سفير السودان بتركيا: نطالب بدعم دولي لمسار الحل السياسي

11:1318/02/2025, الثلاثاء
الأناضول
سفير السودان بتركيا: نطالب بدعم دولي لمسار الحل السياسي
سفير السودان بتركيا: نطالب بدعم دولي لمسار الحل السياسي

سفير السودان لدى أنقرة، نادر يوسف الطيب: - آمل أن يقرأ المجتمع الدولي هذه المبادرة بعناية ويدعمها، لأنها تمثل حلًا حقيقيًا - الحصار الذي كانت تفرضه قوات "الدعم السريع" على القيادة العامة للجيش في الخرطوم تم كسره - الفرحة التي استقبل فيها الشعب الجيش السوداني دليل على المعاناة التي عاشها المدنيون - تركيا ليست قوة إقليمية فحسب بل هي أيضا لاعب دولي مهم للغاية.


أعرب سفير السودان لدى أنقرة نادر يوسف الطيب، عن أمله في أن تحظى خارطة الطريق التي أعلنت عنها وزارة الخارجية السودانية في 9 فبراير/ شباط الجاري، بدعم المجتمع الدولي، وأن يتم النظر فيها بعناية.

وفي حديثه للأناضول حول آخر المستجدات في السودان، أكد الطيب أن التطورات التي شهدتها بلاده خلال الأسبوعين الماضيين، كانت "تاريخية بالفعل"، مشيرًا إلى أن الجيش السوداني "تمكن من استعادة السيطرة على معظم مناطق العاصمة الخرطوم".

وأشار إلى "أهمية عملية الحوار الوطني، وتشكيل حكومة انتقالية ذات كفاءة، ومراجعة الإعلان الدستوري، إضافة إلى مرحلة وقف إطلاق النار المحتملة".

وأوضح الطيب أن "استعادة السيطرة على مصفاة النفط في الخرطوم تعد من أهم المكاسب الاستراتيجية، حيث كانت تُستخدم كقاعدة عسكرية، وكانت تضم أسلحة وعناصر قيادية من قوات الدعم السريع، بالإضافة إلى مرتزقة".

ولفت إلى أن "الحصار الذي كانت تفرضه قوات الدعم السريع على القيادة العامة للجيش في الخرطوم قد تم كسره"، واصفًا هذه التطورات بأنها بالغة الأهمية وتاريخية، وأن قوات الدعم السريع باتت "منهارة تمامًا".

وأضاف الطيب أن "بعض عناصر قوات الدعم السريع فروا بالفعل من الخرطوم، بينما يجري آخرون مفاوضات لتسليم أنفسهم"، مشيرًا إلى أن الجيش "يحقق تقدمًا ملحوظًا مع إيلاء أهمية بالغة لتقليل الخسائر قدر الإمكان".

ويخوض الجيش و"الدعم السريع" منذ منتصف أبريل/ نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

ومنذ أيام وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مساحات سيطرة قوات الدعم السريع لصالح الجيش بولايتي الوسط (الخرطوم والجزيرة) والجنوب (النيل الأبيض وشمال كردفان) المتاخمة غربا لإقليم دارفور (5 ولايات) وتسيطر "الدعم السريع" على 4 ولايات فيه، بينما لم تمتد الحرب لشمال البلاد وشرقها.

وفي ولاية الخرطوم المكونة من 3 مدن، بات الجيش يسيطر على 90 بالمئة من "مدينة بحري" شمالا، ومعظم أنحاء "مدينة أم درمان" غربا، و60 بالمائة من عمق "مدينة الخرطوم" التي تتوسط الولاية وتحوي القصر الرئاسي والمطار الدولي وتكاد تحاصرهما قوات الجيش، بينما لا تزال "الدعم السريع" بأحياء شرقي المدينة وجنوبها.

- الجيش السوداني وفرحة الشعب

وأشار الطيب إلى أن الشعب السوداني "استقبل الجيش بفرحة كبيرة"، معتبرًا ذلك "دليلًا على المعاناة التي عاشها المدنيون خلال العام ونصف الماضي".

