رياض أولر المدير المشارك وأحد مؤسسي رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا بسوريا للأناضول: - كتبت في التسعينيات عن انتهاكات رفعت الأسد بحق المعتقلين في سجن تدمر فعلمت المخابرات واعتقلني النظام لمدة 21 عاما، منها 15 عاما كنت مختفيا قسريا وخرجت من السجن عام 2016. - قبل 2011 كانت توجد انتهاكات وتعذيب في صيدنايا، منها المنفردات (السجن الانفرادي) والشتائم والإهانات وقلة وسوء الطعام، لكن بعد 2011 أصبح القتل خارج نطاق القانون. - عادت بنا الذاكرة للسجن، وخصوصا أبواب الحديد التي كانت في وقتنا. كنت سعيدا أن الشعب السوري هو الذي فتح الأبواب على المعتقلين. كنا نتمنى ونحلم بنفس الشيء وهو أن يخرجنا الثوار. - المشاهد التي نتابعها حاليا قاسية جدا. آلاف من أهالي المفقودين يذهبون إلى صيدنايا، ليبحثوا ولو عن خبر بسيط عن أبنائهم، وتخرج أخبار عارية عن الصحة عن وجود طوابق تحت الأرض. - حسب إحصاءات الرابطة من بداية 2011 حتى 2020 دخل سجن صيدنايا نحو 37 ألف سجين لم يخرج منه إلا 7 آلاف تقريبا. - يجب الاحتفاظ بالوثائق، ولاسيما ما تبقى لأن حركة السجل للسجين في السجن أهم من حركة المحكمة. كنت أتمنى من الذين سيطروا على الأرض أن ينظموا هذا الوضع. وثائق مهمة تضيع. - حين أرى صورا وأدلة وأوراقا ملقاة على الأرض أتأذى. يجب الاحتفاظ بها، الوثائق ستدين النظام. الآن بدأ طريق العدالة والمحاسبة لرؤوس النظام الذين ارتكبوا الانتهاكات وسنواصل المطالبة بمحاكمتهم.
حذر المعتقل التركي السابق رياض أولر، المدير المشارك وأحد مؤسسي رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا في سوريا، من أن عدم حفظ الوثائق المستخرجة من هذا السجن يضر بعملية توثيق ومحاسبة مرتكبي الجرائم بحق المعتقلين والمفقودين بعد إسقاط نظام بشار الأسد.
وفي 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري، حررت قوات المعارضة السورية معتقلين من سجن صيدنايا بريف دمشق، المعروف باسم "المسلخ البشري" لكونه مركزا لتعذيب سوريين وغيرهم من جنسيات أخرى، فيما أطلقت عائلات معتقلين مناشدات لتحرير ذويهم، وقالوا إنهم ما زالوا محتجزين بطوابق وأقبية سفلية داخل السجن.
وتقول تقارير دولية إن آلاف المعتقلين تم قتلهم بشكل سري داخل السجن، حيث نفذ النظام المنهار إعدامات دون محاكمات، لاسيما بين عامي 2011 و2015، بمعدل 50 عملية إعدام أسبوعيا.
وقال أولر (48 عاما) الذي سُجن لأكثر من عقدين بصيدنايا، في مقابلة مع الأناضول: "أنا ناجٍ من أماكن الاحتجاز في سوريا. اعتُقلت لمدة 21 عاما، وبقيت 15 عاما مختفيا بشكل قسري".
وتابع: "خلالها لم ألتق أحدا من عائلتي. فقط أخي زارني 10 دقائق، وأنا أحد مؤسسي رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنا، وحاليا المدير المشترك في الرابطة".
وأوضح أن "سبب الاعتقال كان أنني كتبت (مقالا) في التسعينيات (حين كان يدرس اللغة العربية في سوريا) عن انتهاكات ارتكبها رفعت الأسد (شقيق الرئيس السابق حافظ الأسد) بحق (المعتقلين في) سجن تدمر (شمال شرق دمشق). الرسالة (أرسلها عبر البريد وتحوي المقال) وقعت بيد المخابرات السورية، واعتُقلت وطبعا النظام يعتقل بتهمة صغيرة".
وأردف: "بعد 15 عاما عرفت التهم، حُوكمت بتهمة الاتصال بجهة أجنبية وتوفير الوسائل المباشرة لها للعدوان على سوريا، يقصدون تركيا (...) وكانت هناك تهم كثيرة طبعا لم يكن لي علاقة فيها".
والأحد، سيطرت فصائل المعارضة السورية على العاصمة دمشق مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكام نظام حزب البعث الدموي و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وحكم بشار سوريا لمدة 24 عاما منذ يوليو/ تموز 2000 خلفا لوالده حافظ الأسد (1970-2000)، وغادر البلاد هو وعائلته خفية إلى حليفته روسيا، التي أعلنت منحهم حق اللجوء لما اعتبرتها "أسباب إنسانية".
** سجن صيدناياوبخصوص سجن صيدنايا، قال أولر إنه "قبل عام 2011 كانت هناك انتهاكات وتعذيب في صيدنايا، ولكن ليست بضخامة ما بعدها، كان التعذيب هو المنفردات (السجن الانفرادي) والشتائم وسب الأعراض والإهانات والرعب، وقلة وسوء الطعام، لكن بعد 2011 اختلف الأمر، وأصبح القتل خارج نطاق القانون".
