فلسطيني هجّره الاحتلال: الكنيسة في طولكرم شكلت لنا طوق نجاة

09:4326/12/2025, Cuma
تحديث: 26/12/2025, Cuma
الأناضول
فلسطيني هجّرته إسرائيل: الكنيسة في طولكرم شكلت لنا طوق نجاة
فلسطيني هجّرته إسرائيل: الكنيسة في طولكرم شكلت لنا طوق نجاة

المسن الفلسطيني ماجد ياسين: - اضطررنا إلى النزوح من مخيم طولكرم بعد تدهور الأوضاع جراء العدوان الإسرائيلي - لجأت وعائلتي إلى كنيسة الروم الأرثوذكس في طولكرم ولا فرق بين مسلم ومسيحي ** محافظ طولكرم عبد الله كميل: - عدد الأسر المتضررة جراء العدوان الإسرائيلي في طولكرم يصل إلى نحو 4500 أسرة - الهجمات الإسرائيلية المتواصلة حمّلت السلطة الفلسطينية أعباءً ومسؤوليات كبيرة

منذ نحو 10 أشهر يعيش الفلسطيني ماجد ياسين مع عائلته داخل كنيسة الروم الأرثوذكس بمدينة طولكرم شمالي الضفة الغربية المحتلة، بعدما نزح عن بيته جراء العدوان الإسرائيلي.

ياسين (62 عامًا) اضطر إلى مغادرة منزله في مخيم طولكرم جراء العملية العسكرية الإسرائيلية المتواصلة شمالي الضفة الغربية منذ 21 يناير/ كانون الثاني 2025.

يقول للأناضول إنه اضطر إلى النزوح بعد تدهور الأوضاع الإنسانية والأمنية بالمخيم وانقطاع المياه، وانتشار الحرائق، واشتداد إطلاق النار والانفجارات داخل الأحياء السكنية، "ما جعل البقاء مستحيلًا".

ويضيف: "نزحنا بالقوة، ولم يكن أمامنا خيار آخر (..) خرجتُ أنا وزوجتي وأولادي دون تنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، لأن الجميع قال إنه لا يوجد تنسيق".

ويردف: "كانت مغامرة، لكن الخيار كان إما الموت داخل المخيم أو محاولة النجاة بالخروج منه”.

ومنذ 21 يناير 2025 يواصل الجيش الإسرائيلي عدوانه شمالي الضفة، بدأه بمخيم جنين ثم انتقل لمخيمي طولكرم ونور شمس، وأسفر عن تهجير أكثر من 50 ألف فلسطيني وهدم آلاف الوحدات السكنية وتغيير المعالم الجغرافية والديموغرافية عبر شق طرق جديدة.

وبحسب اللجنة الإعلامية لمخيم طولكرم، هدم الجيش الإسرائيلي في المخيم وحده 1440 منزلًا.

ومنذ بدء حرب الإبادة التي ارتكبتها إسرائيل بقطاع غزة في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 واستمرت عامين، كثفت تل أبيب جرائمها في الضفة الغربية تمهيدًا لضمها، بما يشمل هدم المنازل، وتهجير الفلسطينيين، وتوسيع البناء الاستيطاني.

ومن شأن ضم الضفة للسيادة الإسرائيلية أن ينهي إمكانية تطبيق حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)، المنصوص عليه في قرارات عديدة صادرة عن الأمم المتحدة.

** بيت بلا أبواب ومخيم غير آمن

وعن وضع منزله داخل المخيم، يذكر الرجل أنه تمكن من الدخول إليه لفترة قصيرة خلال شهر رمضان الماضي، وبشكل سريع، لأخذ بعض الأغراض الأساسية، مؤكدًا أن المخيم تعرض لدمار واسع.

ويوضح: "لم يُهدم بيتنا بالكامل، لكن بيوت الجيران هُدمت، وفُتحت طرق مكانها، لا يوجد بيت في المخيم بابه مغلق، جميعها خُلعت أو دُمّرت، لا يوجد بيت سليم".

ويفيد ياسين بأن أصوات الانفجارات كانت تُسمع على مدار الساعة، وبأن السماء كانت ملبدة بدخان أسود طوال النهار نتيجة حرق المنازل والمحال التجارية.

** اللجوء إلى الكنيسة

وعن لجوئه إلى الكنيسة، يوضح ياسين أنه كان يعمل سابقًا فيها، وتربطه علاقة بالقائمين عليها، الذين عرضوا عليه اللجوء إليها.

ويبيّن أن وجوده كمسلم داخل كنيسة "لم يمثل أي مشكلة"، مؤكدًا أن المجتمع الفلسطيني "ينظر إلى الأمر باعتباره ملجأً إنسانيًا".

