بدون إرادة مني: "الحمد لله، لقد اجتمعا أخيرا". فقد تم دفن إسماعيل عطار إلى جانب زوجته الحبيبة بعد فراق دام 43 عاما. وها هما الآن يرقدان جنبا إلى جنب في الغربة، بانتظار يوم القيامة. يوم لا يظلم فيه أحد، ويحاسب الظالمون والقاتلون على ما اقترفوه أمام المحكمة الإلهية.











#عصام العطار
#سوريا
#الإخوان المسلمون
#علي الطنطاوي
#بنان الطنطاوي
#مدينة آخن الألمانية
11 gün önce
عصام العطار
بفضل هؤلاء الشباب.. العالم سيصبح مكانا أفضل
كفاح لإنقاذ تركيا من أيدي الدوشيرمة
لماذا وصف أردوغان حماس بأنها "حركة مقاومة"؟
التطبيع
قطاع الطرق يحكمون العالم لكن غزة تقاوم