
بينهم 3 أطفال وسيدتان في استهداف مدرسة تأوي نازحين بحي التفاح، حيث ألقى الفلسطينيون نظرة الوداع عليهم في مستشفى الشفاء قبل مواراتهم الثرى في المقبرة..
في مشهد خيمت عليه علامات الصدمة والحزن، ودع فلسطينيون، السبت، 6 من جثامين بينهم 3 أطفال قُتلوا في قصف مدفعي إسرائيلي استهدف مدرسة تأوي نازحين شرق مدينة غزة خلال إقامة حفل زفاف، مساء الجمعة.
وجاء ذلك في خرق جديد لاتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعد عامين من الإبادة الجماعية.
لحظات ثقيلة مرت على أهالي الفلسطينيين القتلى، في مستشفى الشفاء غربي مدينة غزة، خلال توديعهم لجثامين أحبائهم الذين قضوا في جريمة مفاجئة، قبل أن تتم مواراتهم الثرى في المقبرة.
** انهيار وبكاء
الشاب محمد الندر، ابن الفلسطيني "عاطف" الذي كان من ضحايا القصف الإسرائيلي، انهار في لحظة وداعه لوالده ولم تعد قدماه قادرتان على حمله.
جلس الشاب أرضا أمام جثمان والده، وطالب من المعزين تركه إلى جانبه في ثوان أخيرة، يحتضنه فيها ويطبع قبلة أخيرة على جبينه.
وقال بصوت مختنق بالبكاء لمن حوله: "ارتكوني أجلس إلى جانبه قليلا.. أريد أن أبقى جانبه".
**من فرح لمأتم
وإلى جانب البندر، تجمعت سيدات بدا على ملامحهن الحزن الشديد والبكاء، وهن ممن فقدن أحبائهن خلال القصف الإسرائيلي الذي استهدف المدرسة، في وقت كانت تضم بين جدرانها حفل زفاف "خجول"، حضره العشرات من النازحين داخلها.
هؤلاء النازحون، وفق حديث شهود عيان للأناضول، حاولوا استراق لحظات من الفرح تبدد ألم الفقد الذي عاشوه خلال عامين من الإبادة، والمأساة التي يعيشونها داخل مركز إيواء يفتقر لأدنى مقومات الحياة.
إلا أنه بلحظة "غدر إسرائيلية"، تحول إلى مأتم، حيث تناثرت الأشلاء في المكان خلال ثوان من وقوع القصف، وتحولت الضحكات إلى صراخ وبكاء وحالة من الهلع.
**إمعان بالجريمة
الشهود أنهم مع لحظة وقوع القصف حاولوا الاتصال بالدفاع المدني من أجل إنقاذ المصابين وانتشال الشهداء، إلا أن الجيش الإسرائيلي منعهم بالرصاص والقنابل من الوصول للمدرسة المستهدفة.
وأفاد الدفاع المدني بغزة، في بيان له الجمعة، أنه تمكن من التوجه لانتشال جثامين القتلى من المنطقة بعد تنسيق مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، دون ذكر تفاصيل.
وروى الشهود، أن الجيش قصف المدرسة الواقعة شرقي حي التفاح ضمن المناطق التي يسمح للفلسطينيين بالتحرك فيها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، ويؤوي بغالبية عظمى أطفالا ونساء وكبار في السن، بعدد من القذائف المدفعية بلا سابق إنذار.
ومن بين إجمالي القتلى الستة، أفادت مصادر طبية للأناضول بوجود 3 أطفال وسيدتين.
وعد الفلسطينيون هذه المجزرة الإسرائيلية "جريمة جديدة تضاف إلى سجل الاحتلال الحافل بالجرائم ضد الإنسانية".
وقال أحدهم (لم يكشف عن اسمه) خلال تشييع الجثامين في مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن "إسرائيل تريد قتل المدنيين العزل من أطفال ونساء وشيوخ"، بلا مبررات.
**إخلاء المدرسة
وفي السياق، أشار شهود عيان إلى أن النازحين أخلوا المدرسة المستهدفة وانتقلوا إلى أماكن أخرى للإقامة فيها، بينما بقي بعضهم في الشارع في ظل عدم وجود مكان بديل لهم.
ويأتي هذا الإخلاء خشية تجدد استهدافها من الجيش الإسرائيلي، الذي برر جريمته قائلا في بيان مساء الجمعة، بـ"الاشتباه بأشخاص داخله".
وادعى الجيش، الذي يستخدم التكنولوجيا العسكرية الحديثة في تحديد أهدافه، إلى "فتح تحقيق بالحادث".
ومرارا، زعم الجيش الإسرائيلي خلال عامي الإبادة فتح تحقيقات بحوادث قتل أطفال ومدنيين فلسطينيين، إلا أن هذه التحقيقات تكون بلا نتائج ولا أثر.
وفي تعقيبها على المجزرة، وصفت حركة "حماس" في بيان السبت، هذا القصف بـ"الجريمة الوحشية"، واعتبرته "خرقا فاضحا" لاتفاق وقف إطلاق النار.
وقالت الحركة: "تواصل حكومة الاحتلال الإرهابي انتهاكاتها لاتفاق وقف إطلاق النار، عبر استهدافها المتعمّد والمستمر للمواطنين في قطاع غزة، حتى ارتقى أكثر من 400 شهيد منذ الإعلان عن الاتفاق قبل أكثر من شهرين".
ونددت بحالتي "العجز والصمت الدوليين أمام جرائم الحكومة الفاشية (الإسرائيلية)"، وفق البيان.
وجددت الحركة مطالبتها الوسطاء الضامنين لاتفاق وقف النار والإدارة الأمريكية بالقيام بمسؤولياتهم إزاء هذه الانتهاكات و"التدخل الفوري للجم محاولات حكومة مجرم الحرب (بنيامين) نتنياهو فرض معادلات تتناقض مع مضمون الاتفاق، وتنقلب عليه".
ومنذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، ارتكبت إسرائيل مئات الخروقات ما أسفر عن مقتل 401 فلسطينيا وإصابة 1108 آخرين، وفق أحدث معطيات وزارة الصحة.
وأنهى الاتفاق إبادة جماعية بدأتها إسرائيل في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ودعمتها واشنطن واستمرت عامين، وخلفت نحو 71 ألف قتيل وما يزيد على 171 ألف جريح فلسطينيين، ودمارا هائلا مع كلفة إعادة إعمار قدرتها الأمم المتحدة بنحو 70 مليار دولار.