ويضيف: "لا فرق بين مسلم ومسيحي، هذا مكان عبادة له حرمته، وأنا أعيش في غرفة مخصصة داخل الكنيسة. كثيرون لجأوا إلى المساجد أو المدارس، وآخرون ما زالوا يبحثون عن مأوى".

ويذكر ياسين أنه نزح أكثر من مرة، موضحًا أنه لجأ بداية إلى مبنى سكني بمدينة طولكرم، قبل أن تُجبر قوات الاحتلال السكان على إخلائه خلال شهر رمضان، ما اضطره لنقل عدد من العائلات إلى الكنيسة، في ظروف صعبة وسط البرد والمطر.

ويؤكد أن الكنيسة كانت "طوق نجاة" له ولعائلته في ظل استمرار العملية العسكرية، لافتا إلى أن ما يجري بمخيم طولكرم "حوّل حياة آلاف الفلسطينيين إلى معاناة يومية مفتوحة".

وتأسست كنيسة الروم الأرثوذكس في طولكرم بالعام 1890، وقبل الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية بالعام 1967، كان يقطن المدينة نحو 1200 مسيحي، فيما يكاد الوجود المسيحي اليوم يكون معدومًا، بحسب ياسين.

ويشير إلى أنه منذ سنوات لم تُقم الصلوات في الكنيسة، باستثناء زيارات متباعدة لبعض المسيحيين الفلسطينيين من أراضي العام 1948.

** المخيم ذاكرة وحياة مسلوبة

ويصف ياسين مخيم طولكرم بأنه المكان الذي وُلد وكبر فيه، وبنى فيه علاقاته الاجتماعية والإنسانية، قائلًا: "المخيم هو الأهل والجيران والأصحاب، كنا نعيش حياة بسيطة، الكل يشارك الفرح والحزن”.

ويشير إلى أن النزوح لم يحرمه فقط من منزله، بل من رؤية أصدقائه وأقاربه الذين نزح بعضهم إلى مناطق أخرى، مؤكدًا أن كثيرين لم يعودوا قادرين حتى على دفع تكاليف التنقل للعودة إلى المدينة.​​​​​​​

** دعم وإغاثة

بدوره يقول محافظ طولكرم عبد الله كميل، في حديث للأناضول، إن المحافظة قدّمت للنازحين أقصى ما يمكن من دعم، سواء بشكل مباشر من الحكومة أو عبر التنسيق مع المؤسسات الدولية.

ويوضح كميل أن كل ما يُقدَّم من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" والمؤسسات الدولية "يتم بالتنسيق معنا ووفق توجيهاتنا.

ويشير إلى أن حجم الاحتياجات كبير جدًا، في حين أن الإمكانيات المتاحة لا تتناسب مع حجم الأزمة المتفاقمة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ويلفت إلى أن الهجمات الإسرائيلية المتواصلة - سواء من خلال المؤسسة العسكرية والأمنية أو عبر المستوطنين - حمّلت السلطة الفلسطينية أعباءً ومسؤوليات كبيرة، فضلًا عن أعباء مالية متزايدة، في ظل ما وصفه بـ"الاستنزاف المقصود من جانب الاحتلال".

ويشير كميل إلى أن طواقم المحافظة عملت على إعادة تأهيل ما أمكن من الطرق والبنية التحتية، بما في ذلك إصلاح الشارع الرئيسي، وتكثيف الجهد الإغاثي.

ويوضح أن هناك دعمًا يوميًا يشمل توفير الطعام، إضافة إلى احتياجات تراكمية تتعلق بالغذاء والشراب والملابس والمواد الأساسية، لا سيما للأطفال وكبار السن.

ويبيّن أن لجنة موحدة أُنشئت لإدارة ملف الإغاثة والنازحين، لافتًا إلى أن أوضاع النازحين تختلف، إذ يقيم بعضهم لدى أقارب أو أصدقاء، فيما لجأ آخرون إلى شقق كانوا يمتلكونها سابقًا، بينما غادر عدد منهم المحافظة إلى محافظات أخرى.

ويقول إن المحافظة قدّمت مساعدات مالية لتغطية إيجارات الشقق، إلى جانب توزيع مواد إغاثية، كما جرى دعم عائلات الأسرى بشكل مباشر من خلال تقديم مساعدات مالية.

ويذكر المحافظ أن عدد الأسر المتضررة يصل إلى نحو 4500 أسرة، وجميعها تعاني احتياجات كبيرة تتعلق بالغذاء والشراب والملبس وغيرها من المتطلبات الأساسية.

ويختم بالقول إن العملية العسكرية الإسرائيلية ما تزال مستمرة دون أفق واضح لإنهائها، في ظل ما وصفه بـ"غياب الاهتمام الدولي بما يجري في الضفة الغربية"، سواء في المخيمات أو جراء اعتداءات المستوطنين المتصاعدة.

#إسرائيل
#فلسطين
#مخيم طولكرم
#نزوح فلسطيني