|
رجال ولي العهدين، ابتزازات وتهديدات. يعلمان ماذا نعلم . هذا ما يخيفهما. لسنا في عصر كتاب النقاشات والانسحاب إلى الظل

أتعرض لهجوم ممنهج ومستمر منذ أكثر من أسبوع. فعصابات وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي التي يمولها ويديرها بن سلمان وبن زايد تنهال بالاتهامات والإساءات والتهديدات الشديدة على تركيا وعليّ أنا شخصيا.

وعندما أنظر إلى المزاعم المثيرة للاشمئزاز غير المعقولة والأوهام العجيبة والمؤامرات، أرى كيف سمموا الشارع العربي الذي انعزل عن الواقع وصار ضعيفا وكيف ضللوا عقله وكيف حرضوه على بلاده من أجل تحقيق هدف أجنبي.

لو كنت خفت لما كنت كتبت هذه المقالات

لا ألقي بالا أبدا لهذا النوع من الهجمات عادة، فلم أهتم بأي منها حتى يومنا هذا. وهذا الأمر لا يعتبر مسألة غرور أو نقص أو تواضع، لكن عندما يتعلق الأمر بتركيا ونضالها الكبير ونقل الجينات والتقاليد السياسية التي يعود تاريخها لألف عام إلى حاضرنا، أتحول إلى شخص يحمل حساسية غير عادية ومنكب على الكفاح الوطني بلا ريب. فمستقبل تركيا والمنطقة هو محوري الأساسي وسيكون كذلك مستقبلا.

وما كنت لأكتب هذه المقالات لو كنت اهتممت بالإساءات والهجمات والافتراءات التي أتعرض لها في هذا الصدد في تركيا فقط خلال السنوات الخمس عشرة الماضية وخفت من الحملات والاغتيالات التي يقوم بها "وسط" آخر أعرفه عن كثب جيدا.

بالتوازي مع وسط "داخلي" وبعض التنظيمات

ولهذا فإنني أحاول فهم الهجمات الموجهة نحوي من العالم العربي لا من خلال القلق، بل من خلال التفاعل وقوة التأثير وصراع القوى. وبغض النظر عن أن هذه الهجمات تنظم من الداخل وتتبع طريقا موازيا مع تهديدات بعض التنظيمات، فإن وجهة نظري ستكون، كما كانت دائما، السعي وراء الحقائق.

لا يخفى على أحد أن جريمة خاشقجي فضحت كيانا أقيم حديثا في المنطقة وأحاول لفت الانتباه إليه بإصرار منذ عام وجعلته معروفا لدى الجميع، كما أنها كشفت النقاب عن الحرب والحملات المقززة التي تقودها تلك الأوساط ضد تركيا وأردوغان. ولهذا فإنني تابعت هذا الأمر، وسأواصل متابعته مستقبلا، انطلاقا من المخططات الدولية التي تستهدف تركيا ومنطقتنا.

كتاب مقال جدلي والانسحاب إلى الظل:

هذا لا يليق بأخلاق هذه الأرض

إن هناك من يريدون احتقار بلدنا تركيا وتحويلها إلى "ساحة ألعاب" ويسعون لقطع أيدينا التي تمتد إلى المنطقة في سياق "النظام الجديد" الذي يحاولون إقامته في المنطقة، وأنا أعلم أنهم ينفذون – في الوقت ذاته - سيناريو مختلفا "في الداخل" ويتحركون بهدف سياسي وينفذون عمليات سرية ويستخدمون طرقا إرهابية، بل إنهم يحملون أهدافا في غاية السوء ويسعون لتنفيذها منذ فترة طويلة.

ولا يليق بي أن أعرف كل هذا وأتظاهر بعدم المعرفة وأن أكتب مقالات جدلية ثم انسحب إلى الظل. فإذا كانت تركيا قد دخلت في صراع وتصفية حسابات كبرى على المستوى الدولي وتسعى لتنفيذ مشاريع عملاقة واتجهت نحو أهداف سياسية يعود تاريخها لمئات السنين؛ فإننا ندين إلى هذا الوطن والشعب والتاريخ والمستقبل بأن نقف في الصفوف الأمامية. ولهذا فإنه لا يليق أبدا بهوية هذه الأرض أن نفكر في الرفاهية المؤقتة وأن نتحرك من خلال التوقعات التافهة وننزوي بعيدا عما يحدث في ظل هذه الظروف.

يعلمان ماذا نعلم :

هذا ما يخيفهما

إن الهلع هو سبب استهداف جنود بن سلمان وبن زايد لصحفي تركي بهذه الطريقة. فخوفهما لهذه الدرجة من شخص لا يفعل شيئا سوى كتابة المقالات إنما دليل على قوة الحقيقة والمقال. فما يخيفهما كثيرا هو أنهما يعلمان ماذا نعلم ، يعلمون ماذا نحكي ويمكننا أن نحكي للشارع العربي بهذه المقالات.

لم نستهدف أبدا السعودية، وما كان لنا أن نستهدف أي دولة مسلمة من دول المنطقة. بل على العكس تماما، فنحن استهدفنا المخطط الدولي الرامي لتدمير السعودية ومن يتولون الأدوار في إطار هذا المخطط سواء داخل تركيا أو في دول المنطقة، وسنستمر في استهدافهم كذلك مستقبلا.