وشدد على "الدعم الكبير" الذي يقدمه الشعب للجيش السوداني، وقال: "بمجرد دخول الجيش إلى الأحياء السكنية، انهمرت دموع العائلات والأطفال، وقد شعروا أخيرًا بالأمان، وطالبوا الجيش عدم المغادرة والبقاء في أحيائهم ومناطقهم".

ولفت الطيب إلى أن "قوات الدعم السريع استهدفت المناطق السكنية"، معتبرا أن هذا الفعل "غير إنساني تمامًا وهو جريمة حرب بكل المقاييس فيجب عدم استهداف المدنيين لاسيما أن المناطق المستهدفة معروفة بأنها لا تضم أي وجود عسكري، وإنما هي مناطق سكنية صرفة".

وأعرب عن امتنانه للدول التي "أدانت الهجوم الذي نفذته قوات الدعم السريع على المستشفى السعودي في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور"، مشيرًا إلى أن تركيا كانت من بين الدول التي أصدرت بيانات إدانة، وقال: "نحن ممتنون لتركيا على موقفها".

وأكد الطيب أن مثل هذه الإدانات تسلط الضوء على الجرائم المرتكبة، داعيًا المجتمع الدولي والمنظمات الدولية إلى تصنيف قوات الدعم السريع على أنها "منظمة إرهابية".

وفي 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلن مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور غربي السودان سقوط أكثر من 70 قتيلا جراء استهداف قوات الدعم السريع بطائرة مسيرة للمستشفى السعودي بمدينة الفاشر.

وأضاف الطيب أن الجيش "بات قريبًا جدًا من تحقيق النصر على قوات الدعم السريع، مشيرًا إلى أن لقاءات سياسية ومجتمعية عُقدت في بورتسودان، حيث تم تحديد هذا المسار كجزء من مبادرة مدنية لحل الأزمة.

- خارطة الطريق في السودان

في 9 فبراير الجاري أعلنت وزارة الخارجية السودانية ، أن "قيادة الدولة" طرحت خارطة طريق لمرحلة ما بعد الحرب تتضمن استئناف العملية السياسية وتتوج بإجراء انتخابات عامة.

وقالت في حينه، بعد هذه النجاحات التي حققها الجيش "طرحت قيادة الدولة، وبعد مشاورات واسعة مع القوي الوطنية والمجتمعية، خارطة طريق للإعداد لمرحلة ما بعد الحرب واستئناف العملية السياسية الشاملة التي ستتوج بعقد الانتخابات العامة الحرة والنزيهة".

وفي هذا الخصوص أكد الطيب أن "خارطة الطريق المطروحة يمكن أن تشكل الأساس لحل مستدام في السودان بعد الصراع القائم"، مشيرًا إلى أن "أول بند ضمن هذه الخطة هو تحقيق حوار وطني شامل".

وأوضح أن "الحوار الوطني سيشمل جميع الأطراف السياسية والاجتماعية في السودان"، لافتًا إلى "ضرورة أن يتضمن أيضًا العناصر المنشقة عن قوات الدعم السريع".

وشدد الطيب على أن هذا الحوار "يمكن أن يشكل الأساس لتوافق سياسي متقدم"، مضيفًا أن الخطوة الثانية في خارطة الطريق تتمثل في "تشكيل حكومة انتقالية مستقلة تتألف من شخصيات مؤهلة وكفؤ".

وأشار إلى أن هذه الحكومة الانتقالية "ستتولى مسؤولية إعادة إعمار القطاعات المتضررة جراء الصراع، مع التركيز بشكل خاص على إصلاح البنية التحتية التي تعرضت لأضرار جسيمة".

أما عن البند الثالث من الخطة، بحسب الطيب "يتمثل في مراجعة الإعلان الدستوري، الذي تم توقيعه عام 2019، وإجراء التعديلات اللازمة عليه، بحيث يعكس التغيرات التي شهدتها البلاد".

وأضاف أن أحد البنود الأساسية الأخرى في الخطة هو "التأكيد على عدم المساس بحرية التعبير وحقوق الإنسان، وضمان عدم وجود أي قيود من شأنها أن تعرقل هذه الحقوق الأساسية".

