
الفلسطيني أيمن أبو زور يتمكن لأول مرة بعد الانسحاب من محور نتساريم الوصول إلى حطام شاحنته التي كانت قبل 9 أشهر تنقل مساعدات إنسانية لشمال غزة أبو زور للأناضول: -الجيش الإسرائيلي أوقف الشاحنة قرب محور نتساريم واعتقل شقيقي -الشاحنة كانت محملة بالمساعدات الإنسانية وفي طريقها لشمال غزة وبتعاون وتنسيق من مؤسسات أممية ودولية -دمر الجيش الشاحنة وثقب إطاراتها بالرصاص وقلبها ودفنها بالرمال -هذه الشاحنة مثلت أملا بالحياة لعائلة أبو زور وشقيقه حيث تم شراؤها بعد معاناة
بعد يوم على انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور نتساريم وسط قطاع غزة، ما زال حجم الدمار الذي طال كافة مناحي الحياة يتكشف مشكلا صدمة للفلسطينيين خاصة ممن فقدوا ممتلكاتهم وأفراد عائلاتهم على مدار أكثر من 15 شهرا من الإبادة.
ومع الانسحاب، يتوافد الفلسطينيون من سكان المنطقة لتفقد منازلهم وأراضيهم وممتلكاتهم ليُصدموا بهول مشاهد الدمار الذي ألحقه الجيش الإسرائيلي.
المنطقة على طول الطريق الممتد من شرق المحور عبر شارع صلاح الدين وحتى حي الزيتون جنوب مدينة غزة، يتناثر بها حطام الشاحنات والمركبات التي دمرتها إسرائيل.
الفلسطيني أيمن فرج الله أبو زور، واحد ممن فقدوا ممتلكاتهم حيث دمرت إسرائيل شاحنته التي كانت تنقل مساعدات إغاثية وغذائية إلى محافظتي غزة والشمال من شرق وادي غزة، خلال أشهر الإبادة، واعتقال شقيقه الذي كان يقودها آنذاك.
ولأول مرة منذ تدميرها قبل 9 شهور في محور نتساريم، تمكن أبو زور من الوصول لشاحنته بعدما كانت تشكل أمله الأخير في الحياة، وشريان حياة لآلاف الفلسطينيين الذين عانوا من المجاعة آنذاك وكانوا ينتظرون وصول المساعدات لغزة والشمال.
صباح الأحد، انسحب الجيش الإسرائيلي من محوّر نتساريم الذي أقامه خلال حرب الإبادة الجماعية وسط غزة ويفصل شمالي القطاع عن جنوبه، بعد أكثر من عام وثلاثة أشهر على احتلاله.
وجاءت عملية الانسحاب في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية بغزة، التي تتضمن انسحاب القوات الإسرائيلية من محور نتساريم الواقع وسط القطاع.
اعتقال شقيقه
يقول أبو زور بصوت حزين ومليء بالغضب: "هذه الشاحنة كانت مصدر رزقنا الأخير، والآن لم يعد لدينا شيء... هذه الحرب لم تترك لنا حتى الفتات".
وعن تفاصيل تدمير الشاحنة، قال أبو زور، إن الجيش الإسرائيلي أوقف قبل 9 شهور، شاحنته التي قدمت من معبر كرم أبو سالم (جنوب) ومحملة بالمساعدات الإنسانية ومتجهة إلى شمال غزة.
وتابع، إن الجيش أوقف الشاحنة التي كان يقودها آنذاك شقيقه قرب محور نتساريم، حيث "كانا يعملان معا مع المؤسسات الأممية والدولية مثل برنامج الغذاء العالمي (WFP) ووكالة الغوث (الأونروا) ووزارة التنمية الاجتماعية”.
وأوضح أن الجيش اعتقل شقيقه من داخل الشاحنة قبل تدميرها ومنع وصول حمولة المساعدات إلى وجهتها شمال غزة.
واستكمل قائلا عن شقيقه: “حتى اليوم، أخي لا يزال معتقلا، ولا نعرف عنه أي شيء”.
وأشار إلى أن جريمة تدمير شاحنة محملة بالمساعدات جاء في الوقت الذي كان فيه فلسطينيو الشمال يأكلون طعام الحيوانات.
وتساءل عن الدوافع الإسرائيلية لاستهداف هذه الشاحنة واعتقال شقيقه رغم تنسيقهم مع المؤسسات الدولية، والتي لم ير فيها إلا نوعا من الانتقام.
أمل للحياة
وهو ينتقل بين الحطام يشير أبو زور للأضرار التي لحقت بشاحنته ويقول إن هذه الشاحنة كانت تمثل أمل عائلته بالحياة حيث اشتروها بعد معاناة.
ويتابع: “المال يعادل الروح، وهذا آخر ما كان لدينا، فقد بعنا أنا وأخي مصاغ زوجاتنا، ووفرنا كل قرش لدينا لنشتري هذه الشاحنة".
واستكمل قائلا: "أطلقوا النار على الإطارات، أفرغوا تنك (خزان) السولار، قلبوها، ودفنوها بالرمال.. لم يتركوا لنا شيئًا”.
وأشار إلى أن إسرائيل دمرت مستقبلهم الذي فعلوا كل شيء من أجل تأمينهم.
وعلى بعد مئات الأمتار حيث يقف أبو زور، وفي ميدان الكويت جنوب شرق مدينة غزة، تراكمت فوق شاحنات ومركبات مدمرة فوق بعضها، حيث تحولت إلى أكوام من الخردة في الوقت الذي كان فيه من المفترض أن يوصل بعضها المساعدات لغزة.
وتساءل أبو زور عن آلية تعويضهم عن هذه الخسائر التي تكبدوها جراء الإبادة قائلا: "من سيعوضنا عن هذه الخسارة؟ هذه الشاحنة كانت قيمتها 45 ألف دينار أردني (نحو 65 ألف دولار)، والآن لم يعد لدينا شيء...كيف سنعيش؟".
وناشد الجهات المانحة والمنظمات الدولية بتعويضه بشاحنة أخرى كي يتمكن من العمل مجددا وإعالة أسرته.
ويضيف: "لقد فقدنا كل شيء، ولكن على الأقل نريد أن نعود لنكسب قوت يومنا بكرامة، نحن لم نرتكب أي جريمة، كل ما فعلناه أننا نقلنا المساعدات لمن يحتاجها”.
ويتوقف للحظة، وكأنه يستجمع أنفاسه، ويختم قائلا: "الأهم من ذلك، أريد أن أعرف مصير أخي إيهاب، نريد إعادته إلى منزله فقط، لا نعرف عنه شيئًا منذ 9 أشهر، لماذا اعتقلوه؟ وأين هو الآن؟".
وفي 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يومًا، ويتم خلال الأولى التفاوض لبدء الثانية والثالثة، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.
وارتكبت إسرائيل بدعم أمريكي بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة، خلّفت نحو 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.