
- المسحراتي محمود فناس ورث مهمة إيقاظ الصائمين للسحور عن والده الذي كان يرافقه في مهمته الليلة منذ أن كان في السابعة من عمره بمدينة صيدا جنوبي لبنان - بجانب فانوس صغير يحمل فناس طبلة والده النحاسية وينقر عليها بلسان جلدي ويصيح "يا نايم وحّد الدايم.. رمضان كريم" كي يوقظ النائمين لتناول طعام السحور وأداء صلاة الفجر
ورث المسحراتي محمود فناس مهمة إيقاظ الصائمين للسحور عن والده، الذي كان يرافقه في مهمته منذ أن كان في السابعة من عمره بمدينة صيدا جنوبي لبنان.
فناس (43 عاما) هو أحد اثنين يواصلان تقليد قرع الطبول في رمضان لإيقاظ الصائمين في صيدا، وفق ما أفاد به في حديث للأناضول.
وتزدحم صيدا القديمة بالناس لإقامتها فعاليات ثقافية ودينية خاصة بالشهر المبارك.
وتعد صيدا ثالث أكبر مدينة في لبنان بعد العاصمة بيروت وطرابلس، وتشتهر بحماماتها التركية ومساجدها ومنازلها التاريخية.
وفي صيدا، حيث يشكل المسلمون الأغلبية، يستمر تقليد قرع الطبول في رمضان، على عكس بيروت والمناطق الأخرى.
وإلى جانب فانوس صغير، يحمل فناس طبلة والده النحاسية، وينقر عليها بلسان جلدي، فتنبعث رنة توقظ النائمين لتناول طعام السحور وأداء صلاة الفجر.
ويصدح فناس بأبيات هي أقرب إلى الموشحات الدينية، فيسارع سكان صيدا إلى الاستيقاظ وتحضير مائدة السحور.
واعتاد في كل يوم من رمضان الخروج قبل الإمساك، ليجوب أزقة صيدا صارخا في النائمين: "يا نايم وحّد الدايم.. رمضان كريم".
** مهمة بالوراثة
فناس قال للأناضول، إنهم ينحدرون أصلا من مدينة عكا بفلسطين، ويعيشون في صيدا منذ سنوات طويلة.
وأضاف أنه ولد لأب كان يقرع على الطبل في رمضان: "كنت أخرج مع والدي وأوقظ الناس للسحور، والآن أواصل ما تعلمته منه".
وتابع أن الطبلة الصغيرة التي يستخدمها ورثها عن والده، وأن جميع قارعي الطبول برمضان في الماضي كانوا يستخدمون طبولا مشابهة لهذه الطبلة.
فناس أوضح أن والده بدأ مهمة قرع الطبول في رمضان عام 1967 واستمر حتى وفاته في 2018.
وأردف: "كنت في السابعة من عمري فقط، وكان والدي يُلبسني ويأخذني معه، وعندما كبرت واصلت ممارسة هذه المهنة معه".
وزاد بأن العزف على الطبول في رمضان ليس مهنة في الواقع، بل إن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) شجع المسلمين على الاستيقاظ للسحور، وبالتالي فإن عمله يمكن اعتباره "نوعا من السنّة".
وأفاد بأن "تقليد قرع الطبلة في رمضان لم يتغير، نجول في الشوارع نحاول إيقاظ الناس للسحور، من خلال ارتداء الملابس التقليدية التراثية، والعزف على الطبول كما كان من قبل".
واستطرد: "يحاول عازف الطبول في رمضان إيقاظ الناس، إما بالصراخ بصوته الخافت أو باستخدام جهاز صوتي (مكبر صوت)".
وتابع: "في الماضي، لم تكن الشوارع ضيقة والمنازل مرتفعة، أما الآن، فبسبب المباني العالية، يمكن استخدام أجهزة الصوت".
فناس قال إنه واحد من شخصين فقط يمارسان حاليا العزف على الطبول في رمضان بصيدا، إذ إن صديقه عباس كيتيش يوقظ الناس أيضا للسحور في الأحياء القديمة والجديدة بالمدينة.