إنه مخطط أسْر الهوية الإسلامية

ذلك أنهم يسعون لإنشاء "موجة تغريب جديدة" مضادة لكل ما هو محلي وخاص بنا تحت أي هوية سياسية. ولقد حاولوا تنفيذ هذا المخطط سابقا من خلال الهوية العرقية والمذهبية وباستغلال الجماعات اليسارية. واليوم يحاولون تنفيذ مخطط "التغريب" هذا من خلال الهويات الإسلامية – المحافظة. فهم يأسرون الهوية الإسلامية.

إنه مخطط جديد يستهدف تركيا وسائر دول المنطقة. فهذا المخطط يقيم جبهة مضادة لتركيا ويحاول إنشاء محور عربي. وهم كذلك يحشدون كوادر "المعارضة" و"التدخل" الجديد في الداخل من خلال المحور العربي. يريدون ضربنا وضرب المنطقة وتصفية الحسابات التاريخية من خلال الهوية الإسلامية لعلمهم أن المنطقة ستصبح لا حيلة لها ولن تستطيع التحرك أمام هذه الهوية.

لا يخشوننا، بل يخشون أنفسهم وشوارعهم

إن هذه هي القضية التي نناقشها من خلال جريمة خاشقجي. فهذه المعلومات تخيفهم كثيرا. ولهذا فإنهم يديرون حملة إعلامية – معلوماتية تستهدف من يمتلكون هذه المعلومات ويشاركونها في تركيا كذلك، بالضبط كما يفعلون مع مواطنيهم بعدما كمموا أفواههم وجعلوهم عاجزين عن الكلام والكتابة.

لسنا من يخشونهم، بل إنهم يخشون أنفسهم وشعوبهم وشوارعهم. يخافون من هذا التأثير الكبير الذي أحدثته لغة السياسة والحرية التي أفرزتها تركيا. بل إنهم يضللون العقول من خلال هؤلاء الرجال المأجورين ويحاولون الدفاع عن أنفسهم تحت مسمى "الدفاع عن الوطن" و"الدفاع عن الدولة".

لكنهم يعجزون عن فعل أي شيء في مواجهة الموضع الذي تقف به تركيا واللغة التي تفرزها مهما فعلوا ونفذوا من مخططات. وسيرون بعد فترة بشكل أوضح بكثير كيف سيكون "محور تركيا" من المحاور البارزة المحددة في ظل الظروف الدولية والإقليمية الجديدة. كما سيرى ذلك أيضا من يحاولون وضع الأساس النفسي لموجة التدخل الجديدة في الداخل.

وسائل إعلامنا وكتّاب مقالاتنا والكفاح الجماعي

إن خوف ولي إلى هذه الدرجة إنما هو بسبب الإدراك الشديد لهذه المقالات من دول الخليج وحتى مصر والإشارة إليها على أنها مرعبة وتناولها في المناقشات المتلفزة.

إننا نميط اللثام عن خطر كبير وقريب يشارك به رجالهم الإقليميون، ونحاول نقل هذه الصورة إلى الداخل والمنطقة. لقد لاحظنا مبكرا هذه الاستعدادات التي ستدمر المنطقة. وعند إدراك شيء ما مبكرا فإنه يفقد نصف قدرته على أن يمثل تهديدا.

إن ما يقع على عاتق وسائل إعلامنا وكتّاب مقالاتنا ومعلقي برامجنا المتلفزة أن يكرسوا أنفسهم للمشاركة في هذا الكفاح العظيم ويخوضوا نضالا جماعيا. وعلى كل فرد أن يعلم أنه لا يمتلك إمكانية الرفاهية المؤقتة، كما ليس لديه الحق في أن يكون مستهترا ليس لديه أي مسؤولية.

قوة التأثير لغة التواصل الجديدة:

هيا لنترك الراحة قليلا

نحن نشهد منذ أسبوع حملات مستمرة دون انقطاع، تحتوي على تهديدات. لكن أعتقد أن علينا إعادة التفكير في قوة تأثير لغة التواصل وتصفية الحسابات الجديدة هذا في عهد العجز عن إنتاج أي محتوى في وسائل إعلامنا التي أصبح كل ما تنتجه ضحلا.

ألم نقل إن "محور تركيا" يعتبر في الوقت ذاته "محورا إقليميا" وعقلية يعود تاريخها لمئات السنين؟ وعليه، فأنا لا أدعو الصحفيين فقط للمشاركة في هذا التحول التاريخي، بل أدعو كذلك كل من ينتج فكرا من شعراء وفنانين وعلماء وسياسيين وممثلي المجتمع المدني أن يضعوا أسسا ثقافية قوية لهذا الهدف الكبير وأن يواصلوا الإنتاج والنضال: هيا لنترك الراحة قليلا

ولا شك أن شعبنا وسياسيينا يأتون في المقام الأول في هذا الصدد. وإذا كان الأمر كذلك، فعلى هذا الوسط الانضمام بكل ما تحمل الكلمة من معنى إلى عملية إنتاج وتصفية حسابات دولية. وصدقوني أن قوة كهذه ستحول المنطقة كلها.

#إبراهيم قراغول
il y a 5 ans
رجال ولي العهدين، ابتزازات وتهديدات. يعلمان ماذا نعلم . هذا ما يخيفهما. لسنا في عصر كتاب النقاشات والانسحاب إلى الظل
وسائل التواصل الاجتماعي تُساهم في إنقاذ ترامب
من سيحل محل هتلر في الرواية الصهيونية القادمة؟
نداء لأغنياء المسلمين
مجلة "ذا أمريكان كونسيرفاتيف": تنظيم "واي بي جي" الإرهابي يشكل تهديدًا لتركيا وحلف الناتو
غزة.. نقطة تحول تاريخية