ولفت الطيب، إلى أن "البند الأخير في خارطة الطريق يتعلق بوقف إطلاق النار"، مشيرا إلى أن "التوصل إلى هدنة دائمة مرهون بشروط أساسية، من بينها تخلي قوات الدعم السريع عن السلاح وانسحابها من المناطق السكنية، وكذلك من العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور، مضيفًا أن تحقيق هذه الشروط سيفتح الباب أمام مناقشة وقف دائم لإطلاق النار.

وأكد أن البنود المذكورة "تشكل الركائز الأساسية لخارطة الطريق المطروحة لحل الأزمة في السودان، معربًا عن أمله في أن تحظى هذه المبادرة بدعم المجتمع الدولي.

- السودان يأمل في دعم دولي لخارطة الطريق

وقال الطيب: "آمل أن يقرأ المجتمع الدولي هذه المبادرة بعناية ويدعمها، لأنها تمثل حلًا حقيقيًا" مشيرا إلى أن "هذه الخارطة تم إعدادها بمشاركة نشطاء المجتمع المدني في السودان، ولهذا أعتقد أنها تعكس أيضًا وجهة نظر السودانيين بشأن مستقبل بلادهم".

وألفت إلى أنهم "لم يتلقوا حتى الآن أي ردود فعل دولية بشأن خارطة الطريق"، لكنه شدد على أن "دعم دول كبرى مثل تركيا سيكون له تأثير كبير".

وقال: "تركيا ليست قوة إقليمية فحسب، بل هي أيضًا لاعب دولي مهم للغاية، وإذا قدمت دعمًا لهذه المبادرة، فسنكون ممتنين لها للغاية".

وأعرب الطيب عن "شكره لتركيا على دعمها السياسي للسودان"، مؤكدًا أنهم "يشتركون مع أنقرة في الرؤية القائلة بأنه لا ينبغي السماح بانهيار السودان، وأن السودان لن يتنازل أبدًا عن وحدته واستقراره وسلامة أراضيه وسيادته".

وأوضح الطيب أن النهج التركي حيال الأزمة السودانية "يحظى بترحيب واسع من الشعب السوداني"، مشيرا إلى أن "منتدى اقتصادي وتجاري ناجح للغاية قد عُقد في شمال السودان، حيث شارك فيه رجال أعمال أتراك رغم التحديات والمخاطر".

وأضاف أن اجتماعات متعددة الأطراف جرت بنجاح في بورتسودان، وأن هذه اللقاءات قدمت دعما معنويا مهما للسودان، لافتًا إلى أن "العلاقات الاقتصادية بين السودان وتركيا تتطور بشكل إيجابي، وهناك زيارات متوقعة من عدة جامعات، إلى جانب منتدى عقد في إسطنبول مؤخرا".

- دعم الرئيس أردوغان قد يساهم في حل الأزمة

وأكد الطيب أن "مبادرة الوساطة التي يقودها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لا تزال مستمرة"، مشيرًا إلى أن السودان "يرحب بهذه الجهود".

وشدد على أن "حكمة الرئيس أردوغان ودعمه يمكن أن يساهما في إيجاد حل للأزمة السودانية"، مضيفا أن "تركيا شريك استراتيجي للسودان، ونتطلع إلى العمل معها في عملية إعادة الإعمار والتنمية".

وفي 13 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قالت الرئاسة التركية إن الرئيس أردوغان أبلغ رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، خلال اتصال هاتفي، استعداد أنقرة للتوسط في حل النزاع بين السودان والإمارات.

واتهم مندوب السودان بالأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، في وقت سابق، الإمارات بإشعال الحرب في بلاده، عبر دعم قوات "الدعم السريع" شبه العسكرية.

لكن الإمارات نفت تدخلها في الشؤون السودانية الداخلية، وقالت إن "تلك الادعاءات لا أساس لها من الصحة وتفتقر إلى أدلة موثوقة لدعمها".

واختتم الطيب حديثه بالإشادة "بدور وكالة أنباء الأناضول في نقل تطورات الأوضاع في السودان بمهنية عالية"، معربًا عن "امتنانه لتغطيتها الإخبارية".

وأكد الطيب أن "الأيام المقبلة ستكون فاصلة في تاريخ السودان، مما يجعل نقل هذه الأحداث إلى الرأي العام أمرًا بالغ الأهمية".


#أنقرة
#السودان
#تركيا
#نادر يوسف الطيب