فبعد أن انهالت رسائل التهنئة من العديد من دول العالم، التفتت جميع الأنظار إلى دول الإتحاد الأوروبي التي أعلنت معادتها إلى التعديلات الدستورية بكل وضوح من خلال الحملة التي شنتها للدعوة بـ "لا"، والآن وبعد النتيجة تحاول اللجوء إلى تقرير منظمة الأمن والتعاون.
وفي الوقت الذي تلقّى فيه أردوغان اتصالات للتهنئة من العديد من دول العالم، فضّلت أوروبا أن تظل في حالة من الصمت غير قادرة على استيعاب النتيجة.
وسرعان ما لجأت إلى ترديد العبارات التي استخدمها حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي المعارَضين مدّعيين عدم صحة النتيجة بسبب البطاقات غير المختومة.
بدأت دول من الاتحاد الأوروبيّ كألمانيا وفرنسا وأستراليا تدعو إلى الحوار مع تركيا من ناحية ومن ناحية أخرى تدّعي "انقسام" المجتمع التركي. حيث سرعان ما صرّحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل برغبتها في إجراء حوار محترم مع تركيا عقب نتيجة الاستفتاء ودافعت عن ادّعاءاتها حول "انقسام" المجتمع التركيّ إلى تقارب نسبة "نعم" و"لا".
رجّح رئيس فرنسا وهولندا استخدام نفس ادّعاءات ميركل، حيث أشارت هولندا إلى أنّها ستنتظر ردّ منظمة الأمن والتعاون على التقرير الذي أرسلته لهم بالأمس حول انقسام الشعب التركيّ.
أمّا كروز وزير خارجية استراليا كان قد هدّد تركيا بإلغاء التفاوض على عضوية الاتحاد الأوروبيّ، ونصح تركيا بأن تنسى حلمها للانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبيّ.
أما الرئيس النمساوي ألكسندر فان دير فادّعى ابتعاد تركيا عن الاتحاد الأوروبيّ إلى الأبد.
في هولندا اقترح اليمينيّ المتطرّف غيرت فيلدرز أن تقوم الحكومة الهولندية بإصدار قرار يقضي بترحيل المواطنين الأتراك بهولندا بشكل جماعيّ إلى تركيا عقابًا لهم على دعمهم للتعديلات الدستورية، قائلًا: "عليكم العودة بشكل جماعيّ إلى تركيا، فإن كنتم تصوّتون للديكتاتورية رغم كلّ الحريات الموجودة في هولندا، ليس لديكم عمل هنا بعد الآن، رافقتكم السلامة".
وتعليقًا على نتائج الاستفتاء التي تمخضت عن فوز حملة "نعم" لصالح التعديلات قال فيلدرز في حسابه على تويتر "تركيا بهذا الشكل قد اختارت مزيدًا من الفاشية الإسلامية والاستبداد". حسب تعبيره
لم تستطع كاتي بيري عضوة بالبرلمان الأوروبيّ إخفاء حزنها ووصفت في تصريحها النّاخبين الأتراك بأنّهم "لم يصوّتوا بإنصاف"، كما اعترفت بكلّ وضوح أنّ أملها الكبير كان في "لا"، وقالت غير مكترثة بشرعيّة نتيجة الاستفتاء الشعبيّ الذي حظي بمشاركة واسعة من قبل الشعب التركيّ وصلت إلى 85.6%، "ننتظر تقرير منظمة الأمن والتعاون".
قالت الحكومة الألمانية، بأنّها "تأخذ ما ورد في تقرير بعثة مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، حول الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية التركية على محمل الجدّ".
جاء ذلك على لسان نائبة المتحدث باسم الحكومة الألمانية، أولريكا ديمر، في مؤتمر صحفي وأضافت أنهم ينتظرون من الحكومة التركية حلّ المشاكل التي ذكرت في التقرير موضّحة أنهم سينتظرون أيضا أن يروا "كيف ستتصرّف الحكومة التركية في هذا الصدد".
وقال مارتن شيفر الناطق باسم الخارجية الألمانية، في المؤتمر الصحفي ذاته، أنّ حكومة بلاده لا ترى أيّ سبب من أجل التشكيك بتقرير منظّمة الأمن والتعاون في أوروبا متغافلًا تشكيكه بإرادة الشعب التركيّ..
وفي سؤال حول مشاركة بعض المراقبين في بعثة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بمظاهرات لمنظمة “بي كا كا” الإرهابية، وإمكانية أن يلقي ذلك بظلاله على حيادية التقرير؟ أجاب شيفر، أنّ بعثات المراقبين تتكوّن عادة من خبراء وسياسيين، والبعثة المرسلة إلى تركيا كانت على هذا المنوال.