بانسحاب منقوص.. الاحتلال تحرم المزارعين العودة إلى جنوب لبنان

13:4918/03/2025, Salı
الأناضول
بانسحاب منقوص.. الاحتلال تحرم المزارعين العودة إلى جنوب لبنان
بانسحاب منقوص.. الاحتلال تحرم المزارعين العودة إلى جنوب لبنان

ـ على مدى السنوات الماضية شكلت الزراعة العصب الاقتصادي للقرى الحدودية وهي مصدر دخل لقرابة 70 بالمئة من سكان جنوب لبنان ـ مصطفى سرحان صاحب مزرعة المجيدية: لا يمكنني النزول إلى أرضي فالجيش الإسرائيلي موجود بلبنان ويهدد بقتل كل شخص يرجع إلى أرضه المحاذية للحدود ـ مصدر أمني للأناضول: قوى الأمن اللبنانية منعت المزارعين في عدد من قرى الجنوب من إعادة تشييد مزارعهم ومستودعات المواشي حفاظا على أرواحهم ـ خالد عبد العال، مزارع من بلدة حلتا الحدودية: إسرائيل مسحت الأرض مسحا وركز جنودها على أشجار الزيتون والكينا وخربوا مضخات المياه

يعيش المزارعون في جنوب لبنان واقعا صعبا في أعقاب العدوان الإسرائيلي الأخير، حيث يواجهون تحديات متعددة تعرقل قدرتهم على العودة إلى حياتهم الطبيعية واستعادة مصادر رزقهم بسبب اعتداءات الاحتلال المتكررة ومنعهم من الوصول إلى أراضيهم.

ومع انسحاب منقوص للجيش الإسرائيلي من المناطق التي احتلها خلال الحرب، لا يزال الوصول إلى الأراضي الزراعية مقيدا بسبب المخاوف الأمنية وخاصة في المناطق المحاذية للحدود، ما يحرم المزارعين من استغلال أراضيهم بشكل كامل.

وعلى مدى السنوات الماضية، شكّلت الزراعة العصب الاقتصادي للقرى الحدودية اللبنانية، ويُعدّ سهلا مرجعيون والوزّاني الأكثر شهرة، إذ يرفدان السوق المحلية بنحو 30 بالمئة من حاجته، بينما تشكل الزراعة مصدر دخل لقرابة 70 بالمئة من سكان الجنوب.

ومنذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، توقف المزارعون في الجنوب عن الذهاب إلى حقولهم، ولحقت بهم خسائر فادحة جراء القصف المدفعي والغارات الجوية التي عمد فيها الجيش الإسرائيلي إلى استخدام الفوسفور المحرم دوليا لإلحاق أكبر قدر من الأضرار.

واستهدف الجيش الإسرائيلي لبنان بغارات جوية واسعة النطاق في سبتمبر/ أيلول 2024، في أعقاب اشتباكات متبادلة مع "حزب الله" بدأت في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وقال مزارعون في جنوب لبنان لمراسل الأناضول، إنهم غير قادرين على الوصول إلى أراضيهم الزراعية لأن الجيش الإسرائيلي يطلق النار عليهم أو يهددهم بالخطف.

وفي ظل هذه الظروف، يحتاج المزارعون في جنوب لبنان إلى دعم عاجل من الحكومة والمنظمات الدولية لمساعدتهم على تجاوز هذه الأزمة.

الدعم المطلوب يتضمن توفير التمويل اللازم، وإعادة تأهيل الأراضي المتضررة، وضمان الوصول الآمن إلى الأراضي، بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لمساعدة المزارعين على استعادة حياتهم الطبيعية.

** دمّروا مصدر رزقنا

وفي هذا السياق، أوضح مصطفى سرحان صاحب مزرعة المجيدية، أن مزرعته تحوي آلاف الدونمات المزروعة بالبطيخ والزيتون والأفوكادو إضافة إلى تربية الأبقار والدجاج، ولكن عندما عاد بعد انتهاء الحرب وجدها "مدمّرة".

وقال للأناضول، إن "الجنود الإسرائيليين خرّبوا كل شيء، من طمر آبار المياه، إلى جرف وتكسير ألواح الطاقة الشمسية المولدة للكهرباء، حيث لم تعد هناك مصادر للطاقة ليجعلوا الحياة شبه معدومة".

وأضاف: "لا شيء يشجع على العيش هنا أو مواصلة الحياة على ما كانت عليه سابقا، وخاصة أن الدولة اللبنانية لم تلتفت إلينا حتى الآن ولم تسألنا كمزارعين عن أوضاعنا وخاصة بعد وقف إطلاق النار في 18 فبراير/ شباط الماضي".

** إسرائيل تمنعنا من أراضينا

يقف سرحان على بعد مئات الأمتار من أرضه المزروعة بالزيتون والملاصقة للحدود مع إسرائيل قائلا: "لا أستطيع الوصول إليها لأنني سأتعرض لإطلاق النار من قبل جنود إسرائيليين متمركزين خلف الحدود، نواجه هذه الحال كل يوم".

وأعرب عن أسفه لأنهم لا يستطيعون إعادة إحياء عملهم الزراعي بمفردهم دون دعم، خاصة أنها "كانت زاخرة بالمزروعات قبل الحرب، حيث كان موسم البطيخ الذي ينتج من مزرعته يوزّع على لبنان ويصدّر للخارج".

