|

من الرجل المريض إلى تركيا الكبرى

إن اسم "تركيا"، الذي نطق به الأمين العام لحلف الناتو "ستولتونبرغ" لأول مرة باللفظ التركي بدلاً من اللفظ الإنكليزي في قمة مدريد، يدل على أن تركيا باتت دولة عظمى تفرض رأيها في المحافل الدولية.

14:08 - 7/07/2022 الخميس
تحديث: 14:14 - 7/07/2022 الخميس
يني شفق
من الرجل المريض إلى تركيا الكبرى
من الرجل المريض إلى تركيا الكبرى

مرت الإمبراطورية العثمانية بثلاث انتكاسات من سنة 1300 إلى النصف الأول من سنة 1700، ولكنها استمرت دائمًا في التقدم لمدة أربعة قرون على الأقل، وذلك بفضل سلاطينها العظماء الذين تعاقبوا على الحكم. وكان تقدم الإمبراطورية العثمانية مثل انهيارها مرتبطًا بعوامل داخلية أكثر من كونه ناجمًا عن عوامل خارجية، فالانهيار المادي بدأ بعد الانهيار المعنوي.

وكان ذلك سببًا في إطلاق تسمية "رجل البوسفور المريض" على الدولة العثمانية منذ سنة 1800، وبعد قرابة قرن من الزمان عمل الأوروبيون من الخارج بالتعاون مع عملائهم في الداخل على الإطاحة بالسلطان عبد الحميد في سنة 1908 الذي كان يمثل آخر قلب نابض للدولة العثمانية التي استمرت على مدى 6 قرون.

بعد أن استيقظت تركيا من جراحاتها العميقة، وتخلصت من الضعف النفسي والخوف من الاندثار شيئًا فشيئًا، أعادت السيطرة على خليج الإسكندرون ومضيق البوسفور، إلا أنها لم تستطع تحرير الموصل الغنية بالنفط، بعد أن كانت جزءًا من جسد الدولة العثمانية.

وفي قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" التي عُقدت مؤخرًا في مدريد، سمعنا الأمين العام للحلف ينطق اسم تركيا باللفظ التركي (Türkiye) لأول مرة بدلًا من لفظه كما في اللغة الإنكليزية (Turkey)، وكان ذلك بناءً على رغبة تركيا، وهذا يدل على أن تركيا باتت دولة قوية لها وزنها على الصعيد الدولي.

كما تبين لنا في هذه القمة أننا نعيش مع العالم الغربي وضعًا شبيهًا بالوضع الذي كان سائدًا في القرن الماضي، ولكننا الآن استطعنا أن نطالب السويد والنمسا بالكف عن دعم الإرهابيين. وعلى الرغم من وجود حوالي 100 ألف كردي يعيشون في السويد إلا أن تركيا لا تطالب سوى بـ200 شخص من المتورطين في أعمال إرهابية، وهذا يعني أن تنظيم "بي كي كي" الإرهابي لا علاقة له بالأكراد، مثلما أن تنظيمي "داعش" و"غولن" لا علاقة لهما بالإسلام.

وما كانت القمة الرباعية التي عُقدت على هامش قمة دول الناتو في مدريد، والمذكرة الثلاثية التي تم التوقيع عليها إلا للتذكير بمطالب تركيا. وفيما عدا ذلك فهناك خطط بديلة لتركيا في حال تم "الإخلال بمطالبها. وهذا يعني أنه ينبغي إنشاء "حلف الأناضول ودرع آسيا" بشكل ملموس بالتعاون مع روسيا والصين، فهذا ما يقتضيه النظام العالمي متعدد الأقطاب، إذ يجب عدم وضع كل البيض في سلة واحدة.

والكلام حول روسيا اليوم مجرد ذريعة، فالهدف الأساسي لدى الغرب هو "الشرق الأوسط الصغير" أي منطقة شرقي الفرات التي تُعد قلب سوريا، لأن هذه المنطقة بمثابة قلب الشرق الأوسط لغناها بمصادر الطاقة والموارد الطبيعية ولموقعها الاستراتيجي، فإذا لم يتم الحيلولة دون الخطة الأمريكية الرامية إلى تقسيم المنطقة على غرار اتفاقية سايكس بيكو فذلك يعني أن خطر الموت ما زال قائمًا.

#تركيا
#الناتو
#الشرق الأوسط
#تركيا الكبرى
٪d سنوات قبل