الغارديان تكشف تجسسًا إسرائيليًا على واشنطن

17:288/12/2025, پیر
تحديث: 8/12/2025, پیر
يني شفق
الغارديان تكشف تجسسًا إسرائيليًا على واشنطن
الغارديان تكشف تجسسًا إسرائيليًا على واشنطن

تجسّس داخل مركز التنسيق وتوتر مكتوم بين واشنطن وتل أبيب


كشفت صحيفة «ذا غارديان» البريطانية عن توترات متصاعدة داخل مركز التنسيق المدني–العسكري (CMCC) في جنوب فلسطين المحتلة، عقب رصد واشنطن ما قالت إنه نشاط تجسّسي واسع تمارسه إسرائيل داخل المنشأة المشتركة. ووفقًا لمصادر مطلعة، أثار حجم عمليات التسجيل والمراقبة قلقًا بالغًا لدى مسؤولين أميركيين ودبلوماسيين يعملون في المركز.


وبحسب المعلومات، فإن قائد القاعدة الأميركية المشرفة على المركز، الفريق أول باتريك فرانك، استدعى نظيره الإسرائيلي لتحذيره بشكل مباشر من استمرار عمليات التوثيق السرّي. وقالت المصادر إن بعض الوفود الأجنبية المشاركة في الاجتماعات عبّرت أيضًا عن خشيتها من تسريب معلومات حساسة، وطُلب من بعضها الامتناع عن مشاركة تفاصيل قد تُستغل لاحقًا.


ورفض الجيش الأميركي التعليق رسميًا على ما وُصف بأنشطة مراقبة إسرائيلية تتجاوز المتفق عليه. كما امتنع جيش الاحتلال عن الرد على الانتقادات، مكتفيًا بالقول إن الاجتماعات داخل المركز ليست سرية، وإن تسجيلها يتم لأغراض مهنية «متعارف عليها»، رافضًا الاتهامات باعتبارها «غير منطقية».


مركز أُنشئ لمتابعة وقف النار… وانتهى إلى خلاف استخباراتي

تأسس المركز في أكتوبر/تشرين الأول الماضي لمراقبة وقف إطلاق النار في غزة وتنسيق المساعدات، وللمساهمة في تنفيذ الخطة الأميركية المؤلفة من 20 بندًا التي طرحها الرئيس دونالد ترامب. وتُعرض نسخ ضخمة من هذه الخطة داخل المبنى، في مشهد يعكس هيمنة الرؤية الأميركية على شكل المستقبل المنشود للقطاع.


وبرغم ذلك، تشير «ذا غارديان» إلى أن النفوذ الحقيقي في ما يتعلق بدخول المساعدات بقي بيد إسرائيل، في حين لعب المركز دور الوسيط الذي يغطي، وإن جزئيًا، ممارساتها. ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي قوله إن العلاقة بين الطرفين باتت أقرب إلى نموذج «اليد والقفاز»: تملك إسرائيل السيطرة على الأرض، بينما يمثّل المركز الغطاء الفني والتنظيمي.


عوائق إسرائيلية تُعطّل المساعدات… وخبراء يغادرون

شارك في المركز عشرات الخبراء الأميركيين المتخصصين في إدارة الكوارث وتأمين طرق الإمداد في البيئات الخطرة. وقد وصلوا بطموح لتسريع تدفق الإغاثة، لكنهم اصطدموا سريعًا بالقيود الإسرائيلية الصارمة على دخول السلع إلى غزة، بما فيها مواد أساسية مثل أعمدة الخيام ومستلزمات تنقية المياه. وبحسب دبلوماسيين، أسهمت النقاشات داخل المركز في تعديل بعض قوائم المنع، فيما بقيت سلع بسيطة مثل الأقلام والورق مقيّدة بلا تفسير، ما دفع عددًا من الخبراء الأميركيين إلى مغادرة المركز بعد أسابيع قليلة.


فلسطينيون خارج الصورة… وحضور دولي خجول

يجمع المركز ضباطًا من الولايات المتحدة وإسرائيل وعددًا من الدول الحليفة، من بينها بريطانيا والإمارات، إضافة إلى دبلوماسيين ومنظمات إنسانية. غير أن الفلسطينيين — بجميع مستويات تمثيلهم، سواء السلطة أو المؤسسات المدنية — مستبعدون بالكامل من المشاركة. وتشير الصحيفة إلى أن أي محاولة للربط مع فلسطينيين عبر الفيديو كانت تُقاطع من قبل مسؤولين إسرائيليين.


وتتجنب الوثائق الأميركية الداخلية، وفق ما اطلعت عليه الصحيفة، استخدام مصطلحي «فلسطين» أو «فلسطيني»، وتستعيض عنهما بتعبير «سكان غزة» أو «الغزّيون»، ما يثير تساؤلات حول طبيعة الرؤية الأميركية للمستقبل السياسي في القطاع.


مشروع يبدو كأنه شركة ناشئة… بملامح عسكرية

يقع مركز (CMCC) داخل مبنى سابق لمؤسسة إغاثية أميركية في المنطقة الصناعية في كريات غات، ويجمع بين طابقين مخصصين للأميركيين والإسرائيليين ومكاتب للدول المشاركة. وتصف الصحيفة المكان بأنه يشبه «شركة ناشئة كئيبة»: قاعة ضخمة بلا نوافذ، عشب صناعي، وألواح بيضاء تفصل فرق العمل، بينما يتجوّل الجنود والدبلوماسيون والعاملون الإنسانيون في مساحة واحدة.


ويستخدم الأميركيون في المركز لغة الشركات؛ إذ يُشار إلى سكان غزة بـ«المستخدمين النهائيين»، كما تعتمد الفرق اختصارات إدارية حديثة تُظهر الفجوة بين المقاربة التقنية للمركز وبين الواقع الإنساني والسياسي على الأرض.


دور المركز يتراجع… وواشنطن تعيد التموضع

تقول مصادر دبلوماسية إن دور المركز بدأ يتراجع بالفعل، بعد عودة عشرات العسكريين الأميركيين إلى قواعدهم إثر انتهاء مهامهم. كما نقلت صحيفة «هآرتس» أن واشنطن بدأت بتقليص وجودها العسكري داخل المركز تمهيدًا لضمّه إلى «مجلس السلام» الذي يخطط ترامب لتشكيله قريبًا كأحد أعمدة رؤيته لإنهاء الحرب.


ويؤكد مصدر أميركي للصحيفة البريطانية أن جوهر الصراع داخل المركز ليس عسكريًا بل سياسي، وأن الجيش الأميركي ليس سوى أداة تنفيذية في إطار ترتيبات أكبر تُدار من البيت الأبيض، فيما تبقى السيطرة الميدانية على غزة بيد إسرائيل.




#اسرائيل
#امريكا
#تجسس