وتابع: "في أحد الأيام خلال هذا الأسبوع، كنت جالسا مع عمّالي وبدأنا نسمع إطلاق نار قريبا، وبعد وقت قصير أتت مسيّرة وقصفت، وبعد الظهر سمعنا أن إسرائيل استهدفت مواطنا لبنانيا وخطفته، لا يوجد أمان ولا نستطيع النوم هنا".

وزاد: "لا يمكنني النزول إلى أرضي لأنني قد أتعرّض للقتل أو الخطف من قبل الجيش الإسرائيلي الذي ما زال موجودا داخل الأراضي اللبنانية ويهدد بقتل كل شخص يرجع إلى أرضه المحاذية للحدود".

** خسائر كبيرة ولا تعويضات

سرحان أوضح أن وضع المزارعين في بلدة المجيدية سيئ للغاية، وأن الدولة اللبنانية تمنعهم من بناء أماكن مؤقتة لإيواء الخيول التي نقلوها خلال الحرب إلى مناطق آمنة في البقاع شرق لبنان، وخاصة أن إسرائيل دمرت كل المباني التي كانت في المزرعة.

وأكمل: "السلطات اللبنانية تمنعنا من إعادة بناء بيوتنا أو وضع بيوت جاهزة، تركنا مصالحنا هنا التي تقدّر بخمسة أو ستة ملايين دولار وعدنا فلم نجد شيئا".

وحفاظا على أرواحهم من العدوان الإسرائيلي، منعت قوى الأمن اللبنانية المزارعين في عدد من قرى الجنوب من إعادة تشييد مزارعهم ومستودعات المواشي، وفق مصدر أمني للأناضول.

ولفت سرحان إلى أنه يزرع "مليونا و200 دنم من البطيخ، ومنذ سنتين (خلال الحرب) لم نزرع أبدا ولم نقطف الزيتون، كان لدينا بستان أفوكادو وكانت أول سنة ينتج فيها عندما جرفته إسرائيل ولم تبقِ منه شيئا".

واستطرد: "استوردت 25 بقرة من هولندا سعر الواحدة 5500 دولار، ولكن بعنا البقرة الواحدة تحت ضغط الحرب ب 2500 دولار إضافة إلى أنه لا يمكننا الدخول إلى منطقة بسطرة الحدودية نهائيا".

ومضى بالقول: "خلال العدوان، جرف الجيش الإسرائيلي الأشجار وخاصة الزيتون المعمّر، واقتلعوها وأخذوها إلى داخل إسرائيل".

** مخاوف من العودة إلى الزراعة

خالد عبد العال، وهو مزارع من بلدة حلتا الحدودية، عبّر للأناضول عن مخاوف من العودة إلى الزراعة في ظل استمرار عدم الاستقرار الأمني والتهديد الإسرائيلي.

وقال: "نعيش في أرضنا هذه بكثير من الحذر والقلق والخوف من هجوم الجنود الإسرائيليين علينا، نعمل لوقت قصير ونرحل لأن الإسرائيلي يدخل علينا فجأة وقت يشاء".

وأضاف: "من بلدة العباسية إلى بلدة المجيدية هناك كثير من الأراضي التي لا نستطيع الدخول إليها بسبب تهديدات الجنود الإسرائيليين التي تمنعنا من الاقتراب".

ولفت عبد العال إلى أن "البلدة مدمّرة بالكامل ولم يعد فيها أي شي لا بيوت ولا أشجار التين.. إسرائيل مسحت الأرض مسحًا، وركز جنودها بشكل خاص على أشجار الزيتون والكينا ومعظم الأراضي الزراعية وخرّبوا مضخات المياه".

و"تضامنا مع قطاع غزة" بمواجهة حرب إبادة إسرائيلية بدعم أمريكي، تبادل "حزب الله" قصفا حدوديا مع إسرائيل منذ 8 أكتوبر 2023، حولته تل أبيب في 23 سبتمبر/ أيلول 2024 إلى حرب مدمرة احتلت خلالها أراضي إضافية، قبل سريان وقف لإطلاق النار في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

وارتكبت إسرائيل ما لا يقل عن 1038 خرقا لاتفاق وقف النار، ما خلّف 82 قتيلا و279 جريحا على الأقل، وفق إحصاء للأناضول استنادا إلى بيانات رسمية لبنانية.

وخلّف العدوان الإسرائيلي على لبنان 4 آلاف 115 قتيلا و16 ألفا و909 جرحى، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.

وتنصلت إسرائيل من استكمال انسحابها من جنوب لبنان بحلول 18 فبراير/ شباط الماضي كما نص الاتفاق، إذ نفذت انسحابا جزئيا وتواصل احتلال 5 نقاط لبنانية رئيسية.

ومنذ عقود تحتل إسرائيل أراضي في لبنان وفلسطين وسوريا، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.

ويعاني لبنان انهيارا اقتصاديا كبيرا منذ أكثر من أربع سنوات بات معه معظم السكان دون خط الفقر، وفق البنك الدولي، وانعكست تبعات الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة على قطاعات البلاد المختلفة بما في ذلك قطاع البناء والبنى التحتية المتهالكة

#جنوب لبنان
#أراضي زراعية
#إسرائيل
#خروقات إسرائيلية
#لبنان