وأوضح: "كان الجنود يدخلون على المهاجع (الزنازين) ويقتلون المعتقلين والمرضى قصدا، وكانت الذروة في 2013 و2014 بموضوع القتل خارج نطاق القانون".
وفي مارس/ آذار 2011، اندلعت احتجاجات شعبية مناهضة لنظام الأسد طالبت بتداول سلمي للسلطة، لكنه عمد إلى قمعها عسكريا، ما زج بالبلاد في حرب أهلية مدمرة.
وعن سجن صيدنايا وأقسامه وأهمية الوثائق، قال أولر إن "المهاجع تتسع المفروض لـ13 (معتقلا)، ولكن بعد الثورة كانت توضع أعداد كبيرة، وعاصرت في 2008 عصيانا في السجن، وجرى استخدام القوة المفرطة والرصاص الحي والقتل والقنص وغيرها" بحق المعتقلين.
وزاد: "عادت بنا الذاكرة للسجن، وخصوصا أبواب الحديد التي كانت بوقتنا. كنت سعيدا أن الشعب السوري هو الذي فتح الأبواب على المعتقلين. كنا نتمنى ونحلم بنفس الشيء وهو أن يخرجنا الثوار".
"خرجت في 2016، والمشاهد التي نتابعها حاليا قاسية جدا للأمانة، أرى آلاف من أهالي المفقودين يذهبون إلى صيدنايا، ليبحثوا ولو عن خبر بسيط عن أبنائهم، وتخرج أخبار عارية عن الصحة أنه هناك طوابق تحت الأرض"، كما أكمل أولر.
وأكد أن "أهم شيء أن يكون كل شيء منظم، وهناك وعي واحتفاظ بالوثائق. احتفاظ بما تبقى لأنه حركة السجل للسجين في السجن أهم من حركة المحكمة، لأنها تبين أين ذهب وعاد السجين. ذهب إلى المشفى وعاد، نُقل إلى سجن آخر، كله يتبين من خلال هذه الوثائق".
واستطرد: "كنت أتمنى من الذين سيطروا على الأرض أن ينظموا هذا الوضع، وثائق مهمة تضيع، والأمر الآخر هناك (مقرات) أفرع (القوات) الجوية، عشرات آلاف المعتقلين كانوا موجودين هناك، والأفرع الأمنية الأخرى يجب البحث فيها".
** تقارير الرابطة
وبالنسبة لجهودهم في الرابطة (تأسست عام 2017) لكشف أسرار سجن صيدانيا، قال أولر "أصدرنا تقارير عن هيكلية السجن، شرحنا فيها كل شيء، الهيكلية والألغام من الخارج والداخل، وكم طابق".
وتابع: "هو ثلاثة طوابق من 3 كتل، أ ب ج، كل طابق فيه حرف مثلا أ. يسار، أ. يمين حسب الكتل، كل طابق فيه ست أجنحة، كل جناح فيه 10 مهاجع، والرقم 11 كان فارغا وعملوه حمامات لاحقا".
وأردف: "حسب إحصاءاتنا من بداية 2011 حتى 2020 دخل السجن نحو 37 ألف سجين لم يخرج منه إلا 7 آلاف تقريبا".وزاد: "عملنا بشكل دقيق في موضوع التوثيق مع الناجين من سجن صيدنايا، أصدرنا تقارير منشورة في موقعنا من ضمنها تقارير عن أهم الأفرع التي ترسل السجناء لسجن صيدنايا والمحاكم المعنية بهذا المكان".
أولر تطرق إلى الانتهاكات قائلا: "كانت محكمة الميدان العسكري تصدر الإعدامات. نتحدث (في تقاريرنا) عن كيفية حدوث الإعدامات، مَن المعني الذي يحضر الإعدامات. وكذلك تلك (الإعدامات) التي كانت خارج نطاق القانون عبر جنود السجن. كانوا يضربون السجين بالبورية (أنابيب معدنية) أو بالعصي وكانت حوادث القتل خارج القانون كثيرة، والذروة كانت في 2013 و2014".
وأكمل: "أصدرنا تقريرا عن مشفى تشرين العسكري، لأن الإعدامات التي كانت تتم أو أي أحد كان يُقتل في صيدنايا يُنقل إليه. نسميه "مسير الجثة"، فمن صيدنايا إلى مشفى تشرين العسكري ومن هناك إلى المقابر الجماعية. هي مقبرة "نجهى" ومعروفة وعندنا دلائل على هذا الشيء وصور أقمار اصطناعية، وشهود كانوا موجودين على الأرض".
وختم بأنه "حاليا حين تصلني صورا وأدلة وأرى الأوراق (ملقاة) على الأرض أتأذى. الأوراق لها قيمة كبيرة يجب الاحتفاظ بها، الوثائق ستدين النظام، الآن بدأ طريق العدالة والمحاسبة لرؤوس النظام الذين ارتكبوا الانتهاكات وسنواصل المطالبة بمحاكمتهم، ولن نسكت حتى نراهم يُحاسبون".